السفر والمرض والصيام
يقول الله تعالى: {أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ}
السفر:
"والذي يريد أن يصوم متحمِّلا صعوبات السفر فكأنه يريد أن يُرضي الله بقوته، ولا يريد أن يُرضيه بطاعة أمره، وهذا خطأ. إن طاعة أوامر الله ونواهيه هو الإيمان الصادق". (الحكم، مجلد3، رقم4، عدد 31/ 1/1899م، ص7)
"إن مذهبي هو أنه يجب ألا يوقع الإنسان نفسه في الصعوبات، وليعمل بمسائل السفر الذي يُعدّ سفرا في العُرف وإن كان فرسخين أو ثلاثة فراسخ، إنما الأعمال بالنيات. في بعض الأحيان نتمشى مع الإخوة إلى ميلين أو ثلاثة أميال ولا يخطر ببال أحد بأننا مسافرون. ولكن عندما ينطلق الإنسان بإرادة السفر حاملا حقائبه يكون مسافرا. الشريعة ليست مبنية على العسر. فالذي ترونه سفرا بحسب الأعراف عدّوه سفرا. كما يُعمل بفرائض الله كذلك يجب العمل برُخصه أيضا، لأن الفرائض والرخصَ كلاهما من الله - عز وجل -. (الحكم، مجلد5، رقم6، عدد 17/ 2/1901م، ص13)
"الحق أن التقوى في العمل بالرخص الواردة في القرآن الكريم. لقد رخّص الله تعالى للمسافر والمريض أن يصوما في أيام أخرى بعد رمضان. لذا لا بد من العمل بهذا الأمر أيضا. لقد قرأت أن معظم أكابر الأمة قد أفتوا بأن الصوم في السفر والمرض معصية، لأن هدفنا هو ابتغاء مرضاة الله، ولكن مرضاة الله إنما هي في الطاعة. فيجب العمل بما يأمر به الله تعالى بدون أن نضيف إليه شروحا وفتاوى من عندنا. إن ما أمر الله به هو: {مَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}، ولم يشترط هنا أن يكون السفر طويلا أو المرض شديدا. فأنا لا أصوم في حالة السفر والمرض. كذلك لم أصم اليوم لأنني مريض". (الحكم، مجلد11، رقم4، عدد 31/ 1/1907م، ص14)
"{مَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} أي إذا كنتم مرضى أو على سفر قصير أو طويل فصوموا بالقدر نفسه في أيام أُخر. لم يحدد الله السفر ولا يوجد أي تحديد في الأحاديث النبوية بل المراد منه هو المسافة التي تُعدّ سفرا في العُرف. إذا كان السير إلى مسافة أقل من منزل واحد فلا يُعدّ سفرا". (المكاتيب، مجلد5، رقم5، ص81، المكتوب30/ 2 إلى صاحبزاده بير سراج الحق - رضي الله عنه -)
"والذي يصوم رمضان في حالة السفر والمرض يعصي صريحَ أمر الله تعالى. لقد قال الله تعالى صراحة بأن لا يصوم المسافر والمريض، بل يصومان بعد الصحة ونهاية السفر. فيجب العمل بحسب أمر الله، لأن النجاة تتوقف على فضل الله تعالى، ولا يمكن لأحد أن ينال النجاة بفضل أعماله. ولم يحدد اللهُ السفر قصيرا كان أم طويلا، ولم يحدد المرض أيضا قليلا كان أم كثيرا، بل الأمر عام ويجب العمل به. فلو صام المسافرون والمرضى لعُدّوا عصاة". (بدر، مجلد6، رقم44، عدد 17/ 10/1907م، ص7)
العمل الشاق في الصيام:
عُرض السؤال التالي على المسيح الموعود (عليه السلام): أحيانا يحل شهر رمضان في أيام يكون فيها المزارعون بحاجة إلى كثرة العمل مثل الحرث والزراعة، وكذلك الأجراء الذين يكسبون لقمة العيش بالأجرة لا يستطيعون الصوم، فما حكْمهم؟ فقال - عليه السلام -: "الأعمال بالنيات، الناس يخفون ظروفهم. كل واحد يستطيع أن يقدِّر ظروفه بالتقوى والطهارة. فإذا كان أحد يستطيع أن يستأجر شخصا مكانه فليفعل وإلا كان في حكم المريض، وليصم حين يتيسر له". (بدر، مجلد6، رقم39، عدد 26/ 9/1907م، ص7)
المريض:
"هناك نوعان من الناس: من كان مريضا وزال مرضه المؤقت، والثاني هو المصاب بمرض مزمن وقد لا يستطيع الصوم أبدًا، فيجوز لمن لا يتوقع صيامه عدم الصوم، مثل المسن والضعيف والحامل الضعيفة التي لا تستطيع الصيام لسنة كاملة بسبب إرضاع طفلها، ولا يجوز أن يُعفى غيرهم من الصيام بمجرد دفع الفدية" (البدر، المجلد 6، العدد 43، 24/10/1907، ص 3)