مقتبسات من الخطاب الختامي الذي ألقاه أمير المؤمنين حضرة ميرزا مسرور أحمد أيده الله تعالى بنصره العزيز في الدورة التدريبية للعاملات في لجنة إماء الله في المملكة المتحدة يوم 04/12/2016



 لا يمكن لعمل الجماعة أن يثمر ما لم يكن من أجل مرضاة الله ومبنيًا على أساس التقوى:
يجب أن تتذكرن دائما أنه لا يمكن أبدا لعمل الجماعة أن يؤتي أُكله ما لم يكن فقط من أجل نيل مرضاة الله عز وجل، ومبنيًا على أساس التقوى.
ومن حيث واجباتنا الدينية، لا يمكن تحقيق أي شيء بدون التقوى وإذا فشل المسؤولون من تحقيق أي شيء، فكيف يمكنهم أن يكونوا قدوة للآخرين، وكيف يمكنهم أن يتوقعوا التأثير في الآخرين إذا فشلوا هم أنفسهم بالقيام بواجباتهم ومهامهم الأساسية. لذلك، تذكرن دائما أنه يمكنكن أن تؤثِّرن بشكل إيجابي في الآخرين إذا كنتن فقط نموذجا يُحتذى به وقدوة لهن. كمسؤولات، تقع عليكن مسؤولية رفع نور التقوى عاليا لإرشاد الأخريات في الظلام، ولتنرنَ طريقهن بهذه الطريقة.
على مسؤولاتنا أن يسعين دائمًا لقضاء حياتهن بحسب أوامر الله سبحانه وتعالى وتعاليم الرسول الكريم (صلى الله عليه وسلم). كما قلت آنفًا، يجب أن تشكل التقوى الجزء الأساسي لكل الجهود التي تقوم بها المسؤولات
وبالتالي فالسؤال الذي يطرح نفسه، ما هي التقوى؟ وماذا تعني وما هي متطلباتها؟
لقد أوضح المسيح الموعود (عليه الصلاة والسلام) ذلك بقوله إن "التقوى هي أن تتجنب كافة أنواع الذنوب." وهذا لا يعني أن يمتنع المرء عن ارتكاب الآثام والخطايا الكبيرة فقط بل يجب أن يتجنب حتى الخطايا والسيئات البسيطة. وعلاوة على ذلك، قد كتب في بيت شعر أنه "إذا كان المرء في حالة غير قادر فيها على إفادة الآخرين فهذا يتعارض مع التقوى". وقال أيضا إن "كافة أشكال الحماية الذاتية هي ضد التقوى وإن التقوى تتطلب التواضع الكامل ووداعة الشخصية". وهكذا، فإن المسيح الموعود (عليه الصلاة والسلام) قد أمر أتباعه مرارا بتحرير أنفسهم من كافة أشكال الغطرسة والأنانية والتكبر. بالتأكيد، هؤلاء هم الأحمديون المنوطة بهم مسؤوليات الجماعة، والذين واجبهم ضمان تربية الجماعة، ولا يمكن أن ينجحوا أبدًا إذا وقعوا فريسة للغطرسة أو اعتبروا أنفسهم متفوقين بأي شكل من الأشكال. ووفقا لذلك، على المسؤولات السعي لانتهاج التقوى في كل جانب من جوانب ومجال حياتهن.

لباس المرأة الأحمدية:
من حيث اللباس، على كل مسؤولة إظهار أعلى مستوى من الحياء والشرف في جميع الأوقات. وفيما يتعلق بفريضة الحجاب، على كل مسؤولة أن تكون مثالًا في أداء هذه الوصية القرآنية. تذكرن، لقد تم التشديد على أهمية الحجاب مرارا وتكرارا من قبل المسيح الموعود (عليه الصلاة والسلام)، وقد تحدثتُ أيضا عن ذلك في مناسبات عديدة. يجب أن تكون أخلاق كل مسؤولة مثالا يحتذى للآخرين وينبغي أيضا أن تكون المسؤولة مثالا للحفاظ على الاحتشام والصدق والشرف في جميع الأوقات عندما تتحدث مع الآخرين.

حدود النقاش في الجلسات الاجتماعية:
على جميع المسؤولات فهم أن تضييع الوقت في جلسات لا معنى لها أمرٌ غير منتج وغير مجدٍ وضار وضد تعاليم القرآن، قد تجتمعن معا بالطبع في بعض الأحيان وتدخلن في محادثات ومناقشات خفيفة ولا ضير في ذلك. ومع ذلك، يجب أن تعرفن أين حدودكن وفهم أين حدودهن. على سبيل المثال، في بعض التجمعات لبعض الناس عادة يجري التحدث بسوء عن الآخرين، وإيجاد عيوب فيهم. أو التحدث ضد نظام الجماعة أو الشكوى بلا داعٍ ودون مبرر. هذا خاطىء تماما، وغير أخلاقي وضد تعاليم ديننا. إن تداعيات وعواقب التحدث بهذه الطريقة غالبا ما تكون خطيرة جدا، وبعيدة المدى. ولذلك من الأهمية بمكان أن يبقى المسؤولون مبرَّئين من مثل هذه الرذائل.
وفي سياق مماثل، تتطلب التقوى أن لا يجلس المرء في تجمع يُهان فيه الله سبحانه وتعالى أو رسوله (صلى الله عليه وسلم) بأي شكل من الأشكال. في الواقع، على المؤمنين الامتناع عن كل التجمعات التي يُستهزأ بها بالناس أو يُساء إليهم. على سبيل المثال، من الخطأ تماما أن يبقى المرء حاضرًا عندما يتحدث الناس ضد أخ أو أخت، حتى لو لم يشارك شخصيا في هذه المناقشة. ففي عيني الله مجرد الجلوس بصمت بينما تدور هذه المناقشات أمرٌ ضد مبدأ التقوى. قال المسيح الموعود (عليه السلام) إن الذين يبقون في مثل هذه الصحبة لديهم مرض في قلوبهم، لأنه لو كانت قلوبهم نقية لما اختاروا البقاء. وفي الواقع قد ذهب إلى حد القول إن الشخص الذي يستمع بصمت لمثل هذه المناقشات غير الأخلاقية مذنبٌ مثل الشخص الذي يتحدث بسوء عن الآخرين وسيُسأل أمام الله تعالى، وكذلك الأمر مع الذين يبقون هناك ويستمعون.
كثيرا ما يطرأ سؤال محدد في أذهان النساء الأحمديات وهو: كيف يمكنهن تحقيق التوازن بين عمل الجماعة والتزامات أسرهن؟.
لهذا أنصحكن بمناقشة هذه المسألة مع أزواجكن وأخذ نصيحتهم. فمعًا يمكنكم العمل على جدول زمني تستطعن من خلاله تخصيص جزء مناسب من الوقت لمنازلكن، وفي الوقت نفسه تقدير كم من الوقت يمكنكن تكريسه للجماعة. وبهذه الطريقة، لن ينتابكن أي قلق أو مخاوف من أنكن تهملن بيوتكن أو خدمة الجماعة.
إذا ناقشتن هذا الأمر مع أزواجكن كما اقترحت عليكن فآمل وأتوقع أنهم سيظهروا أيضا تفهمًا ويكونوا سعداء من أجلكن لتخصيصكن عدد معين من الساعات في عطلة نهاية الأسبوع أو إذا لزم الأمر خلال الأسبوع لعمل الجماعة. في الواقع إذا لم تكنّ في المنزل في بعض الأحيان عند عودة أزواجكن من العمل بسبب أعمال الجماعة لا ينبغي أن يجعلوا من هذا الأمر مشكلة.
وعلاوة على ذلك، يمكنكن الترتيب بينكم أنه في بعض الأوقات أو في أيام معينة يقوم أزواجكن بمساعدتكن بالاعتناء بالأطفال.

واجبكن الأساسي كأمهات هو تربية الأولاد وفقًا لتعاليم الإسلام:
ومع ذلك، فهذه ليست رخصة لتجاهل مسؤولياتكن تجاه عائلاتكن. فلا تنسين أبدا أن واجبكن الأساسي كأمهات هو التأكد شخصيا من التربية الأخلاقية لأبنائكن، وتربيتهم وفقا لتعاليم الإسلام. وهكذا، عليكن قدر الإمكان البقاء في المنزل عندما يعود أطفالكن من المدرسة.

أهمية التقوى:
قال المسيح الموعود (عليه الصلاة والسلام) ذات مرة إن الاختبار الأول لإيمان المرء هو التقوى. ومن المتوقع بالطبع أن المسؤولين أقوياء في الإيمان. فإذا فشلوا في هذا الاختبار الأساسي، فما الذي يبقى من إيمانهم؟ والحقيقة هي أن التقوى تؤدي تلقائيا إلى زيادة إيمان الإنسان وتمكنه من التفوق في الخير والفضيلة وتجنب الأعمال السيئة. وقد قال المسيح الموعود (عليه الصلاة والسلام) أيضا إن نيل المعرفة الدينية أعلى مستوى للإيمان من التقوى. ولكن ليس من الممكن نيل هذه المعرفة الدينية من دون نيل التقوى أولًا. بالتأكيد، من أجل أداء واجباتكن على المسؤولات التحلي بالمعرفة الدينية، ولكن قبل أن تصلن إلى هذا المستوى الرفيع عليكنّ العمل أولا بحسب مقتضيات التقوى.

المعرفة وسيلة لزيادة التقوى.. والمعرفة موجودة في كتاب الله:
قد قال المسيح الموعود (عليه الصلاة والسلام) إن المعرفة هي وسيلة أيضا لزيادة التقوى لأن التقوى مرتبطة بالله نفسه، فمن الضروري نيل المعرفة الإلهية، فأين توجد هذه المعرفة؟ بالطبع الجواب هو: في كتاب الله القرآن الكريم. وبالتالي على جميع المسؤولات أن يقرأن بانتظام القرآن الكريم ويسعين لاستيعابه وفهمه. يجب أن ينظرن لما يدعو إليه القرآن، وما الذي ينهى عنه. وعندها فقط يمكنكن أن تكن قدوة تُحتذى للأخريات.

من واجب كل أحمدي أن يكون جاهزا لجميع التضحيات الممكنة في سبيل دينه ومن أجل الخلافة:
هذا هو الطريق لتحققن التعهد الذي قدمْتُنّه في أنكن ستكن على استعداد للتضحية بكل شيء من أجل الخلافة الأحمدية. وبطبيعة الحال فإن من واجب كل أحمدي أن يكون جاهزا لجميع التضحيات الممكنة في سبيل دينه ومن أجل الخلافة.
ومع ذلك، فإن هذا العبء يكون أثقل على كاهل المسؤولات، لذا على كل واحدة منكن خدمة الجماعة بأفضل قدراتها، وطلب العلم الديني وأن تكن على استعداد لأي تضحيات قد تُطلب منكن على طول الخط.

أهمية الاستماع لخطبة الجمعة:
من الضروري أن تستمعن إلى خطب الجمعة التي ألقيها كل أسبوع لأن خطبي وسيلة لتعلم ما يرغب به خليفة الوقت وماهي رؤيته للجماعة. إذا لم تجلسن مع عائلاتكن للاستماع إلى خطب خليفة الوقت فكيف يمكنكن توجيه الأخريات للقيام بذلك؟ هنالك في كل أسبوع 168 ساعة، هنالك في سبعة أيام 168 ساعة، فإذا كنتن غير قادرات على تخصيص مجرد ساعة واحدة للاستماع إلى كلمات خليفة الوقت، فهذا مدعاة للقلق الشديد.
خطبة خليفة الوقت هي الوسيلة التي يتم من خلالها تربية الجماعة والمسؤولين. وهي وسيلة لتحقيق السلام في منازل الأحمديين، ولهذه الأسباب تنفق الجماعة كل عام ملايين الجنيهات لتمويل MTA.
أقول مرة أخرى يجب الاستماع إلى خطبي وتدوين الملاحظات منها وتقييم ما إذا كنتن تتبعن تعليمات وتوجيهات الخلافة، انظرن ما إذا كنتن قد سقطتن فريسة نقاط الضعف والخطايا التي حذركنّ منها خليفة الوقت؟ وإذا كان الأمر كذلك، اسعين لتحسين أنفسكن والتخلص من هذه العيوب.
فكرن بصفاتكن الجيدة لكن دون فخر أو غرور:
وبالمثل، فكرنّ بصفاتكن الجيدة ولكن بدلا من أن تفخرن أو تغتررن، اسعين إلى البناء عليها مع التواضع، والسعي لاتباع أي توجيه يعطيه خليفة الوقت
وابدأن من منازلكن الخاصة وضمان أنها انعكاس لتعاليم الإسلام الحقيقية. إذا كانت الحياة فاضلة في منازلكن وكانت عائلاتكن تعمل بتعاليم الإسلام فمن الطبيعي أن يكون لكن ولعائلتكن تأثير إيجابي على الآخرين. ومع ذلك، ومن ناحية أخرى، إذا كان أبناءكن يعملون ضد تعاليم الإسلام، وإذا كانت ملابسهم غير محتشمة، وإذا لم يكن لديهم أي معرفة دينية، وإذا كانوا لا يؤدون صلواتهم أو إذا لم يحضروا مناسبات الجماعة فلا يمكنكن إرشاد الآخرين أو إقناعهم حتى لو حاولتن، ولن يكون لمحاولاتكن أي تأثير، وسوف تكون عقيمة تماما. وكما قلت آنفا، واجبكن الأول هو تربية أبنائكن.
على جميع المسؤولات قراءة دستور اللجنة، لأنه مليءٌ بالتوجيهات والإرشادات التي قدمها حضرة المصلح الموعود (رضي الله عنه) عندما أسس لجنة إماء الله. وفي حين أن الدستور هو لجميع عضوات اللجنة، فمن المهم بصفة خاصة أن تقوم المسؤولات بقراءته وفهمه والأهم من ذلك هو العمل عليه، لاسيما الصفحات القليلة الأولى حيث قُدمت التعليمات. على سبيل المثال، في الدستور، قد ذكر حضرة المصلح الموعود (رضي الله عنه) أن على سيدات اللجنة الانضمام معا لتعزيز معرفة بعضهنّ بعضًا. وقال إنه يجب مناقشة مواضيع في برامج اللجنة أو الاجتماعات تحفز وتشحذ الفكر، بحيث يهتم بها الناس بشكل طبيعي وينجذبوا لها.
وقال أيضا يجب تشجيع الناصرات والمبايعات على تقديم عروض حول موضوعات يهتممن بها، والتي يمكن أن تفيد الآخرين، وتزيد في الوقت عينه معرفتهن وثقتهن. وقال حضرة المصلح الموعود (رضي الله عنه) أيضًا يجب أن تكون اجتماعات اللجنة منبرا لعضوات اللجنة للتجمع معًا لزيادة روحانيتهن وأخلاقهن، ولذا فيجب أن لا تتم مناقشة الأمور التافهة فقط في مناسباتكن كأمور الطعام أو الملابس. وقال إن على النساء مساعدة بعضهن بعضًا في التقرب إلى الله عز وجل. وبالتالي، يجب إجراء المناقشات الدينية العادية والندوات والمحادثات بطريقة مثيرة لاهتمام الناس من جميع الأعمار والخلفيات.
يجب على كل مسؤولة أن تظهر أعلى مستوى من الحب لله عز وجل، والنبي الكريم (صلى الله عليه وسلم) والمسيح الموعود (عليه الصلاة والسلام). وينبغي أن تسعى دائما إلى زيادة رابطة الحب مع الخلافة، وأن تكون مطيعة حقا لهذه المؤسسة المباركة. وعلى المسؤولات في اللجنة السعي دائما لإظهار أعلى مستوى من الصبر والشجاعة والتسامح.
يجب أن لا تشعرن بأي نوع من الإحراج أو عقدة النقص فيما يتعلق بأي قضية أو تعليم من التعاليم الإسلامية. بل يجب أن تكن فخوراتٍ بدينكن، وأن تمارسن وتبلّغن علنًا تعاليمه من خلال أقوالكن وأفعالكن. وأقول مرة أخرى، إن هذا ليس حكرًا على المسؤولات، ولكن عليهن بالتأكيد واجب خاص في إظهار أفضل مثال في هذا الصدد.