ملخص لخطبة الجمعة الأخيرة التي ألقاها سيدنا أمير المؤمنين (أيده الله تعالى بنصره العزيز) من المسجد المبارك في تلفورد، في 22/10/2021
بسم الله الرحمن الرحيم
نقدم لحضراتكم ملخصًا لخطبة الجمعة الأخيرة التي ألقاها سيدنا أمير المؤمنين (أيده الله تعالى بنصره العزيز) من المسجد المبارك في تلفورد، في 22/10/2021، حيث تابع الحديث عن سيدنا عمر رضي الله عنه وقال:
تحدثت الخطبة الماضية عن كيف تخاصم عبيد الله بن عمر وسيدنا عثمان t وقلت لا نعرف مدى مصداقية هذه الرواية، وبعد التحقيق تبين أنه قد ذُكر في بعض المراجع أنه لما حدث هذا الشجار لم يكن سيدنا عثمان قد تولى منصب الخلافة.
لما تولى سيدنا عثمان t الخلافة، اعتُقل عبيد الله وعُرض أمام عثمان فخطب سيدنا عثمان بجماعة من الأنصار والمهاجرين وقال أفتوني بشأن هذا الشخص الذي فرق الإسلام فقال علي t يحب أن يقتل ولكن بعض المهاجرين رأوا أن في هذا الرأي قسوة فبالأمس قتل عمر t فكيف يقتل ابنه اليوم؟ فسكت سيدنا علي، ثم أراد سيدنا عثمان أن يجد مخرجًا من هذا المأزق فقال عمرو بن العاص لقد حصل هذا الأمر ولم تكن أميرا للمسلمين وليست عليك مسؤولية فلم يقتنع عثمان t بهذا الرأي وقال يجب أن تؤدى الدية للمقتولين.
ورد في تاريخ الطبري أن عثمان t سلم عبيد الله لابن الهرمزان ليقتله قصاصا لكنه عفى عنه.
يقول سيدنا المصلح الموعودt:
يذكر القماذبان بن الهرمزان حادث قتل أبيه الهرمزان، الذي كان من كبار الفرس والمجوس، وكان مظنةَ الاشتراك في قتل سيدنا عمر رضي الله عنه. فثار عبيد الله بن عمر على الرجل بناء على هذه الشُبهة فقتله. يقول القماذبان: كانت العجم في المدينة يَسْتَرْوِح بعضهم إلى بعض فمر فيروز بأبي ومعه خنجر له رأسان، فتناوله منه وقال: ماذا تصنع بهذا في هذه البلاد ذات الأمن والسلام؟ قال: استخدمه لحث الإبل، فرآه رجل. فلما أصيب عمر، قال رأيت هذا مع الهرمزان دفعه إلى فيروز. فأقبل عبيد الله فقتله. فلما وُلِّي عثمان دعاني فأمكنني منه. ثم قال: يا بني، هذا قاتل أبيك وأنت أولى به منا، فاذهب فاقتله. فخرجت به وما في الأرض أحد إلا معي، إلا أنهم يطلبون إلي فيه. فقلت لهم: ألي قتلُه؟ قالوا: نعم، وسبوا عبيد الله. فقلت: أفلكم أن تمنعوه؟ قالوا: لا، وسبّوه. فتركته لله ولهم. فاحتملوني. فوالله، ما بلغت المنزل إلا على رؤوس الرجال وأكفِّهم"
فهذه الحادثة تؤكد أن الصحابة كانوا يقتلون القاتل المسلم بغير المسلم، كما تؤكد أنهم كانوا لا يفرقون بين سلاح وآخر، وأن الحكومة هي التي تقبض على القاتل وتحاكمه وتعاقبه.
وعن آخر لحظات سيدنا عمر t قال عُثْمَان بْن عَفَّانَ:
"أَنَا آخِرُكُمْ عَهْدًا بِعُمَرَ. دَخَلْتُ عَلَيْهِ وَرَأْسُهُ فِي حِجْرِ ابْنِهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فَقَالَ لَهُ: ضَعْ خَدِّي بِالأَرْضِ. قَالَ: فَهَلْ فَخِذِي وَالأَرْضُ إِلا سَوَاءٌ؟ قَالَ: ضَعْ خَدِّي بِالأَرْضِ لا أُمَّ لَكَ. فِي الثَّانِيَةِ أَوْ فِي الثَّالِثَةِ. ثُمَّ شَبَّكَ بَيْنَ رِجْلَيْهِ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: وَيْلِي وَوَيْلُ أُمِّي إن لم يغفر الله لي. حتى فاضت نَفْسُهُ".
وعَنْ سِمَاكٍ الْحَنَفِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: قُلْتُ لِعُمَرَ مَصَّرَ اللَّهُ بِكَ الأَمْصَارَ وَفَتَحَ بِكَ الْفُتُوحَ وَفَعَلَ بِكَ وَفَعَلَ. فَقَالَ: لَوَدِدْتُ أَنِّي أَنْجُوَ مِنْهُ لا أَجْرَ وَلا وِزْرَ.
وعَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمَّا حَضَرَتْ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ الْوَفَاةُ قَالَ: بِالإِمَارَةِ تغبطوني؟ فو الله لَوَدِدْتُ أَنِّي أَنْجُوَ كَفَافًا لا عَلَيَّ وَلا لِي.
يقول سيدنا المصلح الموعود t "فلما قربت وفاة عمر t أبدى رغبة شديدة في أن يجد مكانًا قرب أقدام النبي r ليدفن فيه، فأرسل إلى السيدة عائشة رضي الله عنها يستأذنها أن يُدفن بجوار النبي r.
كان عمر t ذلك الرجل الذي يكتب عنه المؤرخون المسيحيون أنه لم يحكم أحد في العالم مثله، وإنهم يسيئون إلى النبي الكريم r غير أنهم يثنون على عمر t. مثل هذا الشخص يتمنى عند موته بكل حسرة أن يجد مكانًا عند قدمي النبي r. فلو ظهر من أفعال النبي r أنه لم يقم بها ابتغاء مرضاة الله تعالى لما تمنّى شخص مثل عمر t -بعد بلوغه تلك الدرجة السامية- أن يجد مكانا عند قدمي النبي r.