أم معبد عاتكة بنت خالد بن منقذ بن ربيعة بن أصرم الخزاعية
أم معبد عاتكة بنت خالد بن منقذ بن ربيعة بن أصرم الخزاعية
حين خرج النبي من مكة إلى المدينة مهاجرًا هو وأبو بكر ومولى أبي بكر عامر بن فهيرة ودليلهما الليثي عبد الله بن الأريقط، مروا على خيمة أم معبد الخزاعية فسألوها لحمًا وتمرًا ليشتروه منها، فلم يجدوا عندها شيئًا من ذلك، وكانوا متعبين، فنظر رسول الله إلى شاة في طرف الخيمة وسأل: "ما هذه الشاة يا أم معبد؟" قالت: شاة خلفها الجهد عن الغنم (أي أنها هزيلة) . فقال: "هل بها من لبن". قالت: هي أجهد من ذلك، قال: "أتأذنين لي أن أحلبها". قالت: "نعم بأبي أنت وأمي، إن رأيت بها حلبًا فاحلبها"، فدعا بها رسول الله ووضع يده على ظهرها وسمى الله ثم دعا بالبركة، فامتلأ ضرعها لبنًا، فشرب هو وأصحابه ثم أراحوا ثم حلب ثانيًا فيها بعد ذلك حتى ملأ الإناء، ثم غادره عندها وبايعها وارتحلوا عنها. لما عاد زوجها، تعجّب من وجود اللبن، وقال: مِنْ أَيْنَ لكِ هذَا اللّبن يا أمّ مَعْبَد، والشّاة عازب حِيَال، ولا حَلُوبَ في البيت؟ قالت: لا والله، إلا أنه مَرَّ بنا رجل مبارَك، مِنْ حاله كذا وكذا، قال: صِفيه لي يا أمّ معبد، فقالت: "رأيت رجلاً ظاهر الوضاءة، مبتلج (مشرق) الوجه حسن الخلق، لم تعبه ثجلة (ضخامة البطن) ولم تزر به صعلة (لم يشنه صغر الرأس) وسيم قسيم، في عينيه دعج، وفي أشفاره وطف (طويل شعر الأجفان)، وفي صوته صحل (رخيم الصوت) أحور أكحل أرج أقرن شديد سواد الشعر، في عنقه سطح (ارتفاع وطول) وفي لحيته كثافة، إذا صمت فعليه الوقار, وإذا تكلم سما وعلاه البهاء، وكأن منطقه خرزات نظم يتحدرن، حلو المنطق فصل لا نذر ولا هذر (لا عي فيه ولا ثرثرة في كلامه). أجهر الناس وأجملهم من بعيد، وأحلاهم وأحسنهم من قريب، ربعة (وسط ما بين الطول والقصر) لا تشنؤه (تبغضه) من طول ولا تقتحمه عين (تحتقره) من قصر، غصن بين غصنين، فهو أنضر الثلاثة منظرًا، وأحسنهم قدرًا له رفقاء يخصون به، إذا قال استمعوا لقوله، وإذا أمر تبادروا إلى أمره، محفود (يسرع أصحابه في طاعته)، محشود (يحتشد الناس حوله) لا عابث ولا منفذ (غير مخزف في الكلام). قال أبو معبد: هو والله صاحب قريش الذي ذكر لنا من أمره ما ذكر بمكة ولقد هممت أن أصحبه ولأفعلن إن وجدت إلى ذلك سبيلاً. بعد ذلك هاجرت أم معبد وزوجها إلى يثرب، وأسلما. ولها رواية حديث عن النبي .