أسماء بنت أبي بكر (رضي الله عنها)



  

أسماء بنت أبي بكر (رضي الله عنها)

 

هي أسماء بنت سيدنا أبي بكر بن أبي قحافة، وأمّها هي قُتيلة بنت عبد العزّى العامريّة، وزوجها هو الزّبير بن العوّام رضي الله عنه ابن عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم صفية، والزبير من المبشرين بالجنة وقد أنجبت له أسماء: عبد الله، وعروة، ومنذر، وعاصم وخديجة الكبرى أمّ الحسن وعائشة. وحيث أن ولدها الأول كان عبد الله فكانت تُكنّى بأمّ عبد الله، وعبد الله هو أوّل من وُلد في المدينة المنوّرة بعد الهجرة.

وأسماء كما نعلم هي أخت أمّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها، وتكبُرُها بعشرِ سنواتٍ، وكانت من السّابقين إلى الإسلام؛ حيث أسلمت بعد سبعة عشر شخصًا آمن برسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ولُقّبت بذات النّطاقين؛ والنّطاق هو ما تشدّ المرأة به طرف ثوبها فترفعه عن الأرض حتى لا تتعثر به وهي تعمل، ولقّبت بذلك لأنّها كانت تحمل الطعام والسقاء للرّسول -صلى الله عليه وسلّم- ولأبيها في الهجرة، فحين همّ الرّسول ﷺ وأبو بكر بالانطلاق مهاجرين لم يجدا ما يربطان به طعامهما وسقائهما، فقالت أسماء رضي الله عنها: (فَقُلْتُ لأَبِي مَا أَجِدُ شَيْئًا أَرْبُطُهُ إِلاَّ نِطَاقِي‏.‏ قَالَ فَشُقِّيهِ‏.‏ فَفَعَلْتُ، فَسُمِّيتُ ذَاتَ النِّطَاقَيْنِ‏( وهذا وارد في البخاري.. ويقال إن من سماها بهذا هو النبي صلى الله عليه وسلم نفسه.

ورد في البخاري أن أَهْل الشام كانوا يُعَيِّرُونَ ابْنَ أسماء والزبير ويَقُولُونَ له يَا ابْنَ ذَاتِ النِّطَاقَيْنِ‏.‏ فَقَالَتْ لَهُ أَسْمَاءُ يَا بُنَيّ إِنَّهُمْ يُعَيِّرُونَكَ بِالنِّطَاقَيْنِ، هَلْ تَدْرِي مَا كَانَ النِّطَاقَانِ؟ إِنَّمَا كَانَ نِطَاقِي شَقَقْتُهُ نِصْفَيْنِ، فَأَوْكَيْتُ قِرْبَةَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِأَحَدِهِمَا، وَجَعَلْتُ فِي سُفْرَتِهِ آخَرَ، فَكَانَ أَهْلُ الشَّامِ إِذَا عَيَّرُوهُ بعد ذلك بِالنِّطَاقَيْنِ يَقُولُ إِيهًا وَالإِلَهْ‏ تِلْكَ شَكَاةٌ ظَاهِرٌ عَنْكَ عَارُهَا‏.

"إيهًا والإله" أي: صدقتَ ورضيتُ أنا بذلك، و"تلكَ شكاةٌ ظاهرٌ عنكَ عارُها": أَيْ "هذه الشكاية مرتفعٌ عنك عارها" يعني لا يمكن وصمها بالعار أبدًا على العكس هي أمرٌ مشرّف.

 

أسماء بنت أبي بكرٍ أوّل فدائيّةٍ في الإسلام:

وذلك لموقفها الذي وقفته يوم هجرة النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- وسيدنا أبي بكر، حيث أخفت عن قريش أمرهما، ولقيت في سبيل ذلك الأذى فقد جاءها أبو جهل وسألها عن أبيها بعد هجرته مع النبيّ ﷺ، فلم تخبره، فلطمها على وجهها بقوة لدرجة أن قرطها سقط من أذنها.

 

أول مولود للمسلمين في المدينة:

هاجرت السيدة أسماء إلى المدينة المنورة وهي حامل وتحملت وعثاء السفر ولهيب الصحراء ولما بلغت قباء التي هي عند مشارف المدينة المنورة، جاءها المخاض ووضعت ولدها عبد الله بن الزبير الذي كان أول ولد يولد للمهاجرين في المدينة وحُمِل المولود الأول إلى الرسول ﷺ فقبّله وحنّكه بتمرةٍ مَضَغَها، ثمّ تَفَل في فيهِ، فكان أول ما دخل جوف عبـد اللـه ريق رسول الله ﷺ الذي دعا له وباركه ثم حمله المسلمون في المدينة وطافوا به المدينة مهلليـن مكبرين لأن غير المسلمين كانوا يستهزئون بهم ويقولون إنه لا يولد لهم ولد فلذلك كانت الفرحة عارمة بقدوم أول مولود للمهاجرين المسلمين في المدينة.

وحين صار عبد الله ابْنُ سَبْعِ سِنِينَ أَوْ ثَمَانٍ جاء لِيُبَايِعَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، وَأَمَرَهُ بِذَلِكَ الزُّبَيْرُ، فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ حِينَ رَآهُ مُقْبِلًا إِلَيْهِ ثُمَّ بَايَعَهُ.

برها بوالدتها المشركة:

ورد أن قول الله تعالى: (لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) قد نزل في أسماء رضي الله عنها نفسها حيث إنّ أمّ أسماء "قتيلة" كانت مُشركة فذهبت لتزور ابنتها جالبةً معها الهدايا لها، فلم تشأ أسماء استقبال والدتها وقبول هداياها حتى تستأذن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فسألت عائشة -رضي الله عنها- هل يجوز لها أن تستقبل أمّها المشركة أم لا (طبعا هنا لا بد أن نذكر أن عائشة وأسماء من أمّين مختلفتين).. وكانت أسماء راغبةً في برّ والدتها، فأنزل الله -تعالى- الآية السابقة إجابةً عن السؤال، وفي حديث عن هشام عن أبيه عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت: قدمتْ علي أمي وهي مشركة في عهد رسول الله ﷺ فاستفتيت رسول الله ﷺ قلت: أفأصل أمي؟ قال نعم صلي أمك.

كثرة إنفاقها في سبيل الله:

كانت أسماء رضي الله عنها كثيرة التصدق والإنفاق في سبيل الله، وكانت تقلق لعدم امتلاكها ما تتصدق به فذهبت لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأخبرته أنّها لا تملك إلّا ما يُدخله عليها زوجها الزّبير، فهل عليها أن تتصدّق؟ فأجابها الرّسول صلّى الله عليه وسلّم: "لا توكي فيوكَى عليكِ" أي لا تدّخري وتبخلي فينقطع عنك الرّزق. وأيضا في رواية في صحيح البخاري ومسلم عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَهَا ‏ "‏أنفقي ولاَ تُحْصِي فَيُحْصِيَ اللَّهُ عَلَيْكِ" يعني لا تحصي ولا تعدي ما تتصدقين به.

وعن nindex.php?page=showalam&ids=14946القاسم بن محمد قال سمعت ابن الزبير يقول: ما رأيت امرأة قط أجود من عائشة وأسماء، وجودَهما مختلف: أما عائشة فكانت تجمع الشيء إلى الشيء، حتى إذا اجتمع عندها وضعته مواضعه، وأما أسماء ، فكانت لا تدخر شيئا لغد .

وعن فاطمة بنت المنذر: أن أسماء كانت تمرض المرضى فتعتق كل مملوك لها.

زوجة صابرة:

كانت أسماء زوجة صابرة فقد كان الزبير بن العوّام -رضي الله عنه- عند زواجه بأسماء فقيرًا، فصبرت على حياة الفقر، وتحمّلت شظف العيش فكانت تسوس فرس زوجها، وتطحن النوى لتعلفه فكانت تعمل في البيت لتقضي حاجاتها، وعن هذا ورد في صحيح البخاري ومسلم أن أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ ـ رضي الله عنهما ـ قَالَتْ تَزَوَّجَنِي الزُّبَيْرُ، وَمَا لَهُ فِي الأَرْضِ مِنْ مَالٍ، وَلاَ مَمْلُوكٍ، وَلاَ شَىْءٍ غَيْرَ نَاضِحٍ، وَغَيْرَ فَرَسِهِ، فَكُنْتُ أَعْلِفُ فَرَسَهُ، وَأَسْتَقِي الْمَاءَ، وَأَخْرِزُ غَرْبَهُ وَأَعْجِنُ، وَلَمْ أَكُنْ أُحْسِنُ أَخْبِزُ، وَكَانَ يَخْبِزُ جَارَاتٌ لِي مِنَ الأَنْصَارِ وَكُنَّ نِسْوَةَ صِدْقٍ، وَكُنْتُ أَنْقُلُ النَّوَى مِنْ أَرْضِ الزُّبَيْرِ الَّتِي أَقْطَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى رَأْسِي، وَهْىَ مِنِّي عَلَى ثُلُثَىْ فَرْسَخٍ، فَجِئْتُ يَوْمًا وَالنَّوَى عَلَى رَأْسِي فَلَقِيتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَمَعَهُ نَفَرٌ مِنَ الأَنْصَارِ فَدَعَانِي ثُمَّ قَالَ ‏ "إِخْ إِخْ ‏"‏‏.‏ لِيَحْمِلَنِي خَلْفَهُ، فَاسْتَحْيَيْتُ أَنْ أَسِيرَ مَعَ الرِّجَالِ، وَذَكَرْتُ الزُّبَيْرَ وَغَيْرَتَهُ، وَكَانَ أَغْيَرَ النَّاسِ، فَعَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنِّي قَدِ اسْتَحْيَيْتُ فَمَضَى، فَجِئْتُ الزُّبَيْرَ فَقُلْتُ لَقِيَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَعَلَى رَأْسِي النَّوَى، وَمَعَهُ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَأَنَاخَ لأَرْكَبَ، فَاسْتَحْيَيْتُ مِنْهُ وَعَرَفْتُ غَيْرَتَكَ‏.‏ فَقَالَ وَاللَّهِ لَحَمْلُكِ النَّوَى كَانَ أَشَدَّ عَلَىَّ مِنْ رُكُوبِكِ مَعَهُ‏.‏ قَالَتْ حَتَّى أَرْسَلَ إِلَيّ أَبُو بَكْرٍ بَعْدَ ذَلِكَ بِخَادِمٍ يَكْفِينِي سِيَاسَةَ الْفَرَسِ، فَكَأَنَّمَا أَعْتَقَنِي‏.

حكمة السيدة أسماء:

كانت أيضا شاعرة ولبيبة وتقنع من يجالسها برأيها الصائب وكانت حكيمة أيضا حيث تعاملت أسماء -رضي الله عنها- بفطنةٍ وحكمةٍ مع جدها لأبيها؛ أبي قحافة، وكان كبيراً في السنّ، قد كُفّ بصره، حيث جاءها خائفًا بعد هجرة ابنه أبي بكر إلى المدينة المنوّرة، وكان قد أخذ كلّ ماله معه؛ فخشي على أولاد ابنه من الفقر والحاجة، فما كان من أسماء إلّا أن جمعت كومةً من الحصى، ووضعتها في تجويفٍ في الحائط، وغطّته بثوبٍ، وأخذت بيد جدّها؛ ليتحسّسه فيظنّه مالاً، فاطمئن عندها جدّها أبو قحافة، وارتاحت نفسه.

مستوى تقواها:

وكانت أسماء أيضًا تقية ورِعة ومن هذا أنه أرسل لها المنذر بن الزبير ثيابًا وكانت قد كبرت في السن وعميت فلمستها بيدها ولم تعجبها لأنها خشيت أن تشف هذه الثياب ما تحتها، فقالوا لها إنّه لا تشف فقالت لعلّها تصف... يعني حتى في هذه السن المتقدمة وكان قد كف بصرها كانت تراعي أن لا تلبس شيئًا قد يصف أو يشف.

وفي رواية لابنها عروة: دخلت على أسماء وهي تصلي فسمعتها وهي تقرأ هذه الآية "فمنّ الله علينا ووقانا عذاب السموم" فاستعاذت فقمتُ وهي تستعيذ فلما طال علي أتيت السوق ثم رجعت وهي في بكائها تستعيذ".

وقال ابن أبي مليكة: كانت أسماء تصدع، فتضع يدها على رأسها، وتقول: بذنبي، وما يغفره الله أكثر. 

روايتها للحديث:

كانت السيدة أسماء من رواة الحديث فقد كانت كثيرا ما تلتقي برسول الله صلى الله عليه وسلم كونه زوج أختها وصديق والدها الصدوق وأيضا قد حجت معه ومع أختها عائشة رضي الله عنهما وقد روت -رضي الله عنها- عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- ثمانيةً وخمسين حديثًا، اتّفق البخاريّ ومسلم على ثلاث عشرة حديث، وانفرد البخاري بخمسة أحاديث، وانفرد مسلم أيضًا بأربعة أحاديث.

وكانت أيضا عالمة في تعبير الرؤى فقد ذكر الواقدي: كان nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب من أعبر الناس للرؤيا، أخذ ذلك عن أسماء بنت أبي بكر، وهي أخذت عن أبيها.

شجاعتها:

كانت أسماء أيضا شجاعة جدا ومن ذلك ما قاله هشام بن عروة إنه كثر اللصوص بالمدينة، فاتخذت أسماء خنجرا زمن سعيد بن العاص كانت تجعله تحت رأسها، وفي معركة اليرموك لما ضغط المسيحيون على الجيش المسلم كثيرًا، أصيب المسلمون بإرهاق شديد نتيجة القتال المكثف المستمر، وفي إحدى الليالي خرج قائد المسلمين أبو عبيدة بن الجراح لتفقد الجيش، فوجد شخصين حول الجيش فارتاب في أمرهما وخشي أن يكونا جاسوسين، فتقدم وسألهما: من أنتما؟ فقال أحدهما: أنا الزبير، وهذه زوجتي أسماء بنت أبي بكر. لقد رأيت المسلمين اليوم قد أنهكتهم الحرب، فخرجت أنا وزوجتي نقوم بحراستهم.

أم مثالية:

أسماء أُمّ مثاليّة؛ حيث ربّت ابنها عبد الله على الهمّة والثّبات على الحقّ مهما كانت الظّروف، ولم تجعل عاطفتها الحَكَم الوحيد حين مرّ ابنها عبد الله بظرفٍ عصيب وحينها كانت قد بلغت مئة عام من عمرها، وقد كاد ابنها عبد الله أن يكون خليفةً للمسلمين لكنّ أصحابه وأتباعه تخلّوا عنه حين اقتحم الحجّاج الثقفي مكّة، فلم يكن أمامه سوى الاستسلام أو القتال، فشاور والدته أسماء بين الاستسلام أو القتال حتى الموت على المبدأ، فقالت له: "يا بنيّ إن كنت على الحقّ وإليه تدعو فامض عليه، لقد قتل خدمة دينهم وأمنهم، مهما تكن التضحيات والنتائج".

يقول المسيح الموعود عليه السلام في كتابه "إزالة الأوهام":

"لقد جاء في الحديث أن كبشا سيُذبح في الكعبة، ولكنهم لم ينتظروا ذبح الكبش ماديا، بل حين استُشهد عبد الله بن الزبير - رضي الله عنه - استيقنوا أنّ هذا هو المراد من ذبح الكبش، مع أنه لم يُذكر في الحديث اسم إنسان، بل ذُكر الكبشُ بصراحة تامة.

 

استشهاد عبد الله بن الزبير ابن السيدة أسماء رضي الله عنهما:

قال عروة: دخلت أنا وأخي - قبل أن يقتل - على أمنا بعشر ليال، وهي وجعة، فقال عبد الله: كيف تجدينك؟ قالت: وجعة. قال: إن في الموت لعافية. قالت : لعلك تشتهي موتي، فلا تفعل، وضحكت وقالت: والله، ما أشتهي أن أموت، حتى تأتي على أحد طرفيك: إما أن تُقتل فأحتسبك، وإما أن تظفر فتقر عيني. إياك أن تعرض على خطة فلا توافق، فتقبلها كراهية الموت. قال عروة: وإنما عنى أخي أن يقتل فيحزنها ذلك.  
وكانت بنت مائة سنة.

ورد في الطبقات الكبرى:

دخل عبد الله بن الزبير على أمه حين رأى من الناس ما رأى من خذلانهم إياه. فقال: يا أمه. خذلني الناس حتى ولدي وأهلي. فلم يبق معي إلا من ليس عنده من الدفع أكثر من صبر ساعة.

والقوم يعطوني ما أردت من الدنيا. فما رأيك؟ فقالت أمه: أنت والله يا بني أعلم بنفسك. إن كنت تعلم أنك على حق وإليه تدعو. فأمض له. فقد قتل عليه أصحابك. ولا تمكن من رقبتك فتلعب بك غلمان بني أمية. وإن كنت إنما أردت الدنيا. فبئس العبد أنت!. أهلكت نفسك وأهلكت من قتل معك. فدنا ابن الزبير فقبل رأسها. فقال: هذا والله رأيي. والذي قمت به داعيا إلى يومي هذا. ما ركنت إلى الدنيا ولا أحببت الحياة فيها. وما دعاني إلى الخروج إلا الغضب لله. ولكن أحببت أعلم رأيك. فزدتني قوة وبصيرة مع بصيرتي. فانظري يا أمه. فإني مقتول من يومي هذا. لا يشتد جزعك علي، سلمي لأمر الله. فإن ابنك لم يتعمد إتيان منكر.

قام الحجاج بصلب عبد الله، وبعد مرور 3 أيام  وهو مصلوب جاءت أسماء وكانت عجوز عمياء فقالت nindex.php?page=showalam&ids=14078للحجاج: أما آن للراكب أن ينزل؟ فقال: المنافق؟ قالت: والله ما كان منافقا، كان صواما قواما برا . قال: انصرفي يا عجوز، فقد خرفت. قالت: لا والله ما خرفت منذ nindex.php?page=hadith&LINKID=879383سمعت رسول الله يقول: في ثقيف كذاب ومبير. وفي رواية أن الحجاج دخل على أسماء بعد أن قتل ابنها وقال: يا أمه، إن أمير المؤمنين وصاني بك، فهل لك من حاجة؟ قالت: لست لك بأم، ولكني أم المصلوب على رأس الثنية، وما لي من حاجة، ولكن أحدثك: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: nindex.php?page=hadith&LINKID=879382يخرج في ثقيف كذاب، ومبير فأما الكذاب فقد رأيناه - تعني المختار - وأما المبير فأنت.

وفي رواية أيضا nindex.php?page=hadith&LINKID=879384أن الحجاج دخل على أسماء فقال: إن ابنك ألحد في هذا البيت، وإن الله أذاقه من عذاب أليم . قالت: كذبت. كان برا بوالدته، صواما، قواما، ولكن قد أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه سيخرج من ثقيف كذابان: الآخر منهما شر من الأول، وهو مبير.

والمبير هو الظالم.

بلغت أسماء -رضي الله عنها- مئة عام ولم يسقط لها سِنّ ولم يذهب عقلها، بل بقيت على رجاحة عقلها وحِكمتها حتى آخر أيامها، وكانت أسماء آخر من توفّي من المهاجرين، إذْ توفّيت عام 73 للهجرة بعد مقتل ولدها بعدّة ليالٍ.