ملخص خطبة الجمعة التي ألقاها سيدنا أمير المؤمنين (أيده الله تعالى بنصره العزيز) من المسجد المبارك في تيلفورد، في 05/03/2021
بسم الله الرحمن الرحيم
فيما يلي ملخص خطبة الجمعة التي ألقاها سيدنا أمير المؤمنين (أيده الله تعالى بنصره العزيز) من المسجد المبارك في تيلفورد، في 05/03/2021، حيث تابع الحديث عن الفتنة زمن سيدنا عثمان وقال:
لقد نصح عثمان t المفسدين قائلًا: "أما والله لئن فارقتُهم ليتمنون أن عمري كان طال عليهم مكان كل يوم بسنة مما يرون من الدماء المسفوكة والإِحَنِ والأثرة الظاهرة والأحكام المغَيَّرة."
حصر المفسدون عثمان t في بيته ومنعوا عنه الطعام والشراب حتى يضطر للخضوع وقبول مطالبهم.
كانت المدينة آنذاك خاضعة للمفسدين وصار قائد جيشهم أميرا على المدينة. وبعد محاصرة بيت عثمان t، شرعوا في الاعتداء على الناس وتحولت المدينة من دار الأمن إلى دار الحرب.
حين حاصر المفسدون بيت عثمان، أرسل ابنًا من جيرانه إلى علي وطلحة والزبير وعائشة وأزواج النبي رضي الله عنهم ليرسلوا لهم الماء. فأول من جاء لنجدته من الرجال كان علي t فنصح المتمردين وقال: "إن الذي تصنعون لا يشبه أمر المؤمنين ولا أمر الكافرين، وما تعرّض لكم هذا الرجلُ فبم تستحلون حصره وقتله؟ قالوا لا والله لا نتركه يأكل ولا يشرب."
كانت السيدة أم حبيبة أول من جاء من أمهات المؤمنين. فقيل لهم: أم المؤمنين أم حبيبة. فضربوا وجه بغلتها. فقالت: إن وصايا بني أمية عند هذا الرجل فأحببتُ أن ألقاه فأسأله عن ذلك كيلا تهلك أموال أيتام وأرامل. ولكن هؤلاء الأشقياء قالوا: إنك كاذبة، وأهووا لها وقطعوا حبل البغلة بالسيف فندتْ بأم حبيبة وكادت تُداس تحت أقدام هؤلاء الأشقياء وتُقتَل لولا أن أسرع إليها بعض أهل المدينة وأوصلوها إلى بيتها.
وتجهزت عائشة خارجة إلى الحج على الفور. لقد قامت رضي الله عنها قبيل سفرها بخطة حكيمة لو نجحت لكان من شأنها أن تخفف من حدة الفتنة؛ فقد اقترحت على أخيها محمد بن أبي بكر أن يسافر معها للحج ولكنه رفض. فقالت: "أما والله لئن استطعتُ أن يحرمهم الله ما يحاولون لأفعلنَّ".
كتب سيدنا عثمان إلى ولاة الأمصار يستمدهم وكتب إلى الحجاج أيضًا ما مفاده: هناك فئة من الناس عازمون على عيث الفساد والفُرقة في الإسلام، ولكنهم لم يفكروا يوما بأن الله تعالى هو الذي يجعل الخليفة كما يقول: ]وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ[. إن هؤلاء المفسدين قبلوا كلام الذين يتهمونني ولم يأبهوا بكلام الله القائل: ]يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا[ . لم يعيروا لبيعتي اهتماما وقد قال الله تعالى عن بيعة النبي r: ]إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللهَ[ وأنا خليفة رسول الله r.
لما يئس المفسدون من نجاح مكائدهم، صاروا كلما أسدل الليل ستاره، رموا بيت سيدنا عثمان بالحجارة ليثيروا أهله على الرد بالمثل. فكان سيدنا عثمان يقول لهم: ألا تتقون الله؟ ألا تعلمون أن في الدار غيري؟ قالوا: لا والله ما رميناك. رماك الله. قال كذبتم إن الله لو رمانا لم يخطئنا وأنتم تخطئوننا."
كان المتمردون لا يسمحون للصحابة أن يجتمعوا حول عثمان t، ومع ذلك ما غفل الصحابة عن واجبهم تجاهه، فالمتقدمون منهم في السن وذوو التأثير والنفوذ الأكبر على الناس كانوا يبذلون قصارى جهدهم وأوقاتهم في توجيه الناس إلى الصواب. أما الشباب والأقل نفوذًا فكانوا يسعون لحماية عثمان t. كان عليٌّ قد ترك أيام الفتنة جميع أشغاله ليصب جُلّ اهتمامه على إخماد الفتنة.
أما الجماعة الثانية فبدأوا يجتمعون كلما سنحت لهم الفرصة في بيت عثمان أو في بيوت جيرانه. وقطعوا على أنفسهم عهدا وثيقا أنهم سيضحون بحياتهم ولن يحتملوا أن يصيب عثمانَ أي مكروه. وكان منهم سيدنا علي وطلحة وأولاد الزبير y وغيرهم من الصحابة. فكانوا يحرسون بيت عثمان ليلَ نهارَ ولم يسمحوا للعدو أن يقترب من بيته.
كان سيدنا عثمان ينصح الجميع ألا يتصدوا للمفسدين. ومع ذلك فإن الصحابة لم يقصروا في أداء واجبهم.
ثم قرر المفسدون أنهم إن لم يقتلوا عثمان فسيُقتلون حتما. وزاد من قلقهم اطلاعُهم على خبر وصول رسائل عثمان إلى الشام والكوفة والبصرة.
خرج عثمان إلى الصحابة ثم وصّاهم ومساعديهم وقال في آخر خطبة خطبها: الله إنما أعطاكم الدنيا لتطلبوا بها الآخرة ولم يعطكموها لتركنوا إليها. إن الدنيا تفنى والآخرة تبقى، فلا تبطرنَّكم الفانية ولا تشغلنكم عن الباقية. فآثروا ما يبقى على ما يفنى، فإن الدنيا منقطعة وإن المصير إلى الله. اتقوا الله فإن تقواه جُنَّة من بأسه ووسيلة عنده، واحذروا من الله الغير والزموا جماعتكم ولا تصيروا أحزابا، ]واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألّف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا[...ثم ودّع الجميع وقال: اخرُجوا رحمكم الله، فكونوا بالباب وليجامعكم هؤلاء الذين حُبِسوا عني. وأرسل إلى طلحة والزبير وعلي. فاجتمعوا خارج البيت ودُعي الصحابة الآخرون أيضا. كان الحزن سائدا في كل حدب وصوب فالمصباح الذي أشعله النبي r كان على وشك الانطفاء والاختفاء عن أعين الناس بعد أن يقضي نحبه في هذه الدنيا.
بلغ قلق المتمردين واضطرابهم أقصى الحدود، أما الصحابة وأنصارهم فلم يتخلوا عن حماية عثمان - مع إصراره على ذلك – وقالوا إذا تركناك وحيدا اليوم رغم قدرتنا على محاربة المتمردين فبأي وجه نلقى الله تعالى يوم القيامة، فكانوا يقومون بحمايته داخل الدار نظرا إلى قلة عددهم. ولكن وصول المتمردين إلى الباب لم يكن صعبا حيث حرقوا أكواما من الحطب أمام الباب ليُفسح لهم المجال للدخول إلى البيت. واجَه حفنةٌ ممن استطاع أن يجتمع من الصحابة، المتمردينَ بشجاعة لا نظير لها. واستُشهد كثيرٌ وجُرح كثيرٌ آخرون ولكن المتمردين لم يتراجعوا عن تعنتهم وأرسلوا شخصا إلى عثمان كمحاولة أخيرة مطالبين إياه أن يعتزل الخلافة ظنا منهم أنه لو فعل ذلك سينجون من عقاب المسلمين. فقال له عثمان t "لم أرتكب ذنوبا في الجاهلية ولم أخالف أوامر الإسلام بعد أن أسلمتُ، فبأي ذنب أخلع قميصا ألبسنيه الله؟" رجع هذا الرسول وقال لأصحابه: "والله ما ينجينا من الناس إلا قتله."
وفي ختام الخطبة، طلب أمير المؤمنين نصره الله مواصلة الدعاء للأحمديين في باكستان والجزائر وأعلن أنه سيصلي الغائب على بعض المرحومين.