ملخص لخطبة الجمعة الأخيرة التي ألقاها سيدنا أمير المؤمنين (أيده الله تعالى بنصره العزيز) من المسجد المبارك في تيلفورد، في 28/04/2023

 بسم الله الرحمن الرحيم

نقدم لحضراتكم ملخصًا لخطبة الجمعة الأخيرة التي ألقاها سيدنا أمير المؤمنين (أيده الله تعالى بنصره العزيز) من المسجد المبارك في تيلفورد، في 28/04/2023 حيث قال:

يكتب إلي بعض الناس أن أحوال الجماعة في باكستان وغيرها من البلدان لا تقتضي الصبر فقط، بل يجب أن نقوم بالرد لأن الصبر قد طال ويقدمون أمثلة كيف سمح المصلح الموعود t أحيانًا بإظهار بعض ردات الفعل.

إن هذه الأقوال التي تنسب للمصلح الموعود t خاطئة، أو قد أسيء فهمها، فهو قد قام ببعض الإجراءات ضمن القانون ولم يسمح للأحمديين أن يخرجوا بمظاهرات كالمشاغبين الآخرين.

قبل انقسام الهند حاول بعض المسؤولين الإنجليز اعتبار خطب الخليفة الثاني مثيرة للشغب ليلقوا القبض عليه ولكنهم فشلوا في ذلك دائما لأن المصلح الموعود t كان يري حقيقة المسؤولين ويقول إن ديدن الجماعات الإلهية هو الصبر، وقد اعترف المسؤولون بذلك وقالوا كان هذا الخطاب سيمكنا من إلقاء القبض عليك بحسب القانون ولكن بعد انتهائك منه وجدناك تنصح الجماعة بعدم الانخراط بأعمال ضد القانون وهكذا لا نستطيع تحقيق مآربنا.

وكيف يمكن للمصلح الموعود t أن يخالف القرآن الكريم وما قاله المسيح الموعود عليه السلام؟ ذات مرة قال المسيح الموعود عليه السلام إن "من لا يستطيع أن يمشي معي بالطرق الوعرة فعليه أن يتركني الآن".

فالصبر هو ما يوحد جماعتنا في العالم كله، وأنا أقول للصحفيين أن من بين من يؤذوننا يخرج من ينضم إلينا، ويمكن أن نرد عليهم بمثل ما يفعلون ولكننا نؤمن بإمام الزمان الذي أوصانا بإرساء السلام والصبر للفوز برضا الله، فيجب أن نسعى متمسكين بالصبر لأخذ حقوقنا ضمن القانون وببعض الأحيان نفوض الأمر إلى الله وهو يأتي لنصرتنا دائمًا، فهذا هو تاريخ الأنبياء وهذا ما علمنا إياه المسيح الموعود عليه السلام، وعندما أجيب بهذا للصحفيين يقولون نعم هذا هو فعلًا دأب جماعات الأنبياء. والذين يظنون أن المصلح الموعود t قد قال غير ذلك فسأرد عليهم من كلامه..

فقد عدّ المصلح الموعود t الصبر قيمة عظيمة وقال إنه أول صفات جماعات الأنبياء وبدونه لا يمكن لأن تزدهر أي جماعة ربانية ولم تزدهر أي جماعة ربانية دون التمسك بالصبر. والصبر نوعان أولهما أن يكون الإنسان قادرًا على الرد ولكنه يتمسك بالصبر والثاني عندما يكون في حالة لا يستطيع فيها الرد فيتمسك بالصبر مضطرا، وعندما يكون قادرا على رد الفعل فإنه يتمسك بأهداب الصبر لوجه الله، وقد أوصانا الله بالصبر بآيات كثيرة، وهناك ثلاثة معانٍ للصبر على ضوء آيات القرآن الكريم وقواميس اللغة العربية: 1- اجتناب الإثم 2- المثابرة على أداء الأعمال الحسنة 3- الصبر على الأذى.

ويقول المسيح الموعود عليه السلام:

"إن جماعتنا أيضا تواجه من المصاعب ما تعرض له المسلمون في زمن النبي ﷺ. عندما يدخل أحد في جماعتنا يخذله الأصدقاء والأقارب على الفور ويعاديه الوالدان أيضا في بعض الأحيان حتى لا يردّون السلام عليه، ولا يصلون عليه صلاة الجنازة. فهذه هي المصائب التي يتعرض لها الذين يدخلون في هذه الجماعة. ويكون هناك أناس ذوو طبائع ضعيفة فلا يصبرون على هذه المصائب، ولكن يجب أن نتذكر جيدا أنه لا بد من هذه المصائب أيضا. أنتم لستم أفضل من الأنبياء والرسل، فالمصائب والمشاكل التي صُبَّت عليهم كانت لتقوية إيمانهم ولتتيح الفرصة لإحداث التغيير الطاهر في النفوس. لذا فمن الضروري أن تتبعوا أسوة الأنبياء والرسل وتتبعوا سبل الصبر؛ فلا ضرر عليكم في ذلك. لأن صديقكم الذي يخذلكم لقبولكم الحق ليس بصديق صدوق وإلا لكان معكم. لا تختصموا مع الذين يهجرونكم بسبب انضمامكم إلى جماعة أسَّسها الله عزّ وجلّ؛ بل ادعوا لهم في السرّ بأن يهبهم الله البصيرة والفهم الذي قد وهبكم من فضله. برهِنوا بمثالكم التقيّ وسلوككم الحسن على أنكم قد سلكتم الصراط القويم. إنني مأمور بأن أنصحكم بالتكرار أن تتجنبوا مواضع الفساد والشر، واصبروا على سماعكم الشتائم، وقابلوا السيئة بالحسنة. فإذا استعد أحد للفساد فالأفضل أن تنسحبوا من هناك ورُدُّوا عليه باللين. في كثير من الأحيان يعادي شخصٌ بحماس مفرط، ويلجأ إلى الفساد والعداء، مما يؤدي إلى هياج الناس وثورتهم. ولكنه عندما يتلقى الجواب اللين ولا يلقى الشتائم مقابل الشتائم فإنه يخجل بنفسه على تصرفاته. إنني أقول لكم صدقا وحقا ألا تتركوا الصبر من أيديكم. الصبر سلاح يُنجز ما لا تنجزه المدافع. الصبر هو الذي يفتح القلوب. اعلموا أني لأتألم جدا حين يبلغني أن أحدا من جماعتي قد اختصم مع أحد. لا أحب هذا التصرف قط، كما أن الله أيضا لا يحب للجماعة التي قَدّر لها أن تكون نموذجًا مثاليًّا للجنس البشري أن تسلك هذه السبل التي ليست سبل التقوى. بل أقول لكم: إنّ الله قد أكد على هذا الأمر كثيرًا جدًّا بأنه إذا كان أحد في هذه الجماعة ثم لا يتحلّى بالصّبر والحِلم والتسامح فليتذكر أنه ليس منها. إنّ أكبر ما يثير حفيظتكم هو كيل البعض أقذر الشتائم ضدي، فأقول: عليكم أن تفوّضوا هذا الأمر إلى الله. لا يمكنكم أنتم أن تحكموا في هذا الأمر، بل فوِّضوا أمري إلى الله؛ وتحلّوا بالصبر حتى عند سماع ذلك السّب. إنكم لا تدرون كم من شتائم أسمعها، كثيرا ما تأتيني رسائل مليئة بالشتائم ويشتمونني في بطاقات مكشوفة. أتلقى رسائل لا يدفع مرسلوها رسوم البريد فأدفع الرسوم وعندما أفتحها لا أجد فيها إلا شتائم قذرة لدرجة لم يُشتَم نبي بمثلها من قبل. لا أظن أن أبا جهل أيضا يستطيع أن يكيل مثل هذه الشتائم. ولكني أسمع كل ذلك، فمادمتُ أصبر أنا فعليكم أيضا أن تصبروا.".

ندعو الله أن يوفقنا للصبر والدعاء ونيل رضاه تعالى آمين.