ملخص لخطبة الجمعة الأخيرة التي ألقاها سيدنا أمير المؤمنين (أيده الله تعالى بنصره العزيز) من المسجد المبارك في تلفورد، في 15/10/2021
بسم الله الرحمن الرحيم
نقدم لحضراتكم ملخصًا لخطبة الجمعة الأخيرة التي ألقاها سيدنا أمير المؤمنين (أيده الله تعالى بنصره العزيز) من المسجد المبارك في تلفورد، في 15/10/2021، حيث تابع الحديث عن استشهاد سيدنا عمر رضي الله عنه وقال:
ورد عن ابْن عَبَّاس أنه قال بعد أن طُعن سيدنا عمر رضي الله عنه: "فَلَمْ أَزَلْ عِنْدَ عُمَرَ وَلَمْ يَزَلْ فِي غَشْيَةٍ وَاحِدَةٍ حَتَّى أَسْفَرَ الصُّبْحُ. فَلَمَّا أَسْفَرَ أَفَاقَ فَنَظَرَ فِي وُجُوهِنَا فَقَالَ: أَصَلَّى النَّاسُ؟ قَالَ فَقُلْتُ: نَعَمْ. فَقَالَ: لا إِسْلامَ لِمَنْ تَرَكَ الصَّلاةَ. ثُمَّ دَعَا بِوَضُوءٍ فَتَوَضَّأَ. ثُمَّ صَلَّى ثُمَّ قَالَ: اخْرُجْ يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ فَسَلْ مَنْ قَتَلَنِي. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَخَرَجْتُ حَتَّى فَتَحْتُ بَابَ الدَّارِ فَإِذَا النَّاسُ مُجْتَمِعُونَ جَاهِلُونَ بِخَبَرِ عُمَرَ، فَقُلْتُ: مَنْ طَعَنَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟ فَقَالُوا: طَعَنَهُ عَدُوُّ اللَّهِ أَبُو لُؤْلُؤَةَ غُلامُ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ. قَالَ فَدَخَلْتُ فَإِذَا عُمَرُ يُبِدُّ فِي النَّظَرِ يَسْتَأْنِي خَبَرَ مَا بَعَثَنِي إِلَيْهِ فَقُلْتُ أَرْسَلَنِي أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ لأَسْأَلَ مَنْ قَتَلَهُ فَكَلَّمْتُ النَّاسَ فَزَعَمُوا أَنَّهُ طَعَنَهُ عَدُوُّ اللَّهِ أَبُو لُؤْلُؤَةَ غُلامُ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ. ثُمَّ طَعَنَ مَعَهُ رَهْطًا. ثُمَّ قَتَلَ نَفْسَهُ".
كَانَ عُمَرُ لا يَأْذَنُ لِسَبِيٍّ قَدِ احْتَلَمَ فِي دُخُولِ الْمَدِينَةِ حَتَّى كَتَبَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ وَهُوَ عَلَى الْكُوفَةِ يَذْكُرُ لَهُ غُلامًا عِنْدَهُ صَنِعًا وَيَسْتَأْذِنُهُ أَنْ يُدْخِلَهُ الْمَدِينَةَ وَيَقُولُ إِنَّ عِنْدَهُ أَعْمَالا كَثِيرَةً فِيهَا مَنَافِعُ لِلنَّاسِ. إِنَّهُ حَدَّادٌ نَقَّاشٌ نَجَّارٌ. فكتب إليه عمر فأذن له أَنْ يُرْسِلَ بِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ. وَضَرَبَ عَلَيْهِ الْمُغِيرَةُ مِائَةَ دِرْهَمٍ كُلَّ شَهْرٍ. فَجَاءَ إِلَى عُمَرَ يَشْتَكِي إِلَيْهِ شِدَّةَ الْخَرَاجِ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: مَاذَا تُحْسِنُ مِنَ الْعَمَلِ؟ فَذَكَرَ لَهُ الأَعْمَالَ الَّتِي يُحْسِنُ. فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: مَا خَرَاجُكَ بِكَثِيرٍ فِي كُنْهِ عَمَلِكَ. فَانْصَرَفَ سَاخِطًا يَتَذَمَّرُ فَلَبِثَ عُمَرُ لَيَالِيَ. ثُمَّ إِنَّ الْعَبْدَ مَرَّ بِهِ فَدَعَاهُ فَقَالَ لَهُ: أَلَمْ أُحَدَّثْ أَنَّكَ تَقُولُ لَوْ أَشَاءُ لَصَنَعْتُ رَحًى تَطْحَنُ بِالرِّيحِ؟ فَالْتَفَتَ الْعَبْدُ سَاخِطًا عَابِسًا إِلَى عُمَرَ. فَقَالَ: لأَصْنَعَنَّ لَكَ رَحًى يَتَحَدَّثُ بِهَا النَّاسُ. فَلَمَّا وَلَّى الْعَبْدُ أَقْبَلَ عُمَرُ عَلَى الَّذِينَ مَعَهُ فَقَالَ لَهُمْ: أَوْعَدَنِي الْعَبْدُ آنِفًا. فَلَبِثَ لَيَالِيَ ثُمَّ اشْتَمَلَ أَبُو لُؤْلُؤَةَ عَلَى خِنْجَرٍ ذِي رَأْسَيْنِ نِصَابُهُ فِي وَسَطِهِ وطعن عمر وكانت إحدى الطعنات تحت السرة.
كان أبو لؤلؤة من جهة أخرى حاقدًا على عمر لأن العرب فتحوا بلاده فكان إذا نظر إلى السبي الصغار يأتي فيمسح رؤوسهم ويبكي ويقول "إن العرب أكلت كبدي".
ولما أضمر أبو لؤلؤة قتل عمر اصطنع له خنجرًا له رأسان وشحذه وسمَّه ثم أتى به إلى الهرمزان، فقال: كيف ترى هذا؟ قال: إنك لا تضرب به أحدًا إلا قتلته، وكان الهرمزان من قواد الفرس وقد أسره المسلمون وأتوا به إلى المدينة فلما رأى عمر سأل: "أين حرسه وحجابه؟" قالوا ليس له حارس ولا حاجب ولا كاتب ولا ديوان فقال "ينبغي له أن يكون نبيا" ثم أسلم وفرض له عمر ألفين وأنزله المدينة.
عَنْ نَافِعٍ قَالَ: رَأَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ السِّكِّينَ الَّتِي قُتِلَ بِهَا عُمَرُ فَقَالَ: رَأَيْتُ هَذِهِ أَمْسُ مَعَ الْهُرْمُزَانِ وَجُفَيْنَةَ فَقُلْتُ: مَا تَصْنَعَانِ بِهَذِهِ السِّكِّينِ؟ فَقَالا: نَقْطَعُ بِهَا اللَّحْمَ فَإِنَّا لا نَمَسُّ اللَّحْمَ. فَقَالَ لَهُ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: أَنْتَ رَأَيْتُهَا مَعَهُمَا؟ قَالَ: نَعَمْ. فَأَخَذَ سَيْفَهُ ثُمَّ أَتَاهُمَا فَقَتَلَهُمَا فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ عُثْمَانُ فَأَتَاهُ فَقَالَ: مَا حَمَلَكَ عَلَى قَتْلِ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ وَهُمَا فِي ذِمَّتِنِا؟ فَأَخَذَ عُبَيْدُ اللَّهِ عُثْمَانَ فَصَرَعَهُ حَتَّى قَامَ النَّاسُ إِلَيْهِ فَحَجَزُوهُ عَنْهُ. وَكَانَ حِينَ بَعَثَ إِلَيْهِ عُثْمَانُ تَقَلَّدَ السَّيْفَ فَعَزَمَ عَلَيْهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ أَنْ يَضَعَهُ فَوَضَعَهُ.
لا نعرف مدى مصداقية هذه الرواية.
وقد ورد عن عبد الرحمن بن أبي بكر أنه قال حين قتل عمر: حِينَ قُتِلَ عُمَرُ: قَدْ مَرَرْتُ عَلَى أَبِي لُؤْلُؤَةَ قَاتَلِ عُمَرَ وَمَعَهُ جُفَيْنَةُ والهرمزان وهم نجيٌ فَلَمَّا بَغَتُّهُمْ ثَارُوا فَسَقَطَ مِنْ بَيْنِهِمْ خِنْجَرٌ لَهُ رَأْسَانِ وَنِصَابُهُ وَسَطُهُ. فَانْظُرُوا مَا الْخِنْجَرُ الَّذِي قُتِلَ بِهِ عُمَرُ. فَوَجَدُوهُ الْخِنْجَرَ الَّذِي نَعَتَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ. فَانْطَلَقَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ حِينَ سَمِعَ ذَلِكَ وَمَعَهُ السَّيْفُ حَتَّى دَعَا الْهُرْمُزَانَ فَلَمَّا خَرَجَ إِلَيْهِ قَالَ: انْطَلِقْ مَعِيَ حَتَّى نَنْظُرَ إِلَى فَرَسٍ لِي. وَتَأَخَّرَ عَنْهُ حَتَّى إِذَا مَضَى بَيْنَ يَدَيْهِ عَلاهُ بِالسَّيْفِ. قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ: فَلَمَّا وَجَدَ حَرَّ السَّيْفِ قَالَ:
لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ. قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ: وَدَعَوْتُ جُفَيْنَةَ وَكَانَ نَصْرَانِيًّا مِنْ نَصَارَى الْحِيرَةِ. وَكَانَ ظهيرًا لِسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ أَقْدَمَهُ الْمَدِينَةَ لِلْصلحِ الَّذِي كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ. وَكَانَ يُعَلِّمُ الْكِتَابَ بِالْمَدِينَةِ. قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ: فَلَمَّا عَلَوْتُهُ بِالسَّيْفِ صَلَّبَ بَيْنَ عَيْنَيْهِ. ثُمَّ انْطَلَقَ عُبَيْدُ اللَّهِ فَقَتَلَ ابْنَةً لأَبِي لُؤْلُؤَةَ صَغِيرَةً تَدَّعِي الإِسْلامَ. وَأَرَادَ عُبَيْدُ اللَّهِ أَنْ لا يَتْرُكَ سَبْيًا بِالْمَدِينَةِ إِلا قَتَلَهُ. فَاجْتَمَعَ الْمُهَاجِرُونَ الأَوَّلُونَ عَلَيْهِ فَنَهَوْهُ وَتَوَعَّدُوهُ فَقَالَ: وَاللَّهِ لأَقْتُلَنَّهُمْ وَغَيْرَهُمْ. وَعَرَّضَ بِبَعْضِ الْمُهَاجِرِينَ فَلَمْ يَزَلْ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ بِهِ حَتَّى دَفَعَ إِلَيْهِ السَّيْفَ. ثم أَتَاهُ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ فَأَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِرَأْسِ صَاحِبِهِ يَتَنَاصَيَانِ حَتَّى حُجِزَ بَيْنَهُمَا.
ومن هذه الروايات يقول المؤرخون الذين يرون أن استشهاد سيدنا عمر كان مؤامرة مبيتة:
يتبين أن مقتل سيدنا عمر كان مكيدة مدبرة مسبقًا، ولولا استعجال عبيد الله بن عمر في قتل الههرمزان وجفينة لكان تم التحقيق معك ولانكشفت تفاصيل المؤامرة.