ملخص لخطبة الجمعة التي ألقاها سيدنا أمير المؤمنين (أيده الله تعالى بنصره العزيز) من المسجد المبارك في تلفورد، في 23/07/2021،
نقدم لحضراتكم ملخصًا لخطبة الجمعة التي ألقاها سيدنا أمير المؤمنين (أيده الله تعالى بنصره العزيز) من المسجد المبارك في تلفورد، في 23/07/2021، حيث تابع الحديث عن سيدنا عمر رضي الله عنه وقال:
وقعت معركة البويب في رمضان زمن سيدنا عمر، فعندما أخبر المثنى بن حارثة عمر بهزيمة المسلمين في معركة الجسر، قال له أن يعود لأصحابه وأن يبقى الجيش الإسلامي مكانه حتى يصله المدد، وقام سيدنا عمر بتكثيف خطبه التعبوية فتدفقت القبائل العربية للمشاركة بالحرب وكان من بينها قبائل مسيحية. أرسل سيدنا عمر كتيبة للعراق ولما علم رستم ومهران بالأمر قاما بإرسال جيش على بعد 3 أميال من الكوفة والتقى الجيشان ولم يكن يفصل بينهما سوى نهر البويب فأرسل مهران إلى المثنى يقول: "إمَّا أن تعبر إلينا، وإمَّا أن نعبر إليك". فقال المثنى رضي الله عنه: "اعبروا"، حيث كان المسلمون قد عبروا أولًا في معركة الجسر فتلقوا الهزيمة. ثم نظم المثنى الجيش وركب حصانه وتوقف عند كل راية وأعطى توجيهاته مستخدمًا الكلمات الحماسية وقال: "إنِّي لأرجو ألَّا تُؤتى العرب اليوم من قِبَلِكم، والله ما يسرُّني اليوم لنفسي شيءٌ إلَّا وهو يسرُّني لعامَّتِكم". ولبى المسلمون المخلصون نداء أميرهم ووجه المثنى الجيش وقال سأكبر 3 تكبيرات وعند التكبيرة الرابعة يجب أن تهاجموا، وحصل أنه بعد أن كبّر التكبيرة الأولى هجم الفرس على المسلمين فتقدمت إحدى القبائل المسلمة فحصل خلل في صفوف الجيش الإسلامي فأرسل المثنى إليهم برسالة تقول: "إنَّ الأمير يقرأ عليكم السلام، ويقول: لا تفضحوا المسلمين اليوم" فقالوا نعم وتداركوا الأمر. تلقى جيش الفرس هزيمة نكراء وقتل مهران وفرّ الجيش الفارسي نحو النهر ليعبروه إلى بر الأمان لكن المثنى حاصرهم وهدم الجسر وقتلهم ثم أسف لأنه لحق بالمنهزمين وقال: "لقد عجزت عجزةً وقى اللَّه شرَّها بمسابقتي إيَّاهم إلى الجسر وقطعه، حتى أحرجتهم، فإنِّي غير عائد، فلا تعودوا ولا تقتدوا بي أيُّها الناس، فإنّها كانت منِّي زلةً لا ينبغي إحراج أحدٍ إلَّا من لا يقوى على امتناع". فهكذا كانت أخلاق المقاتلين المسلمين.
صلى المثنى على الشهداء وقال ما يخفف ألمي هو أنهم شاركوا في الحرب وأبدوا الجرأة والبسالة ولم يبدوا أي قلق والشهادة كفارة للذنوب.
تقوى الجيش الإسلامي بعد هذا الانتصار وسيطر على مناطق كثيرة واستعاد السيطرة على مناطق خسرها سابقًا.
ثم تحدث أمير المؤمنين عن حرب القادسية وقال: في أول يوم من المحرم سنة أربع عشرة للهجرة، خَرَجَ عُمَرُ حَتَّى نَزَلَ عَلَى مَاءٍ يُدْعَى صِرَارًا، فَعَسْكَرَ بِهِ وَلا يَدْرِي النَّاسُ مَا يُرِيدُ، أَيَسِيرُ أَمْ يُقِيم، ثم استشار الناس وأشاروا عليه بالذهاب إلى فارس ولكن كان عبد الرحمن بن عوف ممن نهوه عن الذهاب وقال له: "فَمَا فَدَيْتُ أَحَدًا بِأَبِي وَأُمِّي بَعْدَ النبيقَبْلَ يَوْمَئِذٍ وَلا بَعْدَهُ، فَقُلْتُ: يَا بِأَبِي وَأُمِّي، اجْعَلْ عَجُزَهَا بِي وَأَقِمْ وَابْعَثْ جُنْدًا، فَقَدْ رَأَيْتُ قَضَاءَ اللَّهِ لَكَ فِي جُنُودِكَ قَبْلُ وَبَعْدُ، فَإِنَّهُ إِنْ يُهْزَمْ جَيْشُكَ لَيْسَ كَهَزِيمَتِكَ، وَإِنَّكَ إِنْ تُقْتَلْ أَوْ تُهْزَمْ فِي أَنْفِ الأَمْرِ خَشِيتُ أَلا يُكَبِّرَ الْمُسْلِمُونَ وَأَلا يَشْهَدُوا أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ أَبَدًا"
وبعد التشاور مع كبار الصحابة، ألقى سيدنا عمر خطابًا وقال:
"إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ جَمَعَ عَلَى الإِسْلامِ أَهْلَهُ، فَأَلَّفَ بَيْنَ الْقُلُوبِ، وَجَعَلَهُمْ فِيهِ إِخْوَانًا، وَالْمُسْلِمُونَ فِيمَا بَيْنَهُمْ كَالْجَسَدِ لا يَخْلُو مِنْهُ شَيْءٌ مِنْ شَيْءٍ أَصَابَ غيره، وكذلك يحق على المسلمين أن يكونوا أَمْرُهُمْ شُورى بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ ذَوِي الرَّأْيِ مِنْهُمْ، فَالنَّاسُ تُبَّعٌ لِمَنْ قَامَ بِهَذَا الأَمْرِ، مَا اجْتَمَعُوا عَلَيْهِ وَرَضُوا بِهِ لَزِمَ النَّاسُ وَكَانُوا فِيهِ تُبَّعًا لَهُمْ، وَمَنْ أَقَامَ بِهَذَا الأَمْرِ تَبِعٌ لأُولِي رَأْيِهِمْ مَا رَأَوْا لَهُمْ وَرَضُوا بِهِ لَهُمْ مِنْ مَكِيدَةٍ فِي حَرْبٍ كَانُوا فيه تبعا لهم يا أيها النَّاسُ، إِنِّي إِنَّمَا كُنْتُ كَرَجُلٍ مُنْكُمْ حَتَّى صَرَفَنِي ذَوُو الرَّأْيِ مِنْكُمْ عَنِ الْخُرُوجِ، فَقَدْ رَأَيْتُ أَنْ أُقِيمَ وَأَبْعَثَ رَجُلا، وَقَدْ أَحْضَرْتُ هَذَا الأَمْرَ، مَنْ قَدَّمْتُ وَمَنْ خَلَّفْتُ"
ثم وصلته رسالة من سعد بن أبي وقاص وكان مأمورًا عن الصدقات فقال له عبد الرحمن إنه الشخص المناسب وأيد الجميع رأيه فأمّر عمر سعدًا عَلَى حَرْبِ الْعِرَاقِ وَأَوْصَاهُ فَقَالَ: يَا سَعْدُ، لا يَغُرَّنَّكَ مِنَ اللَّهِ أَنْ قِيلَ خَالُ رَسُولِ اللَّهِ وصاحب رسول الله، فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لا يَمْحُو السَّيِّئَ بِالسَّيِّئِ، وَلَكِنَّهُ يَمْحُو السَّيِّئَ بِالْحَسَنِ، فَإِنَّ اللَّهَ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَحَدٍ نَسَبٌ إِلا طَاعَتَهُ، فَالنَّاسُ شَرِيفُهُمْ وَوَضِيعُهُمْ فِي ذَاتِ اللَّهِ سَوَاءٌ. إِنِّي قَدْ وَلَّيْتُكَ حَرْبَ الْعِرَاقِ فَاحْفَظْ وَصِيَّتِي فَإِنَّكَ تُقْدِمُ عَلَى أَمْرٍ شَدِيدٍ كَرِيهٍ لا يَخْلُصُ مِنْهُ إِلا الْحَقُّ، فَعَوِّدْ نَفْسَكَ وَمَنْ مَعَكَ الخير، واستفتح به واعلم ان لكل عادة عتادا، فعتاد الخير الصبر، فالصبر عَلَى مَا أَصَابَكَ أَوْ نَابَكَ، يَجْتَمِعُ لَكَ خَشْيَةُ اللَّهِ".
ثم شرح سيدنا عمر لسيدنا سعد خطة الرحلة والقتال، فَخَرَجَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ مِنَ الْمَدِينَةِ قَاصِدًا الْعِرَاقَ فِي أَرْبَعَةِ آلافٍ. وفي الطريق إلى فارس بدأ المسلمون بالالتحاق بالجيش حتى وصل عددهم عند الوصول 30 ألفًا كان منهم 90 صحابيًا.
طوال الرحلة والمعركة، كان سيدنا عمر على تواصل دائم مع سيدنا سعد من خلال الرسائل فكان يطلع على آخر المستجدات ويقدم توجيهاته.
استمرت المعركة لثلاث ليالٍ وفي الليلة الثالثة بقي المسلمون مستيقظين وخططوا لمسار هجومهم في اليوم التالي، حيث قاتلوا ببسالة عظيمة وقتل رستم قائد الفرس في هذا اليوم فبدأ جيشه بالتراجع متلقيًا الهزيمة.