ملخص لخطبة الجمعة الأخيرة التي ألقاها سيدنا أمير المؤمنين (أيده الله تعالى بنصره العزيز) من المسجد المبارك في تيلفورد، في 18/03/2022



  

بسم الله الرحمن الرحيم

نقدم لحضراتكم ملخصًا لخطبة الجمعة الأخيرة التي ألقاها سيدنا أمير المؤمنين (أيده الله تعالى بنصره العزيز) من المسجد المبارك في تيلفورد، في 18/03/2022، حيث تابع الحديث عن سيدنا أبي بكر الصديق t وقال:

بالنسبة لمانعي الزكاة، ورد في تاريخ الطبري: أنه اجتمعت أسد وغطفان وطيئ على طليحة الذي ادعى النبوة إلا ما كان من خواص أقوام في القبائل الثلاث. فاجتمعت أسد بسميراء على سبيل مكة وفزارة ومن يليهم من غطفان بجنوب طيبة وطيئ على حدود أرضهم واجتمعت ثعلبة بن سعد ومن يليهم من مرة وعبس بالأبرق من الربذة وتأشب إليهم ناس من بني كنانة فلم تحملهم البلاد فافترقوا فرقتين فأقامت فرقة منهم بالأبرق وسارت الأخرى إلى ذى القصة وأمدهم طليحة بحبال ابن أخيه فكان على أهل ذي القصة من بني أسد وكان على مرة بالأبرق عوف بن فلان بن سنان وعلى ثعلبة وعبس الحارث بن فلان أحد بني سبيع وقد بعثوا وفودا فقدموا المدينة فنزلوا على وجوه الناس فأنزلوهم ما خلا عباسا فتحملوا بهم على أبي بكر على أن يقيموا الصلاة وعلى أن لا يؤتوا الزكاة فعزم الله لأبي بكر على الحق وقال لو منعوني عقالا لجاهدتهم عليه. ثم انصرفت وفود القبائل المانعة للزكاة من المدينة بعدما رأت عزم الصديق وحزمه وقد خرجت بأمرين:

أولًا: إن قضية منع الزكاة لاتقبل المفاوضة وأن حكم الإسلام فيها واضح ولذلك لا أمل في تنازل خليفة المسلمين عن عزمه ورأيه وخاصة بعدما أيده المسلمون وثبتوا على رأيه بعد وضوح الرؤية وظهور الدليل.

 ثانيًا: أنه لابد من اغتنام فرصة ضعف المسلمين -كما يظنون- وقلة عددهم لهجوم كاسح على المدينة يُسقِط الحكم الإسلامي فيها ويقضي على هذا الدين.

ولما رجعوا أخبروا قبائلهم أن هناك عدد قليل جدًا من الناس في المدينة وشجعوهم على الهجوم، ولم يكن سيدنا أبو بكر غافلا فقد عيّن عليا والزبير وطلحة وعبد الله بن مسعود على أنقاب المدينة. وفي إحدى الروايات ذُكر اسم سعد بن أبي وقاص وعبد الرحمن بن عوف أنهما كلفا أيضًا بحراسة أنقاب المدينة، وأمر أبو بكر أهل المدينة بالتجمع في المسجد ثم أخبرهم أن الأرض كلها أصبحت كافرة وأنهم قد يهاجمونهم في النهار أو الليل، وأن أقرب مجموعة منهم على بعد 12 ميلا فقط، وبالفعل بعد ثلاث ليالٍ أغار مانعو الزكاة على المدينة ليلًا وخلفوا بعضهم بذي حسى، فجهز أبو بكر جيش المسلمين وقبل الفجر التقى الفريقان ومع طلوع الشمس كانت الهزيمة قد لحقت بمانعي الزكاة وفروا هاربين. وكانت هذه أول معركة تحدث في خلافة سيدنا أبي بكر. وقد شبهت بمعركة بدر وعن هذا كتب أحد المصنفين:

"إن تجسيد أبو بكر للإيمان والعزيمة والصمود والعزم والحذر ذكّر قلوب المسلمين بفتوحات عصر رسول الله ﷺ. هذه المعركة الأولى في عهد أبو بكر شبيهة جدًا بمعركة بدر. في يوم غزوة بدر لم يكن عدد المسلمين إلا ثلاثمائة وثلاثة عشر، بينما كان عدد المشركين في مكة أكثر من ألف، وتعرض المسلمون للاعتداء ولكنهم انتصروا على المشركين. وبهذه المناسبة برهن أبو بكر ورفاقه على حسن إيمانهم وهزموا العدو. ومثلما كان لمعركة بدر نتائج بعيدة المدى، كان لانتصار المسلمين في هذه المعركة أثر عميق على مستقبل الإسلام".

بعد هذه الهزيمة التي لحقت بمانعي الزكاة، بدأت القبائل تأتي بأموال الزكاة حتى فاض مال الصدقة عن حاجة المسلمين وفي هذه الأثناء عاد أيضا جيش أسامة إلى المدينة منتصرًا.

يقول سيدنا المصلح الموعودt:

"لما رفضت القبائل العربية أداء الزكاة إثر وفاة الرسول ﷺ أراد أبو بكر حربهم، ولكن أوضاع البلاد كانت خطيرة جدا على المسلمين، فأشار إنسان شجاع مثل عمر على أبي بكر بأن لا يعامل منكري الزكاة بهذه الصرامة، فأجابه أبو بكر: ما كان لابن أبي قحافة أن يلغي ما أمَر به الرسول صلى الله عليه وسلم. واللهِ لو منعوني عقالاً كانوا يؤدونه لرسول الله لقاتلتُهم على منعه، ولن أبرح حتى يدفعوه. فإذا كنتم لا تستطيعون حربهم معي فسأحاربهم وحدي. فانظر إلى شدة حرص أبي بكر على سنة الرسول ﷺ، فمع أن الظروف كانت حرجة جدا، حتى كان أكابر الصحابة يشيرون على أبي بكر بأن لا يحارب منكري الزكاة، إلا أنه كان مستعدًا ليخوض غمار كل خطر لتنفيذ أوامر الرسول - صلى الله عليه وسلم -.

وفي ختام الخطبة، ذكّر أمير المؤمنين نصره الله بضرورة الاستمرار بالدعاء أن تعرف الدنيا خالقها وقال إن هذا هو الحل الوحيد ليحمي الله العالم من الدمار، ثم أعلن أنه سيصلي الغائب على المرحوم مولانا مبارك نذير أحمد وذكر نبذة من حياته.