والدة رسول الله صلى الله عليه وسلم السيدة آمنة بنت وهب



 قبل عدة أشهر من هجوم أبرهة الأشرم على الكعبة، خطب عبد المطلب لابنه الأصغر، عبد الله، الذي كان في الرابعة والعشرين من العمر، آمنة بنت وهب من بني زهرة وكانت سيدة قومها، وبعد الزواج بفترة قصيرة توفي عبد الله تاركاً وراءه زوجته الحامل، حيث كان في رحلة تجارية إلى الشام وفي طريق عودته، مرض في المدينة، فتركته القافلة هناك مع جده والد أمه، وعندما علم عبد المطلب بمرض عبد الله أرسل ابنه الأكبر، الحارث، لرعاية شقيقه، ولكنه حين وصل إلى المدينة، كان عبد الله قد فارق الحياة بعد حوالي شهر بعد رحيل القافلة، وهكذا أصبحت آمنة أرملة بعد بضعة أشهر من زواجها فقط وقبل ولادة طفلها.
ثم جاء موعد الولادة فولدت طفلها في 20 نيسان/ أبريل 570. وعندما علم عبد المطلب بالحدث الميمون، زار آمنة، وأخذ الرضيع بين ذراعيه، وذهب به إلى الكعبة ووقف أمام بيت الله الحرام، وشكر الله تعالى. وسمي الوليد "محمد"، حسب رؤيا رأتها والدته آمنة، ومعناه الشخص المحمود بكثرة.. ولم يكن اسمًا مألوفًا آنذاك.
في الرؤيا التي رأتها السيدة آمنة سمعت فيها من يقول لها "إنّك قد حملت بسيّد هذه الأمّة، فإذا وقعَ على الأرض فقولي "أعيذه بالواحد من شرِّ كل حاسد"، ثم سمّيه "محمدًا" وهذا ما حصل.. وكذلك لما ولدته رأت وكأنّه خرج منها نور أضاءت له قصور الشام..
وعن حمله كانت تقول: أنّها لم تجد في حملها به ما تجده الحوامل من ثقل ولا وحم.
أمضى الطفل محمدﷺ سنوات حياته الأولى مع مرضعته حليمة السعدية في الصحراء وعاد إلى والدته في مكة في السنة السادسة من عمره، ثم قامت السيدة آمنة بعد ذلك بزيارة المدينة وأخذته معها لزيارة أخوال أبيه، ولزيارة قبر أبيه لأول مرة ورافقتهما جاريتها، أم أيمن، كي تقوم برعاية الطفل. سافروا على ظهر ناقتين ووصلوا المدينة، ونزلوا في الدار حيث توفي والد رسول الله صلى الله عليه وسلم.. بعد البقاء في المدينة قرابة الشهر، قررت آمنة العودة إلى مكة، وعندما وصلوا الى مكان يسمى الأبواء، على منتصف الطريق إلى مكة، مرضت آمنة وتوفيت ودفنت هناك.
وعن ذلك ذكرت أم أيمن أن السيدة آمنة قد وقعت على الأرض فحاولت رفعها وقالت أيضًا: "ما أن رفعتها إلا وهي ترفع كفيها تريد أن تضم محمدًا فماتت" فأخذت أم أيمن تمسح رأس اليتيم محمد ثم قالت له عاوني نحفر قبر أمك.. فساعدها في الحفر وهو يبكي.. قالت أم أيمن: "ثم دفناها وأمسكت به بيده وهو يقول أمي أمي" وعاد اليتيم إلى مكة مع أم أيمن وأخذته إلى بيت جده الذي سأله حينما رآه أين أمك؟ قال ماتت فضمه إليه وقال أنت بني.
بعد سنوات طويلة، زار النبي ﷺ قبر والدته أثناء رحلته من المدينة إلى الحديبية، وقد ارتفع صوته بالبكاء، فبكى أصحابه معه أيضاً، وعندما سألوه عن سسبب بكائه، قال: "ذلك قبر أمي؛ وقد استأذنت ربي في زيارته فأذن لي، فأخذني ما يأخذ الولد للوالدة من الرقة فذلك الذي أبكاني"