الإنسان الكامل سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم
"إن ذلك النور الأجلى الذي وُهب للإنسان، أعني للإنسان الكامل، لم يكن في الملائكة، ولا في النجوم، ولا في القمر، ولا في الشمس، ولم يكن في بحار الأرض ولا أنهارها، ولا في اللَّعْل، ولا في الياقوت، ولا في الزمرّد، ولا في الماس، ولا في اللؤلؤ؛ باختصار، لم يكن ذلك النور في أي شيء من الأرض أو السماء، وإنما كان في الإنسان، أي ذلك الإنسان الكامل الذي كان سيدنا ومولانا، سيد الأنبياء، سيد الأحياء محمد المصطفى صلى الله عليه وسلم أتمَّ وأكملَ وأعلى وأرفعَ فردٍ من نوع البشر، فقد أُعطي هذا النور لذلك الإنسان، كما أُعطيه الآخرون أيضا -بحسب مراتبهم- الذين تصبّغوا بصبغته، أي لأولئك الذين كانوا متصبغين بالصبغة نفسها إلى حد ما. والمراد من الأمانة جميع القوى والعقل والعلم والقلب والروح والحواس والخوف والحب والعزة والجاه وجميع النِّعم الروحانية والمادية التي يهبها اللهُ تعالى للإنسان الكامل (أي سيدنا النبي ﷺ) ثم يعيد الإنسان الكامل تلك الأمانة كلها إلى الله تعالى بحسب الآية: ]إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا[؛ [فالمراد من الأمانات المسئوليات التي يلقيها الله بنفسه فإن الله أحق بأن ترد إليه هذه الأمانات أي حقوق الله، وإن أكثر من أدى هذه الأمانات على خير ما يرام هو سيدنا النبي ﷺ]
بمعنى أنه يفنى فيه تعالى وينذر نفسه في سبيله. [فما معنى تأدية الأمانات إلى الله، إنما المراد منها أن يتفانى المرء في الله ويوقف حياته لخدمة دينه ونشره وعبادته وتأدية حقوقه بحسب ما أمر] وإن هذه الميزة وُجدت بوجه أعلى وأكمل وأتم في سيدنا ومولانا وهادينا النبي الأمّي الصادق والمصدوق محمد المصطفى ﷺ كما شرحت ذلك في مقالي "حقيقة الإسلام"، حيث يقول الله تعالى في القرآن الكريم: ]قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ[، ]وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ[، ]قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ[، ]فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ للهِ[، ]وَأُمِرْتُ أَنْ أُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ[." من كتاب مرآة كمالات الإسلام (المجلد الخامس من الخزائن الروحانية)