السيدة قدسية وورد -المملكة المتحدة
السيدة قدسية وورد -المملكة المتحدة
في يوليو 1971 انضممت إلى الجماعة الإسلامية الأحمدية ولكن بفضل الله تعالى، أعتقد أن رحلتي للإسلام قد بدأت قبل ذلك بوقت طويل.
عاشت عائلتي في بلدة صناعية صغيرة على أطراف برمنغهام. كنت الرابعة من بين خمسة أطفال لعائلة من الطبقة العاملة. عمل والدي ووالدتي محليًا. كانت والدتي تطمح أن يحصل أطفالها على التعليم في المدارس الحكومية التي تقبل المتفوقين والتي حرمت هي منها بسبب الفقر.
عندما كنت صغيرة، تم إرسالي إلى مدرسة الأحد التابعة للكنيسة المعمدانية المحلية. كانت قريبة من منزلي وكان بإمكاني المجيء والذهاب مع أشقائي وبعد ذلك بمفردي. أتذكر الرحلات المدرسية يوم الأحد إلى شاطئ البحر في القطارات البخارية، والأغاني التي تعلمتها في الفصول الدراسية، وبعد ذلك الأشياء التي تعلمتها في مؤسسة بريغيد للفتيات ومن ثم في نادي الشباب الذي كان لعدة سنوات من شبابي مركز حياتي الاجتماعية.
في سن السادسة عشرة تقريبًا كنت أحضر القداس المسائي عن طيب خاطر. تم تعميد أحد أبناء صفي في مدرسة الأحد رسميًا وأعجبني هذا الحفل وبدأت دروس التحضير لأتعمد بنفسي. بعد عدة دروس، أخبرني النائب أنه لا يعتقد أنني مستعدة للتعميد بعد. أنا متأكدة من أنه شرح ذلك لي ولكني أتذكر فقط أنني كنت أرى أن السبب في رفضه هو أن عائلتي لم تكن جيدة بما يكفي أو نشطة بما فيه الكفاية في الكنيسة حتى يقبل تعميدي. بعد ذلك بقليل توقفت عن الذهاب إلى الكنيسة وأصبحت اهتماماتي تركز على الأنشطة المدرسية.
لقد استمتعت بالمدرسة وحصلت على تعليم جيد من جميع النواحي.كانت دراساتي مبنية على العلم ولكنها تضمنت التربية الدينية. كنت نشيطة جدا في نادي كرة السلة. وبعد عام واحد من الثانوية العامة، تركت المدرسة والمنزل لأكون مربية أطفال مع عائلة خارج كيدزمنيستر.
بينما كنت هناك واصلت الدراسة وحصلت على المزيد من الشهادات. ثم تقدمت بطلب للالتحاق بكلية تدريب المعلمين. لم أحصل على مكان في الكلية التي اخترتها ثم أعطوني مقعدًا في كلية دونكاستر للتعليم.
في سبتمبر 1967، بدأت كلية تدريب المعلمين التي تدرس التعليم الابتدائي والتعليم الديني والجغرافيا.
في ذلك الوقت كان الطلاب يتلقون رعاية جيدة. من الناحية القانونية، كنا لا نزال قصّرًا لذلك كانت هناك قواعد وأنظمة لحمايتنا غير متوفرة للطلاب الآن. كان يتم تقديم وجبات الطعام في غرف الكلية والغرف الاجتماعية المتاحة لكل مجموعة حيث تمكنا من التعرف على بعضنا بين الفصول الدراسية.
قبل نهاية شهر سبتمبر، قابلت نيڤيل وورد الذي كان مثلي تمامًا، لم يختر دونكاستر ولكنها اختيرت له. غالبًا ما كنا نلتقي في الغرفة المشتركة ونتحدث، كما لعبنا كرة السلة والورق مع الطلاب الآخرين. وبحلول نهاية أكتوبر بدأنا "نتواعد" وبقينا معًا بعد ذلك إلى الأبد.
لن أنسى أبدًا أنه في أول موعد لنا ناقشنا آراءنا حول مكانة مريم، والدة المسيح عليه السلام. يا لها من محادثة غريبة لأول موعد! كنا سعداء معًا لمدة خمسة وأربعين عامًا. عندما توفي عام 2012 كان يقوم بدراسة تفصيلية لسورة مريم من القرآن الكريم!
عندما انتهينا من تدريبنا حصل كلانا على وظيفة للتدريس في هاندسوورث في برمنغهام. وهناك التقى نيڤيل بالسيد مطيع الله درد الذي كان يعمل في نفس المدرسة وفي نفس المجموعة وقد كان في ذلك الوقت رئيس الجماعة الإسلامية الأحمدية المحلية. كان السيد درد معلمًا لنيڤيل في سنته الأولى في التدريس. وسرعان ما وجد السيد درد أن نيڤيل كان مهتمًا بالتاريخ فاستغل اهتمامه هذا لتقديم موضوع المسيحية والإسلام. اتبع السيد درد جميع تقنيات التبليغ التي علمنا إياها خليفة المسيح الرابع (رحمه الله) فيما بعد. كنت أرى أن نيڤيل كان مهتمًا بهذه النقاشات كما كنت أنا.
من تشرين الأول (أكتوبر) إلى كانون الأول (ديسمبر)، كان السيد درد يقلنا دائمًا إلى المنزل بعد المدرسة وكنا نتوقف لتناول القهوة والدردشة. قبل عطلة عيد الميلاد المدرسية، طلبت من السيد درد شراء المزيد من الكتب عن الإسلام لأقدمها لنيڤيل كهدية في عيد ميلاده في يناير.
أعطيته 10 جنيهات إسترلينية، فأحضر لي الكثير من الكتب بما في ذلك بعض الكتب التي ألفها السير تشودري ظفر الله خان (رضي الله عنه). وقد قرأنا كلانا هذه الكتب.
بحلول عيد الفصح، كنا لا نزال مهتمين بالإسلام كما قُدم لنا، وقررنا الذهاب لزيارة المسجد في لندن. كان لي أخ يعيش في شمال لندن فقررنا البقاء معه حتى نتمكن بسهولة من زيارة المسجد.
أتذكر أننا مشينا في شارع غريسنهول (حيث يقع المسجد قرب السكة الحديدية) ومررنا بسور المسجد حتى البوابة. عند البوابة ترددنا وخجلنا من الدخول واستدرنا للمغادرة. في تلك الأيام لم يكن هناك حراس أمن، كان المكان هادئًا ولم يكن هناك أحد حوله. قبل أن نتجاوز السور في الطريق إلى محطة ساوث فيلدز، قررنا أنه من الغباء أن نأتي من بعيد ولا نقرع الجرس. استدرنا وذهبنا لدق الجرس. ففتح الباب السيد عطاء المجيب راشد، الذي رحب بنا وأجلسنا في غرفة جلوسه الخاصة التي كانت في الطابق الثاني. ذهب لإعداد الشاي ثم عاد وجلس للتحدث إلينا. تحدثنا لعدة ساعات. وجاء وقت صلاة العصر، فاصطحبنا السيد راشد إلى المكتبة ودعانا لإلقاء نظرة على الكتب حتى عودته. قضينا وقتًا إضافيًا في الحديث ولكن بعد وقت طويل وممتع، حان وقت المغادرة.
عندما عدنا إلى المنزل وقرأنا المزيد من كتب المسيح الموعود عليه السلام، شعرت أن كل ما قرأته وسمعته كان منطقيًا. كانت تعاليم الإسلام المقدمة إلي الآن واضحة جدًا ومعقولة جدًا مما يؤكد ما شعرت به كمسيحية ولكن بطريقة أكمل وأتم. قررت الآن أنني بحاجة إلى إرشاد الله لأقرر ما إذا كانت هذه هي الحقيقة. تذكرت القول المشهور للمسيح (عليه السلام): "اسأل تعطى واطلب وتجد..."
بدأت أحاول الصلاة بالأوضاع المذكور أن المسلمين يقومون بها. طلبت من الله بكلماتي أن يوضح لي ما إذا كان ما تعلمته صحيحًا. لم أكن أعرف حينها لكن ما كنت أفعله هو صلاة الاستخارة على طريقتي. أتذكر أنني قلت لله إن ما تعلمته بدا معقولًا وصحيحًا بالنسبة لي، لكنه وحده يعرف الحقيقة. طلبت منه أن يخبرني ما إذا كان ذلك صحيحًا. ما شعرت به بعد أيام قليلة من محاولة أداء هذه الصلاة بانتظام هو أنني تأكدت من أن هذا هو الطريق الصحيح. كان الشعور باليقين قويًا ولم يفارقني قط. منذ أكثر من 50 عامًا، أدركت أن طريق الإسلام هو الطريق الصحيح، وقد أكدت ذلك كل دراساتي وخبراتي.
لذلك ولمدة تسعة أشهر درسنا أنا ونيڤيل الإسلام كما شرحه حضرة ميرزا غلام أحمد (عليه السلام). وقعنا على استمارات البيعة ثم بدأنا في مقابلة أبناء الجماعة في برمنغهام. التقينا بالدكتور نذير أحمد وزوجته الألمانية خديجة التي علمتني أشياء كثيرة وناقشت معها الكثير من تعاليم الإسلام من وجهة نظر أوروبية.
عندما أخبرنا عائلاتنا أننا مسلمون الآن، لم يكن هناك رد فعل صريح سوى أن والدتي قالت: "هل هذا يعني أنه يمكن أن يكون له أربع زوجات؟" كانت تعرف شيئًا عن الإسلام! وكان رد فعل والد نيڤيل: "لماذا قبلت دينهم بينما لم تقبل ديننا؟" كوننا مسلمين لم يخلق هذا أي صراع مع عائلاتنا ولكن ربما نشأ القليل من الهدوء لأننا لم ننخرط بحماس في نفس الأنشطة ولم يفهموا حماسنا لشيء "أجنبي". لقد حافظنا على علاقات ودية معهم وبقيت أعتني بزوجة أبي المسنة حتى وفاتها حيث لم يكن لديها أسرة أخرى.
في أغسطس 1971 ذهبت أنا ونيڤيل إلى مدينة ليدز، مسقط رأسه وعرّفنا على أنفسنا للجماعة هناك. عدنا إلى برمنغهام بعد العطلة الصيفية المدرسية وبدأنا الاستعداد للزواج. في 23 أكتوبر 1971 تزوجنا في مسجد الفضل بلندن. كان السيد عطاء المجيب راشد شاهدًا في حفل زفافنا وبقينا أيامنا الأولى كزوجين في المسجد حيث عاش الخليفتين الرابع والخامس. لم أكن أدرك حقًا أننا في رمضان، فكانت وليمة زفافنا هي الوجبة الفعلية عند الإفطار، وهناك قابلت الكثير والكثير من سيدات الجماعة اللواتي ما زلت ألتقي بهن بانتظام في الاجتماعات والجلسة.
لا شك أن رحلتي الروحانية كانت متنوعة خلال تلك السنوات الخمسين فأحيانًا كنت أمشي وأحيانًا كنت أركض على طول الطريق.كانت هناك أوقات كنت فيها جالسة على الطريق دون إحراز تقدم، وأراقب الآخرين يتقدمون أمامي، وربما مرت علي أوقات كنت أسير فيها في الاتجاه الخاطئ على الطريق، لكنني لم أشك أبدًا في أن الطريق موجود وأنه الطريق الصحيح.
لقد اختبرت الكثير من استجابة الدعاء ونزول البركات وليس لدي شك في أن الله موجود ويستجيب لمن يطلبونه.
لقد عشت بين العديد من أبناء الجماعة الإسلامية الأحمدية من مختلف الأقوام: في المملكة المتحدة وفرنسا والمملكة العربية السعودية والكويت بالإضافة إلى زيارة باكستان والهند والأراضي المقدسة. لقد شعرت في كل مكان بالبركات التي يمنحها الله لمن يلجأ إليه. إن الحب والزمالة والوحدة في الجماعة هي أعظم بركاته وهي شيء يمكن أن يختبره جميع الناس إذا اتجهوا إلى الله برغبة صادقة لمعرفة الحق.