أم المؤمنين سودة بنت زمعة (رضي الله عنها)
كانت السيدة سودة من أوائل من قبل الإسلام، مع زوجها "السكران بن عمرو" (رضي الله عنهما)، ثم هاجرت معه إلى الحبشة في الهجرة الثانية هربًا من اضطهاد قريش وحتى يتمكنا من ممارسة دينهما بحرية.
وبعد فترة وجيزة من استقرارهما في موطنهما الجديد، نشر المكيون شائعة كاذبة بأن المسلمين قد أصبحوا الآن أحراراً في ممارسة دينهم في المدينة، وذلك حتى يتمكنوا من إعادة المهاجرين إلى مكة والقضاء عليهم وعلى الإسلام.
وبعد العودة لمكة، توفي زوج السيدة سودة تاركًا إياها أرملة كبيرة في السن لا سند لها حيث كان أقرباؤها من المشركين المعارضين بشدة لإيمانها الجديد وكان والدها شيخٌ طاعنٌ في السن.
بعد وفاة أم المؤمنين خديجة (رضي الله عنها) بثلاث سنوات جاءت خولة بنت حكيم إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وقالت: "يا رسول الله ألا تتزوج؟ " قال: ومن؟ فقالت: إن شئت بكرا وإن شئت ثيبا قال: فمن البكر؟ قالت: ابنة أحب خلق الله إليك عائشة بنت أبي بكر قال: ومن الثيب؟ قالت: سودة بنت زمعة بن قيس قد آمنت بك واتبعتك على ما أنت عليه قال: فاذهبي فاذكريهما علي.
ثم تروي السيدة خولة كيف خطبت أم المؤمنين سودة لرسول الله (صلى الله عليه وسلم) وتقول:
خرجتُ فدخلت على سودة فقلت: أي سودة ماذا أدخل الله عليك من الخير والبركة قالت: وما ذاك؟ قالت: أرسلني رسول الله أخطبك عليه، فقالت وددت ادخلي على أبى فاذكري له ذلك. قالت: وهو شيخ كبير قد تخلف عن الحج فدخلت عليه فحييته ثم قلت إن محمد بن عبد الله بن عبد المطلب أرسلني أخطب عليه سودة قال: كفو كريم فماذا تقول صاحبته؟ قالت: تحب ذلك قال ادعيها إلي فدُعيت له فقال: أي سودة زعمت هذه أن محمد بن عبد الله بن عبد المطلب أرسل يخطبك وهو كفو كريم أفتحبين أن أزوجكه؟ قالت: نعم قال: فادعيه لي فدعته فجاء فزوجه.
تزوج رسول الله (صلى الله عليه وسلم) سودة في رمضان سنة عشرة من النبوة في مكة وهاجر بها إلى المدينة
أيدت أم المؤمنين سودة (رضي الله عنها) النبي صلى الله عليه وسلم في دعوته، ورعت منزله وبناته، وروت عنه الأحاديث، وروى عنها ابن عباس (رضي الله عنه).
ذكر ابن سعد في الطبقات الكبرى أن سودة قالت لرسول الله (صلى الله عليه وسلم): "صليتُ خلفك البارحة فركعتَ بي حتى أمسكت بأنفي مخافة أن يقطر الدم". فضحك رسول الله (صلى الله عليه وسلم).
بعد وفاة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لم تحج السيدة زمعة ولم تعتمر ولزمت بيتها تمامًا:
قال أبو هريرة: وكان كل نساء النبي، صلى الله عليه وسلم، يحججن إلا سودة بنت زمعة وزينب بنت جحش، قالتا: لا تحركنا دابة بعد رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وروى أبو هريرة (رضي الله عنه) أيضًا: حين رجع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) من حجة الوداع قال: هذه في ظهور الحصر. وكانت سودة تقول لا أحج بعدها أبدا.
توفيت أم المؤمنين سودة (رضي الله عنها) في شوال سنة أربع وخمسين بالمدينة في خلافة معاوية بن أبي سفيان .
1 تاريخ الطبراني
2 الطبقات الكبرى لابن سعد
3 المصدر السابق
4 المصدر السابق