ملخص لخطبة الجمعة الأخيرة التي ألقاها سيدنا أمير المؤمنين (أيده الله تعالى بنصره العزيز) من المسجد المبارك في تيلفورد، في 13/05/2022
بسم الله الرحمن الرحيم
نقدم لحضراتكم ملخصًا لخطبة الجمعة الأخيرة التي ألقاها سيدنا أمير المؤمنين (أيده الله تعالى بنصره العزيز) من المسجد المبارك في تيلفورد، في الثالث عشر من شهر مايو/أيار، حيث تابع الحديث عن سيدنا أبي بكر الصديق وقال:
أرسل أبو بكر t خالد بن الوليد لمنطقة بُطاح لمجابهة مالك بن نويرة الذي أسلم في العام التاسع للهجرة. كان مالك من زعماء قومه ويشتهر بالبسالة والشجاعة وقد استعمله النبي ﷺ على جمع أموال الزكاة ولكن لما توفي النبي ﷺ وارتدت العرب كان مالك من ضمنهم فلما وصله خبر وفاة رسول الله ﷺ احتفل مالك ودقت نساء بيته الطبول، كما أنه قد قتل المسلمين من قبيلته ممن أرادوا إرسال الزكاة إلى المدينة مركز الإسلام. وهنا يجب أن نتذكر أن كل من حورب من المرتدين لم يُحارَب بسبب ارتداده وإنما بسبب الأذى الذي ألحقه بالمسلمين وقد أنكر مالك أموال الزكاة وفرقها بين قومه، كما انضم إلى سجاح بنت الحارث التي تمردت وادعت النبوة وكانت مسيحية من بني تميم وجاءت مع أتباعها من العراق لمهاجمة المدينة. وقد وصلت إلى بني تميم وكان فريق منهم يريد دفع الزكاة طاعة لرسول الله ﷺ بينما امتنع فريق آخر عن دفع الزكاة وكان هناك فريق ثالث لم يقرر ماذا يفعل، فاشتد الخلاف بينهم واقتتلوا فيما بينهم وعندما سمعوا عن مجيء سجاح لمحاربة أبي بكر اتسعت رقعة هذا الخلاف وكانت سجاح تتقدم بجيش كبير معها نحو بني تميم مقررة إعلان نبوتها هناك حتى تنضم إليها قبيلتها وكانت ترى أنهم سيقولون إنها أفضل من النبي ﷺ فهو قد توفي بينما لا تزال هي على قيد الحياة، وكانت نيتها أنها ستذهب بعد ذلك مع بني تميم للمدينة لمحاربة أبي بكر وتنتصر على المسلمين.
وقفت سجاح على حدود بني يربوع وأرسلت إلى زعيمهم مالك بن نويرة ودعته إلى الموادعة، وأنبأته بعزمها على غزو المدينة، وأجابها مالك إلى الموادعة، لكنه صرفها عن عزمها عن مهاجمة المدينة وحرضها على قتال من اختلف معه من قبيلته. اقتنعت سجاح برأيه وأرسلت لزعماء بني يربوع للمصالحة لكن لم يجبها إلا واحد وهنا تقاتلوا فيما بينهم ثم شعر مالك ووكيع أنهما قد أخطأا في اتباع سجاح وتمت الموادعة بينهما، ولما رأت سجاح أنها لن تحقق مرادها أرادت مهاجمة المدينة ولما وصلت النباج، لقيها أوس بن خزيمة فهزمها، وصالحها على ألا تجتاز دياره إلى المدينة، وهناك اجتمع رؤساء أهل الجزيرة وقالوا لها: ما تأمريننا، فقد صالح مالك ووكيع قومهما فلا ينصروننا ولا يريدوننا أن نجوز أرضهما، وقد عاهدنا هؤلاء القوم؟ فقالت: "اليمامة"، فقالوا: إن شوكة أهل اليمامة شديدة فقالت عليكم باليمامة؛ ودفوا دفيف الحمامة؛ فإنها غزوة صرامة؛ ولا يلحقكم بعدها ملامة.
لما بلغت اليمامة في رجالها هابها مسيلمة وخاف إن هو شغل بها أن يغلبه جند المسلمين أو تغلبه القبائل التي حوله، فأهدى لها، ثم أرسل إليها يستأمنها على نفسه حتى يجيء إليها، ونزلت في جندها على الماء وأذنت له، فجاء في أربعين من بني حنيفة، ثم خلا إليها يحدثها، وسجع لها سجعًا أعجبها، فردت عليه بمثل سجعه، ثم إنهما تناظرا وتحادثا وأعجبت سجاح بمسيلمة وبحلو حديثه وما شرع لقومه وانتهت إلى الإيمان بتفوقه، فلما عرض عليها أن تجمع نبوته إلى نبوتها وأن يتزوجا قبلت وانتقلت إلى خيامه وأقامت معه ثلاثة أيام رجعت بعدها إلى قومها، وذكرت لهم أنها وجدته على الحق فتزوجته، فقالوا لها ارجعي إليه؛ فقبيحٌ بمثلك أن لا تحدد صداقًا لزواجها، فلما رجعت لمسيلمة نزل للناس عن صلاتين: صلاة العشاء وصلاة الفجر إكرامًا لها، وانتهى الأمر به على أن يحمل لها نصف غلات اليمامة، فاحتملتها وانصرفت بها إلى الجزيرة، وخلفت وراءها من رجالها من يحمل لها النصف الآخر. وبعد أن قتل المسلمون مسيلمة تابت وأسلمت ونقلها معاوية إلى بني تميم حيث أقامت إلى أن ماتت.
أمر أبو بكر خالد بن الوليد بطليحة بن خويلد؛ فإذا فرغ سار إلى إلى مالك بن نويرة بالبطاح إن أقام له. لما قدم خالد البطاح بث السرايا وأمرهم بداعية الإسلام، فجاءته الخيل بمالك بن نويرة في نفر معه من بني ثعلبة وفيهم أبو قتادة؛ فكان فيمن شهد أنهم قد أذنوا وأقاموا وصلوا. فلما اختلفوا فيهم أمر بهم فحُبسوا في ليلة باردة فقال خالد (رضي الله عنه) إنه يجب تدفئة الأسرى، لكن هناك من أساء فهم ما قاله وظنوا أنه أمر بقتل الأسرى، مما أدى إلى مقتل مالك بن نويرة أيضًا. وفي رواية أخرى، استدعى خالد مالك بن نويرة ووبخه على ما فعله وأوضح له أن الزكاة مثل الصلاة. فقال مالك: إن صاحبكم كان يزعم ذلك فأمر خالد بقتله. فأثار هذا اعتراض البعض وقالوا إن خالد قد قتل مسلمًا فاستدعى أبو بكر خالدًا (رضي الله عنهما) وسأله عما حدث فشرح له كل شيء فعذره وقبل منه.