ملخص خطبة الجمعة التي ألقاها سيدنا أمير المؤمنين (أيده الله تعالى بنصره العزيز) من المسجد المبارك في تيلفورد، في الأول من شهر يناير/كانون الثاني الجاري



 بسم الله الرحمن الرحيم

فيما يلي ملخص خطبة الجمعة التي ألقاها سيدنا أمير المؤمنين (أيده الله تعالى بنصره العزيز) من المسجد المبارك في تيلفورد، في الأول من شهر يناير/كانون الثاني الجاري، حيث تابع الحديث عن سيدنا علي رضي الله عنه وتحدث بدايةً عن استشهاده وقال إن النبي ﷺ قد أنبأه بذلك حيث قال:

"يَا عَلِيُّ مَنْ أَشْقَى الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ؟ قَالَ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: أَشْقَى الأَوَّلِينَ عَاقِرُ النَّاقَةِ. وَأَشَقَى الآخَرِينَ الَّذِي يَطْعَنُكَ يَا عَلِيُّ. وَأَشَارَ إِلَى حَيْثُ يُطْعَنُ. وتقول أم جعفر جاريةُ عَلِيٍّ قَالَتْ: إِنِّي لأَصُبُّ عَلَى يَدَيْهِ الْمَاءَ إِذْ رَفَعَ رَأْسَهُ فَأَخَذَ بِلِحْيَتِهِ فَرَفَعَهَا إِلَى أَنْفِهِ فَقَالَ: وَاهًا لَكِ لَتُخَضَّبَنَّ بِدَمٍ! قَالَتْ فَأُصِيبَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ".

انْتُدِبَ ثَلاثَةُ نَفَرٍ مِنَ الْخَوَارِجِ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنِ مُلْجَمٍ الْمُرَادِيُّ. وَالْبُرَكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ التَّمِيمِيُّ. وَعَمْرُو بْنُ بُكَيْرٍ التَّمِيمِيُّ. فَاجْتَمَعُوا بِمَكَّةَ وَتَعَاهَدُوا لَيُقْتَلَنَّ هَؤُلاءِ الثَّلاثَةَ: عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ وَمُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ وَعَمْرَو بْنَ الْعَاصِ وَيُرِيحَنَّ الْعِبَادَ مِنْهُمْ. فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُلْجَمٍ: أَنَا لَكُمُ بِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ. وَقَالَ الْبُرَكُ: وَأَنَا لَكُمْ بِمُعَاوِيَةَ. وَقَالَ عَمْرُو بْنُ بُكَيْرٍ: أَنَا أَكْفِيكُمْ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ. فَتَعَاهَدُوا عَلَى ذَلِكَ وَتَعَاقَدُوا وَتَوَاثَقُوا لا يَنْكُصُ رَجُلٌ مِنْهُمْ عَنْ صَاحِبِهِ الَّذِي سَمَّى وَيَتَوَجَّهُ إِلَيْهِ حَتَّى يَقْتُلَهُ أَوْ يَمُوتَ دُونَهُ. فَاتَّعَدُوا بَيْنَهُمْ لَيْلَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ. ثُمَّ تَوَجَّهَ كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ إِلَى الْمِصْرِ الَّذِي فِيهِ صَاحِبُهُ. فَقَدِمَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُلْجَمٍ الْكُوفَةَ فَلَقِيَ أَصْحَابَهُ مِنَ الْخَوَارِجِ فَكَاتَمَهُمْ مَا يُرِيدُ. وَكَانَ يَزُورُهُمْ وَيَزُورُونَهُ. فَزَارَ يَوْمًا نَفَرًا مِنْ تَيْمِ الرَّبَابِ فَرَأَى امْرَأَةً مِنْهُمْ يُقَالُ لَهَا قَطَامِ بِنْتُ شُجْنَةَ وَكَانَ عَلِيٌّ قَتَلَ أَبَاهَا وَأَخَاهَا يَوْمَ نَهْرَوَانَ فَأَعْجَبَتْهُ فَخَطَبَهَا. فَقَالَتْ: لا أَتَزَوَّجُكَ حَتَّى تُسَمِّيَ لِي. فَقَالَ: لا تَسْأَلِينَنِي شَيْئًا إِلا أَعْطَيْتُكِ. فَقَالَتْ: ثَلاثَةُ آلافٍ وَقَتْلُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ. فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا جَاءَ بِي إِلَى هَذَا الْمِصْرِ إِلا قَتْلُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَقَدْ آتَيْتُكِ مَا سَأَلْتِ. وَلَقِيَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُلْجَمٍ شَبِيبَ بْنَ بَجَرَةَ الأَشْجَعِيَّ فَأَعْلَمَهُ مَا يُرِيدُ وَدَعَاهُ إِلَى أَنْ يَكُونَ مَعَهُ فَأَجَابَهُ إِلَى ذَلِكَ. وَبَاتَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُلْجَمٍ تِلْكَ اللَّيْلَةِ الَّتِي عَزَمَ فِيهَا أَنْ يَقْتُلَ عَلِيًّا فِي صَبِيحَتِهَا يُنَاجِي الأَشْعَثَ بْنَ قَيْسٍ الْكِنْدِيَّ فِي مَسْجِدِهِ حَتَّى كَادَ أَنْ يَطْلُعَ الْفَجْرُ. فَقَالَ لَهُ الأَشْعَثُ: فَضَحَكَ الصُّبْحُ فَقُمْ. فَقَامَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُلْجَمٍ وَشَبِيبُ بْنُ بَجَرَةَ فَأَخَذَا أَسْيَافَهُمَا ثُمَّ جَاءَا حَتَّى جَلَسَا مُقَابِلَ السُّدَّةِ الَّتِي يَخْرُجُ مِنْهَا عَلِيٌّ. [قَالَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ: وَأَتَيْتُهُ سَحَرًا فَجَلَسْتُ إِلَيْهِ فَقَالَ: إِنِّي بِتُّ اللَّيْلَةَ أُوقِظُ أَهْلِي فَمَلَكَتْنِي عَيْنَايَ وَأَنَا جَالِسٌ فَسَنَحَ لِي رَسُولُ اللَّهِ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا لَقِيتُ مِنْ أُمَّتِكَ مِنَ الأَوَدِ وَاللَّدَدِ.

فَقَالَ لِي: ادْعُ اللَّهَ عَلَيْهِمْ. فَقُلْتُ: اللَّهُمَّ أَبْدِلْنِي بِهِمْ خَيْرًا لِي مِنْهُمْ وَأَبْدِلْهُمْ شَرًّا لَهُمْ مِنِّي. وَدَخَلَ ابْنُ النَّبَّاحِ الْمُؤَذِّنُ عَلَى ذَلِكَ فَقَالَ: الصَّلاةُ. فَأَخَذْتُ بِيَدِهِ فَقَامَ يَمْشِي وَابْنُ النَّبَّاحِ بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنَا خَلْفَهُ. فَلَمَّا خَرَجَ مِنَ الْبَابِ نَادَى: أَيُّهَا النَّاسُ الصَّلاةَ الصَّلاةَ. كَذَلِكَ كَانَ يَفْعَلُ فِي كُلِّ يَوْمٍ يَخْرُجُ وَمَعَهُ دِرَّتُهُ يُوقِظُ النَّاسَ.] فَاعْتَرَضَهُ الرَّجُلانِ. فَقَالَ بَعْضُ مَنْ حَضَرَ ذَلِكَ: فَرَأَيْتُ بَرِيقَ السَّيْفِ وَسَمِعْتُ قَائِلا يَقُولُ: لِلَّهِ الْحُكْمُ يَا عَلِيُّ لا لَكَ! ثُمَّ رَأَيْتُ سَيْفًا ثَانِيًا فَضَرَبَا جَمِيعًا فَأَمَّا سَيْفُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنُ مُلْجَمٍ فَأَصَابَ جَبْهَتَهُ إِلَى قرنه ووصل دِمَاغِهِ. وَأَمَّا سَيْفُ شَبِيبٍ فَوَقَعَ فِي الطَّاقِ.

وَسَمِعْتُ عَلِيًّا يَقُولُ: [لا يَفُوتَنَّكُمُ الرَّجُلُ. وَشَدَّ النَّاسُ عَلَيْهِمَا مِنْ كُلِّ جَانِبٍ. فَأَمَّا شَبِيبٌ فَأَفْلَتَ. وَأُخِذَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُلْجَمٍ فَأُدْخِلَ عَلَى عَلِيٍّ. فَقَالَ: أَطِيبُوا طَعَامَهُ وَأَلِينُوا فِرَاشَهُ فَإِنْ أَعِشْ فَأَنَا أَوْلَى بِدَمِهِ عَفْوًا وَقِصَاصًا وَإِنْ أَمُتْ فَأَلْحِقُوهُ بِي أُخَاصِمُهُ عِنْدَ رَبِّ الْعَالَمِينَ.]

ولما حضرت سيدنا على الوفاة أوصى بما يلي:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ، هَذَا مَا أوصى بِهِ عَلِيّ بن أبي طالب، أوصي أنه يشهد أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، أَرْسَلَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ. ثُمَّ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيايَ وَمَماتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ، لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ، ثُمَّ أوصيك يَا حسن وجميع ولدي وأهلي بتقوى اللَّه ربكم، وَلا تموتن إلا وَأَنْتُمْ مسلمون، وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا، فإني سمعت أبا القاسم ﷺ يقول: [إن صلاح ذات البين أفضل من عامة الصَّلاة والصيام!] [انظروا إِلَى ذوي أرحامكم فصِلوهم يهون اللَّه عَلَيْكُمُ الحساب، اللَّه اللَّه فِي الأيتام، فلا تعنوا أفواههم، وَلا يضيعن بحضرتكم. وَاللَّهِ اللَّه فِي جيرانكم، فإنهم وصية نبيكم ﷺ، مَا زال يوصي بِهِ حَتَّى ظننا أنه سيورثه وَاللَّهِ اللَّه فِي القرآن، فلا يسبقنكم إِلَى العمل بِهِ غيركم، وَاللَّهِ اللَّه فِي الصَّلاة، فإنها عمود دينكم وَاللَّهِ اللَّه فِي بيت ربكم فلا تخلوه مَا بقيتم، فإنه إن ترك لم يناظر، وَاللَّهِ اللَّه فِي الجهاد فِي سبيل اللَّه بأموالكم وأنفسكم، وَاللَّهِ اللَّه فِي الزكاة، فإنها تطفئ غضب الرب، وَاللَّهِ اللَّه فِي ذمة نبيكم، فلا يظلمن بين أظهركم، وَاللَّهِ اللَّه فِي أَصْحَاب نبيكم، فإن رَسُول اللَّهِ أوصى بهم، وَاللَّهِ اللَّه فِي الْفُقَرَاء والمساكين فأشركوهم فِي معايشكم، وَاللَّهِ اللَّه فِيمَا ملكت أيمانكم الصَّلاة الصَّلاة لا تخافن فِي اللَّه لومة لائم، يكفيكم من أرادكم وبغى عَلَيْكُمْ وقولوا لِلنَّاسِ حسنا كما أمركم اللَّه،] [وَلا تتركوا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فيولي الأمر شراركم، ثُمَّ تدعون فلا يستجاب لكم] [وَعَلَيْكُمْ بالتواصل والتباذل، وإياكم والتدابر والتقاطع والتفرق، وَتَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوى، وَلا تَعاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ، وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ حفظكم اللَّه من أهل بيت، وحفظ فيكم نبيكم أستودعكم اللَّه، وأقرأ عَلَيْكُمُ السلام ورحمة اللَّه].

كما ذكر أمير المؤمنين مناقب سيدنا علي والروايات التي تتحدث عن مكان دفنه، وأشار إلى أسماء زوجاته وأبنائه.

وفي ختام الخطبة قال نصره الله:

اليوم هو اليوم الأول من السنة والجمعة الأولى منها، فادعوا الله أن تكون سنة خير وبركة على الجماعة والبشرية جمعاء وأن يؤدي الناس حقوق الله وحقوق بعضهم بعضًا. منذ سنة ونحن نواجه هذا الوباء الخطير ولكن معظم الناس في العالم لا يريدون الانتباه إلى أنه من الله تعالى  لينبهنا لأداء حقوقه وحقوق العباد.

هذه السنة ستصبح مباركة عندما نؤدي واجباتنا، ولأجل ذلك يجب أن نحاسب أنفسنا، وعلى كل أحمدي أن يفكر بأن هناك مهمة كبيرة عهدت إليه، ولإتمام هذا الأمر يجب أن يحاول أن يأتي بالعالم تحت راية التوحيد. وهكذا نؤدي حق بيعتنا ونرث أفضال الله. كما طلب حضرته مواصلة الدعاء للأحمديين في باكستان والجزائر.