الختان: انتهاكٌ لحقوق الطفل أم أمرٌ أخلاقي وقانوني؟
نقدر عاليًا مشورة الخبير البروفيسور بريان موريس حول الدقة العلمية لهذه المقالة
ختان الذكور ممارسة دينية معروفة جدًا، حيث يقدر أن 38٪ من الرجال في العالم مختونون. لكن في العقود الأخيرة يحتدم النقاش حول موضوع ختان الذكور في العديد من المنصات العلمية ووسائل الإعلام. وقد سلطت الاعتبارات القانونية والأخلاقية الضوء على العوامل المختلفة والمعقدة التي تغذي هذا النقاش، كما أن الخلافات بين الوالدين في هذه المسألة قد جعلت من هذه القضية موضع نقاشٍ في المحاكم.
يقدم أنصار ختان الذكور الرضع حججًا تستند إلى الفوائد الصحية وإلى حقوق الوالدين. بينما في المقابل، يجادل معارضو ختان الذكور من منطلق حرية الإرادة والاختيار وحرمة الجسد الإنساني. وقد قيل إن قرار الختان يجب تأجيله إلى سن الرشد، مما يسمح للشخص باتخاذ قرار مستنير بشأن جسده. وتستند هذه الحجة إلى فكرة أن ختان الطفل الذي لم يبلغ العمر الذي يمكنه فيه القبول أو الرفض قد يكون انتهاكًا لحقوقه الإنسانية. وفي الواقع، اعتبر البعض ممارسة ختان الرضع شكلاً من أشكال تشويه الذكور غير المبرر وفقًا للمعايير الأخلاقية الحديثة.
في هذا العصر حيث يستند الطب على الأدلة العلمية، يمكننا تحليل الأدلة المتعلقة بمخاطر ختان الرضع مقابل منافعه بشكل موضوعي، وسنسعى إلى تقييم تأثير ختان الرضع على الصحة الجسدية والعقلية والعاطفية للذكور الرضع والأطفال والمراهقين والراشدين والبالغين. وتحقيقا لهذه الغاية، سننظر إلى الختان من منظور طبي، مع تقييم قوة الأدلة المؤيدة والمعارضة لختان الذكور الرضع. وسنقوم بتقييم نقدي للأدلة المستندة إلى قَسَم أبقراط، الذي ينص على "سأعمل على الوقاية من الأمراض كلما استطعت، فالوقاية خير من العلاج".
تاريخ موجز لختان الذكور:
يعد ختان الذكور من أقدم العمليات الجراحية وأكثرها شيوعًا. لا يوجد إجماع بين علماء الأنثروبولوجيا فيما يتعلق بأصل الختان. وتظهر دراسة للأدلة الأثرية والفنية لعصور ما قبل التاريخ، مثل الرسوم والنقوش والمنحوتات، أدلة على الختان وبالتالي يمكن تتبع الختان إلى ما قبل الحضارة المصرية القديمة، حيث توجد أدلة على أنه كان يمارس في أوروبا خلال العصر الحجري القديم.
ولقد تم ختان أقدم المومياءات المصرية والتي تعود إلى 1300 سنة قبل الميلاد، وتشير اللوحات الجدارية في مصر إلى أن الختان كان عادةً تمارس قبل ذلك بعدة آلاف من السنين.
يقول أستاذ الجراحة الفخري بجامعة لندن، البروفسور هارولد إليس: "يمكن القول إن الختان هو أقدم عملية "اختيارية" وقد تمت ممارستها في مصر القديمة من قبل مساعدي الكهنة على الكهنة وأفراد العائلات الملكية. وتعليقًا على لوحة جدارية تصور عملية الختان، يقول البروفيسور إليس: "هناك دليل واضح على هذا منحوتٌ على قبر مسؤول ملكي رفيع المستوى تم اكتشافه في مقبرة سقارة في مدينة ممفيس، ويرجع تاريخه إلى ما بين عامي 2400 و3000 سنة قبل الميلاد. وفيه صبيين أو شابين يتم ختانهما حيث يستخدم الجراحون أداة الحجر الخام".
يعتبر ختان الذكور اليوم عملية جراحية شائعة جدًا في البلدان الناطقة باللغة الإنجليزية، وعلى الأخص في الولايات المتحدة إضافة إلى الشرق الأوسط. كما أنها عملية شائعة في معظم الصحراء الإفريقية وكذلك في الثقافات البولينيزية والميلانيزية.
يبدو أن الانتشار الكبير لهذه العملية في البلدان ذات الطقس الحار يشير إلى أن ختان الذكور ربما نشأ كخطوة عملية لتحسين النظافة. ويُعتقد أن الختان قد أصبح في وقتٍ لاحق طقسًا اعتمدته الثقافات المختلفة كأمر روتيني.
وفي حين أن الأسباب الثقافية والصحية قد تكون هي التي أدت إلى عمليات الختان الأولى، فقد تم ذكر وصفٍ مختصر لختان البالغين لأسباب طبية لأول مرة في الكتب في القرن التاسع عشر. فقد وصف الجراح المعروف في ذلك الوقت، جون أبرنيثي، استخدام "المبضع"، وهو نوع من السكين الجراحية الطويلة والضيقة، لختان الرجال الذين يعانون من حالة مُعدية. ومع اكتشاف وانتشار استخدام التخدير والمطهرات، بحلول منتصف القرن التاسع عشر، أصبحت العمليات الجراحية أكثر دقة. وقد تم تسجيل أول عملية ختان في السجلات الجراحية لمستشفى سانت بارثولوميو عام 1865، وأعلن عن الفوائد الطبية للختان لمجموعة واسعة من مشاكل الجهاز البولي التناسلي على نطاق واسع في العصر الفيكتوري. ومنذ ذلك الحين جرى تقدم هائل في التقنية الجراحية للختان مع العديد من التطورات التكنولوجية.
في عام 1932، أظهر أبراهام وولبارست، طبيب المسالك البولية في نيويورك، أن سرطان القضيب لم يحدث أبدًا تقريبًا في الرجال المختونين وأن عامل الخطر مرتبط بتوقيت الختان. وقد كتب الدكتور دبليو إس هاندلي، وهو طبيب ممارس، تقريرًا عن ندرة سرطان عنق الرحم لدى النساء اليهوديات وعزا ذلك إلى حقيقة أن الرجال اليهود قد تم ختانهم.
السياق الديني لختان الذكور الرضع:
في التقليد اليهودي والمسيحي، تم تسجيل وصية الختان لأول مرة في سفر التكوين 17: 10-14 وسفر اللاويين 12: 3 في العهد القديم حيث أُمر النبي إبراهيم عليه السلام بالقيام بالختان كرمز للعهد مع الله: "وقال الله لإبراهيم وأما أنت فتحفظ عهدي أنت ونسلك من بعدك في أجيالهم، هذا هو عهدي الذي تحفظونه بيني وبينكم وبين نسلك من بعدك يختن منكم كل ذكر، فتختنون في لحم غرلتكم فيكون علامة عهد بيني وبينكم".
كان إسماعيل بكرُ إبراهيم. فقد زوجت سارة زوجها إبراهيم من جاريتها هاجر فأنجبت له ولدًا سماه إسماعيل (سفر التكوين: 16: 3-4) وقد قطع الله عهدا مع إبراهيم ونسله، وكعلامة على العهد، يجب أن يختتن كل ذكر بينهم. فقال إبراهيم لله: "ليحيى إسماعيل أمامك"، فقال الله: "أما إسماعيل فقد سمعتك: ها إني قد باركته وأثمره وأكثّره كثيرًا. يلد اثنا عشر رئيسًا، وسأجعله أمة عظيمة" (سفر التكوين: 17:20). "في ذلك اليوم عينه خُتن إبراهيم واسماعيل ابنه" (سفر التكوين: 17:26)
وبالتالي، فقد التزم أتباع اليهودية بممارسة الختان كطقس ديني ورمز لعهدهم مع الله من خلال إبراهيم عليه السلام.
وفي وقت لاحق، تخلى العديد من أتباع الدين المسيحي عن هذه الممارسة. وتم تأريخ نقاش أتباع المسيح الأوائل بشأن الختان في أعمال الرسل ورسائل أخرى مختلفة. وفي النهاية، احتفظت الكنيسة القبطية وما زالت تحتفظ بالختان كشرط ديني.
تعليقًا على التخلي عن الختان في المسيحية، كتب مؤسس الجماعة الإسلامية الأحمدية، حضرة ميرزا غلام عليه السلام: "وليس ذلك فحسب بل نُقِضت أيضا أحكام التوراة الأبدية، وحرِّفت الديانة المسيحية لدرجة أنه لو عاد المسيح - عليه السلام - بنفسه لما استطاع أن يعرف ملامحها. من الغريب حقا أن الذين أُوصُوا بالتمسك بالتوراة نبذوا أوامرها وراء ظهورهم دفعة واحدة. فمثلا "لم يرد في الإنجيل قط أن لحم الخنزير محرّم في التوراة ولكنني أحلله لكم، أو قد أُكِّد في التوراة على الختان وها أنا أنسخه" ثم متى أُجيز أن يُقحَم في الدين كلامٌ لم يتفوه به عيسى - عليه السلام -؟ (محاضرة سيالكوت)
القرآن الكريم لا يأمر بالختان بكلمات مباشرة ولكنه يأمر المسلمين باتباع تعاليم وسنة النبي إبراهيم عليه السلام. يصف القرآن الكريم النبي إبراهيم بأنه "صديقًا نبيًا". كما يأمر القرآن المسلمين "...فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ"
وقد ذكر النبي الكريم ﷺ أن الختان مطلب متأصل في الفطرة البشرية. فعن أَبِي هُرَيْرَةَ ـ رضي الله عنه ـ قال: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "الْفِطْرَةُ خَمْسٌ الْخِتَانُ، وَالاِسْتِحْدَادُ، وَقَصُّ الشَّارِبِ، وَتَقْلِيمُ الأَظْفَارِ، وَنَتْفُ الآبَاطِ "
ومن سنة النبي ﷺ ختان المولود في اليوم السابع. وإذا قبل الرجل الإسلام فيجوز أن يختن ولكن هذا ليس أمرًا إجباريًا حيث لا يوجد دليل في الفقه الإسلامي على أن الشخص البالغ الذي يقبل الإسلام يجب أن يختن (رسالة من دار الافتاء رقم 83/ 17-3-18) وقد دخل أحد صحابة المسيح الموعود الإسلام من السيخية. وعندما سأل عن الختان، قال له المسيح الموعود بأن الختان سنة وليست فرضًا على الراشدين الذين يعتنقون الإسلام. فالحكمة من وراء جميع الأوامر الإسلامية في هذا الصدد هي أن تُتَّبع هذه الممارسات التي تفوق فوائدها ضررها، بينما يجب التخلي عن تلك التي يفوق ضررها منفعتها.
تحظر تقاليد الهندوسية الختان وحتى أي تدخل في القلفة الضيقة. وتحظر السيخية الختان على وجه التحديد في كتابها المقدس. كما لا يختتن البوذيون أيضًا، على الرغم من أن هذا يبدو متعلقًا بالتقاليد الفلسفية المتمثلة في عدم إلحاق الأذى، بدلاً من وجود أمر ديني محدد يحرم ذلك.
هل ختان الذكور مفيد طبيا؟
ختان الذكور هو العملية الجراحية الأكثر شيوعًا في العالم اليوم، ويشير تقييم للأدلة الحالية إلى أن الفوائد الصحية لختان الذكور حديثي الولادة تفوق مخاطره. ويقول تقرير علمي شهير نُشر في واحدة من أكثر المجلات الطبية شهرة في العالم إن ختان الذكور يقي من العديد من الأمراض، بما في ذلك سرطانات الأعضاء التناسلية، وإن دراسة مخاطر وفوائد الختان تؤكد على أن فوائده تفوق مخاطره بكثير وقد وجدت هذه الدراسة التحليل بنسبة تزيد عن 100 مقابل 1 (بريان جيه موريس، ستيفان أ. بيليس، وتوماس إي ويسويل، "معدلات الختان في الولايات المتحدة: ارتفاع أم هبوط؟ ما هو التأثير الذي قد يكون لبيان سياسة طب الأطفال الإيجابي الجديد؟ " اجراءات عيادة مايو 89، رقم. 5 (2014): 677-686.)
ووجدت هذه الدراسة أن نصف الذكور غير المختونين سيعانون من حالة مرضية نتيجة وجود القلفة.
علاوة على ذلك، يوفر ختان الرضع/ حديثي الولادة الحماية ضد التهابات المسالك البولية، والتي تكون أكثر شيوعًا وشدة خلال الأشهر الستة الأولى من الحياة. ويوفر ختان الأطفال حديثي الولادة حماية شاملة ضد مخاطر عدوى المسالك البولية عند الأطفال يقلل ختان الأطفال حديثي الولادة من خطر الإصابة بعدوى المسالك البولية بنسبة 96٪ في عمر ستة أشهر (جيه جيه زورك، "العوامل السريرية والديموغرافية المرتبطة بعدوى المسالك البولية عند الرضع الصغار المحمومين،" طب الأطفال 116، رقم. 3 (2005): 644-648.) وأفادت أكبر مراجعة منهجية لتحاليل "ما بعد الختان" وخطر الإصابة بعدوى المسالك البولية على مدى الحياة أن خطر الإصابة بعدوى المسالك البولية كان 32٪ في الذكور غير المختونين مقارنة بـ 9٪ عند الذكور المختونين (بريان جيه موريس وتوماس إي. ويزويل، "الختان وخطر الإصابة بعدوى المسالك البولية: مراجعة منهجية وتحليل ما بعد الاختبار،" مجلة جراحة المسالك البولية 189، رقم. 6 (2013): 2118-2124). ويمكن أن تؤدي التهابات المسالك البولية المتكررة إلى التندب الكلوي وحتى إلى الفشل الكلوي. ويمنع الختان الشبم (تضيق القلفة) والتورم الذي يؤدي إلى حالة مؤلمة. ويمكن أيضًا الوقاية بسهولة عن طريق الختان من الحالات الالتهابية مثل التهاب الحشفة، وهي حالة مؤلمة أخرى شائعة عند الأولاد غير المختونين والتي قد تتطلب الختان للعلاج. كما يمكن أن تؤدي بعض أشكال التهاب الحشفة إلى شبم ثانوي مؤلم. فمن الأسهل الحفاظ على النظافة إذا ما تم ختان الذكر.
يحمي ختان الذكور من العديد من الأمراض، وليس جميعها، التي تنتقل عن طريق الاتصال الجنسي، مثل الزهري ومرض القوباء التناسلي والقرحة اللينة والورم الحليمي البشري، ويوفر ختان الذكور حماية بأكثر من 60٪ ضد فيروس نقص المناعة البشرية. وأظهرت ثلاث تجارب سريرية عشوائية كبيرة أجريت في الصحراء الإفريقية بأن ختان الذكور وفر مستوى عالٍ من الحماية من عدوى فيروس العوز المناعي البشري. وكان الحل الأكثر فعالية من حيث التكلفة للوقاية من فيروس نقص المناعة البشرية. وأيدت منظمة الصحة العالمية وبرنامج الأمم المتحدة المعني بفيروس نقص المناعة البشرية/ الإيدز النتائج على الفور في عام 2007 وأطلقا حملة لتعزيز ختان الذكور في المناطق الموبوءة بفيروس نقص المناعة البشرية في الصحراء الكبرى في إفريقيا. وأظهرت الدراسات اللاحقة ارتفاع مستوى التأثير الوقائي إلى 76٪ (مؤتمر IAS السادس حول التسبب في الإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية، والعلاج والوقاية - روما) 17 -20 يوليو 2011.
يوفر ختان الذكور أيضًا الحماية ضد سرطان القضيب وبدرجة أقل من سرطان البروستات. كما هناك أدلة على أنه يحمي من سرطان البروستاتا على مر السنين. والدليل على أن الختان يقي من سرطان البروستات تدعمه التحاليل اللاحقة، كما تبين أن خطر الوفاة بسرطان البروستات أقل بكثير في البلدان التي يشيع فيها ختان الرجال. بالإضافة إلى ذلك، يبدو أن ختان الذكور يقلل من خطر الإصابة بالسرطان لدى الشريك الجنسي للرجل. وأكدت التحاليل اللاحقة (مسح أجري للعديد من الدراسات المنشورة سابقًا) لـ 14 دراسة أن ختان الذكور كان مرتبطًا بحماية قوية ضد سرطان عنق الرحم في الولايات المتحدة.
ما هو العمر الأفضل لختان الذكور؟
يشير تقييم الأدلة الحالية من قبل فريق العمل التابع للأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال حول الختان إلى أن الفوائد الصحية لختان الذكور حديثي الولادة تفوق أية مخاطر، وأن فوائد ختان الذكور حديثي الولادة تبرر القيام بهذا الإجراء من قبل العائلات التي تختاره. وقد قادت هذه الأدلة الأكاديمية الأمريكية لأطباء الأطفال إلى التوصية بختان الأطفال الذكور للعائلات التي تختاره لأبنائها. كما أوصت الأكاديمية أيضًا بتثقيف الآباء والأمهات حول الختان بصورة حيادية قائمة على الأدلة في وقت مبكر من الحمل، وأوصت بتوفير هذه الخدمة بتكلفة منخفضة، وتغطية تأمينية، وتدريب القائمين عليها. وتمت المصادقة على هذه السياسة من قبل الكلية الأمريكية لأطباء النساء والتوليد.
أجرى البروفيسور بريان موريس، من جامعة سيدني في أستراليا، وزملاؤه الخبراء تحليلاً نقديًا للأدلة الشاملة من أجل تحديد السن الأفضل للختان. وقد أفضت هذه الدراسة إلى التوصية بختان الذكور الرضع بموافقة الوالدين بوقت مبكر بدلاً من تأخير الختان حتى يكبر الذكر بما يكفي ليقرر بنفسه، وكان النقاش بأن الختان في الطفولة أسهل، وأقل تكلفة، وأكثر ملاءمة، ويتضمن تخديرًا موضعيًا (بدلاً من خطر التخدير العام) ويؤدي إلى الشفاء العاجل وإلى نتائج تجميلية أفضل.
وفي المقابل، فإن ختان الأولاد الأكبر سنًا أو البالغين قد يفرض حواجز نفسية. فعلى الرغم من أنه إجراء بسيط، إلا أنه عملية أكثر جوهرية وأطول وأكثر تكلفة عن مثيلتها في الطفولة، وبالتالي فهي تنطوي على مخاطر أكبر، بالإضافة إلى ذلك، فهذا يعني أيضًا مرور سنوات عديدة يظل فيها الأولاد غير المختونين غير محميين من الظروف الطبية السلبية التي يمكن أن تؤثر عليهم. وبنظرة شاملة، توفر هذه الملاحظات حجة قوية على أن الطفولة المبكرة أفضل وقت للختان.
وفي حين أن الأطفال والرضع يفتقرون إلى القدرة على اتخاذ خيارات عقلانية، ويتوجب على الكبار إرشادهم، فإن الأبوة والأمومة المسؤولة تتطلب أن يتخذ الوالدان القرارات التي فيها صالح أبنائهم. وهذا يشمل حمايتهم من العدوى والسرطانات. الانتظار حتى سن المراهقة أو سن الرشد للسماح للرجل بأن يقرر بنفسه لا يحرم الشاب فقط من فوائد هذه العملية في طفولته وشبابه المبكر، بل يعرضه أيضًا لخطر أكبر من المضاعفات والإحراج والإزعاج.
هل ختان الذكور ضار طبيا؟
المضاعفات الهامة بعد الختان عند الرضع والبالغين نادرة جدًا ومعظم الأضرار تكون فنية وبسيطة ويمكن علاجها بسهولة. وأظهرت دراسة أجريت على 1400920 ذكرًا من الذين خضعوا للختان أن الأثر الضار بعد الختان كان أقل بقليل من 0.5٪ في الطفولة المبكرة. إن النتائج الضارة الخطيرة النادرة للغاية لختان الذكور هي تضيق الأعضاء التناسلية الذكرية فتحتاج بالتالي لتدخل جراحي لإصلاح الختان غير الكامل. ومقارنة بالأولاد المختونين في أعمار تقل عن سنة واحدة كانت النتائج الضارة المحتملة حوالي عشرين ضعفًا عند الذكور المختونين من سن 1 إلى 9 سنوات وعشرة أضعاف في سن 10 سنوات أو أكبر على التوالي. لذلك، فإن لختان الذكور معدل مضاعفات منخفض إذا تم إجراء عملية الختان خلال السنة الأولى من العمر.
كما أظهرت دراسات أخرى أن معدل المضاعفات بعد ختان الذكور للرضع هو 0.5٪ وفي البالغين 1.7٪ إلى 3.8٪.
علاوة على ذلك، لا يوجد دليل على أي آثار سلبية طويلة المدى تتعلق بالختان من حيث الرضا الشخصي والعلاقة الحميمة. تشير المراجعة النقدية للأدلة إلى أن الذكور الذين تم ختانهم لا يعانون من آثار ضارة طويلة المدى فيما يتعلق بالوظائف أو الرغبات الحميمة.
على الرغم من بعض التقارير حول المشاكل النفسية بعد الختان، فلا يوجد دليل قوي على أي عواقب نفسية أو عاطفية طويلة الأمد لدى الغالبية العظمى من الرجال الذين خضعوا لها. وجدت دراسة حديثة أن 29٪ من الرجال غير المختونين تمنوا لو أنهم ختنوا، مقارنة بـ 10٪ فقط من الرجال المختونين الذين تمنوا لو لم يتم ختانهم.
لا يوجد دليل يشير إلى أن الفوائد الصحية المرتبطة بختان الذكر يمكن تحقيقها بوسائل أخرى مثل استخدام الواقي الذكري والمضادات الحيوية وكريمات الستيرويد. وهكذا، بناءً على دراسات عالية الجودة منشورة بعد عمليات مراجعة دقيقة، هناك دليل علمي قوي يوضح الفوائد السريرية والأخلاقية والنفسية لختان الذكور الرضع، خاصة حديثي الولادة.
ختان الذكور: الصحة العامة والآثار الأخلاقية والقانونية
إن لتأخير ختان الذكور تأثير ضار محتمل على صحة الفرد العامة. من المقدر أن يؤدي خفض معدل الختان بنسبة 10٪ إلى زيادة تكاليف الرعاية الصحية مدى الحياة بمقدار 407 دولارات لكل ذكر و43 دولارًا لكل أنثى. في العصر الحالي من الطب الوقائي، ومع وجود أدلة قوية في صالحه، فإن ممارسة ختان الذكور الرضع تتناسب مع القول المأثور "الوقاية خير من العلاج".
في معرض الحديث عن الجوانب القانونية والأخلاقية لختان الذكور الرضع، ناقش ريفين إيت إل في كلية الحقوق في جامعة واشنطن في سياتل بأن عدم ختان الذكور سيحرم الطفل من أعلى مستوى صحي يمكن بلوغه حيث أن هذه العملية تقي من المرض. وقد يكون منع ختان الرضيع الذكر مخالفًا للمادة 18 من اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل والتي تنص على ما يلي: تقع على عاتق الوالدين أو أولياء الأمور، حسب الظروف، المسؤولية الأساسية في تربية الطفل ونموه. وستكون مسؤوليتهم الكبرى هي مصالح الطفل العليا". إن الحق القانوني في القيام بختان الرضع الذكور بسبب ما يقدمه من حماية واسعة ضد مختلف الأمراض والالتهابات في الطفولة والرضاعة أمر معروف.
يعتبر ختان الذكور الرضع أمرًا أخلاقيًا وقانونيًا، وتدعمه اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل. لقد قيل إن المادة 24 من اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل (CRC)، التي تنص أن على الأطراف اتخاذ جميع التدابير الفعالة والمناسبة بهدف إلغاء الممارسات التقليدية التي تضر بصحة الأطفال، يمكن تفسيرها على أنها توصي بالختان، حيث إن عدم ختان الأولاد يضر بصحتهم.
يمكن للأدلة المؤيدة لختان الذكور الرضّع أن تصمد بقوة مع المبادئ الأساسية الأربعة لأخلاقيات الطب المعاصرة. حيث تم عرض حالة مبادئ عدم الإساءة والإحسان في الفقرات السابقة. فإذا كان البالغ لا يستطيع أن يوافق على ختان رضيعه فيجب وضع مبدأ احترام الاستقلالية في سياق مسؤولية الوالدين. فاتخاذ خطوات لتعزيز الصحة العامة وصحة الأفراد يتماشى مع مبدأ العدالة. إن الأثر الإيجابي لختان الذكور عند الأطفال على المجتمع والفرد، لا سيما فيما يتعلق باحتمالية حدوث مضاعفات سلبية، يدعم التأكيد على أن هذه الممارسة لا تنتهك حقوق الإنسان.
ختان الرضيع: ملاحظات ختامية
تنص النسخة الحديثة من قَسم أبقراط في الواقع على ما يلي: "سأعمل على الوقاية من الأمراض كلما استطعت، فالوقاية خير من العلاج". لذلك، من أجل حماية القصَّر ومن أجل صحتهم، فإن الإجراءات الجراحية، حتى عندما ترتبط بمعدل مضاعفات عالية، لها ما يبررها ومثال ذلك جراحة أمراض القلب والسرطان. على الآباء واجب رعاية واضح وهم مسؤولون عن اتخاذ قرارات مستنيرة بشأن صحة أطفالهم ورفاهيتهم. ومن أمثلة ذلك لقاحات الأطفال وختان الذكور الرضع. يهتم معظم الآباء بمصالح أطفالهم العليا، ولن ينتظروا ، على سبيل المثال، حتى يبلغ طفلهم سن الرشد قبل البحث عن علاج تصحيحي أو تجميلي لأشياء مثل تقويم الأسنان، وعلاج الشفة الأرنبية، وربط اللسان أو إصلاح الفتق.
هناك دليل سريري غير متحيز وقوي من الناحية الواقعية يشير إلى أن فترة حديثي الولادة هي الفرصة المثالية لختان الذكور. في الوقت الحاضر، تقر مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC) والأكاديمية الأمريكية لأطباء الأطفال صراحةً بأن فوائد ختان الذكور تتجاوز مخاطره وتدعو إلى زيادة توافر خدمة ختان الذكور. لذا، فإن السؤال الآن هو ما إذا كان من المبرر أخلاقيا حجب أو تأخير التأثير الوقائي لختان الذكور حديثي الولادة، خاصة في مواجهة أدلة علمية قوية لصالح هذا الإجراء.
لقد أثبتت الأدلة العلمية الحالية صدق تعاليم الإسلام. يقول القرآن الكريم: "قُلْ هَاتُوا بُرْهَانكُمْ إنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ". ويقدم البحث العلمي المفصل هنا الدليل على أن ختان الأطفال حديثي الولادة، كما أمرت به التعاليم الدينية، له فوائد أكثر على المدى الطويل والقصير ويحمل الحد الأدنى من الضرر. "كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ".