الشفاء العدوية (رضي الله عنها)
أول معلمة في الإسلام
الشفاء بنت عبد الله بن عبد شمس العدوية القرشية واسمها ليلى بنت عبد الله بينما الشفاء كان لقبًا لها لمهارتها في الطب.
أسلمت الشفاء في مكة قبل الهجرة هي وزوجها أبو حثمة بن حذيفة ثم هاجرا للمدينة حين أذن الله تعالى بالهجرة، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يزورهما ويقيل عندهما وكانا قد خصصا له إزارًا لهذا الغرض. وقد احتفظت الشفاء بهذا الإزار وبالفراش الذي كان ينام عليه رسول الله فلم يزل عند ابنها الصحابي الجليل سليمان بن أبي حثمة حتى استوهبه إياه مروان بن الحكم.
كانت الشفاء بنت عبد الله العدوية من القلائل الذين عرفوا القراءة والكتابة في الجاهلية وقد أقطعها النبي دارًا بالمدينة، وأصبحت تلك الدار مركزا علميا للنساء، وكان من بين المتعلمات حفصة بنت عمر زوجة النبي ﷺ. لقد علمت الشفاء نساء المسلمين القراءة والكتابة وبذلك تعتبر أول معلمة في الإسلام.
كانت الشفاء طبيبة وراقية وكانت تخرج مع النبي في غزواته فتداوي الجرحى، وكان يأتيها الصحابة في بيتها للتطبيب وقد كانت تجيد الرقية منذ الجاهلية، وكانت ترقي من داء يسمى النملة وهو قُرُوحٌ تَخْرُجُ فِي الْجَنْبَيْنِ وقد سُمِّيَ نَمْلَةً؛ لِأَنَّ صَاحِبَهُ يُحِسُّ فِي مَكَانِهِ كَأَنَّ نَمْلَةً تَدِبُّ عَلَيْهِ وَتَعَضُّهُ.
بعد إسلامها، توقفت الشفاء عن الرقية، وذات يوم خرجت برجل من الأنصار نملة فدلوه أن الشفاء بنت عبد الله كانت ترقي من النملة أيام الجاهلية فجاءها فسألها أن ترقيه فقالت: "والله ما رقيت منذ أسلمت" فذهب الأنصاري إلى رسول الله فأخبره بالذي قالت الشفاء فدعاها رسول الله وقال: "اعرضي علي الرقية" فعرضتها عليه فقال: "ارقيه وعلميها حفصة كما علمتها الكتابة".
كانت هذه الرقية تقول:"بِسْمِ اللَّهِ ضَلَّتْ حَتَّى تَعُودَ مِنْ أَفْوَاهِهَا، وَلَا تَضُرُّ أَحَدًا اللَّهُمَّ اكْشِفِ الْبَأْسَ رَبَّ النَّاسِ" (زاد المعاد في هدي خير العباد لابن القيم)
ولاها سيدنا عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) حسبة السوق في المدينة المنورة.
روت الشفاء عن النبي وعن عمر بن الخطاب، وروى عنها ابنها سليمان بن أبي خثمة وآخرون من أحفادها، وقد روى لها البخاري في كتاب الأدب وكتاب أفعال العباد كما روى لها أبو داود والنسائي.
عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ، عَنِ الشِّفَاءِ بِنْتِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَتْ: خَلَ عَلَيَّ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَوَجَدَ عِنْدِي رَجُلَيْنِ نَائِمَيْنِ، فَقَالَ: مَا شَأْنُ هَذَيْنِ؟ أَمَا شَهِدَا مَعَنَا الصَّلاةَ؟ قَالَتْ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ صَلَّيَا مَعَ النَّاسِ، وَذَلِكَ فِي رَمَضَانَ، فَلَمْ يَزَالا يُصَلِّيَانِ حَتَّى أَصْبَحَا، ثُمَّ صَلَّيَا الصُّبْحَ وَنَامَا، فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: لأَنْ أُصَلِّيَ الصُّبْحَ فِي جَمَاعَةٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أُصَلِّيَ لَيْلَةً حَتَّى أُصْبِحَ (تاريخ دمشق لابن عساكر)
عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ لِأَبِي بَكْرِ بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ: مِنْ أَوَّلِ مَنْ كَتَبَ مِنْ عَبْدِ اللهِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ؟ فَقَالَ: أَخْبَرَتْنِي الشِّفَاءُ بِنْتُ عَبْدِ اللهِ - وَكَانَتْ مِنَ الْمُهَاجِرَاتِ الْأُوَلِ - "أَنَّ لَبِيدَ بْنَ رَبِيعَةَ، وَعَدِيَّ بْنَ حَاتِمٍ قَدِمَا الْمَدِينَةَ، وَأَتَيَا الْمَسْجِدَ فَوَجَدَا عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ فَقَالَا: يَا ابْنَ الْعَاصِ، اسْتَأْذِنْ لَنَا عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ. فَقَالَ: أَنْتُمَا وَاللهِ أَصَبْتُمَا اسْمَهُ، هُوَ الْأَمِيرُ، وَنَحْنُ الْمُؤْمِنُونَ، فَدَخَلَ عَمرٌو عَلَى عُمَرَ فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: مَا هَذَا؟ فَقَالَ: أَنْتَ الْأَمِيرُ، وَنَحْنُ الْمُؤْمِنُونَ، فَجَرَى الْكِتَابُ مِنْ يَوْمَئِذٍ" (المعجم الكبير للطبراني)
توفيت الشفاء (رضي الله عنها) سنة عشرين للهجرة، في خلافة عمر بن الخطاب .