قوة النبي صلى الله عليه وسلم القدسية



 لقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لدى استفسار الناس: "شَيَّبَتْنِي هُودٌ"، لأن هذا الأمر الرباني قد حمّلني مسؤولية جسيمة. ذلك أنه من الممكن أن يقوم المرء بتقويم نفسه ويطيع أوامر الله تعالى طاعة كاملة، أما أن يجعل الآخرين كذلك فها ليس بسهل أبدا. ومن هنا تتجلى سمو مكانة نبينا الأكرم - صلى الله عليه وسلم - وقوته القدسية. فانظروا كيف عمل - صلى الله عليه وسلم - بهذا الأمر الرباني حيث أعدّ جماعة طاهرة من الصحابة الكرام رضوان الله عليهم حتى وصفهم الله بقوله: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} (آل عمران: 111) وسمعوا نداء الله يقول: {رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ}. ولم يبق في حياته صلى الله عليه وسلم أي منافق في المدينة الطيبة. باختصار، قد حاز صلى الله عليه وسلم نجاحًا لم يوجد له نظير في وقائع حياة أي نبي آخر. وكان الله تعالى يريد بذلك ألا يقتصر الأمر على ثرثرة اللسان فقط، إذ لو بقي مقتصرا على القيل والقال والرياء فحسب فما الذي يميزنا عن غيرنا، وما وجهُ فضلنا على الآخرين؟ عليكم تقديم نموذجكم العملي فقط، ويجب أن يتسم ببريق يجعل الآخرين يقبلونه، لأنه ما لم يكن فيه بريق فلن يقبله أحد. فهل يرضى المرء بشيء متسخ؟ لا يعجب الثوب الإنسان إذا كانت فيه بقعة وسخ واحدة، كذلك لن تجدوا أية زبائن لكم ما لم تكن حالتكم الباطنة صافية ولامعة. كل إنسان يحب الشيء الجيد، كذلك لن تبلغوا أي مقام من الروحانية ما لم تتحلوا بأخلاق سامية.(الملفوظات، المجلد الأول).