ملخص لخطبة الجمعة الأخيرة التي ألقاها سيدنا أمير المؤمنين (أيده الله تعالى بنصره العزيز) من المسجد المبارك في تيلفورد، في 03/12/2021



 بسم الله الرحمن الرحيم

نقدم لحضراتكم ملخصًا لخطبة الجمعة الأخيرة التي ألقاها سيدنا أمير المؤمنين (أيده الله تعالى بنصره العزيز) من المسجد المبارك في تيلفورد، في 03/12/2021، حيث بدأ الحديث عن سيدنا أبي بكر الصديق t وقال:

كان اسمه عبد الله بن عثمان بن عامر، وكنيته أبو بكر ولقبه العتيق والصديق، ولد بعد عام الفيل بعامين و6 أشهر في عام 573 م. وكان ينتمي لتيم بن مُرّة،كان اسمه في الجاهلية عبد الكعبة وغيرّه رسول الله إلى عبد الله، وكان يكنى أيضًا بابن أبي  قحافة.

عاش والدا أبي بكر إلى ما بعد وفاته وقد ورثاه، وكانت والدته أول من لحق به ثم توفي والده عن عمر يناهز 97 عامًا.

وُفّق والداه لاعتناق الإسلام وقد تأخر إسلام أبيه حتى فتح مكة وكان قد كُف بصره، فلما دخل رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم المسجد، خرج أبو بكر حتى جاء بأبيه يقوده، فلما رآه رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم قال: "هلّا تركت الشّيخ في بيته حتّى آتيه! فقال: يمشي هو إليك يا رسول اللَّه، أحقّ من أن تمشي إليه. وأجلسه بين يديه، ثم مسح رسول الله على صدره، فقال: "أسلم تسلم" فأسلم.

 عن جابر بن عبد الله قال أوتي بأبي قحافة يوم فتح مكة ورأسه ولحيته كالثغامة بياضًا، فقال رسول الله ﷺ: "غيروا هذا، واجتنبوا السواد".

أما والدة أبي بكر فكانت من أوائل المسلمين، ورد في السيرة الحلبية أن النبي لما دخل دار الأرقم ليعبد الله تعالى ومن معه من أصحابه فيها سرا، وكانوا ثمانية وثلاثين رجلا ألحّ أبو بكر رضي الله تعالى عنه على رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخروج إلى المسجد، فقال: يا أبا بكر إنا قليل، فلم يزل به حتى خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن معه من أصحابه إلى المسجد، وقام أبو بكر في الناس خطيبا، ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس ودعا إلى الله ورسوله، فهو أول خطيب دعا إلى الله تعالى، وثار المشركون على أبي بكر وعلى المسلمين يضربونهم فضربوهم ضربا شديدا، ووُطئ أبو بكر بالأرجل وضرب ضربا شديدا، وصار عتبة بن ربيعة يضرب أبا بكر بنعلين مخصوفتين، ويحرفهما إلى وجهه حتى صار لا يعرف أنفه من وجهه، فجاءت بنو تيم يتعادون، فأجلت المشركين عن أبي بكر وحملوه في ثوب إلى أن أدخلوه منزله، ولا يشكون في موته، ثم رجعوا فدخلوا المسجد، فقالوا والله لئن مات أبو بكر لنقتلن عتبة، ثم رجعوا إلى أبي بكر وصار والده أبو قحافة وبنو تيم يكلمونه فلا يجيب، حتى إذا كان آخر النهار تكلم وقال: ما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعذلوه، فصار يكرر ذلك، فقالت أمه والله ما لي علم بصاحبك، فقال اذهبي إلى أم جميل بنت الخطاب أخت عمر بن الخطاب: فإنها كانت أسلمت، وهي تخفي إسلامها فأسأليها عنه، فخرجت إليها وقالت لها، إن أبا بكر يسأل عن محمد بن عبد الله، فقالت: لا أعرف محمدا ولا أبا بكر، ثم قالت لها: تريدين أن أخرج معك؟ قالت نعم، فخرجت معها إلى أن جاءت أبا بكر رضي الله تعالى عنه فوجدته صريعا، فصاحت وقالت إن قوما نالوا هذا منك لأهل فسق، وإني لأرجو أن ينتقم الله منهم، فقال لها أبو بكر، ما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقالت له: هذه أمك تسمع، قال: فلا عين عليك منها، أي أنها لا تفشي سرك، قالت سالم، فقال: أين هو؟ فقالت في دار الأرقم، فقال والله لا أذوق طعاما ولا أشرب شرابا أو آتي رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالت أمه: فأمهلناه حتى إذا سكن الناس فخرجنا به يتكئ عليّ حتى دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرق له رقة شديدة، وأكب عليه يقبله، وأكب عليه المسلمون كذلك، فقال: بأبي وأمي أنت يا رسول الله، ما بي من بأس إلا ما نال الناس من وجهي، وهذه أمي برة بولدها، فعسى الله أن ينقذها بك من النار، فدعا لها رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعاها إلى الإسلام فأسلمت.

لُقب سيدنا أبي بكر بالعتيق لعتقه من النار وقيل لأنه لم يكن فِي نسبه شيء يعاب بِهِ، وَقِيلَ لِأَنّ أُمّهُ كَانَتْ لَا يَعِيشُ لَهَا وَلَدٌ فَنَذَرَتْ إنْ وُلِدَ لَهَا وَلَدٌ أَنْ تُسَمّيَهُ عَبْدَ الْكَعْبَةِ، وَتَتَصَدّقُ بِهِ عَلَيْهَا، فَلَمّا عَاشَ وَشَبّ سُمّيَ عَتِيقًا، كَأَنّهُ أُعْتِقَ مِنْ الْمَوْتِ. ولُقب بالصديق منذ الجاهلية لما عُرف منه من الصدق، وقيل: لمبادرته إلى تصديق رسول الله :

عن عائشة رضي الله عنها قالت: "لما أسري بالنبي صلى الله عليه وسلم إلى المسجد الأقصى أصبح يتحدث الناس بذلك، فارتد ناس ممن كان آمنوا به وصدقوه، وسعى رجال من المشركين إلى أبي بكر، فقالوا: هل لك إلى صاحبك يزعم أنه أسري به الليلة إلى بيت المقدس؟ قال: أوقال ذلك؟ قالوا: نعم، قال: لئن قال ذلك لقد صدق، قالوا: أو تصدقه أنه ذهب الليلة إلى بيت المقدس وجاء قبل أن يصبح؟ فقال: نعم، إني لأصدقه في ما هو أبعد من ذلك أصدقه في خبر السماء في غدوة أو روحة، فلذلك سمي أبا بكر الصديق.