الصحابية عاتكة بنت زيد (زوجة الشهداء) رضي الله عنها



 

هي عاتكة بنت زيد بن عمرو بن نفيل القرشية العدوية، وكانت شاعرة فذة، وقد أسلمت وهاجرت إلى المدينة المنورة.

تزوجت من عبدالله بن أبي بكر ثم عمر بن الخطاب ثم الزبير بن العوام واستشهدوا جميعًا، ثم خطبها علي بن أبي طالب فأرسلت إليه: "إني لأضنّ بك عن القتل". (الإصابة في معرفة الصحابية)، ثم تزوجت من ابنه الحسين.

الصحابية عاتكة بنت زيد عاتكة هي أخت الصحابي الجليل سعيد بن زيد أحد المبشرين بالجنة، وكانت حسناء شديدة الجمال، تزوجها عبد الله بن أبي بكر الصديق -رضي الله عنهما- فأحبها كثيرًا وأُولع بها لشدة جمالها فشغلته عن مغازيه، فأمره أبوه الصديق -رضي الله عنه- بتطليقها لكنه رفض، ثمّ أصرّ عليه فطلقها، وسمعه أبوه يرقّ لها وينشد فيها هذه الأبيات:

أَعَاتِـكُ لَا أَنْسَاكِ مَـا ذَرَّ شَارِقٌ             وَمَا نَاحَ قَمَرِيُّ الحَمَامِ المُطَـوَّقُ

أَعَاتِـكُ قَلْبِي كُــلَّ يَــوْمٍ ولَـيْــلَةٍ             إِلَيكِ بِمَــا تُخْفِي النُّفُوسُ مُعَلَّــقُ

لَهَا خُلُقٌ جَزْلٌ وَرَأْيٌ ومَنْصبٌ             وَخَـلْقٌ سَوِيٌّ فِي الحَيَاءِ مُصَدّقُ

وَلَمْ أَرَ مِثْلِي طَلَّقَ اليَــوْمَ مِثْلَهَا             وَلَا مِثْلُهَــا فِي غَيْرِ جُرْمٍ تُطَلّـَقُ

 

فرقّ له أبوه وأمره أنْ يُراجعها، فطار صوابه فرحًا وأعتق خادمه لوجه الله فرحًا ثم أنشد:

أَعَاتِكُ قَدْ طُلِّقْتِ فِي غَيْرِ رِيبَةٍ             وَرُجِعْتِ لِلأَمْرِ الَّذِي هُوَ كَائِنُ

كَذَلِكَ أَمْرُ اللَّهِ غَادٍ وَرَائِحُ                   عَلَى النَّاسِ فِيهِ أُلْفَةٌ وَتَبَايُنُ

وَمَا زَالَ قَلْبي لِلَّتفَرُّقِ طَائِرًا                وَقَلْبِي لِمَا قَدْ قَرَّبَ اللَّهُ سَاكِنُ

لِيَهْنَكِ أَنِّي لَا أَرَى فِيهِ سخْطَةً              وَأَنَّكِ قَدْ تَمَّتْ عَلَيكِ المحَاسِـنُ

وَأَنَّكِ مِمَّنْ زَيَّنَ اللَّهُ وَجْهَهُ                  وَلَيْسَ لِوَجْهٍ زَانَهُ اللَّهُ شَائِنُ

ثم لما كان حصار الطائف أصابه سهم فكان فيه هلاكه فمات بالمدينة فرثته بأبيات منها

فآليت لا تنفك عيني حزينةً ... عليك ولا ينفك جلدي أغبرا

وبعد زواجها من عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وهو ابن عمها، كانت تستأذته للخروج إلى المسجد، فيسكت لأنه كان يكره خروجها إلى الصبح والعشاء، فتقول: والله لأخرجنَّ إلّا أن تمنعني، لأنها كانت ترى أن لهُ منعها، وتريد أن يكون لها أجر الخروج وإن مُنعت مع صدق نيّتها، ولم يكن يمنعها -رضي الله عنه- لئلا يخالف الحديث.

وعن عبد الرزاق عن معمر عن الزهري أن عاتكة بنت زيد ابن عمرو بن نفيل وكانت تحت عمر بن الخطاب، وكانت تشهد الصلاة في المسجد، وكان عمر يقول لها: والله إنك لتعلمين ما أحب هذا فقالت: والله لا أنتهي حتى تنهاني، قال: إني لا أنهاك، قالت: فلقد طعن عمر يوم طعن وإنها لفي المسجد.

بعد استشهاد أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه، تمت خطبتها للزبير بن العوام -رضي الله عنه- وتزوجها فكان شديد الغيرة عليها لشدة جمالها -رضي الله عنها-، فمنعها من مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقالت عاتكة له: "يا بن العوَّام، أتريد أن أدَع لغَيْرتك مُصَلّي، صَلَّيتُ مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر؟ قال: فإني لا أمنعك"، وبعد ذلك استشهد الزبير بن العوام وأنشدت ترثيه ببعض القصيد، وكان آخر من تزوجها من الصحابة الحسين بن علي -رضي الله عنهما- واستشهد في كربلاء، ثم توفيت الصحابية الجليلة عاتكة بنت زيد رضي الله عنها في سنة 40 للهجرة.