ملخص لخطبة الجمعة الأخيرة التي ألقاها سيدنا أمير المؤمنين (أيده الله تعالى بنصره العزيز) في المسجد المبارك في تيلفورد، في7/7/2023
بسم الله الرحمن الرحيم
نقدم لحضراتكم ملخصًا لخطبة الجمعة الأخيرة التي ألقاها سيدنا أمير المؤمنين (أيده الله تعالى بنصره العزيز) في المسجد المبارك في تيلفورد، في السابع من شهر يوليو/تموز، حيث تابع الحديث عن معركة بدر وقال:
تقدم عتبة بن ربيعة مع شقيقه شيبة وابنه الوليد لمبارزة المسلمين.
ورد عن علي رضي الله عنه أنه قال: تقدم عتبة ابن ربيعة، وتبعه ابنه وأخوه، فنادى: من يبارز؟ فانتدب له شباب من الأنصار، فقال: من أنتم؟ فأخبروه، فقال: لا حاجة لنا فيكم، إنما أردنا بني عمنا، فقال رسول الله ﷺ: "قم يا حمزة، قم يا علي، قم يا عبيدة بن الحارث"، فأقبل حمزة إلى عتبة، وأقبلتُ إلى شيبة، واختلف بين عبيدة والوليد ضربتان، فأثخن كل واحد منهما صاحبه، ثم مِلنا على الوليد فقتلناه، واحتملنا عبيدة.
لما حمل حمزة وعلي عبيدة رضي الله عنهم وكانت قد قُطعت رجله، فسأل عبيدةُ رسولَ الله ﷺ: "يا رسول الله ألستُ شهيدًا"؟ قال ﷺ: "بلى"، ثم توفي متأثرًا بجراحه أثناء العودة إلى المدينة المنورة.
لما رأى عبيدةُ رسولَ الله ﷺ قال له: "لو كان أبو طالب حيًا لَعلِم أني أَولى بما قال منه، حيث يقول:
كَذَبتُم وَبَيتِ اللَهِ نُبزي مُحَمَّدًا وَلَمّا نُطاعِن حولَهُ وَنُناضِلِ
وَنُسلِمهُ حَتّى نُصَرَّعَ حَولَهُ وَنذهلَ عَن أَبنائِنا وَالحَلائِلِ
فقال رسول الله ﷺ: أشهد أنك شهيد.
ورد في رواية أن أبا جهل قال حين التقى الجيشان: "اللهم أقطعنا للرحم وآتانا بما لا نعرفه، فأحنْه الغداة".
يقول المسيح الموعود عليه السلام:
"دعا في أثناء معركة بدر شخصٌ يسُمّى عمرو بن هشام الذي اشتهر فيما بعد باسم أبي جهل وكان زعيم كفار قريش بكلمات: "اللهم مَن كان منا أفسد في القوم وأقطع للرحم فأحنه اليوم". وكان يقصد بذلك نفسَه والنبي ﷺ، فكان أبو جهل يقصد من هذه الكلمات أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رجل مفسد، والعياذ بالله، ويعيث الفساد في القوم ويخلق الفُرقة في دين قريش بغير حق، وقد أتلف الحقوق القومية كلَّها وتسبب في قطع الرحم. ويبدو أن أبا جهل كان موقنا أن حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - لم تكن طاهرة ونزيهة، والعياذ بالله. لذلك دعا بكل حرارة ولكنه ربما ما عاش بعد دعائه هذا ولا ساعةً واحدة، بل قطع غضبُ الله تعالى عنقَه. أما الذي كان أبو جهل يصم حياتَه الطاهرة والطيبة فقد عاد من ذلك الميدان فاتحا منتصرا"
كان المسلمون بمواجهة جيش مسلح تسليحًا جيدًا ويزيد عدد جيشهم أكثر من ثلاثة أضعاف عدد المسلمين، وكانوا مصممين على القضاء على الإسلام تماماً، وكانوا مجهَّزين تجهيزاً جيداً ويحصلون على تغذية جيدة؛ بينما المسلمون كانوا يموتون جوعاً تقريباً، فإذا انتهت مواردُهم، فلن يتمكنوا من الصمود أمام المكيين لأكثر من بضع دقائق، ولكنهم كانوا في حالة سكر من مجد إيمانهم بوحدانية الله وحقيقة النبي الأشرف - صلى الله عليه وسلم -، لقد ملأ إيمانهم الحي كل واحد منهم بقوة غير عادية وكانوا يؤدون أعمالاً بطولية ببسالة لا مثيل لها في تاريخ البشرية، فكل واحد منهم كان حريصًا على إنجاز أكثر من أي شخص آخر ولبيع حياته في سبيل الله. ألحق كلٌ من حمزة، وعلي والزبير الدمار في صفوف العدو.
رُمي مهجع، مولى عمر بن الخطاب، بسهم فقُتل فكان أول قتيل من المسلمين ثم رُمي حارثة بن سراقة من بني عدي وهو يشرب من الحوض فأصيب بسهم في نحره فقُتل.
عن أنس رضي الله عنه قال أصيب حارثة يوم بدر وهو غلام، فجاءت أمه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت: يا رسول الله، قد عرفتَ منزلة حارثة مني، فإن يكن في الجنة أصبر وأحتسب، وإن تك الأخرى ترى ما أصنع، فقال: "ويحك... أوَهبلتِ؟! أو جنةٌ واحدةٌ هي؟! إنها جنان كثيرة، وإنه في جنة الفردوس.
في هذه المعركة كان حماس أصحاب النبي شديدا جدًا، ورد في رواية أنه خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الناس فحرَّضهم، وقال: والذي نفسُ محمد بيده، لا يقاتلهم اليوم رجل فيقتل صابرا محتسبا، مُقْبلا غيرَ مدبر، إلا أدخله الله الجنة. فقال عمير بن الحمام، أخو بني سلمة، وفي يده تمرات يأكلهن: بخ بخ، أفما بيني وبين أن أدخل الجنة إلا أن يقتلني هؤلاء، ثم قذف التمرات من يده وأخذ سيفه، فقاتَل القومَ حتى قُتل.
ثم تحدَّث أمير المؤمنين نصره الله عن تفاصيل ما جرى في المعركة وكيف تشتت الكفار وألحق بهم المسلمون هزيمة نكراء، ثم اقتبس من كلام المسيح الموعود عليه السلام في كتابه التبليغ باللغة العربية عن نزول الملائكة في بدر، حيث قال:
"وقد جرت عادتُه وسنته أنه يختار الإخفاء والكتم في واقعات قضت حكمته إخفاءها، ويخلق الأهواء، فتُحشَر الآراء إلى جهات أخرى. وإذا أراد إخفاء صورة نفس واقعة فربما يري في تلك المواضع الواقعةَ الكبيرة صغيرةً مهونة، والواقعة الصغيرة المسنونة كبيرةً نادرة، والواقعة المبشرة مخوِّفةً، والواقعة المخوِّفةَ مبشرةً. فهذه أربعة أقسام من الواقعات من سنن الله كما مضى.
أما الواقعة الكبيرة العظيمة التي أراد الله أن يريها صغيرة حقيرة فنظيرها في القرآن واقعة بدر لمن يتدبر ويرى. فإن الله قلّل أعداء الإسلام ببدر في منام رسوله ليُذهب الروع عن قلوب المسلمين، ويقضي ما أراد من القضاء.
وأما الواقعة التي أراد الله أن يريها كبيرةً نادرة فنظيرُها في القرآن بشارةَ مددِ الملائكة كي تَقِرّ قلوبُ المؤمنين، ولا تأخذهم خيفةٌ في ذلك المأوى. فإنه تعالى وعد في القرآن للمؤمنين وبشَّرهم بأنه يُمِدُّهم بخمسة آلاف من الملائكة، وما جعل هذا العدد الكثير إلا لهم بشرى، لأن فردا من الملائكة يقدر بإذن ربه على أن يجعل عالي الأرض سافلَها، فما كان حاجة إلى خمسة آلاف بل إلى خمسة، ولكن الله شاء أن يريهم نصرة عظيمة، فاختار لفظًا يُفهَم من ظاهره كثرة الـمُمِدِّين، وأراد ما أراد من المعنى. ثم نبه المؤمنين بعد فتح بدر أن عِدّة الملائكة ما كانت محمولة على ظاهر ألفاظها، بل كانت مؤوَّلة بتأويل يعلمُه الله بعلمه الأرفع والأعلى. وفعل كذلك لتطمئنَّ قلوبُهم بهذه البشرى".
ثم طلب أمير المؤمنين الدعاء لمسلمي فلسطين أن يحميهم الله ويهيئ لهم القيادة الحكيمة لإخراجهم من المظالم والاضطهاد. وفي السويد، أُعطيتِ الحريةُ المطلقة فيقومون هناك بجَرح مشاعر المسلمين يوميًا ويسيئون للقرآن الكريم وللنبي ﷺ، والله هو القادر على أن يبطش بهم، لكن بسبب تشتُّت القوى الإسلامية فإن غير المسلمين يتطاولون عليهم. فيجب أن تدعوا للأمة الإسلامية وكذلك في فرنسا هناك ردة فعل غير صحيحة من المسلمين ضد مقتل الشاب المسلم، فيجب الدعاء أن يسود السلام في العالم وأن يؤدى حق الجميع، وكذلك يجب الدعاء للأحمديين في باكستان أن يحميهم الله من كل شر. آمين.