أجوبة المسيح الموعود عليه السلام حول مختلف المواضيع المتعلقة بشهر رمضان المبارك
أجوبة المسيح الموعود عليه السلام حول مختلف المواضيع المتعلقة بشهر رمضان المبارك
سنقدم لقرائنا الكرام ممارسات وأقوال الخادم الصادق لرسول الله ﷺ، حضرة ميرزا غلام أحمد عليه السلام، الحكم العدل، حول العديد من الجوانب المتعلقة بالصيام. وقد أُخذت هذه الأجوبة من فقه المسيح الموعود عليه السلام نقلًا عن جريدة الحكم باللغة الإنجليزية:
رمضان والصيام:
يقول المسيح الموعود عليه السلام:
"فيا مَن تعدّون أنفسكم من جماعتي، اسمعوا وعوا جميعًا، إنكم لن تُعَدّوا من جماعتي في السماء إلا إذا سلكتم سبل التقوى حقًّا وصدقًا. فأَدُّوا صلواتِكم الخمس بخشية وخضوع كأنكم ترون الله تعالى، وأتِمُّوا صيامكم بصدقٍ ابتغاءَ مرضاة الله تعالى، وكلّ مَن وجبتْ عليه الزكاة فليؤدِّها، وكلُّ مَن وجب عليه الحج فليحجّ ما دام ليس هناك مانع." (سفينة نوح)
رؤية الهلال:
"الحق أن االله تعالى لتيسير أحكام الدين وتسهيلها قد أخبر الناس بالطريق القويم والسديد، ولم يعرضهم عبثا للأمور الدقيقة والمعقدة. أي لم يأمرهم مثلا بخصوص بدء الصيام أن لا يثقوا بالرؤية مطلقا وينبغي أن يغمضوا العيون ما لم يتأكدوا من قواعد النجوم الظنية أن الشهر 29 يوما أو 30. فالواضح أن الطلب من الناس أن يتمسكوا دوما بالحركات الدقيقة للنجوم يعد إزعاجا دون مبرر وتكليفا لا يطاق. كما من البين الواضح أن في مثل هذه الحسابات تحدث أخطاء دوما.
فالأمر البسيط والمناسب لفهم العامة أن لا يبقى الناس محتاجين إلى المنجمين وعلماء الهيئة، فليجعلوا مدار معرفة طلوع القمر على رؤيتهم. وإنما يجب أن يراعوا علميا أن لا يتجاوزوا الثلاثين. كما ينبغي أن تتذكروا أن الرؤية تفوق القياسات الرياضية عند العقل، إذ أن فلاسفة أوروبا أيضا حين وجدوا الرؤية أكثر ثقة فببركة هذه الفكرة الطيبة تمكنوا بتأييد القوة الباصرة من ابتكار أنواع الآلات مثل المنظار والمجهر. وبواسطة الرؤية فقط قد اكتشفوا خلال أيام قليلة الحقائق حول الأجرام العلوية والسفلية التي لم يكتشفها الهندوس المساكين خلال آلاف السنين بقياساتهم وتقديراتهم. أفرأيت كم تضم الرؤية من البركات! فلتأسيس نيل هذه البركات رغّب االله تعالى في الرؤية.
فتأملْ قليلا لترى أنه لو كان أهل أوروبا أيضا قد عدوا الرؤية كالهندوس شيئا باطلا غير نافع، واعتمدوا على الحسابات القياسية، التي كُتبت بالجلوس في الحجرات المظلمة، لما تمكنوا من اكتشاف هذه المعلومات الجديدة والحديثة عن القمر والشمس والنجوم الجديدة. نكتب هنا مكررا أن انظروا بفتح العيون كم تزخر الرؤية بأنواع البركات وكم من نتائج رائعة تظهر منها في نهاية المطاف! (الكحول لعيون الآرية).
ماذا لو حدث خطأ في رؤية الهلال؟
سأل شخص من مدينة سيالكوت أن الهلال لم يُشاهَد مساء يوم الثلاثاء بل شوهد يوم الأربعاء (بينما كان رمضان قد بدأ من يوم الأربعاء) لذا كان الصوم الأول هو يوم الخميس، فماذا علينا فعله الآن؟ فقال المسيح الموعود عليه السلام: "يجب أن تصوموا يوما عوضا عنه بعد رمضان". (بدر، العدد: 31/ 10/1907م، ص7)
شهادة رؤية الهلال:
يذكر حضرة ميرزا بشير أحمد (رضي الله عنه) أن ميان خير الدين السيكهواني قد كتب له ذات مرة قائلاً:
"ذات مرة بدلاً من رؤية القمر بأنفسنا، بدأنا الصوم بشهادة بعض غير الأحمديين. وفي نفس اليوم وصلنا إلى قاديان في وقت قريب من صلاة الظهر وذكرنا أننا صائمون. ودخل المسيح الموعود عليه السلام المسجد و[عرف أننا صائمون] فتم إحضار كتب الحديث إلى المسجد وتم التأمل فيها بتركيز عميق، لأن أحدًا لم يصم في قاديان ذلك اليوم.
في تلك اللحظة سئلت: هل رأيت القمر بنفسك؟ فأجبت: رآه بعض غير الأحمديين. أُغلقت الكتب وقال المسيح الموعود عليه السلام: "ظننت أنك ربما كنت قد صمت بعد رؤية القمر بنفسك. لهذا السبب بدأت في البحث." (سيرة المهدي، المجلد 2، ص 265)
تأخير السحور:
يقول حضرة ميرزا بشير الدين أحمد (رضي الله عنه) أن منشي ظفر أحمد الكفورتهلوي كتب إليه:
"اعتدت البقاء في غرفة مجاورة للمسجد المبارك. وذات مرة، بينما كنت أتناول السحور، جاء المسيح الموعود عليه السلام، وبعد أن ألقى نظرة سألني: "هل تأكل حساء العدس والخبز؟" ثم نادى على المسؤول عن [المطبخ] وسأله هل تقدم لأصدقائي هذا الطعام؟ ليس كل الموجودين هنا مسافرون. من الآن فصاعدًا، اسأل كل واحد منهم عن نوع الطعام المعتاد عليه؛ وعن ما يرغبون في تناوله على السحور وقم بإعداد ذلك الطعام لهم. بعد ذلك، أحضر مسؤول المطبخ المزيد من الطعام لي ولكني كنت قد أكلت وكان الأذان قد رُفع. فقال المسيح الموعود عليه السلام: "تناول وجبتك. لقد رُفع الأذان مبكرًا، لذا لا تقلق."
ويقول حضرة ميرزا بشير الدين أحمد (رضي الله عنه) أن الدكتور مير محمد إسماعيل رضي الله عنه أخبره:
في عام 1895، أتيحت لي الفرصة لصيام شهر رمضان بأكمله في قاديان. خلال ذلك الشهر، صليت التراويح خلف المسيح الموعود عليه السلام:
"كان المسيح الموعود عادة يصلي الوتر في الجزء الأول من الليل بينما يصلي ثمانية ركعات تهجد على مرحلتين خلال الجزء الأخير من الليل، وقد اعتاد بانتظام على قراءة آية الكرسي في الركعة الأولى وسورة الإخلاص في الركعة الثانية. وفي السجود، كان يقرأ في كثير من الأحيان "يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث" وكان يردد هذا الدعاء بطريقة كان بإمكاني سماع صوته بسهولة.
كما اعتاد على تناول السحور بعد صلاة التهجد وكان يطيله في بعض الأحيان إلى وقت أذان الفجر، ولكن في مناسبات أخرى، كان يستمر في تناول السحور أثناء انتظار انتهاء الأذان".
لذا يمكن الاستمرار في تناول السحور حتى وقت التبيان أي حتى يتبين الخيط الأبيض من الأسود، فقد ورد في الحديث أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ "إِنَّ بِلاَلاً يُنَادِي بِلَيْلٍ فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُنَادِيَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ ". قَالَ وَكَانَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ رَجُلاً أَعْمَى لاَ يُنَادِي حَتَّى يُقَالَ لَهُ أَصْبَحْتَ أَصْبَحْتَ. (سيرة المهدي، المجلد 1، ص. 295-296)
أخذ الحيطة وقت السحور:
يقول حضرة ميرزا بشير الدين أحمد (رضي الله عنه) أن الحافظ نور محمد الساكن في قرية "فيض الله" أخبره:
"مرة خلال شهر رمضان، قام شخص برفع الأذان للفجر قبل وقت السحور. فدخل المسيح الموعود عليه السلام إلى المسجد وقال: "كنت على وشك أخذ رشفة من كوب من الحليب عندما سمعت الأذان، فتركت الكوب" فقال أحدهم: "لا يزال هنا متسع من الوقت لتناول الطعام والشراب" فأجابه المسيح الموعود عليه السلام: "لا أرى من المناسب أن أتناول أي شيء بعد الأذان".
يقول حضرة ميرزا بشير أحمد (رضي الله عنه): "إذا صحت هذه الرواية، فلا بد أن المسيح الموعود عليه السلام قد اتخذ هذا الاحتياطات لنفسه خاصة. فبخلاف ذلك، فقد اعتاد عليه السلام اعتبار وقت [الانتهاء من السحور] عند تبين الفجر وليس عند رفع الأذان للفجر. فبموجب الآية القرآنية، اعتاد التأكيد على أنه [يجب أن ينتهي السحور] عندما يتبين الفجر. ولكن كما قال أحد الصلحاء: "هناك فرق بين الفتوى والتقوى"." (سيرة المهدي، المجلد 1، ص 520)
عدم الصوم في السفر أمرٌ وليس خيارا:
سُئل المسيح الموعود عليه السلام: ما حكم الصيام في السفر؟
فقال: يتبين من القرآن الكريم: "فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ" أي يجب ألا يصوم المريض ولا المسافر، وهذا أمرٌ مؤكد. لم يقل الله تعالى بأن يصوم مَن يقدر ولا يصوم من لا يقدر. فأرى أنه يجب ألا يصوم المريض ولا المسافر. ولأن معظم الناس يصومون عادة لذا لو صام أحد نظرا إلى تواتر العمل فلا بأس في ذلك، ومع ذلك لا بد من الاهتمام بـ: {عِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}... والذي يصوم بتكبّد صعوبات السفر فكأنه يريد أن يُرضي الله بقوته، ولا يريد أن يُرضيه بطاعة أمره، وهذا خطأ. إن طاعة أوامر الله ونواهيه هو الإيمان الصادق. (الحكم، العدد 31/ 1/1899م، ص7)
المسافر والمريض لا يصومان:
علم المسيح الموعود عليه السلام أن شيخ محمد جتّو جاء من لاهور مع بعض الإخوة الآخرين فخرج نتيجة أخلاقه الفاضلة وكان عازما على الخروج للتنزه ليقابل الإخوة أيضا. لما كان الإخوة يعلمون سلفا أنه - عليه السلام - سيخرج فاجتمع معظهم في المسجد الصغير. عندما خرج - عليه السلام - من الباب أسرع إليه الإخوة إسراع الفراشة إلى الوَرْد. نظر - عليه السلام - إلى الشيخ المذكور وقال بعد التحية المسنونة:
المسيح الموعود: هل أنت بخير؟ أنت من معارفنا القدامى.
بابا جَتُّوا: الحمد لله، أنا بخير.
المسيح الموعود: (مخاطبا الحكيم محمد حسين قريشي) يجب عليك أن تهتم به فلا يواجه صاحبنا أية مشكلة. رتّبْ له سكنا مريحا وإذا احتجتَ إلى شيء أخبرني. وقل لميان نجم الدين أن يهيّء له طعاما مناسبا وما يحبه الضيف.
الحكيم محمد حسين: حسنا يا سيدي، لن يواجه مشكلة بإذن الله.
المسيح الموعود: (مخاطبا ميان جتوا) أنت مسافر، فلعلك لم تصُم؟
بابا جتو: بل أنا صائم.
المسيح الموعود: الحق أن العمل برُخص القرآن الكريم أيضا من التقوى. لقد استثنى الله تعالى المسافر والمريض من الصوم فيجب العمل بهذا الأمر أيضا. لقد قرأت أن معظم الأكابر قد ذهبوا إلى أنه إذا صام أحد في السفر والمرض فهو يرتكب معصية لأن الهدف هو نيل رضا الله ورضا الله يكمن في الطاعة. أي يجب أن يطيع المرء ما يأمر به الله ولا يضيف إليه شيء من عنده. لقد أمر الله عز وجل: "مَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَر" (البقرة: 185)، لم يوضع هنا أيّ شرط عن كيفية السفر أو المرض. أنا لا أصوم في السفر، ولا في المرض. ولم أصم اليوم أيضا لأن صحتي ليست على ما يرام. المرض يخف قليلا بالمشي لذا سأخرج للتنزه، فهل سترافقني؟
بابا جتو: لا، لا أستطيع المرافقة، يمكن أن تذهب أنت. صحيح أن هذا أمر الله ولكن ما دامت ليست هناك مشكلة في السفر فلماذا لا نصوم؟
المسيح الموعود: هذا رأيك، أما القرآن الكريم فلم يذكر المشكلة أو عدمها. لقد تقدّمتَ في السن، ولا اعتبار للحياة. يجب على الإنسان أن يختار طريقا يرضي به الله وينال الإنسان صراطا مستقيما.
بابا جتو: لقد جئتُ بهدف الاستفادة فقط، حتى لا أموت في الغفلة ومحروما من هذا الصراط إذا كان هو الصراط المستقيم.
المسيح الموعود: هذا الموقف جيد. سأعود بعد أن أتمشى قليلا ولك أن تستريح. (قال حضرته هذا وذهب للنزهة). (الحكم، العدد: 31/ 1/1907م، ص14)
كان الحديث يدور حول صوم المريض والمسافر، فقال المولوي نور الدين بأن الشيخ ابن عربي يقول بأنه إذا صام مريض أو مسافر في رمضان، وجب عليه أن يصوم بعد مرور رمضان على أية حال لأن الله تعالى يقول: "فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ" (البقرة: 185)، لم يقل الله هنا أنه إذا صام مريض أو مسافر في رمضان بإصرار أو رغبة في قلبه فلا حاجة له إلى الصوم بعد ذلك. هذا أمر صريح من الله أن يصوم فيما بعد فإن الصوم بعد رمضان واجب عليه على أية حال. وإذا صام في الأيام المتخللة فهذا أمر إضافي ورغبته الشخصية، وهذا لا يرفع أمرَ الله للصوم فيما بعد.
فقال المسيح الموعود - عليه السلام -: الذي يصوم رمضان في حالة السفر والمرض إنه يعصي صريحَ أمر الله تعالى. لقد قال الله تعالى صراحة بأن لا يصوم المسافر والمريض، بل يصومان بعد استعادة الصحة ونهاية السفر. فيجب العمل بحسب أمر الله، لأن النجاة تتوقف على فضل الله تعالى، ولا يمكن لأحد أن ينالها بفضل أعماله. لم يحدد اللهُ السفر قصيرا كان أم طويلا، ولم يحدد المرض أيضا بسيطا كان أم شديدا، بل الأمر عام ويجب العمل به. فلو صام المسافرون والمرضى لعُدُّوا من العصاة. (بدر، العدد: 17/ 10/1907م، ص7)
الإفطار بعد الظهر:
يقول حضرة ميرزا بشير أحمد (رضي الله عنه):أن ميان رحمة الله ابن ميان عبد الله السنوري قال: "جاء المسيح الموعود عليه السلام إلى لودهيانا خلال شهر رمضان المبارك ... وكنا قد بدأنا الصيام في غوس غاره قبل السفر إلى لودهيانا. عند الاستفسار من والدي، أو بعد أن اكتشف من شخص آخر (لا أذكر)، عرف عليه السلام أن جميع من أتوا من غوس غاره كانوا صائمين فقال: ميان عبد الله! مثلما أمرنا الله بالصيام، فقد أمرنا أيضًا بعدم القيام بذلك أثناء السفر. لذلك، عليكم جميعًا أن تفطروا. لقد حدث هذا بعد صلاة الظهر". (سيرة المهدي، المجلد 2، ص 125)
الإفطار بعد العصر:
يقول حضرة ميرزا بشير أحمد (رضي الله عنه):أن ميان عبد الله السنوري قال له: "ذات مرة في الأيام الأولى من شهر رمضان، جاء ضيف للبقاء مع المسيح الموعود عليه السلام. كان صائمًا عندها وكان قد مرّ معظم اليوم. ربما مر وقت العصر أيضا. فأمره عليه السلام بأن يفطر، فأجاب أن اليوم على وشك الانتهاء وسأل عن ضرورة الإفطار وقد مر اليوم. فأجاب عليه السلام: "أنت ترغب في إرضاء الله بعنادك، في حين أن الله لا يرضى بالعناد وإنما بالطاعة. عندما ذكر أن المسافر يجب ألا يصوم، فلا ينبغي عليه الصيام. "عند هذا، أنهى الضيف صيامه". (سيرة المهدي، المجلد 1، ص 97)
صوم رمضان في حالة السفر:
يقول منشي ظفر أحمد الكفورتهلوي: ذات مرة حضرتُ أنا ومنشي أروري خان والسيد خان محمد خان اللدهياني رضي الله عنهما لزيارة المسيح الموعود عليه السلام في شهر رمضان، وكنتُ صائما ولكن رفيقايَ لم يكونا صائمَينِ. حضرنا إلى المسيح الموعود عليه السلام ولم يكن من وقت الغروب إلا وقت قصير، فقالا للمسيح الموعود عليه السلام أن ظفر أحمد صائم. فدخل حضرته إلى بيته فورا وجاء بكأس شراب حلوٍ وقال: أفطِرْ، لا يجوز الصوم في السفر. فنفّذتُ أمره، ثم ظللنا نصوم بحكم إقامتنا. عند الإفطار جاء المسيح الموعود عليه السلام بثلاث كؤوس في صحن كبير، أردنا الإفطار وقلتُ: يا سيدي! كأسٌ واحدة لا تكفي للمنشي (أي منشي أروري خان). فابتسم - عليه السلام - ودخل بيته فورا وجاء بإبريق كبير مليء بشراب حلوٍ وسقا منشي المحترم. فأنهى منشي المحترم الشرابَ كله واضعا في الحسبان أنه يشرب من يد المسيح الموعود عليه السلام. (أصحاب أحمد، مجلد4، ص 224، الطبعة الحديثة، رواية منشي ظفر علي الكفورتهلوي)
الإفطار في السفر:
يقول حضرة ميزرا بشير أحمد - رضي الله عنه - أن ميان فضل محمد، صاحب المحل في حارة "دار الفضل" كتب إليه يقول:
"أثناء إجراءات الدعوى مع المولوي محمد حسين البطالوي، في جلسة استماع في المحكمة، كان علينا الذهاب إلى داريوال. لقد كان يومًا صيفيًا حارًا وفي شهر رمضان. كان العديد من الأصدقاء قد اجتمعوا في داريوال، وكان الكثيرون منهم صائمين. دعت إحدى السيدات المسيح الموعود عليه السلام، فقبل الدعوة. فقدمت لهم السيدة الأرز المحلى وأطعمة أخرى. سأل بعض الصحابة المسيح الموعود عليه السلام بخصوص صومهم. فقال "لا يجوز الصوم في السفر" لذلك، أنهى جميع الصحابة صومهم". (سيرة المهدي، المجلد 2، ص 303).
تجاهل السخرية من عدم الصيام في السفر:
كتب حضرة ميزرا بشير أحمد - رضي الله عنه - أن مالك مولى بخش كتب من خلال المولوي عبد الرحمن مبشر:
"جاء المسيح الموعود عليه السلام ذات مرة إلى أمريتسار في شهر رمضان، وألقى محاضرته في ماندو بابو غانيا لال (المعروف الآن باسم فاندي ماتارام بال). وبسبب السفر لم يصم المسيح الموعود عليه السلام. خلال المحاضرة، قدم مفتي فضل الرحمن له كوبًا من الشاي. لم يلاحظ حضرته ذلك، فقرب المفتي الكوب للأمام، ومع ذلك، ظل المسيح الموعود عليه السلام منشغلًا في محاضرته. ثم وضع المفتي الكوب أمامه، فأخذ رشفة من الشاي. أدى هذا إلى ضجة بين الجمهور. هل هذه هي قدسية رمضان؟ إنه مفطر! وبدأ الناس يتفوهون بكل أنواع الهراء. توقفت المحاضرة وتراجع المسيح الموعود عليه السلام خلف الستائر. تم إحضار السيارة إلى باب الخروج الثاني.
جلس عليه السلام في السيارة، واندلعت الفوضى. بدأ الناس برمي الطوب والحجارة التي حطمت إحدى النوافذ الزجاجية للسيارة، لكن المسيح الموعود عليه السلام وصل إلى وجهته آمنًا. في وقت لاحق، قال أحد المشايخ غير الأحمديين: "اليوم الملايين يعتبرون الميرزا نبيًا"، لكني لم أسمع هذا.
لقد تركنا المبنى مع حضرة المولوي نور الدين رضي الله عنه وذكرنا له أن الناس ما زالوا يرشقون الطوب والحجارة وأنه يجب أن ينتظر بعض الوقت. فأجاب: "الشخص الذي كانوا يستهدفونه قد غادر الآن. لماذا يريدون ضربي؟"
بما أن السبب وراء هذه الفوضى كان تقديم المفتي فضل الرحمن الشاي، كان الجميع يسأله: "لماذا فعلت ذلك؟" وسألته أنا ذلك أيضًا. كان الرجل المسكين قد سئم من سماع هذا. أبلغني المرحوم ميان عبد الخالق أنه عندما تم تقديم الأمر إلى المسيح الموعود عليه السلام أن المفتي قد عطل المحاضرة، قال عليه السلام: "لم يرتكب المفتي أي خطأ. إنه أمر الله أنه خلال السفر، لا يجوز الصيام. ولقد منحني الله فرصة لتنفيذ هذا الأمر أمام الناس، مما يجعل المفتي بطلًا. . (سيرة المهدي، المجلد 2، ص. 147)
صوم المسافر عند الإقامة:
يقول الخليفة الثاني رضي الله عنه: عُرض سؤال أن المسيح الموعود - عليه السلام - قد أفتى بألا يصوم المريض والمسافر، وإذا فعلوا عُدّوا عصاة. ولكن قد نُشر من قِبلي إعلان في جريدة "الفضل"، أن الأحمديين الذين سيحضرون هنا للجلسة السنوية يمكنهم أن يصوموا في أثناء تواجدهم هنا، ومن أفطر وصام في أيام أُخر فلا اعتراض عليه.
فأولا أريد القول بهذا الشأن أنه لم تُنشر فتواي في "الفضل"، غير أن هناك فتوى المسيح الموعود - عليه السلام - نُشرت بروايتي.
الحقيقة أنني كنتُ في أوائل خلافتي أمنع من الصوم في السفر لأنني رأيتُ أن المسيح الموعود - عليه السلام - ما كان يسمح للمسافر بالصوم. وقد رأيتُ أن مرزا يعقوب بيك جاء ذات مرة وقت العصر وكان صائما فأمره المسيح الموعود - عليه السلام - بالإفطار وقال بأن الصوم في السفر لا يجوز. وقد طال الحوار والنقاش حول هذا الموضوع لدرجة ظن الخليفة الأول - رضي الله عنه - أنه قد يكون مدعاة لعثار أحد. فجاء في اليوم التالي بنص لابن العربي جاء فيه بأنه أيضا يقول بذلك.
فقد ترك هذا الأمر في شخصي تأثيرا أنني كنتُ أمنع من الصوم في السفر. صدف ذات مرة أن جاء المولوي عبد الله السنوري لقضاء أيام رمضان هنا، وقال: سمعتُ أنك تمنع صوم القادمين من الخارج، ولكنني رويتُ أن شخصا جاء إلى هنا وقال للمسيح الموعود - عليه السلام - أنه ينوي الإقامة فهل يجب أن يصوم في أثناء ذلك أم لا؟ فقال - عليه السلام -: نعم، تستطيع أن تصوم لأن قاديان وطن ثانٍ للأحمديين. مع أن المرحوم المولوي عبد الله كان من المقربين جدا إلى المسيح الموعود - عليه السلام - ولكنني لم أقبل روايته. ولكن عندما أخذتُ شهادة الناس الآخرين بهذا الشأن تبين أن المسيح الموعود - عليه السلام - كان يسمح بالصوم في أثناء الإقامة في قاديان، ولا يسمح به يوم الإياب ويوم الذهاب. لذا اضطررت أن أغيّر موقفي السابق. ثم عندما نشأ سؤال عن القادمين للجلسة السنوية هذا العام في شهر رمضان إن كان يجب أن يصوموا أم لا؟ قال شخص أنه عندما حلّ شهر رمضان في عهد المسيح الموعود - عليه السلام - كنت ممن أطعم الضيوفَ السحورَ. حينها سمحتُ للقادمين للجلسة أن يصوموا (أثناء إقامتهم هنا) في ظل هذه الظروف، فهذه فتوى المسيح الموعود - عليه السلام - أصلا. كان العلماء القدامى يجيزون الصوم في السفر أيضا، أما في هذه الأيام فلا يرى المشايخ غير الأحمديين السفرَ سفرا أصلا، ولكن المسيح الموعود - عليه السلام - منع من الصوم في السفر. وهو الذي قال بأن الصوم في حالة المكث في قاديان جائز. فلا يجوز أن نأخذ بفتوى الآخرين ونترك فتواه. (الفضل، العدد: 4/ 1/1934م، الصفحة 3 - 4)
الإفطار عند الإصابة بالمرض:
يقول حضرة ميرزا بشير أحمد أن الدكتور مير محمد إسماعيل (رضي الله عنهما) أخبره أنه "ذات مرة في لودهيانا، كان المسيح الموعود عليه السلام صائمًا وفجأة شعر بتوعك وألم بالرأس تسبب في برودة أطرافه. وعلى الرغم من أن الشمس كانت على وشك الغروب، إلا أنه أفطر على الفور. فقد طبق حضرته دائمًا هذا الأمر الوارد في الشريعة".
في هذا الصدد، قال حضرة ميرزا بشير أحمد رضي الله عنه: "ورد عن السيدة عائشة في الحديث أَنَّهَا قَالَتْ: مَا خُيِّرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ أَمْرَيْنِ قَطُّ إِلاَّ أَخَذَ أَيْسَرَهُمَا، مَا لَمْ يَكُنْ إِثْمًا، فَإِنْ كَانَ إِثْمًا كَانَ أَبْعَدَ النَّاسِ مِنْهُ". (سيرة المهدي المجلد 1 ص 637)
الإذن بالصوم في المرض البسيط:
يقول منشي حبيب الرحمن رضي الله عنه: ذات مرة قضيتُ العشر الأواخر من رمضان في قاديان. في تلك الأيام كان المسيح الموعود - عليه السلام - يصاب بحمى الرعشة كل يوم، فكان يصاب بها بعد الظهر، فكان يشترك في صلاة الظهر وما كان يقدر على الاشتراك في بقية الصلوات. وكان يجلس أحيانا قبل صلاة الظهر لانتظار المصلين. كان من عادتي أن أصلي حتما بقربه - عليه السلام -، ولم يحدث أن أبقى بعيدا عنه. ومرة كنت بعيدًا عن حضرته ولكن الله جعل لي مخرجا لأصلي بالقرب منه. فكلما جاء حضرته لصلاة الظهر كنت أسأله عن حاله، فكان يقول: أشعر بالبرد. وكان يقول أحيانا: صَلِّ، أشعر بشدة البرد. ولكنه كان يصوم على الرغم من اعتلال صحته. قلتُ له ذات يوم: أنت تصاب بالحمى، وقد مضت على هذه الحال عدة أيام، فلو أفطرتَ (أي عند الإصابة بالحمى) لكان أحسن، فقال: لا أشعر بالألم بسبب الصوم بل أشعر بالراحة، ولا أشعر بالجوع والعطش، غير أنني أشعر بالألم ليلا أكثر نسبيا لذا أصوم. كانت الحمى تزول صباحا فكان - عليه السلام - يذهب للتنزه. (أصحاب أحمد، مجلد10، ص 397 - 398).
المسيح الموعود - عليه السلام - عن الصوم في المرض:
سُئل المصلح الموعود - رضي الله عنه -: لما كان المسيح الموعود عليه السلام معتلّ الصحة، فهل كان يصوم؟ فقال رضي الله عنه:
كان المسيح الموعود عليه السلام يصوم كثيرا، ولكنه لما كان قد ضعُف كثيرا في الفترة الأخيرة وتفاقم المرض أيضا لذا لم يصم لثلاث سنين، أي: 5، 6، 7. (المراد هو: 1905، 1906م، و1907م - الناقل)
يقول مرزا بشير أحمد رضي الله عنه: حدثتني والدتي وقالت: لما تعرض المسيح الموعود عليه السلام لنوبات المرض لم يصُم رمضان في تلك السنة وأدى الفدية. لما جاء رمضان التالي بدأ عليه السلام يصوم ولكنه تعرض للنوبات نفسها بعد ثمانية أو تسعة أيام، فترك صيام بقية أيام رمضان وأدى الفدية. ثم في رمضان التالي صام لعشرة أيام أو أحد عشر يومًا، ثم عاودتْه النوباتُ نفسها فاضطر لترك الصوم لبقية أيام الشهر وأدى الفدية عنها، ثم في رمضان السنة التالية كان اليوم الثالث عشر من رمضان عندما تعرض - عليه السلام - للنوبة فأفطر ولم يصُم بقية أيامه وأدى الفدية. ثم بعد ذلك صام - عليه السلام - كل شهرِ رمضان بأكمله إلى ما قبل وفاتِه بسنتين أو ثلاث إذ لم يستطع أن يصوم بسبب الضعف، فظلّ يؤدي الفدية.
سألتُ والدتي: هل قضى حضرته ما تركه من الصوم جراء نوبات مرضه في البداية؟ قالت: لا، بل اكتفى بأداء الفدية.
لما بدأت نوبات الصداع مع برودة الأطراف تعاود المسيح الموعود - عليه السلام - أدى ذلك إلى ضعفِه وتدهورِ حالتِه الصحية، فكان لا يصوم، ولم يكن يرى في نفسه القدرة على الصيام إلى شهر رمضان من السنة التالية. إلا أنه لما كان يحل شهر رمضان كان - عليه السلام - يبدأ بصيامه شوقًا في العبادة إلا أنه كان يتعرض للنوبات نفسها فكان يفطر ويؤدي الفدية عن بقيته. والله أعلم. (سيرة المهدي، المجلد1، ص 59)
المسافر والمريض يدفع الفدية
يقول المسيح الموعود عليه السلام: لقد أسس الله الشريعة على اليسر، فمن كان ذا سعة من المسافرين والمرضى فليدفعوا فدية الصوم. والفدية هي إطعام مسكين. (بدر، العدد: 17/ 10/1907، ص 7)
الهدف من الفدية:
في إحدى المرات خطر ببالي سؤال عن الأمر بأداء الفدية، فعلمتُ أنها تسبب التوفيق للصيام. إن الله تعالى هو الموفِّق لكل شيء، فيجب أن نطلب كل شيء من الله وحده. إنه هو القادر القدير على أن يهب للمسلول أيضا قوة على الصيام إذا أراد ذلك. لذا فالأنسب للذي هو محروم من الصيام أن يدعو الله تعالى أنْ يا إلهي إن شهرك هذا شهرٌ مباركٌ وأنا لا أزال محرومًا من بركاته، ولا أدري هل أكون على قيد الحياة في العام القادم أم لا، أو هل أقدر على صيام الأيام الفائتة أم لا. لذا يجب أن يسأل اللهَ - عز وجل - التوفيقَ. وإنني على يقين أن الله تعالى سوف يوفِّقُ شخصًا كهذا. (البدر، العدد: 12/ 12/1902م، ص 52)
الفدية لا تُسقط الصوم الفائت:
يقول المصلح الموعود رضي الله عنه:
الفدية لا تُسقط عنه الصوم الفائت، وإنما هي فدية لأنه لم يستطع -بسبب عذر شرعي- أن يشترك في العبادة مع سائر المسلمين في هذه الأيام المباركة. فالأعذار على نوعين: عذر مؤقت وعذر دائم، ويجب أداء الفدية بشرط القدرة عليها سواء كان العذر مؤقتا أو دائما. أما إذا زال العذر ولو بعد سنة أو سنتين أو ثلاث سنوات فعليه أن يصوم أيضا، وإن أدى الفدية، اللهم إلا إذا كان عذر المرض مؤقتا من قبل، وكان المريض ينوي الصوم عندما يسترد صحته غدا أو بعد غد، ولكن صحته تدهورت بصورة دائمة. أما من كان قادرا على الإطعام -مريضا كان أم مسافرا- يجب عليه أن يُطعم مسكينا فديةً في رمضان، ويصوم في أيام أُخر. هذا هو مذهب الإمام المهدي والمسيح الموعود إذ كان يؤدي الفدية دائما للأيام الفائتة في رمضان وبعد ذلك يصوم أيضا؛ وهذا ما كان ينصح به الآخرين. (التفسير الكبير، المجلد2، ص389)
لمن تُدفع الفدية؟
عُرض سؤال آخر للسائل نفسه: الذي لا يقدر على الصوم، عليه أن يطعم المساكين فديةً، فهل يجوز إرسال هذا المبلغ إلى صندوق اليتامى في قاديان؟
قال - عليه السلام -: لا بأس في ذلك، لو أطعم المساكين في مدينته أو أرسل النقود إلى صندوق اليتامى والمساكين هنا. (بدر، العدد: 7/ 2/1907م، ص 4)
الأجير أيضا في حكم المريض
أحيانا يحل شهر رمضان في أيام يكون فيها المزارعون بحاجة إلى كثرة العمل مثل الحرث والزراعة، وكذلك الأجراء الذين يكسبون لقمة العيش بالأجرة لا يستطيعون الصوم، فما حكْمهم؟
فقال - عليه السلام -: الأعمال بالنيات، الناس يخفون ظروفهم. كل واحد يستطيع أن يقدِّر ظروفه بالتقوى والنزاهة. فإذا كان يستطيع أن يستأجر شخصا مكانه فليفعل وإلا فهو في حكم المريض، وليصم حين يتيسر له.
وقال عن: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ} بأن معناه: الذين لا يستطيعون. (بدر، العدد 26/ 9/1907م، ص7)
من أيّ عمر يجب البدء بالصوم؟
يقول الخليفة الثاني - رضي الله عنه -: إن إكراه طفلٍ أصغر من 12 عام ظلم بحسب رأيي، ومن أكره طفلا يتراوح عمره بين 12 و15 عاما فقد أخطأ. يجب تعويده على الصوم بدءا من 15 عاما من العمر، وفي 18 عاما من العمر يجب أن يُحسَب الصوم فرضا.
أذكر عندما كنا صغارا كنا مولَعين بالصيام ولكن المسيح الموعود - عليه السلام - ما كان يسمح لنا بذلك. وبدلا من دفعنا إلى الصوم كان يُرعبنا منه دائما. (الفضل، العدد: 11/ 4/1925م، ص7)
يقول المسيح الموعود - عليه السلام - أيضا:
"فلنعلم أن الشريعة قد منعت الصغار الذين هم في سن صغير من أن يصوموا، ولكن إذا أوشكوا على البلوغ وجب تدريبهم على بعض الصيام". إن سيدنا المسيح الموعود عليه السلام قد سمح لي بالصوم لأول مرة - كما أذكر- عندما كنتُ في الثانية أو الثالثة عشرة من عمري. ولكن بعض الحمقى يُكرهون صغارهم على الصوم وهم في السادسة أو السابعة من عمرهم، ويظنون أن هذا عمل صالح. هذا ليس عمل ثواب وإنما هو ظلم. هذا السن سن نموهم. نعم عندما يوشكون على سن البلوغ والصوم يجب تدريبهم على الصيام. ولو نظرنا إلى سنة المسيح الموعود - عليه السلام - وإذنه، فالسّن المناسب لذلك هو قرب الثاني أو الثالث عشر. فيجب أن يصوموا عندئذ بضعة أيام في كل رمضان إلى أن يبلغوا الثامنة عشرة وهو سن البلوغ عندي. أتذكر أن المسيح الموعود - عليه السلام - سمح لي بالصوم ليوم واحد في أول مرة. في هذا السن يكون عند الصغار شوق للصيام. ويريدون أن يصوموا أكثر من يوم، ولكن من واجب الآباء أن يمنعوهم من ذلك. ثم يأتي سن يجب فيه على الآباء أن يشجعوهم على صيام بضعة أيام، ويراقبوهم حتى لا يتجاوزوا الحد. وكذلك يجب على الآخرين أن لا يعترضوا على الصغار فيقولوا لماذا لا يصومون الشهر كله؟ فهذا الصغير لو صام في هذا السن الباكر لن يقدر على الصوم في المستقبل. ثم إن بعض الأطفال يكونون ضعاف البنية والخلقة. ولقد رأيت بعض الأطفال يأتون مع آبائهم لزيارتي، ويخبرني الأب أن الطفل في الخامسة عشرة مثلا من عمره مع أنه يبدو ابن سبع أو ثماني سنوات. أرى أن مثل هذا الطفل لا يبلغ سن الصيام إلا قريبا من الحادي والعشرين. وعلى النقيض يكون هناك بعض الأطفال الأقوياء الذين يبدون في الثامنة عشرة من عمرهم بينما في الحقيقة هم في الخامسة عشرة. ولو أخذ هؤلاء بظاهر كلامي، وقالوا إن سن الصوم هو الثامنة عشرة، فإنهم لا يظلمونني، ولكن أنفسهم يظلمون. وكذلك لو أن أحدا عاب صغيرا لم يصم شهرا كاملا فلا يظلم إلا نفسه. (التفسير الكبير، المجلد2، ص 385)
منع الصيام في سن صغيرة:
تقول السيدة نواب مباركة بيغم رضي الله عنها:
لم يكن المسيح الموعود - عليه السلام - يحب أن يطلب منا أن نصوم قبل بلوغ سن الرشد. فكنا نصوم يوما أو يومين فقط. عندما أفطرت لأول صيام قامت والدتي المحترمة بعمل مأدبة كبيرة، أي دعت لها سيدات الجماعة كلهن. ثم صمتُ في رمضان في العام الثاني أو الثالث بعد ذلك الرمضان، وأخبرتُ المسيح الموعود - عليه السلام - بأني صائمة اليوم. كان - عليه السلام - جالسا في الحجرة وكان على الطاولة الصغيرة بالقرب منه حبتان من "البان" لعل والدتي المحترمة صنعتهما. فأخذ - عليه السلام - حبة منهما وقال لي: كلي هذا، أنت ضعيفة، ولا تصومي في هذا العمر، فأفطري. فأكلتُ البان ولكن قلتُ له - عليه السلام: الفتاة "صالحة" (أي زوجة خالي الأصغر) أيضا صائمة، قل لها أيضا أن تُفطر. قال: ادعيها، فدعوتها فأعطاها حبة ثانية من البان، قال: كُلِيها، فليس عليك صوم. عندئذ كان عمري قرابة 10 أعوام. (تحريرات "مباركة" ص 227 - 228)
الاهتمام بصوم ستة أيام في شهر شوال:
يقول الخليفة الثاني - رضي الله عنه -:
كان من سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يصوم ستة أيام من شوال بعد يوم العيد فورا. وإن إحياء هذه السنة واجب على جماعتنا أيضا.
ذات مرة أقرّ المسيح الموعود عليه السلام في قاديان بالاهتمام بالأيام الستة بعد العيد وصومها مثل رمضان تماما. وفي السنوات الأخيرة لما كان المسيح الموعود - عليه السلام - متقدما في السن وكان معتل الصحة أيضا لم يصم لعامين أو ثلاثة أعوام. فليسمع الذين لا يعلمون وليحذر الذين هم في غفلة أن عليهم أن يصوموا هذه الأيام الستة إلا المعذورين منهم بسبب المرض والضعف. وإن لم يستطيعوا مواصلتها يمكنهم أن يصوموا بفواصل بين الأيام أيضا. (الفضل، العدد: 8/ 6/1922م، ص 7)
قطرة العين:
عُرض على المسيح الموعود عليه السلام سؤال: إذا كان الصائم مصابا بمرض في عينه، فهل يجوز له أن يضع قطرة فيها أم لا؟
قال - عليه السلام -: هذا السؤال خطأ أصلا لأن المريض ليس مأمورا بالصوم. (البدر، 07/02/1907 ص.4)
استخدام العطور أثناء الصيام:
عُرض سؤال: هل استخدام العطور جائز للصائم أم لا؟ فقال - عليه السلام -: جائز. (المرجع السابق)
وضع الكحل أثناء الصيام:
عُرض سؤال: هل يجوز للصائم أن يكتحل أم لا؟ فقال عليه السلام: هذا مكروه. ما حاجته إلى الاكتحال في أثناء النهار إذ يمكنه أن يكتحل ليلا؟ (المرجع السابق)
صلاة التراويح:
طرح السيد "أكمل" من مدينة غوليكي على المسيح الموعود عليه السلام سؤالا خطيا جاء فيه: هناك تأكيد على النهوض للصلاة ليلا في رمضان، ولكن العاملين والأجراء والمزارعين الذين يشتغلون في مشاغل مماثلة يتكاسلون في ذلك عادة. فهل يجوز أن يصلوا صلاة التراويح إحدى عشرة ركعة في بداية الليل بدلا من نهايته؟ قال عليه السلام في الجواب: يمكن أداؤها ولا بأس في ذلك. (جريد بدر، العدد: 18/ 10/1906م، ص4)
ركعات صلاة التراويح:
قيل له عن صلاة التراويح إنه ما دامت هذه الصلاة هي صلاة التهجد فما قولكم في أدائها عشرين ركعة لأن التهجد إما 11 ركعة أو 13 ركعة مع الوتر؟ فقال عليه السلام:
إن سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - الدائمة هي أنه يصلي 8 ركعات وذلك عند التهجد، وهذا هو الأفضل ولكن يجوز أن تصلَّى في الهزيع الأول من الليل أيضا. لقد جاء في رواية أنه - صلى الله عليه وسلم - صلاها في الجزء الأول من الليل. أما 20 ركعة فقد صُلِّيت فيما بعد ولكن سنة النبيّ هي التي ذُكرت من قبل. (جريدة بدر، العدد: 6/ 2/1908م، ص7)
صلاة التراويح هي صلاة التهجد في الحقيقة:
بعث شخص إلى المسيح الموعود عليه السلام رسالة كانت تتلخص في سؤال عن كيفية الصلاة في السفر، وعن كيفية صلاة التراويح. فقال - عليه السلام -:
صلاة الركعتين هي سنّة النبي ﷺ في السفر. التراويح أيضا سنَّة، يجب أن تصلّوها، ويمكن أن تصلّوها أحيانا في البيت أيضا في العزلة لأن التراويح هي التهجد في الحقيقة وليست صلاة جديدة. صلّوا الوتر كما تشاءون. (بدر، العدد: 26/ 12/1907م، ص6)
تلقين المأموم الإمامَ بفتح القرآن إذا نسي الإمامُ في صلاة التراويح:
سئل عن تلقين المأموم -الذي لا يحفظ القرآن- الإمامَ فاتحا القرآن الكريم فقال الخليفة الثاني رضي الله عنه:
لم أجد فتوى المسيح الموعود عليه السلام بهذا الشأن. فقال المولوي محمد إسماعيل بأن المسيح الموعود عليه السلام أجاز ذلك. فقال الخليفة الثاني - رضي الله عنه -: إذا كان جائزا فيمكن الاستفادة من ذلك كثيرا، ويمكن التنسيق ألا يجلس شخص واحد أثناء صلاة التراويح كلها ليسمع التلاوة بل يجب أن يسمعها أربعة أشخاص أي يسمع كل واحد تلاوة في ركعتين وبذلك يمكن أن يصلي كل واحد منهم ست ركعات.
قيل: هل يجيز الفقه ذلك؟ قال - رضي الله عنه -: الهدف الحقيقي هو أن يُعوَّد الناسُ على سماع القرآن الكريم. إن هذه الفتوى للمسيح الموعود هي لضرورة واضطرار، كما أنه إذا كان أحد لا يستطيع الصلاة واقفا فليصّل قاعدا، وإلا فليصلّ مستلقيا، أو إذا كان لباس أحد نجسا ولم يستطع غسله فليصلّ فيه. فهذه ليست مسألة بل يُعمل به عند الضرورة فقط. (الفضل، العدد: 21/ 2/1930م، ص 12)
لا يفسد الصوم بالأكل خطأ:
عُرض سؤال شخص: كنت جالسا في الغرفة في أيام رمضان وظللت آكل دون أن أعرف نهاية وقت السحور. وعندما خرجت رأيت الخيط الأبيض واضحا، فهل عليّ أن أصوم مكانه يوما آخر؟
قال المسيح الموعود عليه السلام: إذا أكل المرء دون أن يعلم موعد السحور فليس عليه أن يصوم مكانه يوما آخر. (الحكم، العدد: 14/ 2/1907م، ص14)
هل صيام شهر المحرم ضروري؟
عُرض عليه - عليه السلام - سؤال: هل صوم الأيام العشر الأوائل من شهر محرم ضروري أم لا؟
قال - عليه السلام -: ليس ضروريا. (المرجع السابق)
الكلام أثناء الاعتكاف:
السؤال: إذا كان الإنسان معتكفا فهل يجوز له أن يتحدث في أمور تجارته الدنيوية؟
الجواب: يجوز له ذلك في حالة الضرورة القصوى، فيستطيع أن يخرج لعيادة المريض أو لقضاء الحوائج الضرورية. (المرجع السابق)
بعض التعليمات عن الاعتكاف:
قال - عليه السلام - مخاطبا الدكتور عباد الله الأمرتسري وخواجة كمال الدين المحامي اللذينِ كانا معتكفينِ:
ليس ضروريا في أثناء الاعتكاف أن يبقى الإنسان جالسا في الداخل ولا يخرج مطلقا. في داخل المسجد يكون البرد شديدا فيمكنكما أن تجلسا على سطحه تحت الشمس. ويمكنكما أن تتحدثا في أمور ضرورية إذ لا بد من الاهتمام بالأمور الضرورية، معلوم أن كل عمل المؤمن عبادة. (البدر، العدد: 2/ 1/1903م، ص74)
الزكاة:
التأكيد على الصيام والحج والزكاة
يقول المسيح الموعود - عليه السلام -: "أتِمُّوا صيامكم بصدقٍ ابتغاءَ مرضاة الله تعالى، وكلّ مَن وجبتْ عليه الزكاة فليؤدِّها، وكلُّ مَن وجب عليه الحج فليحجّ ما دام ليس هناك مانع". (سفينة نوح، الخزائن الروحانية، المجلد 19، ص 15)