ملخص لخطبة الجمعة الأخيرة التي ألقاها سيدنا أمير المؤمنين (أيده الله تعالى بنصره العزيز) من المسجد المبارك في تيلفورد، في 26/08/2022
بسم الله الرحمن الرحيم
نقدم لحضراتكم ملخصًا لخطبة الجمعة الأخيرة التي ألقاها سيدنا أمير المؤمنين (أيده الله تعالى بنصره العزيز) من المسجد المبارك في تيلفورد، في 26/08/2022، حيث تابع ذكر الجيوش التي أرسلها سيدنا أبو بكر الصديق t وبالتحديد جيش عمرو بن العاص الذي أرسله إلى الشام، فنظرًا لإنجازات عمرو في القضاء على فتنة الردة خيره سيدنا أبو بكر بين البقاء في بني قضاعة أو المسير إلى الشام فقال عمرو: "إنما أنا سهم من سهام الإسلام وأنت بعد الله الرامي فانظر أشدها وأفضلها فارم بها"، فلما قدم عمرو المدينة أمره أبو بكر أن يعسكر في الخارج كي يأتي إليه الناس ولما أراد المسير قال له: يا عمرو إنك ذو بصيرة في الحرب وقد خرجت مع أشراف قومك وإنك قادم على إخوانك فلا تألُهم النصيحة.
فخرج بـ 6-7 آلاف جندي قاصدين فلسطين ونظم عمرو كتيبة من 1000 مجاهد دفعها باتجاه الروم فانتصرت عليهم وعادت ببعض الأسرى فعرف أن جيشًا للروم يستعد للمباغتة فنظم قواته وتمكن المسلمون من صدها ثم شنوا هجوما مضادا وانتهت المعركة بهزيمة الروم.
بعد توديع الجيوش اطمأن أبو بكر وكان يرجو من الله النصر لأن بينهم أكثر من ألف صحابي جاهدوا مع الرسول ﷺ في كل موطن.
ورد أن هرقل كان في فلسطين فلما بلغه قدوم المسلمين خطب فيهم يحرضهم على القتال وقال عن المسلمين "لقد خرج الحفاة العراة من صحراء العرب فاضربوا ضربة قاضية ولن أدخر وسعا في إمدادكم بالسلاح والنصر حليفكم"، ثم خرج إلى دمشق ثم حمص وأنطاكية وقال لأهلها ما قاله لأهل فلسطين وجهز في أنطاكية قاعدة له وتمركزت الجيوش في أنطاكية وقنسرين وحمص وعمان وأجنادين أما مقر القيادة فكانت أنطاكية أو حمص وفي رواية لما بلغ هرقل مقدم المسلمين نهى عن قتالهم وقال والله لأن تصالحوهم على نصف غلال الشام خير لكم من أن يغلبوكم فانفضوا عنه فجمعهم وسار بهم إلى حمص. فأرسل شقيقه في 90 ألف جندي إلى عمرو بن العاص وأرسل جيش إلى يزيد بن سفيان وآخر إلى أبي عبيدة وشرحبيل. لما افترب أبو عبيدة من الجابية أتاه شخص يخبره أن هرقل يجهز جيشا لم يره أحد من آبائك فكتب أبو عبيدة إلى أبي بكر بلغني أن هرقل يعسكر في أنطاكية وقد اجتمع الناس إليه فارتأيت أن أخبرك فانظر ما ترى، فرد أبو بكر إني علمت بذلك ثم قال لقد جعل الله إقامة هرقل في أنطاكية هزيمة له أما قولك أن الناس اجتمعوا حوله فيستحيل أن يخذله الناس وإني أعلم أن المسلمين الذين خرجوا معك يحبون الموت كما يحب العدو الحياة وإن واحدا من المسلمين أفضل من ألف جندي من العدو ولا جرم أن الله معك وإني ممدك بأناس آخرين.
ثم جاء كتاب عمرو بن العاص فرد أبو بكر وقال: أعلم أن الله لم ينصرنا مع النبي بكثرة الجنود فكنا نغزو مع رسول الله وما معنا إلا فرَسان ونتعاقب على ركوب جمل واحد فالله تعالى يظهرنا على أعدائنا وينصرنا عليهم.
وكتب يزيد إلى أبي بكر يخبره بالمستجدات فقال أبو بكر انقضوا عليهم وقاتلوهم بشدة فلن يخزيكم الله أبدا لقد قال تعالى "كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة" وإني ممدكم بالمدد. وصلت الرسالة يزيد فقرأها على المسلمين ففرحوا كثيرا.
قام أبو بكر في الناس وقال: أما بعد فإن إخوانكم من المسلمين قد ألقى الله رعبهم في قلوب عدوهم فأغلقوا أبوابهم دونهم وجاءت الرسل تخبر بهروب هرقل وإنه وجه جنده فرأيت أن أمدهم بجنود منكم يلقون الرعب في قلوبهم فانتدبوا مع هاشم بن عتبة فإن نصرتم فالفتح والغنيمة وإن قتلتم فهي الشهادة فذهب الناس إلى هاشم.
ثم خرج من عند أبي بكر، فلزم طريق أبى عبيدة حتى قدم عليه، فسر المسلمون بقدومه وتباشروا به.
وبلغ سعيدَ بن عامر أن أبا بكر يريد أن يبعثه، فلما أبطأ ذلك عليه أتاه، فقال: يا أبا بكر، والله لقد بلغني أنك كنت أردت أن تبعثني فى هذا الوجه، ثم رأيتك قد سكت، فما أدري ما بدا لك فيّ، فإن كنت تريد أن تبعث غيري فابعثني معه، فما أرضاني بذلك، وإن كنت لا تريد أن تبعث أحدا فإني راغب فى الجهاد، فأذن لي كي ألحق بالمسلمين، فقد ذُكر لي أن الروم جمعت لهم جمعا عظيما. فقال أبو بكر: اخرج رحمك الله، فتجهز، فإني مسرح إلى المسلمين جيشا وأؤمرك عليهم، فأمر بلالا فنادى فى الناس: أن انتدبوا أيها المسلمون مع سعيد بن عامر إلى الشام، فانتدب معه سبعمائة رجل، فلما أراد سعيد الشخوص جاء بلال فقال: يا خليفة رسول الله، إن كنت إنما أعتقتني لله تعالى لأملك نفسي وأصطرف فيما ينفعني فخل سبيلي حتى أجاهد في سبيل ربي، فإن الجهاد أحب إليّ من المقام، قال أبو بكر: فإن الله يشهد أني لم أعتقك إلا له، وأني لا أريد منك جزاء ولا شكورا، فهذه الأرض ذات العرض، فاسلك أي فجاجها أحببت، فقال: كأنك أيها الصديق عتبت علي فى مقالتي؟ قال: لا، والله ما وجدت فى نفسي من ذلك، إذا كان هواك الجهاد فلم أكن لآمرك بالمقام، وإنما أردتك للأذان، ولأجدن لفراقك وحشة يا بلال. فقال له بلال: جزاك الله من ولي نعمة وأخ فى الإسلام خيرا، فو الله ما أمرك لنا بالصبر على الحق والمداومة على العمل بالطاعة ببدع، وما كنت لأؤذن لأحد بعد النبي صلى الله عليه وسلم، ثم خرج بلال مع سعيد بن عامر.
اجتمع عند أبي بكر آخرون فأمر معاوية ولحق بيزيد وفي الطريق عندما مر بخالد بن سعيد انضم اليه ما بقي من جيشه.
ثم كتب أبو عبيدة إلى أبو بكر أن الروم قد أجمعوا على حرب المسلمين فأرسل خالد بن الوليد وكتب إلى عبيدة أنه سلم الأمارة لخالد لمهارته الحربية. لما وصل كتابُ أبي بكر إلى خالد انطلق إلى الشام بجمع يضم آلاف الجنود، فلما بلغ قُراقر هاجم الناس ثم واصل طريقه الصعب عابرا الصحراء إلى ثنية العقاب قرب دمشق حاملا لواءه الأسود، وكان ذلك لواء رسول الله ﷺ واسمه عقاب، وبسبب ذلك اللواء سميت العقبة ثنتية العقاب، ثم نزل على ميل من الباب الشرقي لدمشق، فأدركه أبو عبيدة هناك، ولما قدم خالد مع المسلمين إلى بصرى اجتمعت هناك الجيوش كلها وأمَّروا خالدا في حربها، فحاصروا المدينة.
بعد فتح بصرى انطلق سيدنا خالد برفقة أبي عبيدة وشرحبيل ويزيد بن أبي سفيان إلى فلسطين لنجدة عمرو بين العاص، فلما سمع الروم عن قدوم المسلمين اتجهوا لى أجنادين، ولما سمع سيدنا عمرو عن الجيوش الإسلامية انطلق حتى وصل إليها، واجتمعوا كلهم في أجنادين واصطفوا أمام الروم.