ملخص لخطبة الجمعة التي ألقاها سيدنا أمير المؤمنين (أيده الله تعالى بنصره العزيز) من المسجد المبارك في تيلفورد، في 11/06/2021،



 بسم الله الرحمن الرحيم

نقدم لحضراتكم ملخصًا لخطبة الجمعة التي ألقاها سيدنا أمير المؤمنين (أيده الله تعالى بنصره العزيز) من المسجد المبارك في تيلفورد، في 11/06/2021، حيث تابع الحديث عن سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه وقال:

بعد صلح الحديبية، خالف بنو بكر الصلح وكانوا حلفاء قريش وهاجموا بني خزاعة الذين كانوا حلفاء للمسلمين ودعمت قريش المهاجمين دون أية مراعاة للصلح، لكنهم خافوا بعد ذلك وأرسلوا أبا سفيان لتجديد الصلح، فذهب للنبي ﷺ فلم يجبه ثم ذهب إلى أبي بكر ليتكلم مع النبي ﷺ فلم يجبه ثم ذهب لعمر فلم يقبل، ثم استنجد بالعباس فقال له: "اركب معي هذه البغلة؛ حتى آتي بك رسول الله ﷺ أستأمنه لك". يقول العباس: فَخَرَجْتُ أَرْكُضُ بِهِ بَغْلَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فكلما مَرَرْتُ بِنَارٍ مِنْ نِيرَانِ الْمُسْلِمِينَ فنظروا إليّ وقالوا: هَذَا عَمُّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى بَغْلَةٍ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى مَرَرْتُ بِنَارِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَقَالَ: مَنْ هَذَا؟ وَقَامَ إِلَيَّ فَلَمَّا رَأَى أَبَا سُفْيَانَ عَلَى عَجُزِ الدَّابَّةِ. قَالَ: أَبُو سُفْيَانَ عَدُوُّ اللَّهِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَمْكَنَ مِنْكَ بِغَيْرِ عَهْدٍ وَلَا عَقْدٍ، ثُمَّ اشْتَدَّ نَحْوَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَكَضْتُ الْبَغْلَةَ وَسَبَقْتُهُ بِمَا تَسْبِقُ الدَّابَّةُ الْبَطِيئَةُ الرَّجُلَ الْبَطِيءَ، فَاقْتَحَمْتُ عَنِ الْبَغْلَةِ فَدَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَدَخَلَ عَلَيْهِ عُمْرُ: فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا أَبُو سُفْيَانَ عَدُوُّ اللَّهِ قَدْ أَمْكَنَ اللَّهُ مِنْهُ بِغَيْرِ عَهْدٍ ولا عقد، فدعني أضرب عُنُقَهُ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي قَدْ أَجَرْتُهُ، ثُمَّ جَلَسْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم فَأَخَذْتُ بِرَأْسِهِ وَقُلْتُ: وَاللَّهِ لَا يُنَاجِيهِ اللَّيْلَةَ أَحَدٌ دُونِي. فَلَمَّا أَكْثَرَ فِيهِ عُمْرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قُلْتُ: مَهْلًا يَا عُمَرُ فو الله مَا تَصْنَعُ هَذَا إِلَّا أَنَّهُ رَجُلٌ مِنْ بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ، وَلَوْ كَانَ مِنْ بَنِي عَدِيِّ مَا قُلْتَ هَذَا، قال: مهلا يا عباس فو الله لَإِسْلَامُكَ يَوْمَ أَسْلَمْتَ كَانَ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ إِسْلَامِ الْخَطَّابِ لَوْ أَسْلَمَ، وَذَلِكَ لِأَنِّي أَعْلَمُ أَنَّ إِسْلَامَكَ كَانَ أَحَبَّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ إِسْلَامِ الْخَطَّابِ لَوْ أَسْلَمَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اذْهَبْ بِهِ يَا عَبَّاسُ إِلَى رَحْلِكَ»

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ خَرَجْتُ أَنَا وَالزُّبَيْرُ، والْمِقْدَادُ بْنُ الْأَسْوَدِ، إِلَى أَمْوَالِنَا بِخَيْبَرَ نَتَعَاهَدُهَا فَلَمَّا قَدِمْنَاهَا تَفَرَّقْنَا فِي أَمْوَالِنَا قَالَ فَعُدِيَ عَلَيَّ تَحْتَ اللَّيْلِ وَأَنَا نَائِمٌ عَلَى فِرَاشِي فَفُدِعَتْ يَدَايَ مِنْ مِرْفَقِي فَلَمَّا أَصْبَحْتُ اسْتُصْرِخَ عَلَيَّ صَاحِبَايَ فَأَتَيَانِي فَسَأَلَانِي عَمَّنْ صَنَعَ هَذَا بِكَ قُلْتُ لَا أَدْرِي قَالَ فَأَصْلَحَا مِنْ يَدَيَّ ثُمَّ قَدِمُوا بِي عَلَى عُمَرَ فَقَالَ هَذَا عَمَلُ يَهُودَ ثُمَّ قَامَ فِي النَّاسِ خَطِيبًا فَقَالَ أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ عَامَلَ يَهُودَ خَيْبَرَ عَلَى أَنَّا نُخْرِجُهُمْ إِذَا شِئْنَا وَقَدْ عَدَوْا عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَفَدَعُوا يَدَيْهِ كَمَا بَلَغَكُمْ مَعَ عَدْوَتِهِمْ عَلَى الْأَنْصَارِ قَبْلَهُ لَا نَشُكُّ أَنَّهُمْ أَصْحَابُهُمْ لَيْسَ لَنَا هُنَاكَ عَدُوٌّ غَيْرَهُمْ فَمَنْ كَانَ لَهُ مَالٌ بِخَيْبَرَ فَلْيَلْحَقْ بِهِ فَإِنِّي مُخْرِجٌ يَهُودَ فَأَخْرَجَهُمْ‏.‏

وعَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ عُمَرَ، أَنَّهُ كَانَ عَلَيْهِ لَيْلَةٌ نَذَرَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ يَعْتَكِفُهَا فَسَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَمَرَهُ أَنْ يَعْتَكِفَ ‏.‏

وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ لَمَّا اشْتَدَّ بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَجَعُهُ قَالَ ‏"‏ائْتُونِي بِكِتَابٍ أَكْتُبُ لَكُمْ كِتَابًا لاَ تَضِلُّوا بَعْدَهُ‏"‏‏.‏ قَالَ عُمَرُ إِنَّ النَّبِيَّ ﷺ غَلَبَهُ الْوَجَعُ وَعِنْدَنَا كِتَابُ اللَّهِ حَسْبُنَا فَاخْتَلَفُوا وَكَثُرَ اللَّغَطُ‏.‏ فقَالَ النبي ﷺ ‏"‏قُومُوا عَنِّي، وَلاَ يَنْبَغِي عِنْدِي التَّنَازُعُ‏"‏‏.‏

وعن وفاة رسول الله ﷺ، يقول سيدنا المسيح الموعود عليه السلام:

"جاء في صحيح البخاري: عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ خَرَجَ وَعُمَرُ يُكَلِّمُ النَّاسَ، فَقَالَ: اجْلِسْ يَا عُمَرُ، فَأَبَى عُمَرُ أَنْ يَجْلِسَ. فَأَقْبَلَ النَّاسُ إِلَيْهِ وَتَرَكُوا عُمَرَ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَمَّا بَعْدُ، فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ يَعْبُدُ مُحَمَّدًا ﷺ فَإِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ مَاتَ، وَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ يَعْبُدُ اللهَ فَإِنَّ اللهَ حَيٌّ لَا يَمُوتُ. قَالَ اللهُ: وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ .. إِلَى الشَّاكِرِينَ. وَقَالَ: وَاللهِ لَكَأَنَّ النَّاسَ لَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللهَ أَنْزَلَ هَذِهِ الآيَةَ حَتَّى تَلَاهَا أَبُو بَكْرٍ، فَتَلَقَّاهَا مِنْهُ النَّاسُ كُلُّهُمْ، فَمَا أَسْمَعُ بَشَرًا مِن النَّاسِ إِلَّا يَتْلُوهَا. فقال عُمَرَ: وَاللهِ مَا هُوَ إِلَّا أَنْ سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ تَلَاهَا فَعَقِرْتُ، حَتَّى مَا تُقِلُّنِي رِجْلَايَ، وَحَتَّى أَهْوَيْتُ إِلَى الْأَرْضِ حِينَ سَمِعْتُهُ تَلَاهَا، عَلِمْتُ أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ مَاتَ.

خرج أبو بكر - رضي الله عنه - (يوم وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم -) وعمر بن الخطاب يكلّم الناس (أي كان يقول لهم بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يمت بل هو حيٌّ) وفي هذا المقام أورد القسطلاني في شرح صحيح البخاري، ما يلي: وعمر بن الخطاب يكلم الناس، يقول لهم ما مات رسول الله ﷺ. وجاء في الملل والنِحل للشهرستاني عن هذا الحادث ما يلي: "قال عمر بن الخطاب: من قال إن محمدا مات فقتلته بسيفي هذا.

ففكّر الآن، إن لم يكن استدلال أبي بكر - رضي الله عنه - بموت جميع الأنبياء من القرآن الكريم، أو إن لم يكن صريحا وقطعي الدلالة، كيف أجمع الصحابة كلهم الذين كان عددهم، بحسب قولك، يربو على مئة ألف صحابي على أمر مبني على الشك والظن فقط؟ ولماذا لم يقدموا حجة وقالوا: يا سيدنا، إن دليلك هذا ناقص وليس عندك نصّ قطعي الدلالة عليه؛ أما زلتَ تجهل أن القرآن نفسه يبين رفع المسيح - عليه السلام - إلى السماء حيا بجسده المادي في آية: {رَافِعُكَ إِلَيَّ}؟! ألم تسمع إلى الآن: {بَلْ رَفَعَهُ اللهُ إِلَيْهِ} أيضا؟! لماذا إذًا تستبعد صعود النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى السماء؟؟ بل تخلّى الصحابة الذين كانوا يدركون أسلوب القرآن الكريم عن فكرهم السابق فورا بعد أن سمعوا الآية وكلمة {خَلَتْ} ووجدوا شرحها في عبارة: {أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ}. لا شك أن قلوبهم حزنت بشدة وانكسرت بسبب وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم - وضاقت عليهم أنفسهم حتى قال عمر - رضي الله عنه -: "وَاللهِ مَا هُوَ إِلَّا أَنْ سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ تَلَاهَا فَعَقِرْتُ، حَتَّى مَا تُقِلُّنِي رِجْلَايَ، وَحَتَّى أَهْوَيْتُ إِلَى الْأَرْضِ". سبحان الله، كم كان - رضي الله عنه - سليم الفطرة ووقّافا عند القرآن بحيث حين فهم بعد إمعان النظر في الآية بأن جميع الأنبياء السابقين قد ماتوا، لم يقل شيئا، إلا أنه أجهش بالبكاء ومُلئ حزنا.