ملخص لخطبة الجمعة الأخيرة التي ألقاها سيدنا أمير المؤمنين (أيده الله تعالى بنصره العزيز) من المسجد المبارك في تيلفورد، في09/09/2022



               بسم الله الرحمن الرحيم

نقدم لحضراتكم ملخصًا لخطبة الجمعة الأخيرة التي ألقاها سيدنا أمير المؤمنين (أيده الله تعالى بنصره العزيز) من المسجد المبارك في تيلفورد، في التاسع من سبتمبر/أيلول الجاري، حيث تابع الحديث عن سيدنا أبي بكر الصديق t وقال:

لَمَّا حان وقت وفاة أبي بكر، دَعَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ فَقَالَ: أَخْبِرْنِي عَنْ عُمَرَ. فَقَالَ عبد الرحمن: إِنَّهُ أَفْضَلُ مِنْ رَأْيِكَ يا خليفة الرسول - صلى الله عليه وسلم -، إِلَّا أَنَّهُ فِيهِ غِلْظَةٌ. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: ذَلِكَ لِأَنَّهُ يَرَانِي رَقِيقًا، وَلَوْ أَفْضَى الْأَمْرُ إِلَيْهِ لَتَرَكَ كَثِيرًا مِمَّا هُوَ عَلَيْهِ، وَقَدْ رَمَقْتُهُ فَكُنْتُ إِذَا غَضِبْتُ عَلَى رَجُلٍ أَرَانِي الرِّضَاءَ عَنْهُ، وَإِذَا لِنْتُ لَهُ أَرَانِي الشِّدَّةَ عَلَيْهِ. وَدَعَا أبو بكر عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ وَقَالَ لَهُ: أَخْبِرْنِي عَنْ عُمَرَ. فَقَالَ: سَرِيرَتُهُ خَيْرٌ مِنْ عَلَانِيَتِهِ، وَلَيْسَ فِينَا مِثْلُهُ. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ لَهُمَا: لَا تَذْكُرَا مِمَّا قُلْتُ لَكُمَا شَيْئًا، وَلَوْ تَرَكْتُهُ مَا عَدَوْتُ عُثْمَانَ (يعني كان يراهما يحققان متطلبات مقام الخلافة) وَالْخِيرَةُ لَهُ أَنْ لَا يَلِيَ مِنْ أُمُورِكُمْ شَيْئًا، وَلَوَدِدْتُ أَنِّي كُنْتُ مِنْ أُمُورِكُمْ خِلْوًا، وَكُنْتُ فِيمَنْ مَضَى مِنْ سَلَفِكُمْ.

وَدَخَلَ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ عَلَى أَبِي بَكْرٍ أيام مرضه فَقَالَ: اسْتَخْلَفْتَ عَلَى النَّاسِ عُمَرَ وَقَدْ رَأَيْتَ مَا يَلْقَى النَّاسُ مِنْهُ وَأَنْتَ مَعَهُ، وَكَيْفَ بِهِ إِذَا خَلَا بِهِمْ وَأَنْتَ لَاقٍ رَبَّكَ فَسَائِلُكَ عَنْ رَعِيَّتِكَ! فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَجْلِسُونِي، فَأَجْلَسُوهُ، فَقَالَ: أَبِاللَّهِ تُخَوِّفُنِي! إِذَا لَقِيتُ رَبِّي فَسَأَلَنِي قُلْتُ: اسْتَخْلَفْتُ عَلَى أَهْلِكَ خَيْرَ أَهْلِكَ.

يقول سيدنا المصلح الموعود t:

"لما قرب أجل أبي بكر - رضي الله عنه - استشار الصحابة فيمن يعينه خليفةً، فمال أكثرهم إلى عمر، ولكن بعضهم اعترض وكانت حجتهم الوحيدة أنّ في طبعه قسوة، فيخاف أن يشدد على الناس. فقال أبو بكر: سببُ هذه القسوة أنه لم يُحمَّل أيةَ مسؤولية، وعندما تقع عليه هذه المسؤولية ستزول قسوته ويعتدل. فرضي الجميع بخلافة عمر. ولما تدهورت صحة أبي بكر - رضي الله عنه - خرج إلى المسجد مستندًا إلى زوجته أسماء، ورجلاه تتخاذلان ويداه ترتعشان، فخطب في الناس وقال: ظللتُ أفكّر أيامًا فيمن يكون الخليفة بينكم بعد وفاتي، وارتأيت بعد تفكير ودعاء كثيرين أن أعيّن عمرَ خليفةً، فهو الخليفة بينكم بعد وفاتي. فرضي الصحابة وغيرهم جميعا بإمارة عمر، وبايعوه بعد وفاة أبي بكر".

ويتابع المصلح الموعود t قائلًا:

"لو قيل: ما دام لا يكون خليفةً إلا مَن تختاره الأمة، فلماذا عيَّن أبو بكر عمرَ خليفةً؟ فالجواب أنه لم يعيّنه هكذا، بل الثابت أنه استشار الصحابة قبل ذلك. كل ما في الأمر أن الخلفاء الآخرين انتُخبوا بعد وفاة الخليفة السابق، أما عمر فانتُخب في حياة أبي بكر. ثم إنه لم يكتف باستشارة بعض الصحابة في خلافة عمر وبإعلان خلافته، بل خرج إلى المسجد رغم ضعفه الشديد مستندا إلى زوجته وقال للقوم: أيها الناس، لقد اخترتُ عمر للخلافة بعدي، باستشارة الصحابة، فهل ترضون به خليفةً؟ فاستحسن القوم كلهم هذا الأمر. فهذا أيضا نوع من الانتخاب".

أول ما بدأ مرض أبي بكر به أنه اغتسل يوم الاثنين لسبع خلون من جمادى الآخرة وكان يوما باردا فحم خمسة عشر يوما لا يخرج إلى الصلاة وكان يأمر عمر بن الخطاب أن يصلي بالناس ويدخل الناس يعودونه وهو يثقل كل يوم وهو نازل في داره التي قطع له رسول الله صلى الله عليه وسلم وجاه داره عثمان بن عفان اليوم وكان عثمان ألزمهم له في مرضه، ومرض خمسة عشر يوما فقيل له لو أرسلت إلى الطبيب فقال قد رآني قالوا فما قال لك قال أن أفعل ما أشاء وفي رواية أخرى مرض أبو بكر فقالوا ألا ندعو الطبيب؟ فقال: قد رآني فقال إني فعال لما أريد.

توفي سيدنا أبو بكر يوم الثلاثاء مساء في اثنين وعشرين من جمادى الآخرة، من العام الثالث عشر الهجري، عن عمر يناهز ثلاثا وستين سنة، وكان عهد خلافته سنتان وثلاثة أشهر وعشرة أيام.  وكانت الكلمات الأخيرة التي نطق بها آية "تَوَفَّنِيْ مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِيْ بِالصَّالِحِيْنَ".

كان نقش خاتم سيدنا أبي بكر "نِعْمَ الْقَادِرُ  الله"

وعن عائشة t قالت أن أبا بكر قال: "انظروا ماذا زاد في مالي منذ دخلت في الإمارة فابعثوا به إلى الخليفة بعدي، وطلب أن يدفن في الثوب الذي يلبسه بعد أن يغسلوه ويجعلوا معه ثوبين آخرين فقيل له: قد رزق الله وأحسن، نكفنك في جديد. قال: إن الحي أحوج إلى الجديد

وأوصى أن تغسله زوجته أسماء بنت عميس ولكنها ضعفت فاستعانت بعبد الرحمن وكفن في ثوبين أحدهما غسيل، ويقال : في ثلاثة أثواب ، وحمل على سرير النبي صلى الله عليه وسلم وهو سرير عائشة رضي الله عنها، الذي كانت تنام عليه ، فحمل عليه أبو بكر رضي الله عنه ، فصلى عليه عمر في المسجد بين القبر والمنبر ، ودفن في البيت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلا ، وجعل رأسه بين كتفي النبي صلى الله عليه وسلم.

عن سالم بن عبد الله، عن أبيه قال: "كان سبب موت أبي بكر موت رسول الله صلى الله عليه وسلم ما زال جسمه يجري حتى مات".