ملخص لخطبة الجمعة الأخيرة التي ألقاها سيدنا أمير المؤمنين (أيده الله تعالى بنصره العزيز) من المسجد المبارك في تيلفورد، في 30/06/2023



 بسم الله الرحمن الرحيم

نقدم لحضراتكم ملخصًا لخطبة الجمعة الأخيرة التي ألقاها سيدنا أمير المؤمنين (أيده الله تعالى بنصره العزيز) من المسجد المبارك في تيلفورد، في 30/06/2023، حيث قال:

في يوم الجمعة، السابع عشر من رمضان من السنة الثانية الهجرية، استيقظ المسلمون وصلوا الفجر في العراء، ثم ألقى النبي صلى الله عليه وسلم خطبة حول الجهاد. وعند طلوع الضوء بدأ النبي صلى الله عليه وسلم يسوي صفوف المسلمين للقتال مشيرًا بسهم في يده. وكان الصحابي سواد بن غزية متقدما في الصف، فأشار إليه بالسهم ليتأخر، فلمستْ خشبةُ السهم صدره، فقال للنبي صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله لقد بعثك الله بالعدل والإنصاف، فأَقِدْني.

فأصيب الصحابة بالحيرة والذهول جدا، ولكن النبي صلى الله عليه وسلم قال له بمنتهى اللطف: تعال واقتص مني بسهمك كما أصبتك بسهمي، وحسر عن بطنه. فتقدم سواد وأخذ يقبّل صدر النبي صلى الله عليه وسلم من فرط المحبة. فقال النبي صلى الله عليه وسلم وهو يتبسم: ما هذا الذي فعلت؟ قال وقد غلبت عليه الرقة: يا رسول الله، العدو أمامنا، ولا أدري هل أرجع حيا اليوم أم لا، فوددت أن يلامس جسدي جسدك وأقبلك.

وذكر المصلح الموعود رضي الله عنه واقعة مماثلة وقال:

"لما اقتربت وفاة النبي ﷺ، جمع أصحابه وقال لهم ما مفاده: لقد أرسلني الله تعالى إلى العالم لإقامة العدل وقد نفّذت أوامره ابتغاء مرضاته ورضوانه ولكن يمكن أن يكون قد صدر مني خطأ في هذا السعي، وغصبت حق أحد، فيا أصحابي! من حصل معه ذلك فلينتقم مني حتى لا ينتقم مني الله تعالى على ذلك الخطأ يوم القيامة.. ساد المجلس صمت مُطبِق وحينها قام شخص وقال: يا رسول الله، قد تأذيت على يدك في غزوة كذا وكذا حين كنت تسوِّي الصفوف. فقد خرقتَ أحد الصفوف وأصاب مرفقُك ظهري. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لك أن تأخذ ثأرك بضربي بمرفقك. يمكنكم أن تدركوا كيفية حالة الصحابة حينذاك. لا بد أن تكون سيوفهم قد خرجت من أغمادها، وأنهم كانوا جاهزين ليمزّقوا هذا القائل إربا، ولكن هيبة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كانت تحول دون أن يحركوا ساكنا. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: تعالَ واضربني بمرفقك. فقال: يا رسول الله، حين أصابني مرفقك لم يكن على ظهري ثوبٌ بل كان ظهري عاريا. أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الصحابة أن يكشفوا ظهره ليأخذ الرجل ثأره بالضرب على ظهره العاري من الثوب. لا شك أن الصحابة كانوا عندئذ يودّون أن يقطعوا لسان هذا الشخص ولكنهم كانوا مضطرين نتيجة أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فكشفوا عن ظهره وطلبوا منه أن يتقدم ويضرب النبي - صلى الله عليه وسلم - بمرفقه. فتقدم ذلك الشخص وانهمرت عيناه دموعا وأخضع رأسه أدبًا وقبّل ظهر النبي ﷺ. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ما هذا الذي فعلتَه؟ قال: يا رسول الله، أيّ شقي يمكن أن يفكر في ضربك بمرفقه؟ عندما قلتَ بأن موتك وشيك خطر ببالي أن أداعبك بهذه الطريقة. فتمنى الصحابة الذين كانوا غاضبين لو أنهم كانوا مكانه.

يقول المصلح الموعود رضي الله عنه: هذا هو سيدنا وهادينا النبي ﷺ الذي قدم لنا أسوة في كل جانب من جوانب حياته ولا يمكن العثور على مثل هذه الأسوة في أي نبي آخر.

عندما نزلت قريش في بدر، انتدبت عمير بن وهب للدوران حول قوة المسلمين وتقدير قوتهم، ولاكتشاف ما إذا كان هناك أي قوة دعم تختبئ وراءهم، لم يلبث عمير أن عاد وقال إنهم حوالي ثلاثمائة ثم طاف بخيله مرة أخرى وعاد وقال: "رأيت يا معشر قريش البلايا تحمل المنايا، نواضح يثرب تحمل الموت الناقع، قوم ليس معهم منعة ولا ملجأ إلا سيوفهم، والله ما أرى أن يقتل رجل منهم حتى يقتل رجلاً منكم، فإذا أصابوا منكم أعدادكم فما خير العيش بعد ذلك؟"

عندما سمع حكيم بن حزام وصف عمير لقوة المسلمين، ذهب إلى عتبة بن ربيعة وقال له يا عتبة إنك كبير قريش وسيدها، فارجع بالناس، فوافق وقال اذهب وأخبر أبا جهل، فامتطى عتبة ناقته وبدأ يحث الناس أن يرجعوا وأن يخلوا بين محمد وبين سائر العرب. وقد رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عتبة بن ربيعة في القوم فقال: إن يكن في أحد من القوم خير فعند صاحب الجمل الأحمر، إن يطيعوه يرشدوا. لكن أبا جهل رفض الاقتراح وقال لعامر بن الحضرمي: هذا حليفك (أي عتبة) يريد أن يرجع بالناس، وقد رأيت ثأرك بعينك، فقم فانشد خفرتك، ومقتل أخيك، فقام عامر وصرخ: واعمراه واعمراه فحمي القوم وتحمسوا جميعهم للقتال.