ملخص لخطبة الجمعة التي ألقاها سيدنا أمير المؤمنين (أيده الله تعالى بنصره العزيز) من المسجد المبارك في تلفورد، في 18-06-2021
بسم الله الرحمن الرحيم
نقدم لحضراتكم ملخصًا لخطبة الجمعة التي ألقاها سيدنا أمير المؤمنين (أيده الله تعالى بنصره العزيز) من المسجد المبارك في تلفورد، في 18-06-2021 حيث تابع الحديث عن سيدنا عمر رضي الله عنه وقال:
لما قرب أجل أبي بكر، دعا عبد الرحمن بن عوف وقال: أخبرني عن عمر؟ فقال: إنه أفضل من رأيك إلا أن فيه غلظة فقال أبو بكر: ذلك لأنه يراني رقيقا، ولو أفضى الأمر إليه لترك كثيرا مما هو عليه، وقد رمقته فكنت إذا غضبت على رجلٍ أراني الرضا عنه، وإذا لنت له أراني الشدة عليه. ثم دعا عثمان بن عفان وقال له: أخبرني عن عمر؟ فقال: سريرته خير من علانيته، وليس فينا مثله. فقال أبو بكر لهما: لا تذكرا مما قلت لكما شيئا، ولو تركته ما عدوت عثمان.
ودخل طلحة بن عبيد الله على أبي بكر فقال: استخلفت على الناس عمر وقد رأيت ما يلقى الناس منه وأنت معه، وكيف به إذا خلا بهم وأنت لاقٍ ربك فسائلك عن رعيتك؟ فقال أبو بكر: أجلسوني، فأجلسوه، فقال: أبالله تخوفني! إذا لقيت ربي فسألني قلت: استخلفت على أهلك خير أهلك.
ثم أحضر أبو بكر عثمانَ خاليا ليكتب عهد عمر، فقال له: اكتب: بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما عهد أبو بكر بن أبي قحافة إلى المسلمين، أما بعد - ثم أغمي عليه- فكتب عثمان: فإني قد استخلفت عليكم عمر بن الخطاب. ثم أفاق أبو بكر فقال: اقرأ علي. فقرأ عليه، فكبر أبو بكر وقال: أراك خفت أن يختلف الناس إن مت في غشيتي. قال: نعم. قال: جزاك الله خيرا عن الإسلام وأهله .
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: كان عثمان يكتب وصية أَبي بكر فأُغمي على أَبي بكر فجعل عثمان يكتب فكتب عمر، فلما أَفاق قال: ما كتبت؟. قال: كتبت عمر. قال كتبت الذي أَردتُ أَن آمرك به ولو كتبتَ نفسَك لكنتَ لها أَهلاً.
وفي رواية أنه لما استعر بأبي بكر الوجع أرسل إلى علي وعثمان ورجالٍ من المهاجرين والأنصار، فقال: قد حضر ما ترون، ولا بد من قائم بأمركم، فإن شئتم اخترتم لأنفسكم، وإن شئتم اخترت لكم، قالوا: بل اختر لنا، فقال لعثمان: اكتب، هذا ما عهد أبو بكر بن أبي قحافة فى آخر عهده بالدنيا خارجا منها وأول عهده بالآخرة داخلا فيها، حيث يتوب الفاجر، ويؤمن الكافر، ويصدق الكاذب، وهو يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله، وقد استخلف..- ثم رهقته غشية - فكتب عثمان "عمر بن الخطاب"، فلما أفاق قال: أكتبت شيئا؟ قال: نعم، كتبت عمر بن الخطاب، فقال:- رحمك الله- أما أنك لو كتبت نفسك لكنت لها أهلا، فاكتب، قد استخلفت عمر بن الخطاب بعدي، ورضيته لكم.
ثم أمر أبو بكر عثمان بجمع الناس، فقال لهم: أترضون بمن أستخلف عليكم؟ فإني والله ما ألوت من جهد الرأي، ولا ولّيت ذا قرابة، وإني قد وليت عليكم عمر بن الخطاب، فاسمعوا له وأطيعوا. فقالوا: سمعنا وأطعنا.
وقبل وفاته دعا عمر بن الخطاب وقال له: "إني مستخلفك على أصحاب رسول الله، يا عمر: إن لله حقـًّا في الليل لا يقبله في النهار، وحقًّا في النهار لا يقبله في الليل، وإنها لا تقبل نافلة حتى تُؤدى الفريضة، وإنما ثقلت موازين من ثقلت موازينه باتباعهم الحق وثقله عليه، وحق لميزان لا يوضع فيه إلا الحق غدًا أن يكون ثقيلاً، وإنما خفت موازين من خفت موازينهم يوم القيامة باتباعهم الباطل، وحق لميزان لا يوضع فيه إلا الباطل أن يكون خفيفـًا. يا عمر، إنما نزلت آية الرخاء مع آية الشدة وآية الشدة مع آية الرخاء ليكون المؤمن راغبًا راهبًا"
يقول المسيح الموعود عليه السلام: "لقد ورد عن شدة عمر - رضي الله عنه - بأن أحدا سأله عن ذلك وقال بأنك كنت سريع الغضب وشديده قبل الإسلام؟ فقال: الغضب مازال الآن كما كان، ولكنه كان يظهر في غير محله أما الآن فيظهر في محله".
اختلف الرواة في أول خطبة خطبها عمر لما ولي الخلافة، فقال بعضهم: إنه صعد المنبر فقال: اللهم إني شديد فليني، وإني ضعيف فقوني، وإني بخيل فسخني. وفي رواية أنه قال: إن الله ابتلاكم بي، وابتلاني بكم بعد صاحبي. فوالله لا يحضرني شيء من أمركم فيليه أحد دوني، ولا يتغيب عني فآلو فيه عن أهل الأمانة، والله لئن أحسنوا لأحسنن إليهم، ولئن أساؤوا لأنكلن بهم.
وفي رواية أنه أمر بجمع الناس فصعد المنبر وجلس حيث كان يضع أبو بكر قدميه فحمد الله وأثنى عليه وصلى على النبي وقال:
بلغني أن الناس هابوا شدتي، وخافوا غِلظتي، وقالوا: قد كان عمرُ يشتد علينا ورسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بين أظهُرِنا، ثم اشتد علينا وأبو بكر والينا دونه، فكيف وقد صارت الأمورُ إليه؟ ومن قال ذلك، فقد صدق؛ فقد كنتُ مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فكنتُ عبدَه وخادمه، وكان مَن لا يبلغ أحدٌ صفتَه من اللِّين والرحمة، وكان كما قال الله:﴿ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ ﴾ فكنتُ بين يديه سيفًا مسلولاً حتى يغمدَني أو يدَعني فأمضي، فلم أزَلْ مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم- على ذلك حتى توفاه اللهُ وهو عني راضٍ، والحمد لله على ذلك كثيرًا، وأنا به أسعد. ثم ولِي أمرَ المسلمين أبو بكر، فكان مَن لا ينكرون دَعَته وكرَمه ولِينه، فكنت خادمه وعونه، أخلط شدَّتي بلِينه، فأكون سيفًا مسلولاً، حتى يغمدني أو يدعني فأمضي، فلم أزل معه كذلك حتى قبضه الله وهو عني راضٍ، والحمد لله على ذلك كثيرًا، وأنا به أسعد.
ثم إني قد وَلِيتُ أمورَكم أيها الناس، فاعلموا أن تلك الشدة قد أُضعفت، ولكنها إنما تكون على أهل الظلم والتعدي على المسلمين، فأما أهل السلامة والدِّين والقصد، فأنا ألينُ لهم من بعضِهم لبعض.
وفي ختام الخطبة، أعلن أمير المؤمنين نصره الله أنه سيصلي الغائب على بعض المرحومين، وذكر نبذة من حياتهم ودعا لهم بالرحمة وأن يلهم ذويهم الصبر والسلوان.