مقتبسات من الخطاب الذي ألقاه أمير المؤمنين حضرة ميرزا مسرور أحمد أيده الله تعالى بنصره العزيز في اجتماع الواقفات لعام 2017



 

يجب أن تسألن أنفسكن ما إذا كنتن جاهزات فعلًا للخدمة أينما وكلما دعتكن الجماعة لذلك؟

كونكن قد ترعرعتن هنا، فقد حظيتنّ جميعًا -ما شاء الله- بالعديد من الفرص التعليمية، لذا يمكن أن يقال إنكن جميعًا متعلمات جيدًا حتى أولئك الأقل تعليمًا نسبيًا من بينكنّ لازلن أفضل من غالبية البنات اللواتي نشأنَ قبل 50-60 سنة. وإذا أعدنا الساعة للوراء أكثر حتى أواخر القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين نجد أن فتيات ونساء تلك الحقبة بالكاد وجدن أي فرصة للتعلم، وبالمثل من حيث المعرفة الدنيوية والدينية على السواء، حظيت قلة من الفتيات المسلمات بفرصة تحصيل العلوم الدنيوية أو فرصة أن يتعلمن عن دينهنّ فيزدنَ معارفهنّ الدينية.

مضار تخلف المرأة عن تحصيل التعليم:

هذا أمرٌ صاعقٌ جدًا ومؤسفٌ للغاية حيث أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قد أعطى أهمية وقيمة كبيرة لتعليم وتربية الفتيات والنساء ولكن مع مرور الوقت ازداد تجاهل أوامر النبي (صلى الله عليه وسلم) بين المسلمين، فأصبحت النساء المسلمات أقل تعلمًا بكثير من الرجال، وكان السبب الرئيس لهذا الاتجاه المؤسف هو أن العديد مِن مَن يسمى بعلماء الدين لا يريدون نشر المعرفة الدينية أو مشاركتها، سواء بين الرجال أو بين النساء بصفة خاصة.

‏وفي مخالفة للتعاليم الإسلامية، رغبوا بحبس النساء ضمن جدران بيوتهن الأربعة ولم يسمحوا لهن حتى بنيل التعليم الأساسي. مثل هذا الموقف كان مضرًا جدا لتقدم الإسلام على المدى البعيد لأنه لم يكن ‏من الممكن للمرأة المسلمة أن تربي أبناءها دينيًا حيث لم تكن تتمتع هي نفسها بمعرفة دينها.

 

المسيح الموعود (عليه الصلاة والسلام) شجع المسلمات على تحصيل التعليم ودرسهن بنفسه أيضا:

ولكن هذا الموقف الأناني جدًا ساد عبر العصور واستمر ‏حتى بعث الله المسيح الموعود (عليه الصلاة والسلام) من أجل إحياء وتجديد تعاليم الإسلام الحقيقية، وعند بعثته أكد المسيح الموعود (عليه الصلاة والسلام) على تربية الرجال وشجعهم على نيل التعلم، وبالمثل شجع المسلمات الأحمديات على تحصيل التعلم الدنيوي والمعرفة الدينية.

‏في الواقع كان هنالك وقتٌ كان فيه المسيح الموعود عليه الصلاة والسلام يدرّس بنفسه النساء في حلقات تعليم دينية، ‏ومن خلال توجيهاته المباركة وتوجيهات الخلافة الأحمدية من بعده فهمت المرأة الأحمدية أهمية وقيمة التحصيل العلمي ونيل المعرفة الدينية.

 

الجماعة الإسلامية الأحمدية أنشأت المدارس والكليات لتعليم البنات:

بلا شك طوال فترة وجودها، استمرت جماعتنا بتعزيز ودعم تعليم النساء وأُطلقت العديد من البرامج والمخططات لتسهيل ذلك. ‏والمثال الساطع على ذلك المدارس والكليات التي أسسها المصلح الموعود (رضي الله تعالى عنه) في قاديان أولًا ثم في ربوة.

من خلال هذه المراكز التعليمية، تم تزويد الفتيات اللواتي لم يستطعن السفر للدراسة في مدن أكبر بالتعليم المناسب وتمكنّ من تحصيل معيار عالي من العلوم الدنيوية والتعاليم الدينية.

وكانت الفائدة العظيمة لهذه المدارس والكليات أن فتياتنا استطعن نيل التعلم ضمن بيئة آمنة

‏وأخلاقية بدلًا من السفر إلى مدن أو بلدات لا يوجد فيها مثل هذا الجو.

 

عليكن السعي للتفوق الدراسي مع المحافظة على القيم الإسلامية:

وحيث أن فتياتنا تعلمن ضمن بيئة آمنة وأخلاقية فإننا أيضًا نواجه اليوم تحديًا كبيرا لا سيما هنا في دول الغرب حيث يُعتقد عادة إنهن يتقدمن فقط بسبب ما وفروه لهنّ من ما يسمى بالحرية.

‏على كل حال، في هذا المعتقد هم مخطئون. وهنالك الكثير من المخاطر والمآزق الموجودة في هذه المجتمعات. لذلك على فتياتنا جميعهنّ ولاسيما الواقفات نو أن يتقدمنَ بخطى حذرة جدًا. ‏فحيث عليكن السعي للتفوق الدراسي، يجب أيضا أن تحرصن على عدم خيانة قيمكن الإسلامية وأن لا تتركن المسؤوليات التي ألقاها الدين على عاتقكن.

‏‏

يجب أن يكون الأساس في قرار الزواج دائمًا التقوى:

‏هنالك مسألة قد برزت وهي أنه عند قرار الزواج فإن بعضًا من فتياتنا يرغبن فقط بالإرتباط بشبابٍ من نفس مستواهن الثقافيّ.

بالطبع على أولادنا وفتياننا التركيز على دراستهم والعمل بجدية، ولكن إذا تقدم لخطبةِ فتاةٍ شابٌ أحمدي جيد وتقيّ فعليها أن لا ترفض لمجرد أنه غير متعلم كما ترغب.

‏ يجب أن يكون الأساس في قرار الزواج دائمًا التقوى، والسعي لضمان أن تتمكنّ من العيش بقية حياتكن في منزل تُمارَس فيه القيم الحقيقية للأحمدية دائمًا.

متى يكون العلم مفيدًا؟

بالنسبة لأهمية التعليم نفسه، تذكرنّ دائما أن العلم يمكن أن يكون مفيدًا عندما يُستخدم فقط في سبيل التمسك بالدين والإيمان، والطريقة الأساسية لاستخدام تعليمكن في سبيل الدين هي بأداء الحقوق الواجبة لله تعالى والحقوق الواجبة تجاه الآخرين، وتأتي في مقدمة الحقوق المستحقة لبعضنا بعضًا، ‏مهمة الأم في تعليم وتربية أبنائها من الأولاد والبنات تربيةً صالحة، بحيث يكبرون ليتفوقوا وليثبتوا أنهم كنزٌ ثمينٌ لبلدانهم.

‏على كل حال، لا يقول الإسلام ألبتة إن المرأة يجب أن تكون في البيت كما يُزعم في بعض الأحيان، ‏وهنالك بعض الفتيات والنساء اللواتي يتفوقن في الدراسة ويحققن نتائج غير عادية، والإسلام لا يأمرهن بتضييع مهاراتهن وكفاءاتهن بالبقاء في المنزل فقط، ولا يمنعهن من تحقيق إمكاناتهن بل يمكنهن متابعة تلك المهن التي يمكنهن من خلالها نفع الإنسانية وخدمة البشرية.

على النساء اللواتي يتمتعن بالقدرة على أن يصبحن طبيبات ومعلمات أو تحصيل مهن أخرى تفيد الإنسانية، أن يقمن بذلك. على كل حال عليهن بنفس الوقت أن لا يتجاهلن واجباتهن نحو أولادهن وعائلاتهن. على مثل هؤلاء النساء تنظيم أوقاتهن على نحو فعال والتأكد من عدم إهمال أبنائهن بأي شكل من الأشكال.

أولوية الأم الأحمدية هي تربية أولادها:

بالتأكيد يجب أن تكون أولوية الأم الأحمدية هي تربية أولادها وبالتالي على عضوات مخطط الوقف اللواتي حصلن على درجات أو مؤهلات عالية، ويرغبن في الاستفادة من مهاراتهن مهنيا أن يحرصن أيضا على أداء مسؤولياتهن في المنزل. وبالمثل على الفتيات المتعلمات ولكنهن لا يذهبن إلى العمل، أن لا يشعرن بأي شكل من الأشكال بعقدة النقص أو الخجل أو أنهن يضيعن مواهبهن. الحقيقة هي أن الاهتمام بالبيت وتربية الأولاد أمرٌ ذو أهمية بالغة وقيمة لا تقدر بثمن.

بشكل عام قد وضعت التعاليم الإسلامية تقسيم العمل بين الجنسين وإنه لخدمة كبيرة من ديننا أنه جعل أدوارَ ومسؤوليات كلٍ منا واضحة جدا. ومع ذلك، فقد اهتم الإسلام بجميع الظروف الممكنة وهكذا وبصرف النظر عن المهنية، قد يكون هناك ظروف خاصة حيث تحتاج المرأة أن تعمل. على سبيل المثال، عملت النساء زمن النبي (صلى الله عليه وسلم) كممرضات لعلاج الجرحى الذين أصيبوا خلال المعارك والحروب. وفي الواقع، فإن بعض النساء المسلمات قد قاتلن في الصفوف الأمامية وأظهرن شجاعة وبسالة رائعة.

عهد الوقف ناو:

أنتن من نذركنّ آباءكن لخدمة الإسلام وقد وصل عدد كبير منكنّ الآن لسن البلوغ أو على وشك ذلك، فجددتنّ ذلك العهد بأنفسكن.

السؤال الذي يطرح نفسه هو لماذا جددتنّ عهد الوقف؟ لماذا نذرتن حياتكن للجماعة؟ عليكن التفكير في ذلك لأنكن ستتمكنّ من تحقيق هذا العهد إذا فهمتن ما ينطوي عليه وماذا يتطلب. كونكن واقفات نو فقد وعدتن بإيثار دينكن على جميع الأمور الدنيوية والمادية. وبالتالي فإضافةً إلى التعليم الدنيوي في مدارسكن وكلياتكن، من الأهمية بمكان أن تسعين أيضا إلى اكتساب المعرفة الدينية. لأنه، مالم تعرفن ما يعلّمه دينكن وما يتوقعه منكن، لا يمكنكن أن تعشن حياتكن وفقا لتعاليمه.

أولا وقبل أي شيء يجب أن تقرأن القرآن الكريم وترجمته وتدرسن تفسيره قدر المستطاع.

عندما تبدأن بمعرفة القرآن الكريم ستتمكنّ من فهم أوامر الله سبحانه وتعالى. وستكون معرفة القرآن وسيلة لتقدمكن الروحي وستمُكنكن من تربية أبنائكن.

يجلس أمامي عدد من الواقفات اللواتي أصبحن أمهات الآن ولكنهن بنفس الوقت يعملن في مختلف المهن. وحيث أنكن أمهات وتعملن بنفس الوقت في مختلف المهن، سأذكّركن مرة أخرى أن عليكن تنظيم أوقاتكن بحيث لا تتأثر تربية أولادكن ومصالحهم أبدًا.

ثمة أيضا شابات وفتيات من الموجودات هنا مخطوبات وعلى وشك الزواج وهكذا ستبدأ حياتهن الزوجية قريبًا، فيجب أن يدخلن المرحلة التالية من حياتهن آخذاتٍ بالاعتبار أن أولويتهن الأولى هي تربية أبنائهن. إذا أديتن هذا الواجب الأساسي فلن تستفدن وأسركن فحسب، بل سوف تكون جهودكن أيضا مصدرا للفخر والمنفعة لبلادكن لأنكن ستكنّ قد غرستن القيم الإيجابية في الجيل القادم.

وسوف تتطمأنّن أن أبناءكن يكبرون ليكونوا قدوة وليعلّموا أولئك الذين سيلحقون بهم واجباتهم. وبهذه الطريقة، ستكونون الأساس لدورة الإنسانية الدائمة والأخلاق والسلام بين الأجيال القادمة.

مفتاح ازدهار أي أمة يقع في أيدي أمهاتها:

بتربية أولادكن بحسب تعاليم الإسلام لن تحموهن فقط وإنما ستحمون الأجيال القادمة أيضًا.

تذكرن أن مفتاح ازدهار أي أمة وتقدمها يقع في أيدي أمهاتها. وبالنسبة لمكانة المرأة في الإسلام نحتاج لأن ننظر إلى تعاليم النبي (صلى الله عليه وسلم) في الفترة التي كان يُهاجَم فيها الإسلام والتي خيضت فيها الحروب الدفاعية من قبل المسلمين، ففي ذلك الوقت من الجهاد استشهد العديد من الرجال بالحرب، وكما نعلم جميعنا فإن أجر وثواب الشهادة كبيرٌ جدًا.

ونتيجة لذلك، سألت النساء المسلمات النبي (صلى الله عليه وسلم) أنه وحيث لم يُسمح لهن بالقتال وحُرمن من فضل الجهاد -جهاد السيف- والشهادة فهل سينلن نفس الجزاء بمجرد اعتنائهن بالمنزل؟

فأجاب النبي (صلى الله عليه وسلم) إنهن إذا قمن بواجباتهن في البيت وربين أولادهن ليكونوا مسلمين صالحين فسينلن نفس أجر الرجال الذين ذهبوا للجهاد.

في هذا العصر من الإسلام، لم تعد شروط الجهاد القتالي موجودة لأنه لا توجد أمة أو جماعة تهاجم الإسلام بالجيوش، والتكتيكات المستخدمة من قبل خصومه اليوم مختلفة تماما، فبدلًا من الحروب الفعلية، يهاجمون الإسلام من خلال المنشورات المناهضة للإسلام عبر وسائل الإعلام والإنترنت والمهام التبشيرية الخاصة بهم.

وبموجب ذلك، فنحن في زمنٍ التعليم فيه هو المفتاح لتحدي هذه الدعاية عن طريق شن الجهاد الفكري باستخدام نفس الوسائل التي تهاجم الإسلام.

ليس فقط الرجال والأولاد من يمكنهم الانخراط بجهاد القلم هذا ولكن بإمكان نسائنا وبناتنا أن يقمن بذلك، وعليهن القيام بذلك، ومن بين نسائنا على الواقفات نو أن يكنّ في الطليعة

في هذا. وبالتالي متى نلتن التعليم الجيد يجب أن لا تضيعن أي فرصة للدفاع عن الإسلام من الاتهامات الكاذبة التي تُثار ضده، وهذا سبب آخر لماذا عليكن تحصيل المعرفة الدينية.. حتى تجبن على الاعتراضات المختلفة وتزلن أي سوء فهم موجود. يجب أن تردنّ بشجاعة من دون أي خوف أو خجل أو عقدة نقص على الاعتراضات الزائفة التي تثار لأن الحقيقة تقف إلى جانبكن.

الاعتراضات ضد الإسلام حول حقوق المرأة:

تُثار في هذا الزمن الكثير من الاعتراضات ضد الإسلام حول حقوق المرأة فيجب أن تركزن على الإجابة عليها خصوصًا. فمثلًا كثيرًا ما يقال إن الإسلام يضطهد المرأة ويرغمها على البقاء حبيسة البيت طوال الوقت. وأن الحجاب كذلك وسيلة لإخضاع المرأة، وهناك ادعاء شائع آخر وهو أن النساء محرومات من حقوقهن الأساسية في الإسلام، على الرغم من أن الإسلام هو الدين الذي ضمن منذ البداية حقوق جميع النساء. إنه الدين الذي حرر المرأة وأرسى مكانتها وشرفها الحقيقيين.

في القرن الماضي فقط أُجبرت هذه الشعوب والدول التي تعترض على الإسلام على إعطاء بعض الحقوق الأساسية للمرأة، ورغم ذلك لا يزالون يدّعون التفوق.

وعلاوة على ذلك، قد شجعوا، باسم الحرية، على خلق البيئة التي تعامل النساء كأشياء وتُقوض كرامتهن ومكانتهن الحقيقية باستمرار.

واجب المسلمة في الدفاع عن التعاليم النبيلة للإسلام:

كما قلت فإن واجبكن الدفاع عن التعاليم النبيلة للإسلام من خلال وسائل الإعلام وما شابهها. وبالتالي، يجب أن يتم تأسيس فريق من عضوات مخطط الواقفات نو المركزي لهذا الغرض، ويجب أن يكون هنالك كذلك فرقٌ محلية في مختلف المناطق والمدن. أنتن، فتياتنا الواقفات ناو، اللواتي يجب أن تأخذن على عاتقكن مهمة تثقيف العالم حول المعنى الحقيقي للكرامة وأن تشرحن كيف أن حقوق المرأة مصانة بالإسلام. لذلك عليكن، كما قلت آنفًا، قراءة ودراسة القرآن الكريم وقراءة كتب الجماعة الأخرى قدر المستطاع.

إن المعرفة التي ستنلنها من هذه الدراسة، ستوفر لكن القوة الفكرية والقدرة على التغلب على حجج أولئك الذين يعارضون ديننا.

"ما لم تصبح نساؤنا الأحمديات متعلمات بنسبة ١٠٠٪‏، سيكون من المحال تأهيل شباب جماعتنا":

ومن حيث طلب العلم، قال المصلح الموعود (رضي الله عنه) ذات مرة: "ما لم تصبح نساؤنا الأحمديات متعلمات بنسبة ١٠٠٪‏، سيكون من المحال تأهيل شباب جماعتنا"، هذا التعليق موغلٌ في الحقيقة والحكمة، فإذا كانت نسبة 10 أو 20 أو حتى 50 أو 60 % من نسائنا متعلمات ومثقفات جيدًا ويربين أبناءهن بشكل جيد فلن يكون هذا كافيًا بعد، لأن أبناءهن سيقابلن الأطفال الأحمديين الآخرين الذين أمهاتهم غير متعلمات جيدًا أو ليس لديهن معرفة كافية وسيكون لمثل هؤلاء الأطفال تأثيرٌ سيء عليهم.

لذلك، من أجل إنشاء جماعة صالحة وروحانية نحتاج من كل أحمدي أم وأب أن يقوم بدوره، فإذا تواجد أحمدي أو عائلة ضعيفة فيمكن بسهولة أن يكون لهذا تأثير الضربة القاضية على الجيل القادم، وبالعكس إذا كانت جميع العائلات الأحمدية قدوة تُحتذى لأبنائها فسوف نضمن أنه بإمكاننا أن نخلق أجواء روحية وإسلامية حتى بينما نعيش هنا في الغرب.

أهمية التعليم الديني:

من خلال مدارسكن وكلياتكن لديكن جميعًا مدخل سهل للتعليم الدنيوي ولكن كما قلت مرارًا يجب أن تحصّلن المعرفة الدينية إلى جانب ذلك. وإلا إذا تخليتن عن التعاليم والتقاليد الدينية، فإن العلم الدنيوي الذي تحققنه لن يكون له أي قيمة حقيقية أو فائدة لكن.

أحثكنّ مرة أخرى ‏على قراءة كتب المسيح الموعود (عليه الصلاة والسلام) وغيرها من كتب الجماعة المتوفرة باللغة الإنجليزية قدر المستطاع وكذلك عليكن الاستماع الى خطبي والعمل بما أقول. يجب أن تنظرن إلى خطب خليفة الوقت باعتبارها طريقة جاهزة لكن لتعشن حياتكن بموجبها.

الرد على الاعتراضات ضد الإسلام:

كما قلت واجبكن الإجابة على الإعتراضات ضد الإسلام في الغرب وخاصة ما يتعلق بحقوق المرأة. عليكن الرد ليس فقط بالكلام ولكن من خلال سلوككن أيضًا. على سبيل المثال يجب أن تحافظن على مستوى جيد من الحجاب في جميع الأوقات، قبل عدة أشهر ألقيت خطبة في كندا أدرجت فيها حوالي 34 أو35 سمة خاصة لأعضاء وعضوات الوقف ناو والتي عليهم السعي لتحقيقها. وأبرزت تلك الصفات التي يجب أن تكون السمة المميزة للواقفين نو. وهكذا، يجب عليكن وضعها في الاعتبار في جميع الأوقات وتقييم إلى أي مدى تطبقنها. عليكن أيضا الانتظام بالصلاة وأن تدعون دائما أن يبارك الله في جهودكن وأن يمكّنكن من الإستفادة بحكمة من تعليمكن ومعرفتكن.

في إحدى المناسبات روى المصلح الموعود (رضي الله عنه) حادثة عن فتاة أحمدية أكملت درجة البكالوريوس ونُصحت كونها نالت هذا المؤهل العالي بأن تحاول نشر تعاليم الأحمدية بين المثقفين الآخرين من خلال التبليغ. لكنها، ردًا على ذلك، قالت إنها لم تنل مثل هذه المؤهلات والتعليم من أجل إحداث الإنقسام! وشعرت أن القيام بالتبليغ هو وسيلة لإثارة الصراع. وبعد أن روى هذا، قال المصلح الموعود إن إجابتها لم تكن إجابة شخص متعلم ومثقف بل إجابة شخصٍ جاهلٍ وأميّ. وبالتالي، يجب أن لا تقع أي واحدة منكن في هذا الفخ. ‏يجب أن تفهمن وتدركن الفرص التي حباكنّ الله بها وأن تسعين لتوظيف المعارف التي اكتسبتُنّها في ‏الدفاع عن الإسلام ونشره.

حقيقة الحديث القائل بأن أغلب أهل النار من النساء:

‏في هذا الوقت أرغب أيضًا بأن أوضح اعتراضًا آخر غالبًا ما يثار ضد الإسلام من قبل معارضيه، والذي يؤمن به للأسف بعض المسلمين والمسلمات. الاعتراض يشير إلى الحديث الذي قال فيه النبي الكريم (صلى الله عليه وسلم) إنه قد رأى في الرؤيا جهنم وكان فيها الكثير من النساء اللواتي ليس لديهن علم عن دينهن، ولم يتمتعن بأي معرفة أو ثقافة واللواتي كن جاحدات. و‏بسبب هذا الحديث اعترض بعض نقاد الإسلام وادّعوا أن الإسلام قد قلل وانتقص من ‏مكانة المرأة رغم أنه لا يوجد ما هو أبعد عن الحقيقة من ذلك. وقد قدم حضرة المصلح الموعود (رضي الله عنه) تفسيرًا مفصلًا لهذا الحديث حيث قال إن النبي (صلى الله عليه وسلم) كان يشير لنواقص معينة كانت موجودة في بعض النساء في ذلك الوقت. حيث كنّ أميات، وجاهلات بدينهن وناكرات للفضائل التي أُنعمن بها. وبالتالي قد ‏كان كلام النبي (صلى الله عليه وسلم) بمثابة تحذير لأولئك النسوة ليصلحن أنفسهن. وخلال نفس الحقبة حتى، نرى أيضا النساء المسلمات قد وصلن لقمة الأخلاق والفضيلة والمعرفة.

‏على سبيل المثال، بعض النساء لا سيما حضرة عائشة (رضي الله عنها) قد علمت الإسلام للرجال. وبالمثل بعضهن حارب إلى جانب الرجال وقدمن تضحيات كبيرة. وعلاوة على ذلك وكما قلت آنفًا، قال النبي (صلى الله عليه وسلم) إن للنساء اللواتي يربين أولادهن ويعتنين بالمنزل نفس أجر الرجال المنخرطين في الجهاد.

وهكذا، كيف يمكن أن تستحق المرأة المتدينة والورعة الجحيم؟ هذا محال. وأي أحد يدعي ذلك فإنه يحرف تمامًا تعاليم النبي الأكرم (صلى الله عليه وسلم). فكما قلت كان هذا الحديث تحذيرًا وتنبيهًا للنساء في ذلك الوقت وكان مصدر إلهام أيضا حيث سعى النبي (صلى الله عليه وسلم) لرفع المعايير الروحانية للمسلمات وأراهن وسائل فتح أبواب الجنة.

ولم ‏يقل النبي (صلى الله عليه وسلم) إن هذه النواقص أو الخطايا جزءٌ من طبيعة المرأة، بل قال إنها عادات سيئة تطورت لدى بعضهن، وحيث أن الطبيعة شيء متأصل ودائم فإن العادات السيئة يمكن تغييرها وتحسينها.

وكما أن الرسول الكريم (صلى الله عليه وسلم) قد وجه مرارا وتكرارا انتباه الرجال المسلمين إلى نقاط ضعفهم وعلمهم كيفية إصلاح أنفسهم، فقد وجه النساء بالمثل كذلك.

إنه لمدعاة حزنٍ كبير أن هذا الحديث قد أسيء تفسيره واستخدامه دائمًا من قبل بعض من يسمى بعلماء المسلمين الذين زعموا بكراهية أن هذه الكلمات تثبت أن النساء آثمات وتنقصهن الحكمة والمعرفة ولا يستطعن الحكم، واللواتي- والعياذ بالله- سيدخلن جهنم لا محالة. لا شيء أبعد عن الحقيقة من هذا.

‏كما قلت آنفًا فإن العديد من مَن يسمى بالعلماء لم يرغبوا للمرأة أن تتقدم، لذلك فسروا هذا الحديث عمدًا بطريقة خاطئة تمامًا من أجل خدمة أجنداتهم الأنانية الخاصة.

لقد قال النبي الكريم (صلى الله عليه وسلم) هذه الكلمات كوسيلة للإصلاح فقط بحيث يمكن للمرأة أن تحقق إمكاناتها وترفع مكانتها. نحن ‏المسلمين الأحمديين سعداء حقًا أن المسيح الموعود (عليه السلام) قد نوّرنا عن جهل العلماء وأنقذنا من افتراءاتهم وتفسيراتهم الحمقاء.

وهكذا، سيكون من الخطأ الفادح لأية امرأة أن تظن بعد أن استمعت إلى التفسيرات الخاطئة لما يسمى بالعلماء أنها تفتقر إلى القدرة على نيل المعرفة، أو أنها جاحدة بطبيعتها، أو أنه لا يوجد أي مغزى من تعلمها الدين لأنها ذاهبة لجهنم لا محالة!

فعندما ييأس المرء ويعتقد أنه ليس لديه أي فرصة للإصلاح أو التحسن يزداد الضعف الذي فيه. وللأسف فإن بعض المسلمات قد تأثرن ببعض المشايخ غير الأحمديين وبتنَ يعتقدن بأنهن أدنى إلى حدٍ ما من الرجل. هذا غير صحيح وخاطئ تماما. لا ينبغي لأي امرأة أن تقبل أبدًا هذه الفكرة الخاطئة بأنها بطريقة أو بأخرى ستذهب إلى جهنم، أو أنها أقل شأنا من الرجال أو غير قادرة على اكتساب المعرفة أو الحكمة.

فليكن واضحا وضوح الشمس أن مكانة المرأة ليست بأي شكل من الأشكال أقل من مكانة الرجل. فالرسول الكريم (صلى الله عليه وسلم) هو الذي أرسى حقوق جميع النساء، في كل مكان، وكل زمان. كيف يمكن أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم من جهة يدعي أن الجنة تحت أقدام الأمهات وأنه يمكن تعلم نصف الدين من عائشة ويقول من جهة أخرى إن المرأة والعياذ بالله داخلة جهنم لا محالة؟

كما قلت هذا محال ومثل هذه الادعاءات هي نتيجة لتفاسير جاهلة ومغلوطة فسرها بعض المشايخ من أجل إرضاء مصالحهم الخاصة فقط.

 

‏هذا الحديث كان في الواقع معروفٌ كبير على جميع النساء من النبي صلى الله عليه وسلم حيث حذرهن وأراهن طريق الخلاص وأنار الشعلة الروحانية التي تهديهن إلى سبيل الله. وهكذا ليس لمسلمة أن يكون عندها عقدة نقص مهما كانت حول مكانتها، ولا يجب أن تقبل أبدًا أي تفسير خاطىء لهذا الحديث.

التفسير الصحيح هو أن على المرأة، كما على الرجل، أن تحاول فقط إزالة نقاط ضعفها وأن تحاول متابعة تحصيلها العلمي الدنيوي والديني وأن تستخدم معارفها في الدفاع عن الإسلام ومن أجل تربية الأجيال المستقبلية.

 

على الفتيات الصغيرات الحاضرات فهم أهمية التعليم الدنيوي وعليهن السعي للتفوق في مدارسهن وكلياتهن بينما يسعين أيضًا لتحصيل المعرفة الدينية. حتى في سن مبكرة، يجب أن نضع في اعتبارنا أن التعليم هو الوسيلة التي من خلالها سوف تخدمن بها الإسلام إن شاء الله.

‏لا تشعرن بأي عقدة نقص حيال دينكن سواء فيما يتعلق بالتعاليم الإسلامية أو بما يتعلق بمراعاة الدين. ‏على سبيل المثال يجب دائما أن تلبسن اللباس المحتشم وأن تشرحن بثقة للآخرين أنكن لم تُرغمن على ارتداء هذا اللباس بل أنتن من اختار ارتداء الملابس المحتشمة بعد أن فهمتن الحكمة العميقة التي يقوم عليها الدين. 

‏وبالمثل على الواقفات منذ نعومة أظفارهن الانتظام بالصلاة. تذكرن أن الصلاة إجبارية من عمر 10 سنوات فحاولن الصلاة بالتركيز السليم وبهدف زيادة الاتصال بالله.