تأسيس لجنة إماء الله



 

من خطاب للسيدة شميلة ناجي الرئيسة السابقة للجنة إماء الله في المملكة المتحدة في الجلسة السنوية في بريطانيا عام 2008

 

 

قبل بعثة النبي الأكرم (صلى الله عليه وسلم) كانت حالة العرب الأخلاقية متردية جدًا، ثم حوّل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) هؤلاء الناس بطريقة غير مسبوقة إلى أناسٍ عظماء قدموا التضحيات الجسيمة في سبيل الإسلام ونالوا بذلك رضا الله تعالى. ولكن مع مرور القرون ضعف المسلمون وخيمت عليهم فترة من الظلام، فبعث الله تعالى حضرة ميرزا غلام أحمد القادياني (عليه الصلاة والسلام) تابعًا لرسول الله (صلى الله عليه وسلم) لإحياء الإسلام بحسب نبوءات القرآن الكريم ونبوءات رسول الله (صلى الله عليه وسلم) التي أخبر بها قبل 14 قرنًا بأن المهدي والمسيح سيأتي في الزمن الأخير لإحياء الإسلام وإخراجه من الظلام إلى النور.

في عام 1889، أسس المسيح الموعود (عليه الصلاة والسلام) بأمرٍ من الله تعالى جماعة من الأطهار والصالحين تحت اسم "الجماعة الإسلامية الأحمدية" وقدّم أتباعها تضحياتٍ تشابه تضحيات صحابة النبي الأكرم (صلى الله عليه وسلم) ومازال أتباعها يقدمون التضحيات من أجل نصرة الإسلام حتى يومنا هذا، وبهذا تأسس مرة أخرى عهدٌ ذهبي للإسلام.

في المرحلة الأولى من هذه النشأة الثانية للإسلام، تم تطوير نظام تنظيمي في الجماعة لتحديد الخدمات التي يقدمها كل من الرجال والنساء. ولم يكن هنالك في البداية هيئة منفصلة للنساء.

ولكن وإدراكًا منه للدور الحاسم للمرأة في الإسلام، قام حضرة ميرزا بشير الدين محمود أحمد خليفة المسيح الثاني (رضي الله عنه) مستلهمًا الفكرة من زوجته الثانية، السيدة أمة الحي (رضي الله عنها) بتأسيس منظمة منفصلة (داخل الجماعة) للنساء فقط تحت اسم "لجنة إماء الله" وكانت السيدة أمة الحي أول سكرتيرةٍ لها. وبعد ذلك، عُينت لهذا المنصب الهام زوجة حضرة المصلح الموعود السيدة سارة بيغم (رضي الله عنهما) ثم السيدة مريم بيغم.

لما أُسست لجنة إماء الله طلبت عضواتها من أم المؤمنين حضرة نصرت جيهان، حرم المسيح الموعود (عليه الصلاة والسلام) أن تكون أول رئيسة لها، فترأست جلستها الأولى وخلال تلك الجلسة قامت بترشيح حضرة سيدة محمودة بيغم لتصبح الرئيسة، وهذا ما كان حيث بقيت في هذا المنصب حتى وفاتها في 31 يوليو/ تموز 1958. ومن سنة 1958 أوكلت إلى السيدة مريم الصِّديقة هذه المسؤولية.

كتب المصلح الموعود خليفة المسيح الثاني (رضي الله عنه) في مقالٍ بعنوان "إلى نساء قاديان:
"من أجل تحقيق الغاية من خلقنا، فإن الجهاد مطلوبٌ من النساء، وله نفس أهمية جهاد الرجال. أعتقد أن المرأة لم تفهم بعد ما يتطلبه الإسلام منا وهو كيف علينا أن ننفق حياتنا بحيث ننال بركات الله، ليس فقط بعد موتنا بل في هذا العالم أيضًا؟ إذا فحصنا بجدية هذا الوضع، سندرك أن العديد من النساء لا يفكرن في أي عمل آخر يستحق القيام به، باستثناء واجباتهن المنزلية"

ثم ذكر أن نساء أعداء الإسلام نشرن أفكارًا كاذبة بين أطفالهن، ولا يمكن مواجهة ذلك إلا من قبل نساءنا. وأوضح أن الطريقة التي يمكن بها غرس الروح الحقيقية للإسلام لدى الأطفال هي من خلال تعليم أمهاتهم وتوجيههن. لذلك، يعتمد تقدم المجتمع على النساء. وبما أن لسنوات الطفولة تأثيرٌ كبير جدا، لذا يجب أن يتم إصلاح النساء على يد النساء. فكتب حضرة الخليفة الثاني (رضي الله عنه) أنه ومراعاةً لهذه الأفكار:
"أدعو جميع الأخوات اللواتي يتفقن مع هذا المفهوم ويرين الحاجة إلى الأهداف التالية، بدء العمل وإبلاغي. هذه الأهداف هي:

1- من الضروري أن تبدأ النساء بزيادة معرفتهن ونشر هذه المعرفة بين النساء الأخريات.
2- تأسيس منظمة لضمان استمرارية هذا العمل.
3- وضع قواعد ولوائح معينة لإدارة هذه المنظمة ويجب على جميع العضوات طاعتها.
4- يجب أن تكون هذه القواعد بحسب المفهوم الإسلامي الذي تقدمه الجماعة الإسلامية الأحمدية وتساعد على تعزيزه.
5- يجب قراءة المقالات، التي كتَبتها عضوات هذه المنظمة حول جوانب الإسلام المختلفة التي تتعلق بالأوضاع الراهنة، في الاجتماعات من أجل إتقان استخدام تلك المعرفة.
6- من أجل زيادة المعرفة، على هذه المنظمة دعوة العلماء المسلمين الذين ترى المنظمة أن من الملائم أن يلقوا الخطب فيها.
7- من أجل الحفاظ على وحدة الجماعة، يجب أن تكون جميع أعمال هذه المنظمة متوافقة مع مخططات وخطط خليفة الوقت.
8- يجب أن تسعين دومًا لزيادة وحدة الجماعة كما أوصانا القرآن الكريم والرسول الأكرم (صلى الله عليه وسلم) والمسيح الموعود (عليه الصلاة والسلام) بأن هذا واجب كل مسلم، ويجب أن تبقين دائمًا على أهبة الاستعداد لتقديم أي تضحية في سبيل هذا الغرض.
9- يجب أن تنتبهن دائمًا لإصلاح وتطوير معاييركن الأخلاقية؛ وتتعاونّ مع بعضكن بعضًا في هذا الصدد وتفكرن في الطرق والوسائل لذلك ولا تحدُّنّ اهتماماتكن بالطعام والملبس فقط.
10- افهمن مسؤوليتكن في تربية أبنائكن، اجعلنهم نشطاء ويقظين وأقوياء بالدين بدلا من أن يكونوا جاهلين فيه ومحبطين وكسالى. وعلّمنهم أي معرفة دينية لديكن؛ واخلقن بهم حب وطاعة الله ورسوله الكريم (صلى الله عليه وسلم) والمسيح الموعود (عليه السلام) والخلفاء؛ واخلقن فيهم الحماسة ليقضوا حياتهم حسب تعاليم الإسلام ومن أجله؛ وفكرن بطرق ووسائل القيام بهذا العمل واعملن بناءًا عليها.
11- عندما تعملن معًا، تجاوزن أخطاء بعضكن بعضًا وحاولن الإصلاح بالصبر والتشجيع، ولا تخلقن التفرقة من خلال إظهار الغضب والإحباط.
12- حيث يقوم الناس عادةً بالاستهزاء والسخرية من أي مشروعٍ جديد، لا تهتممن بتلك السخرية والاستهزاء، وعلى الأخوات أن يتعلمن مسبقًا تحمل سخرية مثل هؤلاء الناس بحيث تنجذب إليكن الأخوات الأخريات بعد رؤية مثالكن الحسن.
13- من أجل دعم هذه الفكرة وجعلها تستمر إلى الأبد، يجب أن تقمن بإعداد أخوات بحيث يشابهنكن في تفكيركن، لا يمكن لهذا العمل أن يستمر ما لم تعتبر كل أخت تصبح عضوة في هذه المنظمة أن من واجبها جعل أخوات أخريات يتبنين نفس أفكارهن.
14- من أجل حماية هذا العمل، يجب أن لا تكون عضوات هذه المنظمة سوى الأخوات اللواتي يتفقن تماماً مع أفكارها وإذا توقفت إحداهن، لا سمح الله، على الموافقة عليها، يجب أن تتركها دون ضغينة أو يُطلب منها المغادرة.
15- بما أن الجماعة لا تتكون من مجموعة معينة، فمن الضروري ألا يكون هناك أي تمييز بين الأغنياء والفقراء، بل يجب أن تقمن بخلق الحب والمساواة بين كلٍ من الغنيات والفقيرات، ويجب أن تتخلص قلوبكن من مشاعر الغطرسة والتفوق، لأنه وعلى الرغم من اختلاف المستويات، فإن جميع الرجال أخوة وجميع النساء أخوات.
16- يجب اقتراح وسائل وطرق من أجل خدمة الإسلام ومساعدة أخواتنا وأخواننا الفقراء، والعمل بموجبها.
17- حيث أن كل عون وكل بركة وكل نجاح من الله، فيجب الدعاء والطلب من الآخرين أن يدعوا من أجل أن تتكشف لنا هذه الأهداف التي جعلها تعالى سبب خلقنا. وأن يوفر لنا من أجل تحقيق تلك الأهداف أفضل السبل والوسائل وأن يمكّننا تعالى من استخدامها بأفضل طريقة، ويجعلنا نموت بأفضل طريقة؛ وأن يهدي الأجيال القادمة بفضله وأن نواصل هذا العمل وفقا لإرادته حتى نهاية الزمان (تحريك الأحمدية).

في البداية، وقّعت ثلاث عشرة امرأة من قاديان على هذه الحركة التي كانت طوعية فقط؛ ولكن في وقت لاحق، تم إدراج جميع النساء المسلمات الأحمديات افتراضيًا عضوات في هذه المنظمة.

بناءًا على تعليمات حضرة الخليفة الثاني (رضي الله عنه)، تجمعت النسوة الموقّعات في 25/12/1922 في بيت أم المؤمنين حضرة نصرت جيهان (رضي الله عنها) بعد صلاة الظهر، وألقى فيهن حضرة الخليفة الثاني رضي الله عنه خطابًا قصيرًا، وبهذا بدأت لجنة إماء الله.
بعد هذه الجلسة، تم نشر القواعد التفصيلية للجنة إماء الله في مجلة "تأديب النساء"، والتي كانت تُنشر في قاديان وكان رئيس تحريرها حضرة شيخ يعقوب علي العرفاني (رضي الله عنه) وبهذا بدأت أنشطة لجنة إماء الله.

وبجهود السيدة أمة الحميد ابنة خليفة المسيح الثاني (رضي الله عنه) وتحفيز السيدة أمة الرشيد، تأسست منظمة "ناصرات الأحمدية" في يوليو/تموز عام 1928، وهي منظمة منفصلة (في الجماعة الإسلامية الأحمدية) تتكون فقط من الفتيات حتى عمر 15 سنة وهي مكرسة لتربيتهن الأخلاقية، وتدريبهن الديني، ورعايتهن الاجتماعية.

في عام 1930 تم منح لجنة إماء الله حق التمثيل في مجلس الشورى، وفي 15/12/ 1926 بدأت اللجنة بنشر مجلتها "المصباح" والتي عززت انضباط وتدريب النساء المسلمات الأحمديات. وفي 17/03/1925 بدأ حضرة الخليفة الثاني رضي الله عنه مدرسة "الخواتين"، وهي مدرسة للنساء لنشر التعليم الديني بينهن. وكان يدرّس في هذه المدرسة بالإضافة إلى حضرة المولوي شير علي وحضرة سيد ولي الله شاه وحضرة صوفي غلام محمد (رضي الله عنهم) وعلماء آخرين، حضرة ميرزا بشير الدين محمود أحمد خليفة المسيح الثاني (رضي الله عنه) بنفسه، وكان المولوي شير علي مدير المدرسة.

تخرجت من هذه المدرسة معلمات وسيدات عملن في المكاتب المركزية النسائية والمعاهد التعليمية التابعة للجماعة.