ملخص لخطبة الجمعة الأخيرة التي ألقاها سيدنا أمير المؤمنين (أيده الله تعالى بنصره العزيز) من المسجد المبارك في تيلفورد، في 10/03/2023
بسم الله الرحمن الرحيم
نقدم لحضراتكم ملخصًا لخطبة الجمعة الأخيرة التي ألقاها سيدنا أمير المؤمنين (أيده الله تعالى بنصره العزيز) من المسجد المبارك في تيلفورد، في 10/03/2023، حيث قال:
يقول المسيح الموعود u وهو يبين محاسن القرآن الكريم:
"الحق والحق أقول إن القرآن الكريم كتاب كامل وجامع لا يضاهيه أي كتاب آخر. هل في الفيدا عبارة توازي "هدى للمتقين"؟ إذا كان في الإقرار باللسان فقط كفاية، أي إن لم تكن هناك حاجة للثمرات والنتائج فإن العالم كله يقرّ بوجود الإله بوجه من الوجوه ويستحسن العبادة والصدقات أيضا ويعمل بهذه الأمور بشكل أو بآخر فماذا أعطته الفيدات؟ أو أثبِتوا على الأقل أن الأقوام التي لا تؤمن بالفيدات فُقدت فيهم الحسنات كليا، أو أخبرونا عن ميزة متميزة أخرى في الفيدات.
ففي بداية القرآن الكريم جاء الوعد بالترقيات التي تقتضيها الروح طبعا. فقد علّم "اهدنا الصراط المستقيم" في سورة الفاتحة وقال: ادعوا دائما أن اهدنا إلى الصراط المستقيم، وبعد الدعاء فورا بشّر في الآية الأولى من سورة البقرة قائلا: "ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ" وكأن الأرواح تدعو فيُري القبولُ تأثيره فورا ويتحقق وعد قبول الدعاء بصورة نزول القرآن الكريم. فمن ناحية يتم الدعاء ومن ناحية أخرى تُلاحظ النتيجة ظاهرة للعيان. هذا فضل من الله تعالى، ولكن من المؤسف أن الدنيا تجهل ذلك وتغفله وتهلك نفسها لبُعدها منه. أقول مرة أخرى بأن صفات المتقين التي بينها الله تعالى في بداية القرآن الكرم قد عدَّها من الصفات العادية. ولكن الذي يؤمن بالقرآن الكريم ويجعله دستور العمل لهدايته يصل إلى أعلى درجات الهداية ومراتبها التي هي المقصود من "هدى للمتقين". إن الإنسان يشعر بالمتعة والسعادة بالنظر إلى علة القرآن الكريم المتوخاة التي لا يمكن بيانها بالكلمات لأنها تؤدي إلى معرفة فضل الله الخاص وكمال القرآن الكريم"
ثم بين المسيح الموعود u أن تعاليم القرآن كاملة حيث قال:
"إن قول الله تعالى "اليَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دينكم" هو فصل ثانٍ من باب النبوة. ليس المراد من الإكمال إنزال السور فقط بل كمّل نفوسهم وطهر قلوبهم، وحوّلهم من الوحوش إلى أناس، ثم إلى أناسٍ عاقلين وخلوقين ثم جعلهم أوصلهم إلى الله، وساعدهم على عبور مدارج تطهير النفس والتكميل وتهذيب النفس. كذلك أكمل كتاب الله أيضا بحيث ما من حقيقة لا توجد في القرآن الكريم. قلتُ للبانديت "اغني هوتري" مرارا أن يقدم صدقا لا يوجد في القرآن الكريم ولكنه لم يقدر على ذلك. كذلك أتى عليّ زمان حين قرأت الكتاب المقدس على سبيل المقارنة ووجدت أن الأشياء التي يعتز بها المسيحيون توجد كلها في القرآن الكريم بصورة دائمة وبوجه أكمل ولكن من المؤسف أن المسلمين لا يتنبهون إليها. فإنهم لا يتدبرون القرآن الكريم وليست في قلوبهم عظمته وإلا إنها لمفخرة لهم أنه لا يوجد نظيره عند الآخرين.
إن للآية: اليَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ جانبين. أولا أنه طهّركم، وثانيا: قد أكمل الكتاب. يقال بأنه عندما نزلت هذه الآية كان اليوم يوم الجمعة وقال أحد اليهود لعمر" كان حريا بكم أن تحتفلوا بيوم نزولها عيدا". فقال عمر: الجمعة عيد بحد ذاته. ولكن كثيرا من الناس لا يهتمون بهذا العيد. يلبسون لباسا جديدا بمناسبة عيدين آخرَينِ ولكن لا يهتمون بهذا العيد فيحضرونه بلباس وسخ مثلا. إن هذا العيد أفضل عندي من الأعياد الأخرى إذ قد جاءت سورة الجمعة عن هذا العيد، وقُصرت له الصلاة. وقد وُلد آدم عصرا يوم الجمعة. وهذا العيد يدل أيضا على زمن خُلق فيه الإنسان الأول وعليه اختتم القرآن الكريم."
ثم بين المسيح الموعود u أن القرآن الكريم قاضٍ على الحديث:
"هناك خطأ آخر سائد في معظم المسلمين أنهم يقدّمون الأحاديث على القرآن الكريم، مع أن هذا الاعتقاد خاطئ تماما. القرآن الكريم يحتل مرتبة اليقين أما الحديث فمرتبته ظنية. الحديث ليس قاضيا على القرآن بل القرآن هو القاضي عليه، غير أن الحديث شارح للقرآن الكريم فيجب أن نعطيه مكانته اللائقة. إن الإيمان بالحديث ضروري ولكن إذا لم يعارض القرآن الكريم بل وافقه. وإذا عارض القرآن الكريم فهو ليس بحديث بل هو قول مردود. ولكن الحديث ضروري لفهم القرآن الكريم. إن أوامر الله تعالى التي نزلت في القرآن الكريم قد وضّحها النبي ﷺ بعمله، وطلب العمل عليها وأسس بصددها قدوة. لولا هذه القدوة لما فُهم الإسلام. ولكن مع ذلك كله فإن الأصل هو القرآن الكريم.".
وفي ختام الخطبة دعا أمير المؤمنين نصره الله أن يوفقنا الله للعمل بالقرآن الكريم وفهم معانيه، ثم أعلن أنه سيصلي الغائب على الشهيد الشاب زاهد حسين من بنغلاديش، الذي بايع عام 2019 وبعد قبوله الأحمدية بلّغ والديه فبايعا سنة 2020.
جاء الإرهابيون بالمناجل والحجارة لمهاجمة مقر الجلسة في بنغلاديش ونجحوا في هدم أحد الجدران وكان الشهيد مع رفاقه في البوابة الأولى فتقدم بسرعة لصد المهاجمين الذين هاجموه بالفأس وجروه وقتلوه بوحشية وشوهوا جسده بحيث تعذر معرفة جثمانه لأكثر من ساعتين، لقد نهى رسول الله ﷺ عن التمثيل بالكفار ولكن هؤلاء يمثلون بمن يرفعون اسم الله تعالى. لقد نزع القتلة البطاقة التي تحمل اسم الشهيد من صدره وتم التعرف على جثمانه من ملابس الحراسة التي كان يرتديها. نسأل الله أن يرفع درجاته، آمين.
ثم أعلن أمير المؤمنين أنه سيصلي الغائب أيضًا على الأستاذ كمال بداح من الجزائر، وبعض المرحومين الآخرين وذكر ظروف وفاتهم ودعا الله أن يرحمهم ويرفع درجاتهم ويلهم ذويهم الصبر والسلوان.