ملخص لخطبة الجمعة الأخيرة التي ألقاها سيدنا أمير المؤمنين (أيده الله تعالى بنصره العزيز) من المسجد المبارك في تيلفورد، في 31/03/2023



 بسم الله الرحمن الرحيم

نقدم لحضراتكم ملخصًا لخطبة الجمعة الأخيرة التي ألقاها سيدنا أمير المؤمنين (أيده الله تعالى بنصره العزيز) من المسجد المبارك في تيلفورد، في 31/03/2023، حيث قال:

نمر هذه الأيام في شهر رمضان المبارك، وإذا أردنا الاستفادة من الصيام حقًا، علينا أن نهتم إلى جانب العبادات أن نركز على تلاوة القرآن الكريم، فلرمضان علاقة وطيدة بالقرآن، يقول الله تعالى:

"شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ"

وهناك روايات موثوثقة أن القرآن نزل على رسول الله ﷺ أول مرة في 24 رمضان، وفي كل رمضان كان جبريل يتدارس القرآن الكريم مع الرسول ﷺ، وفي السنة الأخيرة من حياته أكمل دورتين من القرآن معه ﷺ، لذلك علينا أن نهتم بهذا الشهر بقراءة القرآن وسماعه وقراءة تفسيره ونهتم بدروس القرآن الكريم وعندها سنعرف أهمية الأحكام الواردة في القرآن الكريم ونجعلها جزءً من حياتنا ونصوغ حياتنا بحسب تعاليم القرآن الكريم لنرث أفضال الله تعالى. فإذا أردنا أن نريد أن نستفيض بفيوض رمضان حقًا فعلينا بتلاوة القرآن الكريم والتدبر فيه وفي معانيه.

وقد كشف المسيح الموعود u محاسن القرآن الكريم وعلينا سماع أقواله في ذلك، والتدبر فيها لكي يتيسر لنا فهم القرآن الكريم جيدًا، يقول عليه السلام:

لقرآن الكريم شريعة مستقلة وأبدية: إن حِكم الله وأحكامه نوعانِ، بعضها أبدية ودائمة وبعضها تصدر نظرا إلى حاجات مؤقتة وآنية. مع أنها أيضا تكون مستقلة بحد ذاتها ولكنها تكون مؤقتة. فمثلا أحكام الصلاة أو الصوم في السفر تختلف عن الأحكام في القيام. عندما تخرج المرأة من البيت تلبس برقع ولكنها ليست بحاجة إليها في البيت. كذلك إن أحكام التوراة والإنجيل كانت منسجمة مع حاجات مؤقتة. أما الشريعة والكتاب الذي جاء به رسول الله فهو كتاب أبدي وشريعة أبدية لذا ما قيل فيه هو كامل ومكتمل. ولو لم يأت القرآن أيضا لكان مقدرا مع ذلك أن تُنسخ التوراة والإنجيل لعدم كونهما قانونا دائما وأبديا"

وقال المسيح الموعود u مبينًا الهدف من بعثته:

"ألا فاصغوا أيضا إلى الغاية المرجوّة من بعثتي: إن الهدف والغاية من بعثتي هو تجديد الإسلام وتأييده فقط. لا تظنوا أني جئت لأعلّم شريعة جديدة أو أعطي أحكاما جديدة أو آت بكتاب جديد. كلا، ومن رأى ذلك كان ضالا وملحدا إلى أبعد الحدود. لقد خُتمت الشريعة والنبوة على النبي ﷺ، فلن تأتي الآن شريعة؛ لأن القرآن الكريم خاتَم الكتب، ولا مجال للنقص أو الزيادة فيه قيد أنملة. والصحيح حقًا هو أن بركات النبي ﷺ وفيوضه، وتعليم القرآن الكريم وثمرات هديه؛ لم تنقطع، بل ما زالت موجودة وتتجدد في كل زمان. وقد بعثني الله تعالى لإثبات تلك الفيوض والبركات".

ويقول المسيح الموعود u أيضًا:

"إن نطاق تعاليم القرآن الكريم واسع جدا، فهو قانون أبدي لن يتبدل إلى يوم القيامة، وهو لكل قوم ولكل وزمان، قال الله تعالى (وإن من شيء إلا عندنا خزائنه وما ننزله إلا بقدر معلوم) أي أننا ننزل من كنوزنا بقدر معلوم. أما الإنجيل فجاء لسد حاجة ذلك العصر فقط، ولذلك يمكن تلخيصه في صفحة واحدة فقط.

أما القرآن الكريم فكانت غايته إصلاح العصور كلها. كان هدفه الارتقاء بالإنسان من حالته الوحشية ليكون إنسانا، ثم إنسانًا مهذبا متحليا بالآداب الإنسانية، لكي يكون قادرًا على العمل بحدود الشرع وأحكامه، ثم ليكون إنسانا ربانيا. إنها كلمات مختصرة، إلا أن لها آلاف الشعب والفروع. لما كان اليهود والطبيعيون والمجوس وغيرهم من الأمم يعيشون عيشة انحراف وسوء، فقد خاطبهم النبي صلى الله عليه وسلم جميعا بإعلام رباني وقال: (يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا)، لذا فكان لزاما أن يكون القرآن الكريم جامعًا للأحكام التي سبق صدورها في الماضي من حين لآخر، وحاويا كافة الحقائق التي وصلت من السماء إلى أهل الأرض على يد الأنبياء عبر العصور الغابرة. لقد أخذ القرآن الكريم في الاعتبار جميع البشرية، لا أمة معينة أو بلدًا خاصا أو عصرًا خاصا، أما الإنجيل فكان اهتمامه بأمة معينة، ولذلك قال المسيح عليه السلام مرارا: {لَمْ أُرْسَلْ إِلاَّ إِلَى خِرَافِ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ الضَّالَّةِ}.

ويقول عليه السلام أيضًا:

"إن القرآن الكريم حكمة وشريعة أبدية ومخزن التعاليم كلها، وإن معجزته الأولى هي تعليمه الأعلى، ومعجزته الثانية هي نبوءاته العظيمة الشأن. فكم هي عظيمة تلك النبوءات التي تتضمنها سورة الفاتحة وسورة التحريم وسورة النور! إن حياة النبي ﷺ في مكة كانت زاخرة بالنبوءات وإذا فكّر فيها عاقل بخشية الله لعلم كم من أنباء الغيب تلقاها رسول الله ﷺ! هل القول: "سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ" حين كان القوم كلهم يعادونه ولم يكن هناك مواسٍ له أو رفيق، هو قول عادي؟ كانت الأسباب والظروف تفتي أنه سيُقضى عليه سريعا ولكنه كان في تلك الظروف ينبئ بنجاحه وبخزي الأعداء وخسرانهم ثم أن حدث ذلك تماما".

وفي ختام الخطبة، طلب أمير المؤمنين نصره من الأحمديين الدعاء أن ينقذ الله العالم من الدمار، ثم أعلن أنه سيصلي الغائب على بعض المرحومين وذكر نبذة من حياتهم.