ملخص لخطبة الجمعة الأخيرة التي ألقاها سيدنا أمير المؤمنين (أيده الله تعالى بنصره العزيز) من المسجد المبارك في تلفورد، في 20/08/2021



بسم الله الرحمن الرحيم

نقدم لحضراتكم ملخصًا لخطبة الجمعة الأخيرة التي ألقاها سيدنا أمير المؤمنين (أيده الله تعالى بنصره العزيز) من المسجد المبارك في تلفورد، في 20/08/2021، حيث تابع الحديث عن سيدنا عمر رضي الله عنه وتحدث بداية عن فتح مدينة جُنْدَيْ سابور وقال:

حُوصر ذات مرة جيش العدو الفارسي في زمن عمر - رضي الله عنه - ورأوا أنه لا منجى لهم لأن القائد المسلم كان موشكا على فتح قلعتهم بقوة، وإذا فتحها سوف يُعامَلون معاملة المغلوبين. وكل مسلم كان يعلم الفرق بين المُصالح والمغلوب، إذ كان يُنفَّذ قانون إسلامي عام في المغلوب أما الصلح فبإمكان المُصالحين أن يضعوا شروطا ويُطالبوا بحقوق قدر الإمكان. لذا فكَّروا أن يختاروا طريقا ليتم الصلح على شروط سهلة. فذات يوم كان مسلم حبشي يجلب الماء فذهبوا إليه وقالوا: يا صاحبنا، أليس الصلح أفضل من القتال؟ وكان الحبشي غير مثقف، فقالوا له لم لا نعقد الصلح على أن نعيش في بلدنا بحرية دون أن يمسنا أحد بضرر، وأن تبقى أموالنا عندنا وتبقى أموالكم عندكم؟ قال: لا بأس. ففتحوا أبواب القلعة وعندما جاءهم جيش المسلمين قالوا: قد عُقدت المعاهدة بينكم وبيننا. قالوا: متى عُقدت المعاهدة وأي مسؤول عقدها؟ قالوا: لا نعلم من هو المسؤول بينكم غير أنه جاء إلى هنا شخص يجلب ماء وجرى بيننا حديث كذا وكذا. قال المسلمون: إنه ليس إلا عبدا ولكن نسأله ما الذي جرى. عندما سُئل قال: صحيح أنه دار بيني وبينهم هذا الكلام. قالوا: هو رقيق، ولا يحق له أن يأخذ القرار. فقال الخصم: نحن لا ندري هل هو المسؤول بينكم أم لا، نحن أجانب فظننا أنه المسؤول. فقال ضابط مسلم: لا أستطيع أن أقبل هذه المعاهدة ولكن سأكتب إلى عمر - رضي الله عنه -. عندما وصلت الرسالة إلى عمر - رضي الله عنه - أملى في الجواب: أعلِنوا أنه لا يحق لأحد أن يعقد معاهدة إلا القائد الأعلى، أما الآن فلا يسعني أن أكذّب مسلما بعد أن وعد لذا عليك أن تقبل المعاهدة التي عقدها العبد الحبشي.

وعن أسباب اضطرار عمر لفتح فارس قال أمير المؤمنين:

كان عمر يتمنى عمر انتهاء المعارك بعد معركة العراق والأهواز. وأن يكون هناك حائلٌ بين المسلمين والفرس فلا يأتون إلى المسلمين ولا يذهب المسلمون إليهم. ولكن دولة الفرس لم تحقق رغبته، ففي السنة الـ 17 للهجرة جاء وفد من الزعماء المسلمين وسألهم عمر عن أسباب وجود التمرد في المناطق المفتوحة وخشي أن يكون الناس هناك يتعرضون للظلم. فنفوا ذلك، ثم قال الأحنف بن قيس: منعتنا من الإقدام والتقدم في الحرب. ولكن ملك الفرس لا يزال يزاحم ويقاوم يريد إخراجنا بينما لم نأخذ منهم هذه المنطقة إلا بعد أن هاجمونا أولا. وسيستمر الحال كذلك إلا إذا أذنت لنا بالتقدم في الحرب حتى نخرجه من فارس.

فهم عمر أنه لا بد من الإقدام على الحرب ولكنه قرر ذلك بعد سنتين أي في العام الحادي والعشرين للهجرة بعد معركة نهاوند حين خرج الفرس بقوة عظيمة ضد المسلمين وحصلت حرب طاحنة، حيث جمع ملك الفرس يزدجر جيشا عرمرم في نهاوند بعد أن حرك الناس من خراسان إلى السند فأرسل سعد لعمر عن هذا الجيش فعزل سعدًا وعهد بالأمر إلى عمار بن ياسر، فذهب سعد إلى المدينة وأطلع عمر على كامل الأوضاع. وكان عمار يرسل المعلومات إلى المدينة أيضًا، فعقد عمر مجلس الشورى وخطب على المنبر قائلا: "يا معشر العرب، إن الله أيدكم بالإسلام، وألف بينكم بعد الفرقة، وأغناكم بعد الفاقة، وأظفركم في كل موطن لقيتم فيه عدوكم، فلم تفلوا، ولم تُغلبوا، وإن الشيطان قد جمع جموعا ليطفئ نور الله، وهذا كتاب عمار بن ياسر، يذكر أن أهل المدن الفارسية قد أجفلوا إلى ملكهم، ليسيروا إلى إخوانكم بالكوفة والبصرة حتى يطردوهم من أرضهم، ويغزوكم في بلادكم، فأشيروا علي.

فتكلم طلحة بن عبيد الله وقال مرنا نطع، وأدلى عثمان بن عفان بدلوه بأن يسير أهل الشام واليمن والبصرة ويسير عمر بأهل الحرم، فقال علي: "إنك إن أشخصت أهل الشام من شامهم سارت الروم إلى ذراريهم، وإن سيرت أهل اليمن من يمنهم خلفت الحبشة على أرضهم، وإن شخصت أنت من هذا الحرم انتفضت عليك الأرض من أقطارها" أي لا يبدو مناسبا ذهابك إلى المعركة لأنك الخيط الذي انتظم به اللالئ فإن انقطع الخيط تفرقت اللآلئ. وكذلك إن علم الفرس أن خليفتهم في المعركة لبذلوا قصارى جهودهم في الحرب، أما العدد الزائد فلم نحارب قط بناء على العدد وإنما بمدد من الله ولا تتعلق الهزيمة أو الفتح بالقلة أو الكثرة إنه دين الله الذي جعله غالبا. فقال عمر: هذا الرأي الذي كنت رأيته، ولكني أحببت أن تتابعوني عليه. ثم فوض المهمة للنعمان بن مقرن وانتهت المعركة بانتصار المسلمين.

وفي ختام الخطبة، أعلن أمير المؤمنين نصره الله أنه سيصلي الغائب على بعض المرحومين، وذكر نبذة من حياتهم ودعا لهم بالرحمة وأن يلهم ذويهم الصبر والسلوان.