ملخص خطبة الجمعة التي ألقاها سيدنا أمير المؤمنين (أيده الله تعالى بنصره العزيز) من المسجد المبارك في تيلفورد، في 29/01/2021
بسم الله الرحمن الرحيم
فيما يلي ملخص خطبة الجمعة التي ألقاها سيدنا أمير المؤمنين (أيده الله تعالى بنصره العزيز) من المسجد المبارك في تيلفورد، في 29/01/2021، حيث تابع الحديث عن سيدنا عثمان بن عفان رضي الله عنه وقال:
في غزوة غطفان، استخلف النبي ﷺ عثمان على المدينة وخرج مع 400 صحابي بعد أن وصله خبر استعداد بني غطفان للهجوم على المدينة ولما علم العدو بقدومه، صعدوا الجبال ولم يبروزا للمسلمين فأمر النبي الصحابة بالرجوع. وفي أحد اشترك سيدنا عثمان وكان من المسلمين الذين تركوا ساحة القتال يائسين بعد أن وصلتهم إشاعة وفاة رسول الله ﷺ ولكن القرآن الكريم ذكر إيمانهم وإخلاصهم وعفو الله عنهم.
أما في صلح الحديبية فقد كان النبي ﷺ قد رأى في الرؤيا أنه دخل وصحابته مكة محلقين ومقصرين، فعزم على أداء العمرة، وخرج مع 1400 من الصحابة في ذي القعدة من السنة السادسة للهجرة وهو من الأشهر الحرم فطلب من الصحابة أن تبقى سيوفهم في أغمادها. وعندما وصلوا ذي الحليفة توقفوا وساقوا معهم الهدي سبعون من الجمال وأرسل النبي ﷺ بسر بن سفيان إلى مكة ليعود بنبأ حول موقف قريش، وتم توجيه فرقة من عشرين فرس تحت قيادة عباد بن بشر للتقدم أمام المجموعة الرئيسية لتعطيهم إشعاراً في حالة الخطر. اهتاجت قريش وعقدت العزم على عدم السماح للمسلمين بدخول مكة، وجهزت قوة تحت قيادة خالد بن الوليد وعكرمة بن أبي جهل، ولما علم النبي بذلك أمر المسلمين أن يسلكوا طريقا آخر، ولما صلوا الحديبية، توقفت ناقته ورفضت التقدم فقال النبي ﷺ "ما خلأت القصواء وما هو لها بخلق، ولكن حبسها حابس الفيل" ثم قال: "والذي نفسي بيده لا تسألني قريش خطة يعظمون فيها حرمات الله إلا أعطيتهم إياها" ثم حث ناقته على المضي فأطاعته، وتوجه بها إلى أقصى الحديبية وهناك ترجل. فأرسلت قريش إليه بديل بن ورقة، زعيم خزاعة، الذي أطلع النبي ﷺ على غضب قريش وتصميمها على عدم السماح للمسلمين بدخول المدينة، فأوضح له النبي ﷺ: "إنا لَمْ نَجِئْ لِقِتَالِ أحَدٍ، وَلَكِنَّا جِئْنَا مُعْتَمِرِينَ،.... وَإنْ هُمْ أَبَوْا فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لاُقَاتِلَنَّهُمْ عَلَى أمْرِي هَذَا حَتَّى تَنْفَرِدَ سَالِفَتِي، وَلَيُنْفِذَنَّ اللَّهُ أمْرَهُ"
تأثر بديل بكلمات النبي ﷺ، وقال إنه سيحاول التوصل إلى اتفاق مع قريش. وعندما وصل مكة وأخبر قريشًا باقتراح النبي ﷺ، قال عروة بن مسعود، وهو ذو نفوذ كبير في قبيلة ثقيف: "إِنَّ محمداً قَدْ عَرَضَ لَكُمْ خُطَّةَ رُشْدٍ، اقْبَلُوهَا وَدَعُونِي آته" فوافقوا وذهب إلى النبي ﷺ، الذي كرر له ما قاله لبديل، فأظهر عروة موافقته من حيث المبدأ، ولكنه طرح شروطًا لصالح قريش. رجع عروة إلى قريش محاولًا إقناعهم، ولكنهام كانوا مصممين أن لا يدعوا النبيﷺ يدخل المدينة، وقالوا لعروة: "قل له أن يرجع هذا العام وأن يعود السنة القادمة لأداء العمرة" فقال عروة: "لَقَدْ وَفَدْتُ عَلَى الْمُلُوكِ، وَعَلَى قَيْصَرَ وَكِسْرَى وَالنَّجَاشِيِّ وَاللَّهِ ما رَأيْتُ مَلِكًا قَطُّ، يُعَظِّمُهُ أصْحَابُهُ مَا يُعَظِّمُ أصْحَابُ مُحَمَّدٍ مُحَمَّدًا، وَإنَّهُ قَدْ عَرَضَ عَلَيْكُمْ خُطَّةَ رُشْدٍ، فَاقْبَلُوهَا" فقام رجل من كبار بني كنانة، يقال له الحليس بْنُ علقمة وعرض عليهم أن يذهب إلى النبي r ويحاول الوصول إلى تسوية معه، وعندما رآه النبي r يقترب من بعيد، قال لأصحابه: "هَذَا فُلاَنٌ، وَهْوَ مِنْ قَوْمٍ يُعَظِّمُونَ الْبُدْنَ فَابْعَثُوهَا لَهُ حَتّى يَعْرف لماذ نحنُ هُنا" فساقوا حيواناتهم يصيحون "الله أكبر" وأحضروها أمامه فصاح:"سُبْحَانَ اللَّهِ مَا يَنْبَغِي لِهَؤُلاَءِ أَنْ يُصَدُّوا عَنِ الْبَيْتِ" وعاد إلى قريش وقال لهم أنه شاهد حيوانات الفداء ولا ينبغي لقريش عرقلة سبيلهم لأداء العمرة، ولكنهم انقسموا فئتين واحدة تريد رجوع المسلمين وأخرى تريد عقد صلح مقبول، وفي هذه الأثناء، ارتأى النبي ﷺ إرسال شخص ذكي إلى قريش يبين لهم وجهة نظر المسلمين فاختار خراش بن أمية، ولما وصل إلى مكة اهتاج شباب قريش وهاجم عكرمة ناقته، ولكن تدخل الكبار وعاد خراش إلى المسلمين، وأرسلت قريش حوالي خمسين رجلاً إلى الحديبية لمهاجمة المسلمين الذين كانوا في حالة تأهب فأسروهم جميعًا، ولكن النبي ﷺ أمر بإطلاق سراحهم حتى لا تتعطل المفاوضات وعن هذا يقول الله تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا﴾.
بعد ذلك فكر النبي ﷺ في إرسال شخص من أبناء أسرة مرموقة من قريش، وكان يرغب في إرسال سيدنا عمر لكنه اعتذر لأن ليس لديه قريب صاحب نفوذ في مكة يمكن أن يحميه وقال إن عثمان من أقوى الأسر في مكة، ومن شأنه أن يكون المبعوث المناسب، فوافق النبي ﷺ وأعطى عثمانًا كتابًا إلى زعماء قريش شرح فيه هدفه بأداء العمرة فقط. فذهب عثمان لمكة وجمع كبار قريش وقرأ عليهم الكتاب لكنهم تمسكوا بقرارهم بأن لا يدخل المسلمون مكة هذا العام، ورأت قريش احتجاز عثمان ورفاقه، ولما تأخرت عودته، انتشرت شائعة بين المسلمين أن المكيون قد قتلوه، فوقف النبي تحت ظل شجرة وطلب من الصحابة أن يبايعوه على الإخلاص، وضرب ﷺ يده اليمنى على اليسرى، وقال: "هذه يد عثمان، فلو كان هنا لما تخلف عن هذه البيعة" وعرفت هذه البيعة ببيعة الرضوان ولقد وردت في القرآن الكريم: ﴿لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا ﴾.
وعندما علمت قريش بهذه البيعة، ارتابها الخوف ولم تسمح فقط لعثمان ورفاقه بالعودة، بل عقدت العزم على عقد اتفاقية مع المسلمين، شرط أن يعودوا إلى المدينة ثم يأتوا العام المقبل لأداء العمرة، وبعثت سهيل بن عمرو لإبرام المعاهدة ولما رآه النبي ﷺ قال: "لَقَدْ سَهُلَ لَكُمْ مِنْ أمْرِكُمْ" وعندما وصل سهيل مع رفاقه قال: "هَاتِ، اكْتُبْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ كِتَابًاً" فاستدعى النبيﷺ عليًا لكتابة شروط المعاهدة وهي كالتالي:
"إيقاف الحرب بين المسلمين وقريش لمدة عشر سنوات، ومن أراد أن يتحالف مع المسلمين ويدخل في عقد محمد فله ذلك ومن أراد أن يتحالف مع قريش ويدخل في عقدهم فله ذلك وإذا جاء رجل من قريش إلى محمد دون إذن من وليه فعليه أن يرده إلى قريش؛ ولكن إذا ذهب أي من أتباع محمد إلى قريش فليس على قريش أن ترده، وعلى محمد أن يتراجع هذا العام دون دخول مكة وفي السنة القادمة يمكنه وأصحابه زيارة مكة لمدة ثلاثة أيام تخلي لهم قريش المدينة وتخرج منها، ولكن لا يجوز لهم دخولها بأي أسلحة، ما عدا تلك التي يحملها المسافر، والتي هي السيف في غمده".
وفي ختام الخطبة طلب أمير المؤمنين نصره الله مواصلة الدعاء للأخوة في باكستان أن ينجيهم الله من الفئة الظالمة، آمين.