ملخص لخطبة الجمعة التي ألقاها سيدنا أمير المؤمنين (أيده الله تعالى بنصره العزيز) من المسجد المبارك في تلفورد، في 04/06/2021
بسم الله الرحمن الرحيم
نقدم لحضراتكم ملخصًا لخطبة الجمعة التي ألقاها سيدنا أمير المؤمنين (أيده الله تعالى بنصره العزيز) من المسجد المبارك في تلفورد، في 04/06/2021 حيث تابع الحديث عن سيدنا عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) وقال:
من الغزوات التي اشترك بها سيدنا عمر (رضي الله عنه) غزوة حمراء الأسد، فبعد أُحد رجع النبي ﷺ إلى المدينة ولكنه عرف أن الكفار سيأتون لمهاجمة المسلمين فذهب إلى حمراء الأسد التي تبعد 8 كم عن المدينة. لقد عاد جيش قريش باتجاه مكة ولكنهم كانوا يريدون مباغتة المدينة وكانوا يلومون بعضهم بعضًا أنهم لم يقتلوا النبيﷺ ولم يقوموا بسبي النساء وأخذ أموال المسلمين ففكروا بالعودة مرة أخرى والسيطرة على المدينة والقضاء على المسلمين، وكانت فئة منهم تقول بالعودة إلى مكة والاكتفاء بكسب المعركة حتى لا يتغير الفتح إلى هزيمة ولكن الآخرين أرادوا المهاجمة، وعندما علم النبي ﷺ بذلك أمر بأن يتجهز المسلمون وأعلن أنه لن يشترك إلا من شارك في أحد، ومن كان منهم جرحى فقد تم تضميد جراحهم وساروا مع النبي ﷺ وخرجوا كمن خرج من المعركة منتصرا فقطعوا 8 أميال حتى وصلوا حمراء الأسد ولما حل المساء توقف النبي ﷺ هناك وأشعل المسلمون النيران فجاء رئيس قبيلة خزاعة وواسى النبي ﷺ في شهداء أحد ورجع ولما وصل الروحاء رأى أهل قريش يريدون المدينة فقال "ماذا تفعلون والله أتيت من جيش محمد ولم أر جيشا مثله قط وهم متحسمون لما حصل في أحد وسوف يأكلونكم" فتأثر أبو سفيان ورجع إلى مكة ولما علم النبي ﷺ بذلك شكر الله تعالى أن أنزل رعبه على الكفار.
وهناك غزوة بني المصطلِق: حيث اشتدت معارضة قريش وقلّبوا القبائل ضد رسول الله ﷺ وكان أولها قبيلة خزاعة وفرعها بنو المصطلق التي جال زعيمها في المنطقة وأخذ الدعم من بعض القبائل الأخرى وقد أرسل النبي ﷺ من يتفقد الأحوال فوجد القبائل مجتمعة تريد مهاجمة المدينة فرجع إلى النبي ﷺ وأخبره، فأمر النبيﷺ الصحابة بالتوجه إلى بني المصطلق وتجهز عدد كبير من المسلمين واندس عدد كبير من المنافقين أيضا وخرج النبي ﷺ وكان مع المسلمين 30 حصانا وبعض الجمال وكانوا يتناوبون على ركوبها وفي الطريق وجدوا جاسوسا للكفار واعتقلوه ولما لم يخبرهم بشيء قتلوه، ولما علم الأعداء أن الجاسوس قد قُتل شعروا بالارتباك وخافت القبائل التي جاءت لدعمهم وعادت أدراجها، أما بنو المصطلق فلم يرتدعوا عن الهجوم فلما وصل النبي ﷺ إلى المريسيع حيث كان يخيم بنو المصطلق، رتّب قواته وطلب من عمر الذهاب إلى بني المصطلق وإخبارهم أنهم إن عدلوا عن الحرب تركهم، فذهب عمر إليهم لكنهم رفضوا العرض وأصبحت المواجهة حتمية وبدأ العدو بالحرب أولا وأمر النبي ﷺ بالرد عليهم وحقق المسلمون فوزا ساحقا وانتهت المعركة باستشهاد مسلم واحد.
بعد المعركة ورد في صحيح مسلم عن جابر بن عبد الله قال: كُنَّا فِي غَزْوَةِ بَنِي الْمُصْطَلِقِ فَكَسَعَ رَجُلٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ رَجُلاً مِنَ الأَنْصَارِ فَقَالَ الْمُهَاجِرِيُّ يَا لَلْمُهَاجِرِينَ وَقَالَ الأَنْصَارِيُّ يَا لَلأَنْصَارِ فَسَمِعَ ذَلِكَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ "مَا بَالُ دَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ". قَالُوا رَجُلٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ كَسَعَ رَجُلاً مِنَ الأَنْصَارِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم "دَعُوهَا فَإِنَّهَا مُنْتِنَةٌ". فَسَمِعَ ذَلِكَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَىٍّ ابْنُ سَلُولَ فَقَالَ أَوَقَدْ فَعَلُوهَا وَاللَّهِ (لئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الأَذَلَّ) فَقَالَ عُمَرُ يَا رَسُولَ اللَّهِ دَعْنِي أَضْرِبْ عُنُقَ هَذَا الْمُنَافِقِ. فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم "دَعْهُ لاَ يَتَحَدَّثُ النَّاسُ أَنَّ مُحَمَّدًا يَقْتُلُ أَصْحَابَهُ "
وعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، جَاءَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ بَعْدَ مَا غَرَبَتِ الشَّمْسُ، فَجَعَلَ يَسُبُّ كُفَّارَ قُرَيْشٍ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا كِدْتُ أُصَلِّي الْعَصْرَ حَتَّى كَادَتِ الشَّمْسُ تَغْرُبُ. قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم"وَاللَّهِ مَا صَلَّيْتُهَا". فَقُمْنَا إِلَى بُطْحَانَ، فَتَوَضَّأَ لِلصَّلاَةِ، وَتَوَضَّأْنَا لَهَا فَصَلَّى الْعَصْرَ بَعْدَ مَا غَرَبَتِ الشَّمْسُ، ثُمَّ صَلَّى بَعْدَهَا الْمَغْرِبَ. وفي رواية عن جابر أيضًا قَالَ جَعَلَ عُمَرُ يَوْمَ الْخَنْدَقِ يَسُبُّ كُفَّارَهُمْ وَقَالَ مَا كِدْتُ أُصَلِّي الْعَصْرَ حَتَّى غَرَبَتْ. قَالَ فَنَزَلْنَا بُطْحَانَ، فَصَلَّى بَعْدَ مَا غَرَبَتِ الشَّمْسُ، ثُمَّ صَلَّى الْمَغْرِبَ. فذُكر في الرواية الأولى أن النبيﷺ كان معهم وفي الثانية أنهم كانوا وحدهم. وهناك بعض الروايات التي تقول إن النبي ﷺ قد جمع أربع صلوات معًا، ولقد اعتبر سيدنا المسيح الموعود عليه السلام هذه الروايات ضعيفة وقال ردًا على اعتراض فتح مسيح:
"أما جمع الصلوات الأربع بمناسبة حفر الخندق فنقول ردًّا على هذه الوسوسة الناجمة عن الحمق إن الله - سبحانه وتعالى - يذكر أن ليس في الدين من حرج.. أي ليس في الدين قسوةٌ وشدة تسبب هلاك المرء. لذا قد أَمر بجمع الصلوات وقَصرها عند الطوارئ والمشاكل والبلايا، مع ذلك لا نجد ذكر جمْع أربع صلوات بهذه المناسبة في أي كتاب موثوق به من كتب الحديث، بل قد ورد في فتح الباري شرح صحيح البخاري أن صلاة واحدة فقط أي العصر صُلِّيت متأخرة قليلا عن موعدها. لو كنت جالسا أمامنا الآن لسألناك هل الرواية المتفق عليها تفيد بأن الصلوات الأربع فاتت"
وفي صلح الحديبية حيث تعهد النبي ﷺ بإعادة من يأتيه مسلمًا من قريش، وبينما كانت تُكتب المعاهدة دخل أبو جندل في السلاسل والأغلال يترنح في مخيم المسلمين وأخبرهم أنه اعتنق الإسلام فحبسته قريش وتعرض للتعذيب، لذا توسل إليهم أن لا يعيدوه إلى قريش. تأثر النبي ﷺ كثيراً بحالته وطلب من سفير قريش السماح ببقائه إلا أنه رفض فقال النبيﷺ: "يا أبا جندل اصبر واحتسب، فإن الله جاعل لك ولمن معك من المستضعفين فرجاً ومخرجاً، إنا قد عقدنا بيننا وبين القوم صلحاً، وأعطيناهم على ذلك وأعطونا عهد الله وإنا لا نغدر بهم". اهتاج المسلمون كثيراً من الحدث واقترب عمر من النبي ﷺ واستفسر "أَلَسْتَ نبي الله حقاً" قال: "بلى" فقال عمر "ألسنا على الحق وعدونا على الباطل؟ " فرد النبيﷺ "بلى" فقال: "لِمَ نُعْطِي الدَّنِيَّةَ فِي دِينِنَا" فرد النبي ﷺ" إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ، وَلَسْتُ أَعْصِيهِ وَهْوَ نَاصِرِي" فقال عمر: "أَوَلَيْسَ كُنْتَ تُحَدِّثُنَا أَنَّا سَنَأْتِي الْبَيْتَ فَنَطُوفُ بِهِ قَالَ ﷺ: "بَلَى، أفَأَخْبَرْتُكَ أَنَّا نَأْتِيهِ الْعَامَ". فقال لاَ قَالَ "فَإِنَّكَ آتِيهِ وَمُطَّوِّفٌ بِهِ" ومع ذلك بقي عمر مهتاجاً واقترب من أبي بكر وتبادل معه نفس الحديث فنبهه أبا بكر "يا عمر ِإنَّهُ لَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلَيْسَ يَعْصِي رَبَّهُ وَهْوَ نَاصِرُهُ، فَاسْتَمْسِكْ بِغَرْزِهِ، فَوَاللَّهِ إِنَّهُ عَلَى الْحَقِّ". سرعان ما شعر عمر بالندم، وسعى إلى غسل ما أصابه من ضعف من خلال الدعاء، والصيام وإعطاء الصدقات وتحرير العبيد.
وفي ختام الخطبة، أعلن أمير المؤمنين نصره الله أنه سيصلي الغائب على بعض المرحومين وذكر نبذة عن حياتهم.