ملخص لخطبة الجمعة التي ألقاها سيدنا أمير المؤمنين (أيده الله تعالى بنصره العزيز) من المسجد المبارك في تلفورد، في 16/07/2021
بسم الله الرحمن الرحيم
نقدم لحضراتكم ملخصًا لخطبة الجمعة التي ألقاها سيدنا أمير المؤمنين (أيده الله تعالى بنصره العزيز) من المسجد المبارك في تلفورد، في 16/07/2021، حيث تابع الحديث عن سيدنا عمر رضي الله عنه وقال:
كثرت الفتوحات في عهده رضي الله عنه وذلك من السنة الـ 13 إلى السنة الـ 23 للهجرة وبلغت مساحة الأراضي المفتوحة أكثر من مليوني ميلًا مربعًا امتدت إلى الشام ومصر وفارس والعراق وخوزستان وأرمينيا وأذربيجان وكرمان وخراسان ومكران.
لم يشترك سيدنا عمر في المعارك ولكنه كان يرسل لجيوش المسلمين تعليماته من المدينة وكأن هذه الأماكن موجودة أمام عينيه. ورد في صحيح البخاري أنه قال "إني لأجهز جيشي وأنا في الصلاة" أي كان يخطط ويدعو لهم في الصلاة ولذلك حققت الجيوش فتوحات عظيمة رغم صعوبة الظروف.
كانت المعركة في إيران والعراق على أشدها حتى مرَضِ سيدنا أبي بكر، فوصل قائد جيش المسلمين على الجبهة العراقية "المثنى بن حارثة" إلى المدينة لطلب المدد وإخبار الخليفة عن أحوال الجيش فطلب أبو بكر عمرًا وقال له اعمل بما أقوله لك، اليوم الاثنين وأتوقع أن أموت اليوم فإذا مت فيجب أن ترسل الجيوش مع المثنى وإذا تأخرت وفاتي اجمع الناس قبل الصباح وأرسلهم مع المثنى فينبغي أن لا يمنعك موتي من العمل بأحكام الدين، فانظر ماذا فعلتُ عند وفاة النبي ؟ والله لو تأخرت في طاعة أمر النبي لأذلنا الله وعاقبنا ولاشتعلت نيران الفتن في المدينة.
بعد وفاة سيدنا أبي بكر تولى سيدنا عمر الخلافة وعمل بوصية أبي بكر وكان الناس يأتون لبيعته من كل حدب وصوب لمدة ثلاثة أيام فكان يخطب في الناس ويحضهم على الجهاد لأن العرب كانوا يخافون من الفرس، وكان المثنى أيضا يندب الناس للجهاد ضد الفرس ويقول لهم لقد حاربنا الفرس وتغلبنا عليهم وإن شاء الله سيكون الفتح من نصيبنا.
وفي اليوم الرابع ألقى عمر خطابا حماسيا جدًا فتقدم أبو عبيد الثقفي وقال أنا لهذا ثم تقدم سعيد بن عبيد ثم شخص آخر ثم امتلأت قلوب المسلمين بالحماس فقدموا أنفسهم للجهاد ووصل عدد الجيش إلى 5 آلاف.
عين سيدنا عمر أبا عبيد الثقفي قائدًا للجيش فلم يعجب ذلك بعض الناس وقالوا تركتَ السابقين الأولين من المهاحرين والأنصار وأمّرت عليهم من أتى بعدهم! فقال عمر إذا كانت للصحابة مكانة مميزة فلأنهم سبقوا في خدمة الإسلام وحاربوا الأعداء للدفاع عن الدين لكنهم تأخروا عن هذا الواجب ومن تقدم أولا له الحق في الأمارة وأبو عبيد هو من تقدم أولا. ولكنه أيضا لم يغفل مكانة الصحاية فقال لأبي عبيدة أن أن يتشاور معهم ويأخذ بنصحهم.
نزل أبو عبيد والمثنى بخفّان، ثم كان اللقاء في النمارق.. وكان قتالاً شديدًا هزم الله فيه أهل فارس وأُسر قائدهم جابان وتجلى في هذه الحرب نموذجًا عاليًا للأخلاق الإسلامية فعندما أُسر جابان دفع لآسريه الفدية فأطلقوا سراحه ثم أُسر مرة أخرى من قبل المسلمين، ولما عرف أبو عبيد أنه قد دفع الفدية قال: "أوفوا للرجل بعهده" فأطلقوا سراحه.
ثم جرت معارك أخرى ومنها معركة الجسر على ضفة نهر الفرات بين المسلمين والفرس، كان قائدُ جيش المسلمين أبا عبيد الثقفي وقائد جيش الفرس "بهمن جاذويه"، وكان عدد جنود المسلمين عشرة آلاف، بينما كان جيش الفرس مؤلفًا من ثلاثين ألف جندي وثلاثمائة فيل. كان بين الجيشين نهر الفرات الذي منعهما من الالتحام لفترة، ثم تم بناء الجسر على الفرات باتفاق الفريقين، وبسبب هذا الجسر سُميت هذه المعركة بمعركة الجسر، حين أُقيم الجسرُ أرسلَ بهمن جاذويه رسولًا إلى الجيش الإسلامي يقول له: "إما أن نعبر إليكم، وإما أن تعبروا إلينا". رأى أبو عبيد أن يعبر جيش المسلمين النهر ويقاتل العدو مع أن رأي سليط، وهو أحد القادة المسلمين، كان مختلفا ولكن أبو عبيد عبر نهر الفرات وشنّ الهجوم على جيش الفرس، استمرت المعركة على هذا النحو لبعض الوقت ثم رأى بهمن جاذويه أن جيشه يكاد أن يتفرق ويتخلّف فأمر أصحاب الأفيال بالتقدم بحيث انشقّت صفوف المسلمين وبدأ الجنود يتفرقون، فأمر أبو عبيد المسلمين بالهجوم على الأفيال وبقطع خراطيمها، وبعد ذلك تقدم أبو عبيد بنفسه وهجم على فيل وقطع خرطومه، وحين رآه الجنود الآخرون تقدموا للقتال وقطعوا خراطيم العديد من الأفيال وقتلوا أصحابَـها. تصدَّى أبو عبيد لفيل فقطع خرطومه ولكن الفيل داسه مما أدى إلى استشهاده. وبعد مقتل أبي عبيد حمل راية المسلمين سبعة أشخاص واحدا تلو الآخر، وكان الثامن المثنى بن حارثة الذي حمل الراية وأراد شن هجوم شديد ولكن صفوف الجيش الإسلامي كانت قد انشقت وبدأ الجنود يهربون هنا وهناك بعد أن رأوا مقتل سبعة من قادتهم، وقفز بعضهم في النهر، وقاتل المثنى وأصحابه بكل شجاعة حتى أُصيب بجروح فعاد عابرا نهر الفرات، لقي المسلمون خسائر كبيرة في هذه المعركة واستُشهد أربعة آلاف جندي من المسلمين وقتل ستة آلاف من الفرس.
وفي ختام الخطبة، أعلن أمير المؤمنين نصره الله أنه سيصلي الغائب على بعض المرحومين ومنهم المرحوم الأستاذ فتحي عبد السلام والمرحومة غصون المعضماني، وذكر نبذة من حياتهم ودعا لهم بالرحمة وأن يلهم ذويهم الصبر والسلوان.