ملخصًا لخطبة الجمعة الأخيرة التي ألقاها سيدنا أمير المؤمنين (أيده الله تعالى بنصره العزيز) من المسجد المبارك في تيلفورد، في03/06/2022
بسم الله الرحمن الرحيم
نقدم لحضراتكم ملخصًا لخطبة الجمعة الأخيرة التي ألقاها سيدنا أمير المؤمنين (أيده الله تعالى بنصره العزيز) من المسجد المبارك في تيلفورد، في 03/06/2022، حيث تابع الحديث عن سيدنا أبي بكر الصديق رضي الله عنه ومحاربته للمرتدين وقال:
أعطى سيدنا أبو بكر رايةً للمهاجرين ورايةً للأنصار، وقال زيد بن الخطاب: أيها الناس عضوا على أضراسكم واضربوا في عدوكم وامضوا قدما، وقال: والله لا أتكلم حتى يهزمهم الله أو ألقى الله فأكلمه بحجتي، فقتل شهيدا رضي الله عنه. وزيد بن الخطاب هو أخو عمر بن الخطاب لابيه، أسلم قديما، وشهد بدرا، وما بعدها وقد آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بينه وبين معْن بن عدي الأنصاري وقد قُتلا جميعا باليمامة.
عندما رتب خالد بن الوليد الجيش في اليمامة جعل على كتيبةً زيد بن الخطاب وأعطاه راية المهاجرين، فلم يزل يتقدم بها حتى قتل فسقطتْ، فأخذها سالم مولى أبي حذيفة، وقد قَتل زيد يومئذ مقاتلا مغوارا والساعد الأيمن لمسيلمة يقال له الرجَّال بن عُنفُوَة، ثم قتل زيدا رجلٌ يقال له أبو مريم الحنفي، وقد أسلم بعد ذلك وحين قال له ذات يوم سيدنا عمر "لقد قتلت أخي" فأجابه: يا أمير المؤمنين إن الله أكرم زيدا بيدي ولم يُهني.
لما بلغ سيدنا عمر خبر مقتل زيد، قال: سبقني إلى الحسنيَين أسلم قبلي، واستشهد قبلي.
ولما قتل خالد مالك بن نويرة قال أخوه متمم بن نويرة في رثائه أبياتا شعرية فقال له عمر لما سمعها: لو كنت أحسن الشعر لقلت كما قلت، فقال له متمم: لو أن أخي ذهب على ما ذهب عليه أخوك ما حزنت عليه، فقال له عمر: ما عزاني أحد بمثل ما عزيتني به، ومع هذا كان عمر يقول ما هبت الصبا إلا ذكرتني زيد بن الخطاب، رضي الله عنه.
على أية حال كان مسيلمة ثابتًا وعرف خالد أن هذه الحرب لن تنتهي إلا بمقتل مسيلمة لأن بني حنيفة لا تحفل بمن يقتل منهم، فبرز خالد ودعا إلى المبارزة مناديًا بشعار المسلمين "يا محمداه" فلم يبرز لخالد أحد إلا قتله، ودارت رحى المسلمين على المرتدين بقوة ثم دعا خالد مسيلمة للمبارزة فأجابه ثم حمل عليه خالد، ففر مسيلمة وأصحابه، فصاح خالد في المسلمين وقال: "دونكم لا تُقيلوهم" فركبوهم فكانت هزيمتهم.
صبر الصحابة في هذا الموطن صبرا لم يُعهد مثله، ولم يزالوا يتقدمون إلى عدوهم حتى فتح الله عليهم، وولى الكفار الأدبار، فاتبعوهم يضعون السيوف في رقابهم حيث شاءوا، حتى ألجأوهم إلى حديقة، فصاح محكم بن الطفيل بهم "ادخلوا هذه الحديقة" فدخلوها وتحصنوا بها وكانت هذه الحديقة محصنة بجدران وكانت ملكا لمسيلمة وتسمى "حديقة الرحمن" ولما قتل بها الكثير من أصحاب مسيلمة صارت تسمى "حديقة الموت".
دخل مسيلمة الحديقة وأدرك عبد الرحمن بن أبي بكر أن محكم بن الطفيل ثابت فرماه بسهم في عنقه وقتله فأغلقت بنو حنيفة الحديقة عليهم، وأحاط بهم الصحابة وحاولوا دخول الحديقة المنيعة فلم يجدوا ثغرة تمكنهم من ذلك. وكان البراء بن مالك، أخي أنس بن مالك، شجاعًا مقدامًا فقال: يا معشر المسلمين، ألقوني عليهم، ولم يرغب المسلمون برميه بين الأعداء فأصر وقال أستحلفكم بالله أن ترموتي في الحديقة فألقوه داخل الحديقة فقاتل العدو على بابها حتى فتحه للمسلمين، فدخل المسلمون، فقتلوا الأعداء الذين بدأوا بالفرار ولكن بما أنه لا يوجد مخرج من الحديقة فقد قُتل الكثيرون منهم. وظل المسلمون يحاربون الأعداء حتى خلصوا إلى مسيلمة، وهو واقف في ثلمة جدار كأنه جمل أورق، وكان لا يعقل من الغيظ، فتقدم إليه وحشي بن حرب قاتِل حمزة فرماه بحربته -التي قتل بها سيدنا حمزة- فأصابه وخرجت من الجانب الآخر، وسارع إليه أبو دجانة سماك بن خرشة، فضربه بالسيف فسقط، فنادت امرأة من القصر: وا أمير الوضاءة، قتله العبد الأسود.
يقول وحشي:
لَمَّا رَجَعَ النَّاسُ رَجَعْتُ مَعَهُمْ فَأَقَمْتُ بِمَكَّةَ حَتَّى فَشَا فِيهَا الْإِسْلَامُ ثُمَّ خَرَجْتُ إِلَى الطَّائِفِ فَأَرْسَلُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَسُولًا فَقِيلَ لِي إِنَّهُ لَا يَهِيجُ الرُّسُلَ، فَخَرَجْتُ مَعَهُمْ حَتَّى قَدِمْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا رَآنِي قَالَ آنْتَ وَحْشِيٌّ قُلْتُ نَعَمْ قَالَ أَنْتَ قَتَلْتَ حَمْزَةَ قُلْتُ قَدْ كَانَ مِنْ الْأَمْرِ مَا بَلَغَكَ قَالَ فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تُغَيِّبَ وَجْهَكَ عَنِّي. فَخَرَجْتُ فَلَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَخَرَجَ مُسَيْلِمَةُ الْكَذَّابُ قُلْتُ لَأَخْرُجَنَّ إِلَى مُسَيْلِمَةَ لَعَلِّي أَقْتُلُهُ فَأُكَافِئَ بِهِ حَمْزَةَ. فَخَرَجْتُ مَعَ النَّاسِ فَكَانَ مِنْ أَمْرِهِ مَا كَانَ. فَإِذَا رَجُلٌ قَائِمٌ فِي ثَلْمَةِ جِدَارٍ كَأَنَّهُ جَمَلٌ أَوْرَقُ ثَائِرُ الرَّأْسِ فَرَمَيْتُهُ بِحَرْبَتِي فَأَضَعُهَا بَيْنَ ثَدْيَيْهِ حَتَّى خَرَجَتْ مِنْ بَيْنِ كَتِفَيْهِ. وَوَثَبَ إِلَيْهِ رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ فَضَرَبَهُ بِالسَّيْفِ عَلَى هَامَتِهِ.
وفي ختام الخطبة أعلن أمير المؤمنين نصره الله أنه سيصلي الغائب على بعض المرحومين وذكر نبذة من حياتهم.