ملخص لخطبة الجمعة الأخيرة التي ألقاها سيدنا أمير المؤمنين (أيده الله تعالى بنصره العزيز) من المسجد المبارك في تيلفورد، في 26/02/2021،
بسم الله الرحمن الرحيم
فيما يلي ملخص لخطبة الجمعة الأخيرة التي ألقاها سيدنا أمير المؤمنين (أيده الله تعالى بنصره العزيز) من المسجد المبارك في تيلفورد، في 26/02/2021، حيث تابع الحديث عن سيدنا عثمان رضي الله عنه وتحدث بداية عن المعارك التي خاضها المسلمون في زمنه ومنها معركة ذات الصواري بين المسلمين والروم حيث انتصر المسلمون على الأسطول البيزنطي المكون من 500 سفينة. إضافة إلى الفتوحات العظيمة كفتح الروم وأرمينيا وخراسان وأفغانستان وغيرها. ووصل الإسلام في عهد سيدنا عثمان إلى القارة الهندية.
عن الإمام الزهري أن مصر والشام فُتحتا زمن عمر وفُتحت خراسان والسند زمن عثمان (رضي الله عنهما)
ووصل الإسلام في عهد سيدنا عثمان إلى بلوجستان في باكستان حاليا، وفي عهده ثارت الفتنة التي تنبأ بها رسول الله ﷺ حيث قال لعثمان: لا تخلع قميصًا قمصكَه الله.
عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا عُثْمَانُ، إِنْ وَلَّاكَ اللَّهُ هَذَا الْأَمْرَ يَوْمًا، فَأَرَادَكَ الْمُنَافِقُونَ أَنْ تَخْلَعَ قَمِيصَكَ الَّذِي قَمَّصَكَ اللَّهُ، فَلَا تَخْلَعْهُ»، يَقُولُ: ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، قَالَ النُّعْمَانُ: فَقُلْتُ لِعَائِشَةَ: مَا مَنَعَكِ أَنْ تُعْلِمِي النَّاسَ بِهَذَا؟ قَالَتْ: أُنْسِيتُهُ.
يقول المصلح الموعود عن عثمان وعلي رضي الله عنهما:
"هذان الشخصان العظيمان من المخلصين الأوائل في الإسلام وكذلك أصحابهما هم من أفضل ثمرات الإسلام. إن الطعن في تقواهما وأمانتهما إنما هو وصم الإسلام بالعار. وأيما مسلم تأمل في هذه الحقيقة بصدق القلب لا بد وأن يتوصل إلى نتيجة أنهما أسمى وأعلى من أي نوع من التحزب والحيادية. ولا أقول هذا بدون دليل بل إن أوراق التاريخ لشاهدة على ذلك لكل من يدرسها بعيون باصرة".
ويقول بخصوص الفتنة:
"أين تولدت الفتنة؟ لقد اعتبر بعضُ الناس عثمانَ سببا لها والبعضُ الآخر عليًّا رضي الله عنهما. ويقول البعض إن عثمان ابتدع بعض المحدثات التي أدت إلى نشوء الثورة في المسلمين. ويقول البعض إن عليًّا بدأ بمحاولات سرية للحصول على الخلافة وخلق ضد عثمان معارضة أدت إلى قتله. ولكن كلا الأمرين خطأ، إذ لم يبتدعْ عثمان شيئا، ولم يدبِّر عليّ لقتل عثمان ولم يشترك في أية مؤامرة لقتله بُغية الحصول على الخلافة. إن عثمان وعليًّا رضي الله عنهما بريئان من هذه التهم براءة الذئب من دم يوسف، وكانا شخصيتين مقدستين إلى أقصى الدرجات. ولقد قدم عثمان للإسلام خدمات حتى قال النبي - صلى الله عليه وسلم - فيه: ما ضرَّ عُثْمَانَ ما عمِلَ بعدَ اليومِ. ولكن ليس المراد من ذلك أن الله لن يؤاخذ عثمان ولو انحرف عن الإسلام، (والعياذ بالله) بل المراد هو أنه قد تحلى بصفات متميزة وقد تقدم في الحسنات حتى استحال أن يصدر منه عمل يخالف أوامر الله تعالى. فلم يكن ممكنا لعثمان أن يشرع شيئا معارضا لتعاليم الإسلام كما لم يكن ممكنا لعليٍّ أن يقوم بتخطيط سري للحصول على الخلافة".
ثم يقول حضرته أيضًا:
"ثم أطلَّت حركةٌ برأسها في السنة السابعة من عهده، وتلك الحركة لم تكن ضد عثمان بل كانت ضد بعض الصحابة أو بعض الولاة. ويقول الطبري بأن عثمان كان يراعي حقوق الناس رعاية تامة. والذين لم يسبقوا بالإسلام فما كانوا يحظون بالاحترام في المجالس كالسابقين فيه وما كانوا ينالون نصيبا متساويا من الحكم أو الأموال. وبعد مرور فترة من الزمن على هذا المنوال بدأ بعض الناس يمتعظون من هذا التفضيل ويعتبرونه ظلمًا. ولكنهم كانوا يخافون عامة المسلمين، وما كانوا يظهرون أفكارهم علنا خشية معارضتهم بل كانوا يؤلِّبون الناس ضد الصحابة سرًّا. وإذا وجدوا مسلما أو أعرابياً جاهلا بحقيقة الأمور أو عبداً مُعتَقاً فتحوا أمامه سجل شكاويهم المزعومة. وكان بعض الناس يجارونهم إما لجهلهم الحقيقة أو رغبةً في الحصول على جاهٍ أو مكانةٍ. وهكذا ظل هذا الحزب يزداد ويكثر عدده رويدا رويدا.
عندما تكون فتنةٌ ما على وشك النشوب تجتمع لها الأسباب بشكل غير عادي، فمن ناحية ثارت ثائرة بعض الحساد ضد الصحابة ومن ناحية ثانية ضَعُفَ الحماس - الذي ينشأ في بداية الأمر في قلب كلِّ من يتحول من دينه إلى دين جديد - في قلوب المسلمين الجدد الذين لم يتربوا على يدي النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يجدوا فرصة لصحبة الذين تربوا في صحبته - صلى الله عليه وسلم -، بل ظن كل واحد منهم إثر انضمامه إلى الإسلام بأنه تعلّم كل شيء. فبفتور حماسهم للإسلام تضاءلت سيطرته على قلوبهم، وبدأوا يرون سعادتهم في المعاصي التي كانوا متورطين فيها قبل إسلامهم، وحين عوقبوا عليها عزموا على تدمير الذين عاقبوهم بدلا من أن يصلحوا أنفسهم. وفي نهاية المطاف تسبب هؤلاء في إحداث فجوة واسعة في الإسلام.
وفي ختام الخطبة، ذكر أمير المؤمنين نصره الله أنه سيصلي الغائب على بعض المرحومين وذكر نبذة من سوانحهم ودعا لهم بالرحمة ولذويهم بالصبر والسلوان.