السيدة هناء السعدي - فلسطين



 

بسم الله الرحمن الرحيم

نحمده ونصلي على رسوله الكريم وعلى عبده المسيح الموعود

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أخواتي أنا أختكن هناء السعدي من نابلس/فلسطين.

أنا أحمدية منذ سبع سنوات تقريبا وللأسف لا أذكر التاريخ ولا أظنني أريد أن أتذكر حيث أني أشعر أني كنت طوال عمري أحمدية ولا أريد أن أفكر أنني حديثة العهد بها.. ولكن أذكر أني كنت أمًا لأربعة أطفال في العشرينات من عمري وكنت أشعر بالإرهاق والتعب لأن أطفالي صغار وبحاجة للرعاية أربعة وعشرين ساعة على مدار الأسبوع، وكنت دائمة المشاجرة مع زوجي بسبب غيابه المتواصل نهارا وعودته المتأخرة ليلا، ولا معين لي غير رب العالمين. وتعرفن جيدا معنى أن تكوني أما لأربعة أطفال كبيرهم في التاسعة وأصغرهم توأم بعمر الرضاعة. المهم كحال أي امرأة شكوت لأمي غياب زوجي وإهماله مساعدتي فقالت: بالتأكيد هناك شيء ما، إياك أن يكون له في النساء لا سمح الله!

كنت واثقة من خطأ هذه الفكرة لكن الشيطان شرير، فبدأت أراقبه وزاد اهتمامي بالتفاصيل..أين أنت؟! مع من كنت؟! كم أخذ منك الوقت حتى أنهيت العمل؟! وهكذا.. والمشكلة أنه كان حريصا على عدم الإجابة بشكل صريح مما زاد من تأكيد ظنوني، إلى أن جاء ذلك اليوم، وكان يوم الجمعة وأخبرني أنه سيخرج إلى طولكرم ليقابل أصدقاءه... استنكرت ذلك وغضبت موضحة سبب عصبيتي أنني أريده في البيت معي فقد تعبت من الاعتناء بالأطفال وحدي ومن طلباتهم.. أليس اليوم يوم إجازة! لكنه للأسف تحرك بسرعة ما إن وصله اتصال من أحدهم يخبره أنه في انتظاره....بقيت في غيظي حتى عاد في المساء، ولم يقل أي شيء عن مشواره. تركته حتى نام وبدأت في البحث عن أي شيء يثبت ظنوني... إلى أين يذهب...أكيد هناك إمرأة أو نساء من يدري... وأثناء بحثي في جيبه الخلفي عثرت على ورقة مطبوعة زرقاء، مكتوب عليها عنوان جلسة سنوية وترتيبات وندوات وأوقات!...جلسة؟ حيفا.. الكبابير.. وكلمات كثيرة لم أفهمها....الخليفة وأمير الجماعة و.. و و و... فصرخت في نفسي: "يا إلهي انضم إلى جماعة الدعوة؟" وهي جماعة عندنا في الضفة تنادي بالعودة إلى تطبيق السنة ولهم أنشطة كثيرة منها الصحيح ومنها الخاطيء، لكن من ينضم لهذه الجماعة يقنعوه بتعدد الزوجات! فما كان مني إلا أن أبدأ التحقيق..أنت منضم إلى جماعة؟!...وقف زوجي أمامي مذهولا لكن كعادته يخفي ذهوله وقال: ماذا تظنين؟! وفي لمحة البرق بدأت أنهال عليه بالاتهامات....أنت لن تتوقف حتى يأتي علينا البلاء... سوف تدخلنا في متاهة..إلخ. حاول تهدئتي لكني تابعت: تكذب تقول طولكرم مع أصحابك وأنت في حيفا!! فقال: اهدئي هذه الجماعة من أحسن الناس... من أين عرفتها؟ ... من صديق هو مبايع... مبايع؟ أتظن نفسك في عهد الرسول ﷺ؟ وخليفة وبيعة؟! هل تريدني أن أجن؟ حاول الشرح لكني كنت في عالم آخر.. غدًا يأمروك بتعدد الزوجات! ضحك وقال لا تعدد ولا غيره... سكت ومضيت لأيامي وحياتي... كان ابني البكر رواد حفظه الله صغيرا لكنه والحمد لله ذكي وكان يسألني دائما عن الله وما يحبه ويغضبه وأنا أجيب بما تعلمت ونشأت عليه وكنت أفسر له بعض الآيات وأعلمه قراءة القرآن وحفظه مع التجويد، فكان زوجي عندما يسمع خطأ في التفسير يحاول التصحيح فألاحظ أنا الاختلاف فأقول له ابق أنت مع جماعتك واعتقاداتك واتركني اُربي أولادي. للأسف لم أكن أسمع وكان زوجي يحاول فتح لبقناة الأحمدية فيعرضون صورة الإمام عليه السلام فأستهزىء للأسف وأقلب المحطة.... لم تكن حينها الهواتف الذكية منتشرة ... كان التلفاز فقط والإذاعة ولم أرد أن أسمع. ثم حصلت لي ظروف ومشاكل كثيرة وكدت أفقد زوجي وأولادي وقد حرمت منهم فترة أربعة شهور مرت كأنها الويل والجحيم بذاته... فكنت أصلي وأدعو الله... ولم أجد ونيسًا لي غير القرآن والأحاديث، وكانت أختي تأخذني معها إلى حلقات حفظ القرآن الكريم... وبمشيئة الله عدت إلى بيتي وجمع الله شمل أولادي وزوجي وسمع دعوة المظلوم وكل ظالم نال جزاءه.... وفي يوم أذكره جيدا... كان يوم خميس، اتصل صديق بزوجي وهو الأخ محمد علاونة وسمعت أنه يريد من زوجي الحضور إلى مكان ما.. لم أفهم فقال له زوجي: أأحضرهم كلهم؟! نحن ماشاء الله سبعة حيث كنت وقتها قد أنجبت ابنتي الصغيرة ملاكي ملك وكانت بعمر السنة والنصف .. وكان آخر جواب من زوجي له حسنًا سنأتي كلنا.. فسألته إلى أين فقال نزورهم مع الأولاد، فقلت عيب نأخذ أطفال معنا في أول زيارة فقال لا بأس بيتهم كبير. كان الموعد في اليوم التالي.. نزلنا من البيت وجدنا سيارة في انتظارنا فركبت وكان فيها أناس آخرين... رجلين وامرأتين... انطلقنا، وفي الطريق بدأت إحدى الأخوات تسألني ما اسمي ومن أين أنا وهل أنت زوجة قصي؟ ثم بدأت بذكر الجماعة، ثم حدثتني الأخت الأخرى أيضا عن الإمام المهدي، وأنا الأفكار تأخذني هنا وهناك... وصلنا ودخلت إلى دار الأمن لأجد زوجة السيد عبد القادر مدلل رئيس الجماعة وأخوات أخريات ينظرن إلي والسؤال على وجوههن من هذا الفرد الجديد حتى دخلت السيدة بشری زوجة الداعية شمس الدين.. فكرت في نفسي يا إلهي أين أنا وكنت في داخلي أتوعد لزوجي عند العودة للبيت ما هذا الموقف المحرج الذي وضعني فيه... لكن كلمات الأخوات وابتسامتهن تركت في داخلي ألف تساؤل.... وأحببت المعرفة أكثر وجزء مني أراد الفرار.... حتى حان موعد الصلاة... فقمت إلى الصلاة ودعوت "يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث أصلح لي شأني كله ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين يارب العالمين"  ثم حان وقت العودة ورأيت إحدى الأخوات توزع على الحاضرات فقرات للقيام بها في الإجتماع القادم... ولا أعرف كيف طلبت مني أن أقرأ القرآن في المرة القادمة.... ما الذي أكد لها أني سأعود لحضور جلسة أخرى؟!... ولا أعرف كيف أجبتها إن شاء الله .... وكان الأمر.... وفي يوم رأيت في منامي أني أجلس بين جماعة وأقرأ القرآن بصوت جميل جدا وبخشوع بالغ حتى أن الحاضرين تمايلوا من جمال صوتي وقراءتي. وحانت الجلسة... وفعلا وجدت نفسي أرغب جدا بالحضور، فحملت مصحفي معي ودخلت فهتفت السيدة التي أوكلت إلي قراءة القرآن وجاءت وابتسامتها ملء وجهها ورحبت بي وكذلك فعلت السيدات الأخريات ولا أنسى فرحتهن بي ولقاءهن الحنون والمريح.

طُلب مني أن أبدأ ففتحت مصحفي على سورة الأنعام فلها مكانة خاصة في قلبي وبدأت أقرأ.. ووالله تحققت الرؤيا! حتى أنني قرأت مغمضة العينين ولم أشعر بمن حولي.

بعد ذلك جاءت بعض الأخوات الأحمديات لزيارتي في بيتي وتكلمنا عن الجماعة وأعطينني قصيدتين للإمام من أحب القصائد إلي وقد قرأتها في الاجتماع التالي.

وفي نهاية اللقاء أذكر أن إحدى الأخوات قدمت بيعتها فما وجدت من نفسي إلا أن قلت وأنا أريد البيعة.

بعد بيعتي أصبحت متشوقة للجلسات الشهرية في دار الأمن...وكنت ومتحمسة لأُخبر أخواتي عن الجماعة وما اكتشفته فيها من تصحيح لكثير من الأخطاء سواء في حياتنا اليومية أو في تفسير القرآن ...لكني وجدت رفضا غريبا لدرجة أن أختي التي كنت أذهب معها لندوات تحفيظ القرآن طلبت مني وبكل شراسة أن أبتعد عن عائلتها.. وأثناء النقاش معها، أطلق الله لساني بطريقة فاجأتني جدا فكان لساني يرتب الكلمات والأحاديث والأدلة مما جعل أختي تهدأ وزادني ذلك إيمانا وقوة وشعرت بأن الله فتح علي من علومه وأنعم علي بالهدوء، ولم تفارق الابتسامة وجهي، الأمر الذي يخالف طبيعتي خصوصًا لو كان موقفا غاضبا يتسم بالصراخ كما كان موقف أختي.

الحمدلله أشعر بالطمأنينة والرضى والأمان بأن هناك رجل بعيد لا يعرفني ولا يراني لكنني أهمه ويهمه أمري ويحزن لحالي ويدعو لي في كل وقت...وهو الخليفة أيده الله بنصره العزيز.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه وأرنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.