ملخص لخطبة الجمعة التي ألقاها سيدنا أمير المؤمنين (أيده الله تعالى بنصره العزيز) من المسجد المبارك في تيلفورد، في 16/04/2021
بسم الله الرحمن الرحيم
نقدم لحضراتكم ملخصًا لخطبة الجمعة التي ألقاها سيدنا أمير المؤمنين (أيده الله تعالى بنصره العزيز) من المسجد المبارك في تيلفورد، في 16/04/2021، والتي استهلها بقوله تعالى:
"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ ۚ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ۚ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ۖ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ ۚ وَأَن تَصُومُوا خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ * شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ ۚ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ۖ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ۗ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ* وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ۖ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ۖ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ "
ثم قال:
بفضل الله وُفّقنا للتمتع بشهر رمضان آخر. إن المرور برمضان وتناول السحور والإفطار لا يحقق الهدف من الصيام بل علينا أن نحدث تغييرًا طيبًا في أنفسنا. لقد أمرنا الله تعالى مع الصيام ببعض الأمور التي من خلال العمل بها ننال قربه ونحظى باستجابة الدعاء.
يقول المسيح الموعود (عليه السلام):
"فليكن واضحا أن استجابة الدعاء في الحقيقة فرع لقضية الدعاء. ومن المسلَّم به أن الذي لا يفهم الأصل يواجه تعقيدات في فهم الفرع ويخطئ في كل خطوة. فهذا هو سبب سوء الفهم الذي وقع فيه السيد المحترم. إن ماهية الدعاء هي أن هناك علاقة تجاذبٍ بين العبد السعيد وربه، بمعنى أن رحمانية الله تعالى تجذب العبد إليها أولا ثم يتقرّب الله تعالى إلى العبد نتيجة مساعٍ صادقة من العبد. وفي حالة الدعاء تبلغ تلك العلاقة مبلغًا خاصا وتُظهر خواصّها العجيبة. فحينما يخضع العبد لله تعالى باليقين الكامل والأمل الكامل والحب الكامل والإخلاص الكامل والعزيمة الكاملة، بعدما كان في مواجهة مصيبة شديدة، ويتيقّظ إلى أقصى الحدود ويتقدم في مجالات الفناء ممزِّقًا حُجُب الغفلة فإذا به أمام عتبات الله الذي لا شريك له. عندها تضع روحه رأسها على عتباته - عز وجل - وقوةُ الجذب المودَعة فيه تجذب ألطاف الله تعالى. عندها يتوجه الله - عز وجل - إلى إتمام ذلك الأمر ويلقي بتأثير الدعاء على الأسباب المبدئية التي تؤدي إلى خلق أسباب ضرورية أخرى لنيل ذلك المطلوب. فمثلا إذا دعا لنزول المطر نشأت بتأثير الدعاء بعد استجابته أسباب طبيعية ضرورية لنزول المطر، وإذا كان الدعاء على قوم لحلول القحط بهم خلق الله القادر على كل شيء أسبابا معادية لذلك القوم. لذا فقد ثبت عند أهل الكشف والكمال من خلال تجارب عظيمة أن قوة التكوين تُودع في دعاء الإنسان الكامل، أي يتصرف دعاؤه في العالم العلوي والعالم السفلي بإذنه تعالى، ويجذب العناصر والأجرام الفلكية وقلوب الناس إلى ما يؤيد المطلوب.
إن أنواع الخوارق التي تُري تجليات قدرة الله القادر على كل شيء تكون نتيجة تأثير الدعاء في معظم الأحيان".
ويقول حضرته أيضًا:
"إن الله تعالى قد وعدني وعدا صريحا وقال (أجيب كل دعائك). غير أني أدرك جيدا أن لفظ "كل دعائك" يعني كل دعاء يؤدي عدم استجابته إلى ضرر بي، ولكن الله تعالى إذا أراد تربية الإنسان وإصلاحه فيكون رد دعائه هو الإجابة. فأحيانا تخيب آمال المرء في دعاء معين ويظن أن الله تعالى قد رفض دعاءه، مع أنه تعالى يكون قد أجاب دعاءه وتكون الإجابة بصورة الرفض، لأن خيره يكون كامنا في رفضه في الواقع. هذه هي قاعدة الدعاء، فإن الله تعالى لا يكون تابعًا لرغبة الداعي وآماله. كم تحب الأمهات أولادهن، ولا يردن أن يصابوا بأي أذى، لكن لو أصر الولد على أمر خاطئ، فطلب منها مثلا أن يمسك بسكين حادة أو بشعلة نار، فهل تسمح له أمه، مع حبها الصادق وحرقتها الحقيقة له، أن يأخذ هذه الشعلة ويحرق بها يده، أو يمسك بسكين حادة ويجرح بها يده؟ كلا. من هنا تستطيعون أن تفهموا مبدأ إجابة الدعاء. وإني صاحب خبرة في هذا المجال، فلو كان في الدعاء ما هو ضار، فلا يستجاب أبدا. إننا يمكن أن ندرك جيدا أن علمنا ليس يقينيا ولا صحيحا، فهناك أمور كثيرة نقوم بها مسرورين باعتبارها مباركة، ونظن أن عاقبتها تكون مباركة جيدا، ولكنها تتحول في نهاية المطاف إلى هَمٍّ ومصيبة ملازمة لنا".
ويقول كذلك:
"إنه لمن الحقائق الثابتة اليقينية أن الله تعالى يجيب أدعية عباده ويشرفها بالقبول، لكنه لا يقبل كل رطب ويابس من الأدعية، لأن الإنسان لا يبرح يدعو غير ناظر إلى العواقب من فرط حماس نفسه، ولكن الله الذي هو ناصح حقيقي وعالم بالعواقب، يرفض دعاء الداعي نظرًا إلى ما في قبوله من مضار وعواقب وخيمة له، ورفض دعائه هو قبوله. فالله تعالى يستجيب دعاء العبد ما دام قبوله سيحفظه من الآفات والصدمات، أما دعاؤه الذي فيه ضرر فيقبله الله تعالى برفضه. لقد تلقيت الوحي التالي مرارا: "أجيب كل دعائك"، وبتعبير آخر، إن كل دعاء هو نافع ومفيد سوف يجاب، عندما أفكر في هذا الأمر تمتلئ روحي لذة وسرورا.."
وعن شروط استجابة الدعاء يقول عليه السلام:
"هناك شروطا لاستجابة الدعاء، منها ما يتعلق بالداعي ومنها ما يتعلق بطالب الدعاء من غيره. فأما طالب الدعاء فلا بد له أن يتقي الله ويخشاه، ويخاف دائما غنى الله تعالى، ويتخذ الصلح وعبادة الله شعارا له، ويُرضي الله بالتقوى والصدق، ولو فعل ذلك لفُتح له باب استجابة الدعاء. أما إذا كان يسخط الله تعالى ويفسد علاقته به ويحاربه، فإن شروره وسيئاته تقف في طريق إجابة الدعاء سدا منيعا وصخرة كأداء، ويغلق عليه باب استجابة الدعاء. لذا فعلى أحبابنا أن يحفظوا أدعيتنا من الضياع، ولا يعرقلوا طريقها بتصرفاتهم غير اللائقة".
وفي ختام الخطبة، طلب أمير المؤمنين نصره الله مواصلة الدعاء للأحمديين في باكستان والجزائر وغيرها.