في الأجزاء الأولى من القرآن الكريم، لا توجد سجدات، ولكنها تتكرر كثيرًا في أواخره، فهل هناك أي سبب خاص لورودها في النهاية وليس في البداية؟
من جلسة أسئلة وأجوبة مع خليفة المسيح الرابع (رحمه الله) في مسجد الفضل بتاريخ: 22/06/1986
الجواب: السور القرآنية الأخيرة نزلت في مكة في بدايات الإسلام، ولأنه في ذلك الوقت كان مفهوم اللجوء إلى الله وحده دون غيره أمرًا جديدًا في مكة المكرمة، دخل الإسلام في صراع مباشر مع الكفار حول هذه القضية، لذا فإن الآيات التي نزلت في الفترة الأولى من الإسلام تحمل أجزاء تناقش مجد الله بطريقة يطغى فيه على المشاعر الإنسانية فيشعر المرء أنه يرغب بأنه يريد أن يخر ساجدًا.
وفي مثل هذه الحالات كان قلب حضرة رسول الله الكريم صلى الله عليه وسلم يرق ويتأثر كثيرًا، فرأى الله ذلك فسمح له أو بالأحرى أمره بترك التلاوة للحظات ليسجد للتعبير عن رغبته خاصعًا لمشيئة الله ومعظمًا إياه تعالى. كانت تلك المناسبات التي حدث فيها هذا، وقد نزلت هذه الآيات في وقت مبكر من الإسلام لم تكن قد فرضت فيه الصلاة ولم تكن الشريعة التي نعرفها اليوم قد اكتملت حيث كان قد نزل أجزاء منها فقط، لذا فالنقطة الرئيسية التي كانت مثار النقاش والجدال هي السجود لله أو السجود لغير الله وكان هذا هو جوهر الدين، لذلك في السور التي نزلت في أوائل الإسلام تجد السجدات أكثر بكثير مما كانت عليه في السور التي نزلت لاحقًا وعندما تم جمع القرآن الكريم، وضعت السور التي نزلت لاحقًا في البداية والسور السابقة في الجزء الأخير لذلك نرى السجدات تتكرر في السور الأخيرة.