ملخص لخطبة الجمعة الأخيرة التي ألقاها سيدنا أمير المؤمنين (أيده الله تعالى بنصره العزيز) من المسجد المبارك في تيلفورد، في 21/01/2022
بسم الله الرحمن الرحيم
نقدم لحضراتكم ملخصًا لخطبة الجمعة الأخيرة التي ألقاها سيدنا أمير المؤمنين (أيده الله تعالى بنصره العزيز) من المسجد المبارك في تيلفورد، في 21/01/2022 حيث تابع الحديث عن سيدنا أبي بكر الصديق t وقال:
كان أول أمر قام به النبي r بالمدينة تعمير المسجد النبوي في المكان الذي بَرَكَتْ فيه ناقته والذي كان ملكا لطفلين يتيمين من المسلمين، كانا في كفالة أسعد بن زرارة t، وتم شراء هذه الأرض مقابل 10 دنانير، وبدأت أعمال بناء المسجد بعد تسوية الأرض وقطع الأشجار. وضع النبي r حجر الأساس بالدعاء وعمِل الصحابة بُناةً وعُمّالا فيه وكان النبي r أيضا يشاركهم بنفسه. وفي رواية أن سيدنا أبا بكر t هو من دفع ثمن هذه الأرض.
وضع النبي r أول لبنة للمسجد ثم دعا أبا بكر ليضع لبنة أخرى ثم دعا عمر لذلك ثم عثمان. ولما أقطع رسول الله r الدور بالمدينة جعل لأبي بكر موضع داره عند المسجد.
آخى رسول الله r في مكة بين أبي بكر وبين خارجة بن زيد وفي رواية بينه وبين عمر رضي الله عنهما ولما قدم المدينة نقض المؤاخاة إلا اثنتان: الأولى التي كانت بينه وبين علي والثانية التي كانت بين حمزة وزيد بن حارثة.
كان للمسلمین في بدر سبعون جملا أي جمل واحد لثلاثة وكانوا یتناوبون للركوب علیه.
ولما نزلوا بوادي ذَفِرَانَ أتى الخبر عن قريش، بمسيرهم ليمنعوا عيرهم، فاستشار النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه وأخبرهم الخبر فقالوا: "يا رسول الله عليك بالعير ودع العدو" فعند ذلك تغير وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقام أبو بكر فقال وأحسن، ثم قام عمر فقال وأحسن، ثم قام المقداد فقال: يا رسول الله امض لما أمرك الله فنحن معك، والله لا نقول لك كما قالت بنو إسرائيل لموسى: "فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقاتِلا إِنَّا هاهُنا قاعِدُونَ" بل اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكم مقاتلون ما دامت منا عين تطرف، فو الله الذي بعثك بالحق نبيًا لو سرت بنا إلى برك الغماد لجالدنا معك من دونه حتى نبلغه. فأشرق وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم وسُرّ بذلك. ثُمّ ارْتَحَلَ مِنْ ذَفِرَانَ ونَزَلَ قَرِيبًا مِنْ بَدْرٍ.
بعد اختيار المكان المناسب بنى الصحابة باقتراحٍ من سعد بن معاذ عريشا في جانب من الميدان، وربط سعد راحلة النبي صلى الله عليه وسلم بالعريش وقال: تفضل أنت في العريش، ونلقى عدونا باسم الله تعالى، وقام سعد وبعض الأنصار الآخرين بحراسة العريش، وبات فيه النبي r وأبو بكر رضي الله عنه، وظل النبي r يدعو الله تعالى ببكاء وابتهال طوال الليل. وكان النبي r الوحيد الذي لم ينم طوال الليل، أما الآخرون فناموا بالتناوب.
عن علي أنه قال: أخبروني من أشجع الناس؟ فقالوا أنت. فقال: أبو بكر، إنه لما كان يوم بدر فجعلتم لرسول الله صلى الله عليه وسلم عريشا فقلنا من يكون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لئلا يهوي إليه أحد من المشركين فوالله ما دنا منا أحد إلا أبو بكر شاهرا بالسيف على رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يهوي إليه أحد إلا هوى إليه.
قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ فِي القُبَّة يوم بدر:
"اللَّهُمَّ إِنِّي أَنْشُدُكَ عَهْدَكَ وَوَعْدَكَ اللَّهُمَّ إِنْ شِئْتَ لَمْ تُعْبَدْ بَعْدَ الْيَوْمِ" فَأَخَذَ أَبُو بَكْرٍ بِيَدِهِ فَقَالَ: "حَسْبُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَدْ أَلْحَحْتَ عَلَى رَبِّكَ" وَرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الدِّرْعِ فَخَرَجَ وَهُوَ يَقُولُ: {سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ بَلْ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ}
نَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمُشْرِكِينَ وَهُمْ أَلْفٌ وَأَصْحَابُهُ ثَلَاثُ مِائَةٍ وَتِسْعَةَ عَشَرَ رَجُلًا فَاسْتَقْبَلَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقِبْلَةَ ثُمَّ مَدَّ يَدَيْهِ فَجَعَلَ يَهْتِفُ بِرَبِّهِ "اللَّهُمَّ أَنْجِزْ لِي مَا وَعَدْتَنِي اللَّهُمَّ آتِ مَا وَعَدْتَنِي اللَّهُمَّ إِنْ تُهْلِكْ هَذِهِ الْعِصَابَةَ مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ لَا تُعْبَدْ فِي الْأَرْضِ" فَمَا زَالَ يَهْتِفُ بِرَبِّهِ مَادًّا يَدَيْهِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ حَتَّى سَقَطَ رِدَاؤُهُ عَنْ مَنْكِبَيْهِ فَأَتَاهُ أَبُو بَكْرٍ فَأَخَذَ رِدَاءَهُ فَأَلْقَاهُ عَلَى مَنْكِبَيْهِ ثُمَّ الْتَزَمَهُ مِنْ وَرَائِهِ وَقَالَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ كَفَاكَ مُنَاشَدَتُكَ رَبَّكَ فَإِنَّهُ سَيُنْجِزُ لَكَ مَا وَعَدَكَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنْ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ} فَأَمَدَّهُ اللَّهُ بِالْمَلَائِكَةِ.
ثم سُمعَت صيحاتٌ تشير إلى أن جيش قريش قد بدأ الهجوم بالقوة. فواصل النبي - صلى الله عليه وسلم - تضرعاته بألم، واقفاً وساجداً وقد أحزن أبو بكر عذاب النبي - صلى الله عليه وسلم - وحاول مواساته، لكنه واصل هذه التضرعات.
يقول سيدنا المسيح الموعود (عليه السلام):
"لقد وُعد النبي - صلى الله عليه وسلم - مرارا في القرآن الكريم بالانتصار على الكفار ولكن حين بدأت معركة بدر، التي كانت أول معركة في الإسلام، دعا النبي صلى الله عليه وسلم باكيا متضرعا فخرجت من لسانه أثناء الدعاء كلمات: "اللهم إن أهلكتَ هذه العصابة فلن تُعبَد في الأرض أبدا". وكانت العصابة تشمل 313 شخصا فقط. وحين سمع أبو بكر - رضي الله عنه - هذه الكلمات من لسانه - صلى الله عليه وسلم - قال: يا نبي الله كفاك مناشداتك ربك إنه سينجز لك ما وعدك. فقال - صلى الله عليه وسلم -: هذا لا شك فيه ولكني أنظر إلى أنه - سبحانه وتعالى - غنيٌّ أيضا، بمعنى أن إنجاز الوعد ليس حقا واجبا على الله".