ملخص لخطبة الجمعة الأخيرة التي ألقاها سيدنا أمير المؤمنين (أيده الله تعالى بنصره العزيز) من المسجد المبارك في تيلفورد، في 23/06/2023
بسم الله الرحمن الرحيم
نقدم لحضراتكم ملخصًا لخطبة الجمعة الأخيرة التي ألقاها سيدنا أمير المؤمنين (أيده الله تعالى بنصره العزيز) من المسجد المبارك في تيلفورد، في 23/06/2023، حيث تابع الحديث عن أحداث ما قبل بدر وقال:
أرسل رسول الله ﷺ بعض العيون فجاؤوه بخبر قدوم جيش قريش فاستشار الناس وأخبرهم الخبر. فقام أبو بكر الصديق فقال وأحسن، ثم قام عمر بن الخطاب فقال وأحسن، ثم قام المقداد بن عمرو فقال: يا رسول الله امض لما أراك الله، فنحن معك، والله لا نقول لك كما قال بنو إسرائيل لموسى: اذهب أنت وربك فقاتلا إنا ها هنا قاعدون، ولكن اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكما مقاتلون، فو الذي بعثك بالحق لو سرت بنا إلى برك الغماد لجالدنا معك من دونه حتى تبلغه، فدعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم ثُمّ قَال: "أشِيرُوا عَلَيّ أَيّهَا النّاس" وَإِنّمَا يُرِيدُ الْأَنْصَارَ، وَذَلِكَ أَنّهُمْ عَدَدُ النّاسِ وَأَنّهُمْ حِينَ بَايَعُوهُ بِالْعَقَبَةِ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللّهِ إنّا بُرَاءٌ مِنْ ذِمَامِك حَتّى تَصِلَ إلَى دِيَارِنَا، فَإِذَا وَصَلْتَ إلَيْنَا، فَأَنْتَ فِي ذِمّتِنَا نَمْنَعُك مِمّا نَمْنَعُ مِنْهُ أَبْنَاءَنَا وَنِسَاءَنَا. فَكَانَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ يَتَخَوّفُ أَلّا تَكُونَ الْأَنْصَارُ تَرَى عَلَيْهَا نَصْرَهُ إلّا مِمّنْ دَهَمَهُ بِالْمَدِينَةِ مِنْ عَدُوّهِ وَأَنْ لَيْسَ عَلَيْهِمْ أَنْ يَسِيرَ بِهِمْ إلَى عَدُوّ مِنْ بِلَادِهِمْ. فَلَمّا قَالَ ذَلِكَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قَالَ لَهُ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ: وَاَللّهِ لَكَأَنّك تُرِيدُنَا يَا رَسُولَ اللّهِ؟ قَالَ أَجَلْ قَالَ فَقَدْ آمَنّا بِك وَصَدّقْنَاك، وَشَهِدْنَا أَنّ مَا جِئْتَ بِهِ هُوَ الْحَقّ، وَأَعْطَيْنَاك عَلَى ذَلِكَ عُهُودَنَا وَمَوَاثِيقَنَا، عَلَى السّمْعِ وَالطّاعَةِ فَامْضِ يَا رَسُولَ اللّهِ لِمَا أَرَدْتَ فَنَحْنُ مَعَك، فَوَاَلّذِي بَعَثَك بِالْحَقّ لَوْ اسْتَعْرَضْتَ بِنَا هَذَا الْبَحْرَ فَخُضْتَهُ لَخُضْنَاهُ مَعَك، مَا تَخَلّفَ مِنّا رَجُلٌ وَاحِدٌ وَمَا نَكْرَهُ أَنْ تَلْقَى بِنَا عَدُوّنَا غَدًا، إنّا لَصُبُرٌ فِي الْحَرْبِ صُدُقٌ فِي اللّقَاءِ. لَعَلّ اللّهَ يُرِيك مِنّا مَا تَقَرّ بِهِ عَيْنُك، فَسِرْ بِنَا عَلَى بَرَكَةِ اللّهِ. فَسُرّ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ بِقَوْلِ سَعْد، ثُمّ قَالَ سِيرُوا وَأَبْشِرُوا، فَإِنّ اللّهَ تَعَالَى قَدْ وَعَدَنِي إحْدَى الطّائِفَتَيْنِ وَاَللّهِ لَكَأَنّي الْآنَ أَنْظُرُ إلَى مَصَارِعِ الْقَوْمِ.
يقول سيدنا المصلح الموعود رضي الله عنه:
عندما تقررت معركة بدر خارج المدينة جمع النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - الصحابة كلهم وقال: يا أيها الناس أشيروا علي، لأني علمت أننا لن نواجه القافلة بل سنواجه الجيش. فقام المهاجرون واحدًا بعد الآخر وقالوا يا رسول الله، قاتِل ونحن معك. كلما جلس أحد من المهاجرين بعد إبداء رأيه قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: أيها الناس أشيروا علي، وكان في ذهنه أن المهاجرين يُشيرون، ولكن الأمر يتعلّق بالأنصار بوجه خاص، وكان الأنصار صامتين، لأن المهاجمين كانوا من مكة، فكان في ذهنهم أنهم لو قالوا إنهم مستعدون لمحاربة أهل مكة، فلعل ذلك يسوء المهاجرين، فيظنون أنهم مُقْدمون على قطع رقاب إخوتنا من مكة. ولكن عندما كرَّر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قوله: يا أيها الناس أشيروا علي، قام أحد من الأنصار وقال: يا رسول الله، إن الناس يشيرون عليك، فيقول مهاجر بعد الآخر: حارب يا رسول الله، ولكنك تكرِّر وتقول: يا أيها الناس أشيروا علي، فلعلك تقصدنا نحن الأنصار. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: بلى. قال: كنا صامتين خشية أن نؤذي قلوب إخوتنا المهاجرين. فإذا قلنا بأننا مستعدون للقتال، فقد يخطر ببالهم أن قولنا هذا يشير إلى قتل إخوتهم وأقاربهم. ثم قال: يا رسول الله لعلك تشير إلى بيعة العقبة حيث أقررنا أنه إذا هاجم العدو المدينة سنُقاتل معك، أما إذا نشبت الحرب خارج المدينة فلن نكون ملزَمين بالقتال! قال - صلى الله عليه وسلم -: بلى. قال: يا رسول الله، عندما عقدنا ذلك العهد ما كنا نُدرك عظمتك، أما الآن فقد استبان علينا صدقك وعظمتك، فلا أهمية لأية معاهدة أو ميثاق الآن. البحر أمامنا، فلو أمرتنا لخضناه بمطايانا، وإذا نشبت الحرب، فوالله؛ سنقاتل عن يمينك ونقاتل عن يسارك ونقاتل أمامك ونقاتل خلفك، ولن يصلك العدو ما لم يطأ جثثنا.
لما أَمْسَى النبي ﷺ بَعَثَ عَلِيّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ، وَالزّبَيْرَ بْنَ الْعَوّامِ، وَسَعْدَ بْنَ أَبِي وَقّاصٍ، فِي نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ إلَى مَاءِ بَدْرٍ يَلْتَمِسُونَ الْخَبَرَ لَهُ عَلَيْهِ، فَأَصَابُوا رَاوِيَةً لِقُرَيْشٍ فِيهَا أَسْلَمَ، غُلَامُ بَنِي الْحَجّاجِ وَعَرِيضٌ أَبُو يَسَارٍ، غُلَامُ بَنِي الْعَاصِ فَأَتَوْا بِهِمَا فَسَأَلُوهُمَا، وَرَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قَائِمٌ يُصَلّي، فَقَالَا: نَحْنُ سُقَاةُ قُرَيْشٍ، بَعَثُونَا نَسْقِيهِمْ مِنْ الْمَاءِ. فَكَرِهَ الْقَوْمُ خَبَرَهُمَا، فَضَرَبُوهُمَا. فقالا: نَحْنُ لِأَبِي سُفْيَانَ فَتَرَكُوهُمَا. وَرَكَعَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَسَجَدَ سَجْدَتَيْهِ ثُمّ سَلّمَ وَقَالَ إذَا صَدَقَاكُمْ ضَرَبْتُمُوهُمَا، وَإِذَا كَذَبَاكُمْ تَرَكْتُمُوهُمَا، صَدَقَا، وَاَللّهِ إنّهُمَا لِقُرَيْشِ أَخْبِرَانِي عَنْ قُرَيْش؟ قَالَا: هُمْ وَاَللّهِ وَرَاءَ هَذَا الْكَثِيبِ الّذِي تَرَى بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوَى فَقَالَ لَهُمَا رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ كَمْ الْقَوْمُ؟ قَالَا: كَثِير. قَالَ مَا عِدّتُهُمْ؟ قَالَا: لَا نَدْرِي؛ قَالَ كَمْ يَنْحَرُونَ كُلّ يَوْمٍ؟ قَالَا: يَوْمًا تِسْعًا، وَيَوْمًا عَشْرًا، فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ الْقَوْمُ فِيمَا بَيْنَ التّسْعِ مِئَةٍ وَالْأَلْفِ. ثُمّ قَالَ لَهُمَا: فَمَنْ فِيهِمْ مِنْ أَشْرَافِ قُرَيْشٍ؟ قَالَا: عُتْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ، وَشَيْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ، وَأَبُو الْبَخْتَرِيّ بْنُ هِشَامٍ وَحَكِيمُ بْنُ حِزَامٍ، وَنَوْفَلُ بْنُ خُوَيْلِدٍ، وَالْحَارِثُ بْنُ عَامِرِ بْنِ نَوْفَلٍ، وَطُعَيْمَةُ بْنُ عَدِيّ بْنِ نَوْفَلٍ وَالنّضْرُ بْنِ الْحَارِثِ وَزَمَعَةُ بْنُ الْأَسْوَدِ، وَأَبُو جَهْلِ بْنُ هِشَامٍ وَأُمَيّةُ بْنُ خَلَفٍ، وَنُبَيْهُ وَمُنَبّهٌ ابْنَا الْحَجّاجِ، وَسُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو، وَعَمْرُو بْنُ عَبْدِ وُدّ. فَأَقْبَلَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ عَلَى النّاسِ فَقَالَ هَذِهِ مَكّةُ قَدْ أَلْقَتْ إلَيْكُمْ أَفْلَاذَ كَبِدِهَا. ثم تحرك رسول الله صلى الله عليه وسلم بجيشه نحو نبع بدر حتى لا يسيطر عليه المشركون.
وفي ختام الخطبة، أعلن أمير المؤمنين نصره الله أنه سيصلي الغائب على المرحومَين: القارئ محمد عاشق، والسيد نور الدين الحصني وذكر نبذة من حياتهما.