الهدف من الفدية وفرضية الصيام
الهدف من الفدية
في إحدى المرات خطر ببالي سؤال عن الأمر بأداء الفدية، فعلمتُ أنها تسبب التوفيق للصيام. إن الله تعالى هو الموفِّق لكل شيء، فيجب أن نطلب كل شيء من الله وحده. إنه هو القادر القدير على أن يهب للمسلول أيضا قوة على الصيام إذا أراد ذلك. لذا فالأنسب للذي هو محروم من الصيام أن يدعو الله تعالى أنْ يا إلهي إن شهرك هذا شهرٌ مباركٌ وأنا لا أزال محرومًا من بركاته، ولا أدري هل أكون على قيد الحياة في العام القادم أم لا، أو هل أقدر على صيام الأيام الفائتة أم لا. لذا يجب أن يسأل اللهَ تعالى التوفيقَ. وإنني على يقين أن الله تعالى سوف يوفِّقُ شخصًا كهذا.
فرضية الصيام
لو شاء الله تعالى لما وضع الشروط لهذه الأمة أيضا كما لم يضعها للأمم الأخرى ولكنه وضع بعض القيود لصالحها. الأصل في رأيي هو أنه عندما يتضرع الإنسان في حضرة الله تعالى بالصدق وكمال الإخلاص ألا يحرمه في هذا الشهر فلن يحرمه الله. ولو مرض الإنسان في هذه الحالة في شهر رمضان لكان المرض رحمة له لأن الأعمال كلها بالنيات. يجب على المؤمن أن يُثبت بعمله أنه شجاع في سبيل الله. والذي يُحرم من الصوم ولكنه كان ينوي بألم وحرقة في قلبه بأنه لو كان سليما معافى لصام حتما وكان قلبه باكيا لهذا الأمر فستصوم له الملائكة بشرط ألا يلجأ إلى أعذار فلن يحرمه الله تعالى من الثواب. إنه لأمرٌ دقيق أنه إذا كان الصوم شاقا على أحد بسبب كسله ويظن في نفسه أنه مريض وصحته توحي أنه إن لم يأكل وجبة واحدة لأصيب بأعراض كذا وكذا وسيحدث كذا وكذا، فالذي يزعم بأن نعمة الله شاقة عليه أنّى له أن يستحق الثواب؟ أما الذي يسعد قلبه بحلول رمضان وكان ينتظر ليحل رمضان فيصومه ولكنه لم يقدر على ذلك بسبب مرض لن يُعَدّ محروما من الصوم في السماء. هناك كثير من الناس في الدنيا الذين يلجأون إلى الأعذار ويزعمون أنهم يخادعون الله أيضا كما يخادعون أهل الدنيا. الباحثون عن الأعذار ينحتون المسألة من عند أنفسهم ويضيفون إليها التكلفات ويعدّون تلك الوسائل صحيحة ولكنها ليست صحيحة عند الله. إن باب التكلفات واسع جدا. لو أراد الإنسان لصلّى جالسا مدى حياته ولا يصوم قط نتيجة التكلف، ولكن الله تعالى يعلم النية والإرادة التي يكنّها المرء بالصدق والإخلاص. ويعلم الله أن في قلبه ألما فيزيده ثوابا لأن ألم القلب جدير بالتقدير. إن الباحثين عن الأعذار يعتمدون على التأويلات ولكن هذا الاعتماد لا يعني عند الله شيئا. عندما صمت لستة أشهر متتالية قابلتني (في الكشف) جماعة من الأنبياء وقالوا: لماذا تشق على نفسك إلى هذا الحد فاخرُج من هذه المشقة. فعندما يتحمل الإنسان المشقةَ في سبيل الله يرحمه الله تعالى كالوالدين ويقول له بنفسه: لمَ تشق على نفسك؟
(الملفوظات/ المجلد الثالث)