هل بنوك الحليب الطبيعي جائزة في الإسلام؟



 كتب شخص من قاديان في الهند، إلى حضرة أمير المؤمنين، خليفة المسيح الخامس، أيده الله تعالى بنصره العزيز طالبًا الإرشاد حول بنوك الحليب حيث يتم تقديم الحليب البشري الذي تتبرع به الأمهات إلى الأيتام. وقال إن مثل هذا الترتيب سيؤدي إلى أن يصبح الأطفال الذين يستهلكون هذا الحليب إخوة في الرضاعة، دون أن يعرفوا بالضبط من منهم إخوتهم بالرضاعة. وسأل المرسل في ضوء هذا المأزق عما إذا كان يجوز إنشاء بنوك الحليب الطبيعي شرعا؟

فرد أمير المؤمنين في رسالته المؤرخة في 12/10/2021 بما يلي:

"وفقًا للتعاليم الإسلامية، فإن الأطفال الذين يرضعون من نفس الأم، يصبحون إخوة بالرضاعة، ونتيجة لهذ لا يمكن لمثل هؤلاء الأولاد والبنات أن يتزوجوا من بعضهم عندما يكبرون. لذا على المنظمة أو الحكومة التي تقدم حليب الأم في مكان ما استجابةً للحاجة، أن تتوخى الحرص الشديد، ويتعين عليها الاحتفاظ بسجل عن الطفل الذي حصل على الحليب وتدوين اسم المرأة المتبرعة.. الأمر الذي يبدو مستحيلاً.
 
لذلك، من وجهة نظري، فإن إنشاء بنوك الحليب أمرٌ غير مناسب وفقًا للشريعة الإسلامية لأنه قد يخلق نوعًا من الغموض، إضافة إلى قضايا أخرى. على أي حال، ما هي الحاجة لهذه الأنواع من البنوك في هذا العصر الذي تتوفر فيه عشرات الأنواع المختلفة من الحليب الاصطناعي في السوق؟ فإذا كانت هناك أي مؤسسة أو حكومة معنية بتربية الأطفال الأيتام، فيمكنها توفير الحليب الاصطناعي لهم.
 
سأقوم بالمزيد من البحث حول هذا الموضوع، ولكن في الوقت الحالي، أرى أن إنشاء بنوك الحليب بهذه الطريقة المذكورة في رسالتك، أمر غير جائز وفقًا لتعاليم الإسلام.
 
وفي وقت لاحق، حصل أمير المؤمنين على بحث حول هذا الموضوع أجرته دار الإفتاء في ربوة. فقدم في رسالته اللاحقة بتاريخ 17/08/2022 إرشادات إضافية للسائل على النحو التالي:
 
"لقد قامت دار الإفتاء في ربوة بإجراء المزيد من البحث حول هذا الموضوع، وبحسب نتائج هذا البحث، فإن إنشاء بنوك لحليب الإنسان وتوفيره من خلالها للأطفال، أمر غير جائز بحسب التعاليم الإسلامية. وذلك لأن الإسلام قد أرسى حرمة العلاقة التي تنشأ عن الرضاعة لدرجة أنه قد حرم الزواج بين الإخوة بالرضاعة بنفس الطريقة التي حرم بها الزواج بين المحارم من النسب.
 
ومن ناحية أخرى، لا يمكن للمرء أن يعرف أبدًا تفاصيل الحليب المتوفر في هذه الأنواع من البنوك.. كم عدد النساء المتبرعات وحليب أي امرأة قد وضع في هذه العلبة أو تلك؟ وحتى لو تم تسجيل تفاصيل النساء على هذه العبوات، فإن الأطفال الذين يرضعون من هذا الحليب سيصبحون إخوة لأطفال آخرين لا حصر لهم، ومن المستحيل تتبعهم واتخاذ الاحتياطات اللازمة حول ما يتعلق بالزواج.
 
لذلك إذا احتاج الطفل إلى الحليب الطبيعي فيمكن اتخاذ أم بالرضاعة بالطريقة التي نص عليها الإسلام. ولكن إذا لم يكن ذلك متاحًا في مكان ما، فعندئذٍ بدلاً من إثارة الشكوك في العلاقات من خلال تحمل عناء استخدام الحليب من بنوك الحليب، يجب استخدام حليب الأبقار أو الجاموس أو الحليب الصناعي بحيث يمكن احترام حرمة العلاقات التي أسسها الإسلام بالكامل.