ملخص لخطبة الجمعة الأخيرة التي ألقاها سيدنا أمير المؤمنين (أيده الله تعالى بنصره العزيز) من مسجد "بيت الإكرام" في تكساس في الولايات المتحدة الأمريكية في 07/10/2022
بسم الله الرحمن الرحيم
نقدم لحضراتكم ملخصًا لخطبة الجمعة الأخيرة التي ألقاها سيدنا أمير المؤمنين (أيده الله تعالى بنصره العزيز) من مسجد "بيت الإكرام" في تكساس في الولايات المتحدة الأمريكية في السابع من أكتوبر الجاري، والتي استهلها بقوله تعالى:
"قل أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ ۖ وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ۚ كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ *فَرِيقًا هَدَىٰ وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلَالَةُ ۗ إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِ اللَّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ* يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ"
ثم قال: لقد وفقكم الله تعالى لافتتاح هذا المسجد، وهو مسجد واسع والحمدلله. أدعو الله أن يوفق الجميع لأداء حق هذا المسجد، وأدعوه تعالى أن تكونوا قد أنشأتموه ابتغاء مرضاة الله، فمسؤوليتكم لا تنتهي ببنائه.
نحن سعداء أننا قد آمنا بإمام هذا الزمان، وإن بيعتنا له تضع على عاتقنا مسؤولية كبيرة فنحن لن ننال الإنعامات التي وعدها الله للمسيح الموعود u إلا إذا أدينا واجباتنا ومسؤولياتنا التي منها عمارة هذا المسجد وأن نعيش بحب ووداد فيما بيننا وأن ننشر رسالة الإسلام ونعمل بتعاليمه وننتبه إلى إصلاح أنفسنا وأولادنا. إذا أدينا هذه المسؤوليات فسنكون قد أدينا حق المسجد أيضا، قال المسيح الموعودu: "عليكم أن تبنوا مسجدا في المنطقة التي تريدون أن تعرِّفوا الإسلام وتبلغوا الدعوة فيها". لقد تم الآن التعريف بالإسلام ظاهريا وجاء بعض الجيران وقالوا نحن سعداء أننا أصبحنا جيران أمثالكم، فيجب أن نعتني بجيراننا وأن لا نثير الضوضاء. وهكذا سوف يتم التعريف بالمسجد بين الجيران وبين المارة مما سيؤدي إلى فتح طرق للتبليغ. ولهذا يجب أن نكون نموذجا عمليا بحيث يعرف العالم أن هناك من يؤثرون الدين على الدنيا وينشئون علاقة مع خالقهم ويؤدون حقوق عباده وعندها سيحاول الناس معرفة المزيد عن الإسلام.
تشير الآيات التي تلوتها آنفًا إلى مسؤوليات مرتادي المساجد وأولها الالتزام بمعايير الإنصاف والعدل فمن يلتزم بها لا يمكن أن يضر بالآخرين بل يتحرى السبل التي من خلالها يفيد الآخرين ويجعل تأثيره الحسن على كل من حوله مما يفتح طرقًا للتبليغ وقد نصح الله المؤمنين من مرتادي المساجد أن يقسطوا مع الأغيار فما بالك تجاه بعضهم؟ فمن يؤذي زوجته ويبعد أولاده عن الدين لا تتبارك أعماله ولا تقبل عباداته عند الله. والمؤمن الحقيقي هو من يكون قوله متوافقًا مع فعله. كما أن أداء الصلوات بسرعة لا معنى لها. وعلى الناس ألا يغتروا أنهم يصلّون خمس مرات ويقومون بأعمال الجماعة فمن لا يؤدي حقوق العباد لا يؤدي حقوق الله. أما العابد الحقيقي الذي يعمر مساجد الله فهو الذي يخاف الله ويأتمر بأوامره وقد قال الله إنكم إن لم تخلصوا الدين لله ولم تنتبهوا للاستغفار فسيغلبكم الشيطان، فينبغي أن تركزوا على الاستغفار والتوبة وبعدها سنحقق النجاحات التي ستجعلنا كالطفل البريء أمام الله.
لقد نبهنا النبي ﷺ على هذا الزمن المليء بالظلمة وقال: "يوشك أن يأتي على الناس زمان لا يبقى من الإسلام إلا اسمه، ولا يبقى من القرآن إلا رسمه، مساجدهم عامرة وهي خراب من الهدى، علماؤهم شرُّ مَن تحتَ أديمِ السماء، مِن عندهم تخرج الفتنة وفيهم تعود" وهذا الذي يحصل هذه الأيام، وهذا يجب أن ينبهنا إلى أن نكون مخلصين لله ونؤدي حقوق العبادة وحقوق عباد الله.
قال المسيح الموعود u: "الأمر الذي يسمى إسلاما، قد طرأ عليه الفتور في العصر الراهن، وانتشرت الأخلاق الذميمة كلها، والإخلاص المذكور في {مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} قد ارتفع إلى السماء".
الأمور التي كلفها الله المسيحَ الموعود u لا بد أن تنجز وإذا كنا معاونين في هذا المجال فسنجذب أفضال الله وإن لم نتقدم سيرسل الله أناسا آخرين ليكونوا أنصار المسيح لموعود u فيجب أن نراقب حالتنا ونزيل أي ضعف فينا. يقول المسيح لموعود u: "في هذا العصر تطورت الرذائل مثل الرياء والعجب والإعجاب بالنفس والتكبر والأنانية والعناد وغيرها، أما الصفات الحسنة مثل {مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} فقد ارتفعت إلى السماء. لقد تلاشى الصدق مع الله والوفاء والإخلاص والحب والتوكل على الله، وقد أراد الله - سبحانه وتعالى - أن يحيي هذه القوى من جديد." فعلى كل واحد منا أن يحاسب نفسه هل يسعى لكسب الحسنات أم لا وهل يؤدي حقوق عبادة الله ابتغاء مرضاة الله؟ وإن لم نكن كذلك فستكون مساعينا عديمة الجدوى.
وفي ختام الخطبة دعا أمير المؤمنين نصره الله أن يوفقنا الله لأداء حقوق الله وحقوق العباد وأن يتقبل منا أعمالنا، آمين.