مقتبسات من الخطاب الذي ألقاه أمير المؤمنين سيدنا ميرزا مسرور أحمد أيده الله تعالى بنصره العزيز الخليفة الخامس للمسيح الموعود والإمام المهدي عليه السلام يوم 8/10/2016م في خيمة النساء بمناسبة الجلسة السنوية في كندا
الشيطان مشغول في إبعاد الناس عن الدين باسم الحرية
بدأ القانون يحفَظ ويحمي الانحلال الديني والأخلاقي باسم الحرية. فالأمور التي بيَّن لنا تاريخ الأديان أنها تسببت في هلاك الأمم تعدّ سمة متميزة للمجتمع الحر الراقي وتعدّ من مزاياه. فالأولاد يعلَّمون أمورا لا تمتّ إلى الأولاد الصغار بصلة، بل بعضهم لا يستوعبون ما يقال لهم. وهذا ما صرح به بعض الأطفال. الدعارة تعدّ علامة التقدم والرقي، ويظهر عند كل خطوة إعلانُ الشيطان حيث كان قد قال لله: "قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ * ثُمَّ لَآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَائِلِهِمْ ۖ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ" فردَّ الله عز وجل عليه: "قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُومًا مَّدْحُورًا ۖ لَّمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكُمْ أَجْمَعِينَ"، والملاحظ أنه تعالى لم يقل: إني سوف أمنعهم من السقوط في حضنك قسرا.
فالشيطان مشغول في إبعاد الناس عن الدين باسم الحرية بواسطة التقدم الجديد الذي يظهر في العالم كل يوم، والإنسان يتعرض لهجماته كل يوم، وينسى اللهَ تعالى ويغلبه بريق الدنيا.
كلما بدأ الإنسان يسقط في حضن الشيطان بعث الله تعالى رسله وأنبياءه:
نلاحظ إلى جانب ذلك أنه كلما تغلبت الأهواء والتمنيات المادية في زمن، وبدأ الإنسان يسقط في حضن الشيطان بعث الله تعالى رسله وأنبياءه، فبذلوا قصارى جهودهم لإنقاذ الناس من الوقوع في حفرة من النار. فكلما ظهر الفساد في البر والبحر في العالم وبدأ صدور أعمال منافية لأوامر الله تعالى في كل مكان فارتْ رحمة الله عز وجل وبعث الرسل والأنبياء. هذا هو تاريخ الدين ولقد رأى مشاهدَه كل قوم.
هنا يبرز التساؤل هل قد قطع الله تعالى الآن عاطفة رحمته وهل كانت رحمة الله تعالى تخص الأقوام الماضية فقط، وهل قد استسلم الله تعالى للشيطان والعياذ بالله قائلا: افعلْ ما تريد فقد خلقت الإنسان وعلَّمته التمييز بين الحسن والسيء لكنك الآن جعلتَني عاجزا فلا أقدر على فعل شيء؟!
كلا، فلم يكن الله تعالى محروما من صفاته وقدراته في الماضي قط ولن يُحرم منها في المستقبل أبدا. وصحيح أنه أعطى الإنسان حرية قائلا: لا أفرض عليكم أعمالا معينة إلا أنني سأظل أرشدكم لأنقذكم من السيئات. فالذين سيجتنبون السيئات ويُحرزون الحسنات فسوف أُكرمهم بنِعم الجنة. فهؤلاء سينالون الجنة في هذه الدنيا أيضا نتيجة ذكرهم إياه تعالى والامتثال لأوامره، كما سوف يدخلون الجنة في الآخرة أيضا، أما الذين سيبتعدون عنه فسيجعلون مثواهم جهنم.
حين يلاحظ الله تعالى الفساد في الدنيا ويرى أن الذين يُسمَّون دينيين هم أيضا تورَّطوا في الفساد باتخاذهم الدين وسيلة لإشباع الأهواء المادية ويرى تعالى أن الماديين أيضًا قد فسدوا وانحطوا كثيرا، فتفور رحمته فيُظهر من جديد مشهد "يحيي الأرض بعد موتها" ويُنـزل على سكانها ماءً يحيي الموتى الروحانيين.
أنبأنا الرسول صلى الله عليه وسلم بموت المسلمين الروحاني لكنه بشرنا ببعثة خادمه البار:
حتى إن المسلمين أيضا قد ماتوا روحانيا نتيجة اتباعهم لعلماء السوء رغم فوزهم بالتعليم الكامل. لكن ذلك كان مقدَّرا، إذ كان النبي صلى الله عليه وسلم قد أخبرَنا عن ذلك سلفا بتلقي العلم من الله تعالى، إلا أنه إلى جانب ذلك قد بشَّرَنا أيضا بأنه سيَبعث الخادم البار للنبي صلى الله عليه وسلم لإرشاد العالم في زمن الفساد والزوال الروحاني وازدياد الطموحات المادية ونسيان تعاليم الإسلام وسيكون وسيلة لإحياء الموتى.
يجب أن ندرك أهمية مسؤولياتنا كمسلمين أحمديين خاصة الفتيات والنساء:
النطق بكلمات الشكر باللسان فقط- أننا أحمديون ونحمد الله على ذلك ونشكره- لا يفي بالغرض بل الشكر يقتضي منا أن ندرك أهمية مسئولياتنا. وتقَع هذه المسئولية على السيدة والفتاة الأحمدية أكثر من غيرها، وذلك لأن من واجبها أن لا تحمي نفسها فقط من هجمات الشيطان بل من مسئوليتها أن تحمي منها أجيالها أيضا. فالمرأة هي التي تلِد الطفل وهي التي يتربى في حضنها وهي التي يمكن أن تربّيه تربية تمكِّنه من التمييز بين الحسن والسيء قبل أن يتأثر بالبيئة الخارجية. فالسيدة المسلمة الحقيقية تعلِّم ولدها معايير الأخلاق السامية التي ينبغي أن يتحلى بها بالإضافة إلى عبادة الله تعالى. فالمرأة الأحمدية يمكن أن تعلِّم طفلها وتلقي في أذنه من الطفولة ما هو الهدف من كونه مسلما أحمديا. وهذه التربية في المجتمع المعاصر الفاسد ليست أمرًا هينا، بل تشكِّل تحديا كبيرا لكل سيدة أحمدية وتلقي مسئولية كبيرة على كل أمٍّ أحمدية.
دور الأم:
الأمَّهات اللواتي يقدّمن نماذجهن السامية أمام الأولاد منذ صغرهم ويراقبن شئونهم بحكمة يشاركهنّ أولادهن في البيت في كل أمر خيرا كان أم شرا ويخبرونهنّ بكل صغيرة وكبيرة فتنصحهم الأمهاتُ بحكمة، وبالنتيجة لا يتأثر أولادهن من تأثير المجتمع الضار ويجتنبون في أيام شبابهم السيئات المنتشرة في المجتمع، ولكن الأمهات اللواتي لا يهتممن بأمور الأولاد منذ صغرهم ويزعمن أنهم ما زالوا في فترة اللعب والترفيه ولن يتأثروا بشيء في هذا العمر، أو يحسنَّ بهم الظن أكثر من اللازم أو يهملنهم أو يمارسن القسوة عليهم فإن هؤلاء الأولاد لا يخبرونهن بشيء، وعندما يبلغون 13 أو 14 من عمرهم يفضّلون البيئة خارج البيت، وتبدو لهم الدنيا مرغوب فيها أكثر من الدين.
دور الأب:
لا أبرّئ الآباء من هذه المسئولية بل إنهم أيضا مسئولون دون أدنى شك. في بعض الأحيان يفسد الأولاد بالنظر إلى سلوك الآباء على الرغم من تربية الأمّهات. فمن واجب الآباء أن يدركوا هذا الأمر ويعلموا أن عليهم أن يؤدوا هذا الواجب ولكن الحقيقة أن الأولاد يقضون وقتا أطول مع الأمهات لذلك يوقع الإسلام مسئولية تربيتهم على الأمهات. وإن مسئولية تربيتهم ليس بأمر عادي كما قلت من قبل.
التربية لا تقل عن الجهاد:
إن عملية التربية التي تقوم بها المرأة - ويجب أن تقوم بها بكل جدية واهتمام- ليست أقل من الجهاد، لذلك عندما سألت النبيَّ صلى الله عليه وسلم سيدةٌ ما مفاده: إننا لا نستطيع الخوض في الجهاد فهل ننال ثواب الجهاد على الاهتمام بشئون البيت وتربية الأولاد؟ فرد عليه صلى الله عليه وسلم قائلا ما معناه: لا شك أن هذا العمل بمنـزلة الجهاد وستُثابَين عليه ثواب الجهاد.
إن أكبر سبب لفساد المسلمين أيضا هو أن معظم السيدات المسلمات يجهلن تعليم الدين. الحق أنه كان من المقدر أن يحدث الفساد في الأديان السابقة لأن الله تعالى لم يرسل دينا ليبقى تعليمه قائما إلى الأبد غير الإسلام الذي أنزله تعالى ليبقى قائما إلى يوم القيامة مع شريعته الكاملة. ثم أرسل في الزمن الفاسد الراهن المسيح الموعودَ عليه الصلاة والسلام الذي وجّه أنظار النساء والرجال إلى مسئولياتهم وقال بأنه لا بد لكم- لأداء حقوق مسئولياتكم- من أن تربّوا بناتكم تربية دينية بأسلوب حتى تُرسّخ أمّهات الأجيال القادمة في أذهانهن أن عليهن أن يقدّمن الدين على الدنيا في كل الأحوال. ويجب أن تربّوا أولادكم بأسلوب أن يعيش الذين سيصبحون آباء في المستقبل بحسب تعليم الدين الحق ويكونوا أسوة حسنة لأولادهم.
أهمية التربية الدينية:
إن معظم النساء يهتممن بشئون أولادهن من حيث التعليم الدنيوي والتربية الدنيوية ويقلقن عليهم كثيرا بهذا الشأن ولكن لا يقلقن بالقدر نفسه بشأن التعليم والتربية الدينية.
لقد روى سيدنا المصلح الموعود رضي الله عنه حادثا من زمن المسيح الموعود عليه الصلاة والسلام أن سيدة جاءت بابنها المريض إلى المسيح الموعود عليه الصلاة والسلام وكان الأطباء قد أعلنوا أنه لا علاج ناجعا له. فقالت السيدة: إنني مسلمة ووُلد ابني هذا مسلما ولكنه تنصر الآن متأثرا بالمسيحية. فأرجوك أن تعالجه. وإلى جانب ذلك قالت تلك السيدة الفقيرة وغير المثقفة بإلحاح شديد: أرجوك أن تجعله يقرأ كلمة الشهادة مرة، ولا أبالي إذا مات بعد ذلك. فأرسل المسيح الموعود عليه الصلاة والسلام الولدَ إلى الخليفة الأول رضي الله عنه ليعالجه ويبشّره أيضا بالإسلام. من المعلوم أنه لا يمكن إكراه أحد على الإسلام لذا قال عليه الصلاة والسلام للخليفة الأول أن يبلّغه الدعوة لعله يعود إلى الإسلام إذا فهم الموضوع. ولكن الولد ظل ثابتا على اعتقاده بالنصرانية وخرج من قاديان ذات ليلةٍ خفيةً تاركا العلاج لئلا يضطر إلى قراءة كلمة الشهادة. علمت أمّه بذلك في الليلة نفسها فذهبت وراءه وأدركته قرب مدينة بطالة وأعادته إلى قاديان. لم تملك السيدة ثقافة دينية كافية ولكن بسبب ثقتها بالله تعالى وإيمانها القوي راحت تدعو الله تعالى. فأجاب الله تعالى دعاءها وأسلم ابنها مجددا ثم مات بعد ذلك بفترة وجيزة. فقالت أمّه: لقد أُثلج صدري إذ قرأ كلمة الشهادة قبل موته وفعل ذلك عن قناعة دون إكراه.
يقول سيدنا المصلح الموعود رضي الله عنه: هذه هي التربية الصحيحة وهذه هي الروح التي يريد الإسلام نفخها في النساء المسلمات. فالنساء اللواتي يردن أن يرينَ أولادهن ثابتين على مستوى أحسن من التربية فلا يحسِنّ بذلك إلى أنفسهن فقط بل يحسنّ دنياهن وأولادهن وعاقبتهن وعاقبة أولادهن وينفعن بذلك القومَ والجماعة أيضا. هناك كثير من الأولاد من الواقفين الجدد الذين يتربون حاليا في أحضان أمهاتهم لذا من واجب أمهاتهم أن يربّينهم تربية حسنة.
إن الأمّهات اللواتي لديهن تفكيرٌ دنيويٌّ أو الأمّهات العاديات يستطعن القول بأننا لو ظللنا منشغلات في تربية الأولاد فكيف يمكن لنا أن نحرز مقاما عاليا بدراستنا. قد حصلنا على شهادات ووثائق وأوسمة، فكيف نحصل على هذا المقام؟ ولكن الإسلام يقول حين تقمْن بتربية أولادكن وتعليمهم بعد إحرازكن التعليم الدنيوي وبعد تزويدكن أنفسكن بالتعليم الديني بأعلى مستواه، وحين يُري الولد خبرته المهنية ويبلغ مقاما عظيما، أو يصبح عالما أو محققا أو يصبح محاميا ويخدم الإنسانية، أو يصبح قائدا أو شخصيةً سياسية بارزة ويبذل جهوده لإرساء الأمن والسلام في الدنيا فتشترك في جزاء حسناته أمُّه أيضا. فالأمُّ المؤمنة تُنشئ جنةً لولدها في هذه الدنيا وفي الآخرة، فالتي أعطاها الله تعالى مقام إنشاء الجنة كم من أجور عظيمة يكون قد قدّر الله تعالى لها. إذًا، ليكُنْ تفكيرنا أن نسعى لنيل رضى الله تعالى في كل شيء، ولتكن دراستنا وعلمنا وسيلةً لنيل رضى الله تعالى. فهناك فرق شاسع بين تفكير الأمّ ذات التفكير الدنيوي والأمّ المؤمنة.
إن بعض البنات يفوتن عروض الزواج من شباب طيبين لمجرد أنهن يردْن تحصيل التعليم العالي.
لا شك أن التعليم العالي شيء جيد جدا، ولكن الأفضل من ذلك هو إعداد فوج من الأطفال الأحمديين المتربّين تربية دينية ودنيوية الذين يصبحون ضمانا لحماية أجيالهم القادمة من هجمات الشيطان في هذا الزمن الفاسد. على الأمهات أن يولّدْن في ذريتهن بنات يكنّ خير أمهات وخير زوجات وخير حمَوَات وخير أخوات الأزواج وخير زوجات الإخوة، كما يولّدن بنين يكونون خير أزواج وخير آباء وخير أحماء وخير أبناء. لو حدث ذلك لن تُظلَم أية بنت في بيت حميها. فالسبب الأكبر لهذا الظلم هو الجهل. ولو كان الأولاد متربّين تربية صحيحة لن تُظلم أية بنت في بيت حميها ولن تُحرم أية زوجة من حُبّ زوجها، ولن تشتكي حماةٌ من كنّتها، وهذه هي الحالة التي تجعل الدنيا جنة وتقضي على الشرور والفتن.
الحجاب:
الإسلام يريد أن يقيم شرف المرأة وعفّتها بواسطة الحجاب. وحين أوصاها بالحجاب في سورة النور فأمر الرجال أولا في آيتها الواحد والثلاثين بأن يغضوا من أبصارهم لإقامة حرمة المرأة وعصمتها، وبدل أن يحدقوا بالنساء حيثما رأوهنّ عليهم أن يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ. إن من عادة بعض الرجال مع علمهم أن المرأة متحجّبة وهي حَيِيَة فمع ذلك يسعون لتقع نظرتهم عليها بطريقة ما وإن لم يحدقوا. لذا يأمر الإسلام أن تتجنّبوا هذا النظرات وتحافظوا على أنفسكم، فأولا أمر الإسلامُ الرجالَ بالحفاظ على شرف المرأة وعفّتها، ثم في الآية التالية قال للنساء أيضا إنه من الضروري أن يغضضن من أبصارهن للاتقاء من كل نوع من الشر ويتمسّكْن بالحياء. قال النبي صلى الله عليه وسلم الحياء من إيمان كل مؤمن ومؤمنة، فمن ليس فيه الحياء ليس فيه الإيمان بحسب قول الرسول صلى الله عليه وسلم هذا.
ثم قال الله تعالى في القرآن الكريم في الآية نفسها: وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا ويتضمن "ما ظهر منها" قامة المرأة وسمنها أو نحولها وغيرها. فحين أمر الله تعالى بالحجاب قال بارتداء الخمار والجلباب الذي يغطي الجسد. إن النساء اتّخذت البرقع فيما بعد لسهولتهن، وقد تطرقت إليها بدعات كثيرة في الفترة الأخيرة. تكون بعض أنواع البرقع بسيطة وبعضها يكون مطرَّزا كثيرا ومرصّع باللآلي المختلفة. وهذا يعني أن الحجاب الذي أُمر بارتدائه قد أصبح وسيلة لجلب الانتباه بسبب تطرّق الموضات المختلفة إليه. ولا يقتصر الأمر على ذلك فحسب بل إن بعض أنواع البرقع والمعاطف التي تُلبس في الظروف العادية أو في الطقس البارد تكون ضيقة لدرجة تُظهر الزينة التي أمر الله تعالى بإخفائها. فهذا ليس حجابا بل هذه موضة بأشكالها المختلفة التي تُستخدم في خياطة البرقع. ثم هناك بعض السيدات اللواتي يلبسن البرقع ولكن يتركن الأزرار الأمامية مفتوحة. هذه الموضة سائدة في باكستان بكثرة، وتلبس النساء تحت البرقع بنطالا ضيقا قصيرا بحيث تكون السيقان مكشوفة ويلبسن فوق البنطال قميصا قصيرا. فكل هذه الأشياء سخرية بالحجاب بل سخرية بأمر الله تعالى في الحقيقة؟ ثم الوشاح أو الحجاب أو النقاب الذي يلبسنه لا يستر الشعر ولا الوجه بصورة صحيحة.
إن أبسط حجاب بيّنه المسيح الموعود عليه الصلاة والسلام هو أن يكون الجبين والشعر مستورا في مقدمة الرأس ومؤخرته، وأن يكون الذقن والخدود مستورة، ولكن بشرط ألا تضع المرأة في هذه الحالة أي مكياج، أي إذا أرادت أن يكون وجهها مشكوفا فيجب أن يكون دون مكياج. وفي هذه الحالة يزول أيضا اعتراض اللواتي يقلن بأننا لو غطينا الأنف لاحتقن نَفَسُنا. وهناك فئة أخرى من السيدات اللواتي يلبسن الحجاب ويغطين رأسهن جيدا بالوشاح ولكن إلى جانب ذلك يلبسن قميصا وبنطالا ضيقا. وهناك بعض الموضات التي تتراءى في باكستان في هذه الأيام، ولا بد أن تكون قد راجت هنا أيضا، وهي أن شقوقا طويلة تُجعل في السراويل والبنطلونات قرب السيقان فتنكشف السيقان عند المشي... هذا كله لغو ويجب على الفتيات والسيدات الأحمديات اجتنابه.
الحياء أثمن ثروة للمرأة:
إن ارتداء البنطال ليس ممنوعا ولا بأس في ارتدائه ولكن يجب أن يُلبَس معه قميص يصل إلى الركبتين على الأقل. صحيح أن الله تعالى لم يأمر بالحجاب أمام المحارم مثل الزوج والأب وأب الزوج، والأخ وابن الأخ وابن الأخت، ولكنه تعالى أمر بارتداء لباس محتشم حتما. الحياء ليس بشيء بسيط بل هو أثمن ثروة للمرأة.
لا أدري لماذا تشعر بعض الفتيات الأحمديات بشعور الدونية إذ يشعرن أنهن لو لبسنَ الحجاب سوف يحسبهن الناس جاهلات. فلتحكم هؤلاء الفتيات هل يردن أن يرضين الله تعالى أم يردن إرضاء الناس. يمكن للمرأة غير الأحمدية أن تقول بأنها ليست مطلعة على أحكام القرآن إذ لم تقرأ القرآن جيدا ولم تطّلع على أحكامه بالتفصيل ولكن لا يمكن للفتاة أو السيدة الأحمدية أن تقول ذلك إذ تُشرح لهن هذه الأحكام باستمرار وبالتفصيل، وقد شرح لهن الخلفاء كلُّهم، وأنا الآخر أفهِّم منذ مدة، ومنظمة لجنة إماء الله أيضا بحاجة إلى الاهتمام بهذا الجانب، كما أن كل سيدة وفتاة أيضا يجب أن تفحص نفسها. ذلك لأن اتباع الموضات واللامبالاة سوف تعرِّيهن نهائيا تدريجا. إذا كان الآن بضعة من هذا القبيل فليفحصن أنفسهن. أما اللاتي لسن هكذا فلا داعي لنشوء أي شعور بالدونية فديننا أمثل دين وجاء لينتشر في العالم. وانتشارُه يقتضي من كل رجل وامرأة العملَ به. وعندما ستخلعن الحجاب تكنّ غير مباليات بالتربية الدينية للأولاد أيضا، إذ عندما سينظر الأولاد أن تصرفاتِ أمهن تعارض أوامرَ القرآن الكريم فالواضح أنهم سيتأثرون سلبيا.
ثمة حاجة لخلق الحياء:
الأمهات إذا لم يولدن الإحساس بالحياء في البنات عند بلوغهن السنة الحادية عشرة أو الثانية عشرة من العمر فلن يتولد لديهن عندما يكبرن. ففي هذا المجتمع الذي تدرَّس فيه كل عورة وفاحشة في المدرسة يجب على الأمهات الأحمديات أن يهتممن بتربية أولادهن في ضوء تعليم الإسلام والقرآن الكريم أكثر من ذي قبل، ويخلقن أهمية الحياء في أولادهن منذ الصغر، أي عند بلوغ الطفل الخامسة أو السادسة من العمر.
ففي هذه البلاد حيث يعلَّم الأولاد من الصف الرابع والخامس في المدارس أمورًا تولد اضطربًا في الأولاد، ثمة حاجة لخلق الحياء في أذهان البنات من السن نفسه كما قلت سابقا.
إذا كانت السيدة الأحمدية بحاجة إلى توطيد علاقتها بالله تعالى لكي تتمكن من تربية أولادها تربية رائعة مستعينة بالله تعالى فهي في الوقت نفسه بحاجة إلى أن تجعل كل عمل لها تابعا لأوامر الله تعالى كلِّها. وفَّق الله تعالى الجميع لذلك.