ملخص لخطبة الجمعة الأخيرة التي ألقاها سيدنا أمير المؤمنين (أيده الله تعالى بنصره العزيز) من المسجد المبارك في تيلفورد، في 19/11/2021
بسم الله الرحمن الرحيم
نقدم لحضراتكم ملخصًا لخطبة الجمعة الأخيرة التي ألقاها سيدنا أمير المؤمنين (أيده الله تعالى بنصره العزيز) من المسجد المبارك في تيلفورد، في 19/11/2021، حيث تابع الحديث عن سيدنا عمر بن الخطاب t وقال:
انظروا كيف نال الصحابة مراتب عليا وصاروا صحابة رسول الله وإلا فقد كانوا من قبل ألد أعدائه ومثال ذلك سيدنا عمر t الذي كان في البداية عدوًا لدودًا للنبي حتى خرح ذات مرة لقتله ورآه أحدهم فسأله إلى أين تتجه؟ فقال: لقتل محمد. فقال الرجل: ارجع إلى بيتك أولًا، فإن أختك وزوجها قد أسلما. فذهب عمر t إلى بيتهما، فوجد الباب مغلقًا، وسمع صوت قراءة القرآن. فدقّ الباب. فقال زوج أخته: من؟ قال: أنا عمر. فأخفى الصحابيَّ الذي كان يقرأ القرآن في ناحية من البيت، ووضع أوراق القرآن أيضًا جانبًا، ولما فُتح الباب سأل عمر أخته أن تعطيه ما كان يُقرأ فقالت له: كلا، أخشى أن تسيء له فوعدها أن لا يفعل ثم قرىء عليه القرآن فبكى، ثم سارع للنبي والسيف في يده فقال له رسول الله: إلى متى تستمر في هذا يا عمر؟ فبكى عمر وقال كنت خرجت لأقتلك ولكني صرت صيدًا لك.
عن خشية عمر لله تعالى ورد أنه قال: "لو ماتت شاة على شط الفرات ضائعة لظننت أن الله تعالى سائلي عنها يوم القيامة."
وفي رواية أنه قال: "لو أن جملاً هلك ضياعًا بشط الفرات، لخشيت أن يسألني الله عنه".
عن أنس بن مالك قال دخل عمر حائطا فسمعته يقول: "عمر بن الخطاب أمير المؤمنين!! بخ بخ!! والله لتتقين الله يا ابن الخطاب أو ليعذبنك."
وكان نقش خاتمه: "كفى بالموت واعظًا يا عمر".
عن عبد الله بن شداد قال: سمعت عمر يقرأ في صلاة الفجر سورة يوسف، فسمعت نشيجه، وإني لفي آخر الصفوف، وهو يقرأ "إنما أشكو بثي وحزني إلى الله".
وعن اهتمام عمر بخدام الدين القدامى ورد عن ثعلبة بن أبي مالك أنه قال: إن عمر بن الخطاب قسم مروطًا بين نساء أهل المدينة، فبقي منها مرط جيد فقال له بعض من عنده: يا أمير المؤمنين، أعط هذا بنت رسول الله التي عندك -يريدون أم كلثوم بنت علي- فقال عمر: أم سليط أحق به. وأم سليط من نساء الأنصار ممن بايع رسول الله، قال عمر: فإنها كانت تَزْفِر لنا القِرَب يوم أُحد.
عن زيد بن أسلم عن أبيه قال خرجت مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى السوق فلحقتْ عمر امرأة شابة فقالت يا أمير المؤمنين هلك زوجي وترك صبية صغارا والله ما ينضجون كراعا ولا لهم زرع ولا ضرع وخشيت أن تأكلهم الضبع وأنا بنت خفاف بن إيماء الغفاري وقد شهد أبي الحديبية مع النبي صلى الله عليه وسلم فوقف معها عمر ولم يمض ثم قال مرحبا بنسب قريب ثم انصرف إلى بعير ظهير كان مربوطا في الدار فحمل عليه غرارتين ملأهما طعاما وحمل بينهما نفقة وثيابا ثم ناولها بخطامه ثم قال اقتاديه فلن يفنى حتى يأتيكم الله بخير فقال رجل يا أمير المؤمنين أكثرت لها فقال عمر ثكلتك أمك والله إني لأرى أبا هذه وأخاها قد حاصرا حصنًا زمانًا فافتتحاه ثم أصبحنا نستفيء سهمانهما فيه.
كيف كان سيدنا عمر يعتني بالعجائز ذوات الحاجة؟ ورد عن ذلك أن طلحة بن عبد الله قال: خرج عمر بن الخطاب في ليلة في سواد الليل فتبعته فوجدته دخل بيتا. فلما أتى الصبح ذهبت إلى ذلك البيت فوجدت عجوز عمياء مقعدة. فقلت لها: ما بال هذا الرجل يأتيك؟ فقالت: إنه يتعهدني مدة كذا وكذا فيأتيني بما يصلحني ويخرج عني الأذى. فقلت لنفسي: ثكلتك أمك يا طلحة أعثرات عمر تتبع؟!
عن ابن عمر قال: لما رجع عمر من الشام إلى المدينة، انفرد عن الناس ليتعرّف أخبار رعيّته، فمرّ بعجوز في خبائها، فقصدها، فقالت: يا هذا، ما فعل عمر؟ فقال: قد أقبل من الشام سالماً. فقالت: لا جزاه الله عني خيرًا، قال: ولم؟! قالت: لأنه والله ما نالني من عطائه منذ ولي أمر المؤمنين دينار ولا درهم. فقال: وما يدري عمر بحالك، وأنت في هذا الموضع؟! فقالت: سبحان الله! والله ما ظننت أن أحدًا يلي على الناس، ولا يدري ما بين مشرقها ومغربها. فبكى عمر، وقال: واعمراه، كل أحد أفقه منك حتى العجائز يا عمر! ثم قال لها: يا أمة الله، بكم تبيعيني ظلامتك من عمر؛ فإني أرحمه من النار؟ فقالت: لا تهزأ بنا يرحمك الله. فقال: لست بهزّاء.
فلم يزل بها، حتى اشترى منها ظلامتها بخمسة وعشرين دينار. فبينما هو كذلك، إذ أقبل علي بن أبي طالب وابن مسعود، فقالا: السلام عليك يا أمير المؤمنين.
فوضعت العجوز يدها على رأسها، وقالت: واسوأتاه، شتمت أمير المؤمنين في وجهه!!
فقال لها عمر: لا بأس عليك رحمك الله. ثم طلب رقعة يكتب فيها، فلم يجد، فقطع قطعة من مرقعته وكتب فيها: بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما اشترى عمر من فلانة ظلامتها منذ ولي إلى يوم كذا وكذا، بخمسة وعشرين دينارا، فما تدّعي عند وقوفه في المحشر بين يدي الله تعالى، فعمر بريء منه، شهد على ذلك علي بن أبي طالب وابن مسعود رضي الله عنهما، ثم دفع الكتاب إلى ولده، وقال: إذا أنا مت، فاجعله في كفني ألقى به ربي.
وعن أسلم مولى عمر قال: بينما كان عمر يعس أحوال المدينة فأعيا فاتكأ على جدار فإذا امرأة تقول لابنتها: امذقي اللبن بالماء ليكثر عند البيع، فقالت البنت: إن عمر أمر مناديه أن ينادي: ألا يشاب اللبن بالماء، فقالت الأم: يا ابنتي قومي إنكِ بموضع لا يراكِ فيه عمر ولا مناديه، فقالت البنت: والله ما كنت لأطيعه في الملأ وأعصيه في الخلاء، إن كان عمر لا يرانا، فرب أمير المؤمنين يرانا. زوّج سيدنا عمر ابنه عاصم من تلك الفتاة فولدت له بنتًا، ثم ولدت هذه البنت ابنة صارت أمَّا لعمر بن عبد العزيز.