ملخص لخطبة الجمعة الأخيرة التي ألقاها سيدنا أمير المؤمنين (أيده الله تعالى بنصره العزيز) من المسجد المبارك في تيلفورد، في 23/12/2022



 بسم الله الرحمن الرحيم

نقدم لحضراتكم ملخصًا لخطبة الجمعة الأخيرة التي ألقاها سيدنا أمير المؤمنين (أيده الله تعالى بنصره العزيز) من المسجد المبارك في تيلفورد، في 23/12/2022، حيث قال:

تبدأ اليوم الجلسة السنوية في قاديان وبعض البلدان الإفريقية، نسأل الله أن يبارك في هذه الجلسات من جميع النواحي، وبما أن الناس قد اجتمعوا في هذه البلدان فقد ارتأيت أن أعرض عليكم ما قاله المسيح الموعود عليه الصلاة والسلام حول الهدف من بعثته والغاية من إقامة الجماعة حتى يدرك الأحمديون واجباتهم ومسؤولياتهم.

يقول المسيح الموعود عليه الصلاة والسلام في بيان ذلك:

"ما أكثر بركاتِ هذا الزمن، إذ إن الله تعالى دبر تدبيرا طيبا لإظهار عظمة النبي صلى الله عليه وسلم في أيام صعبة بفضله المحض لنصرة الإسلام من الغيب، وأقام الجماعة. أود أن أسأل هؤلاء الذين يكنّون في قلوبهم لوعة للإسلام، وفي قلوبهم عظمته وأهميته أن يخبروني هل أتى على الإسلام زمنٌ أشدّ من هذا العصر الراهن الذي سُبَّ فيه النبيُّ صلى الله عليه وسلم وشُتِم وأسيء إليه وأهين القرآن الكريم؟ ثم إنني أتأسف أشد الأسف على أوضاع المسلمين وأشعر بحزن قلبي وأضطرب أحيانًا بدافع هذا الألم والأسف إذ لم يبق فيهم الإحساس والشعور ليشعروا بهذه الإساءة، أفلم يكن الله سبحانه وتعالى تُهمّه كرامةُ النبي صلى الله عليه وسلم؟ إذ لم يُقِم أي جماعة للدفاع عنه صلى الله عليه وسلم لتفحم أعداء الإسلام وتنشر عظمته صلى الله عليه وسلم وقداسته في العالم؟ بينما يصلي الله نفسُه وملائكته على النبي صلى الله عليه وسلم؟ فكم من الضروري هذه الصلاة في زمن هذه الإساءة وقد حقق الله ذلك في صورة هذه الجماعة! لقد بُعثتُ لأقيم من جديد المجدَ الضائع للنبي صلى الله عليه وسلم، وأُري العالم حقائق القرآن الكريم. وكل هذه الأعمال تتحقق. أما الذين على عيونهم عصابة، فلا يستطيعون رؤيتها، مع أن هذه الجماعة قد تجلت كالشمس. لصدق هذه الجماعة هناك أدلة وشواهد ليس من السهل حتى بيانها كلِّها، فلما كان الإسلام قد أسيء إليه بشدة، فقد أظهر الله عظمة هذه الجماعة بحسب تلك الإساءة".

إن مجرد الإيمان لا يكفي في الواقع، بل يجب إحداث التغييرات الطيبة في أنفسنا، وعن هذا يقول المسيح الموعود عليه السلام:

"إن الذي يبحث عن طُرق مرضاة الله تعالى خوفًا منه، ويسعى لذلك ويدعوه لحل عقدته فإن الله سبحانه وتعالى يمسك بيده بحسب مبدئه: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا} ويهب له طمأنينة القلب. أما إذا كان القلب مسكن الظلام وكان اللسان يستثقل بالدعاء، وكان الاعتقاد مشوبًا بالشرك والبدعة، فما قيمة هذا الدعاء؟ وما هذا الطلب الذي لا يترتب عليه النتائج الحسنة؟ فما دام الإنسان لا يمد يده إلى الله تعالى وحده بصدق القلب والإخلاص وإغلاق جميع أبواب الطرق والآمال غير الشرعية عليه، فلا يستحق أن تنزل له نصرة الله وتأييده، لكنه حين يخر على أعتاب الله فقط، ويدعوه وحده فحالته هذه تجذب النصرة والرحمة. إن الله سبحانه وتعالى يطل من السماء إلى أعماق القلوب، وإذا وجد في أي زاوية من القلب نوعًا من الظلام أو الشرك أو البدعة، فهو يضرب بأدعيته وعبادته وجهه، لكن حين يرى أن قلبه نظيف من كل أنواع الأغراض النفسانية والظلمة فهو يفتح له أبواب رحمته، ويأخذه في ظل رحمته ويتولى تربيته بنفسه.

لقد أقام الله تعالى هذه الجماعة بيده، ومع ذلك نرى أن كثيرًا من أصحاب الأهواء النفسانية يأتون، ثم إذا تحققت أهدافهم فحسنًا وإلا لا يبقى لهم دين ولا إيمان. وبالمقابل عندما ننظر إلى حياة الصحابة - رضي الله عنهم - فلا نجد فيهم ولا حادثًا واحدًا من هذا القبيل، فهم لم يتصرفوا هكذا قط. إنما بيعتنا هي بيعة التوبة فقط أما الصحابة فكانوا يبايعون لقطع الرؤوس، فمن ناحية كانوا يبايعون ومن ناحية يستعدّون للتخلي عن كل مال وعزة وشرف وحياة وكأنهم لا يملكون شيئًا، وبذلك كانت آمالهم منقطعة عن الدنيا، وكانت جميع رغباتهم في الحصول على أي نوع من العزة والشرف والعظمة والجاه والحشمة تنقطع، فأيٌّ منهم كان يفكر أنه سيكون ملكًا، أو يفتح أي بلد؟ كلا لم تكن هذه الأفكار في قلوبهم نهائيًا، بل كانوا قد تخلَّوا عن كل أمل وكانوا مستعدين لتحمُّل كل أنواع الألم والحزن في سبيل الله بلذة كل حين وآن، حتى كانوا مستعدين للتضحية بحياتهم، فكانوا منقطعين عن هذه الدنيا وما فيها، إلا أن الله سبحانه وتعالى أكرمهم وشرَّفهم، والذين كانوا قد جادوا بكل ما لهم في سبيله قد رزقهم آلاف الأضعاف".

ثم بين حضرته عليه السلام أن الهدف من إقامة الجماعة هو حب الله تعالى حيث قال:

"ما المراد من حب الله؟ إنما المراد هو أن يؤثر المرءُ مرضاة الله تعالى على والديه وزوجته وأولاده ونفسه وعلى كل شيء عزيز عليه فقد ورد في القرآن الكريم: "فَاذْكُرُوا اللهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا". الأمر الجدير بالتدبر هنا أن الله تعالى لم يعلّم أن تنادوا الله أبًا بل أعطى هذا التعليم لئلا يخطئ أحد مثل النصارى وألا ينادي الله كأب. وإذا قال أحد أن ذلك يعني أن الحب أقل من حب الأب فليعلم أنه أورد: "أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا" دحضا لهذا الاعتراض. لو لم يرد: "أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا" لكان الاعتراض في محله، ولكن هذه الجملة تفنّده".

وفي ختام الخطبة، أعلن أمير المؤمنين نصره الله أنه سيصلي الغائب على بعض المرحومين وذكر نبذة من حياتهم ودعا لهم بالرحمة ولذويهم بالصبر والسلوان.