ملخص لخطبة الجمعة الأخيرة التي ألقاها سيدنا أمير المؤمنين (أيده الله تعالى بنصره العزيز) من المسجد المبارك في تيلفورد، في 14/07/2023



 بسم الله الرحمن الرحيم 

نقدم لحضراتكم ملخصًا لخطبة الجمعة الأخيرة التي ألقاها سيدنا أمير المؤمنين (أيده الله تعالى بنصره العزيز) من المسجد المبارك في تيلفورد، في 14/07/2023، حيث تابع ذكر أحداث معركة بدر وقال:

بعد انتهاء معركة بدر، أظهر الله مصير الكافرين حيث قتل منهم 70 بمن فيهم زعماء قريش، وقد ورد في البخاري عن عبد الله بن مسعود قال: بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَائِمٌ يُصَلِّي عِنْدَ الْكَعْبَةِ، وَجَمْعُ قُرَيْشٍ فِي مَجَالِسِهِمْ إِذْ قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ أَلاَ تَنْظُرُونَ إِلَى هَذَا الْمُرَائِي أَيُّكُمْ يَقُومُ إِلَى جَزُورِ آلِ فُلاَنٍ، فَيَعْمِدُ إِلَى فَرْثِهَا وَدَمِهَا وَسَلاَهَا فَيَجِيءُ بِهِ، ثُمَّ يُمْهِلُهُ حَتَّى إِذَا سَجَدَ وَضَعَهُ بَيْنَ كَتِفَيْهِ فَانْبَعَثَ أَشْقَاهُمْ، فَلَمَّا سَجَدَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَضَعَهُ بَيْنَ كَتِفَيْهِ، وَثَبَتَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم سَاجِدًا، فَضَحِكُوا حَتَّى مَالَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ مِنَ الضَّحِكِ، فَانْطَلَقَ مُنْطَلِقٌ إِلَى فَاطِمَةَ ـ عَلَيْهَا السَّلاَمُ ـ وَهْىَ جُوَيْرِيَةٌ، فَأَقْبَلَتْ تَسْعَى وَثَبَتَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم سَاجِدًا حَتَّى أَلْقَتْهُ عَنْهُ، وَأَقْبَلَتْ عَلَيْهِمْ تَسُبُّهُمْ، فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الصَّلاَةَ قَالَ ‏"اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِقُرَيْشٍ، اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِقُرَيْشٍ، اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِقُرَيْشٍ ـ ثُمَّ سَمَّى ـ اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِعَمْرِو بْنِ هِشَامٍ، وَعُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ، وَشَيْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ، وَالْوَلِيدِ بْنِ عُتْبَةَ، وَأُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ، وَعُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ، وَعُمَارَةَ بْنِ الْوَلِيدِ"‏‏.‏ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ فَوَاللَّهِ لَقَدْ رَأَيْتُهُمْ صَرْعَى يَوْمَ بَدْرٍ، ثُمَّ سُحِبُوا إِلَى الْقَلِيبِ قَلِيبِ بَدْرٍ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ‏"وَأُتْبِعَ أَصْحَابُ الْقَلِيبِ لَعْنَةً‏"‏‏.‏

عنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: "لَمَّا أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْقَتْلَى أَنْ يُطْرَحُوا فِي الْقَلِيبِ، طُرِحُوا فِيهِ، إلَّا مَا كَانَ مِنْ أُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ، فَإِنَّهُ انْتَفَخَ فِي دِرْعِهِ فَمَلَأَهَا، فَذَهَبُوا لِيُحَرِّكُوهُ، فَتَزَايَلَ لَحْمُهُ، فَأَقَرُّوهُ، وَأَلْقَوْا عَلَيْهِ مَا غَيَّبَهُ مِنْ التُّرَابِ وَالْحِجَارَة".

لما قتل عتبة بن ربيعة، وجد النبي صلى الله عليه وسلم في ابنه أبي حذيفة حزنًا، فسأله الرسول صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال: لأنك تعرف رجاحة عقل أبي فكنت أتمنى أن يموت مسلمًا.

عن أَبِي طَلْحَةَ، أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ يَوْمَ بَدْرٍ بِأَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ رَجُلاً مِنْ صَنَادِيدِ قُرَيْشٍ فَقُذِفُوا فِي طَوِيٍّ مِنْ أَطْوَاءِ بَدْرٍ خَبِيثٍ مُخْبِثٍ، وَكَانَ إِذَا ظَهَرَ عَلَى قَوْمٍ أَقَامَ بِالْعَرْصَةِ ثَلاَثَ لَيَالٍ، فَلَمَّا كَانَ بِبَدْرٍ الْيَوْمَ الثَّالِثَ، أَمَرَ بِرَاحِلَتِهِ فَشُدَّ عَلَيْهَا رَحْلُهَا، ثُمَّ مَشَى وَاتَّبَعَهُ أَصْحَابُهُ وَقَالُوا مَا نُرَى يَنْطَلِقُ إِلاَّ لِبَعْضِ حَاجَتِهِ، حَتَّى قَامَ عَلَى شَفَةِ الرَّكِيِّ، فَجَعَلَ يُنَادِيهِمْ بِأَسْمَائِهِمْ وَأَسْمَاءِ آبَائِهِمْ ‏"‏ يَا فُلاَنُ بْنَ فُلاَنٍ، وَيَا فُلاَنُ بْنَ فُلاَنٍ، أَيَسُرُّكُمْ أَنَّكُمْ أَطَعْتُمُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّا قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا، فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا ‏"‏‏.‏ قَالَ فَقَالَ عُمَرُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا تُكَلِّمُ مِنْ أَجْسَادٍ لاَ أَرْوَاحَ لَهَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ‏"‏وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، مَا أَنْتُمْ بِأَسْمَعَ لِمَا أَقُولُ مِنْهُمْ.

وفي رواية أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لهم: "يا أهل القليب، بئس عشيرة النبي كنتم لنبيكم، كذبتموني وصدقني الناس، وأخرجتموني وآواني الناس، وقاتلتموني ونصرني الناس، هل وجدتم ما وعدكم ربكم حقا؟ فإني قد وجدت ما وعدني ربي حقا" .

تم إطلاق سراح أسرى الكفار بعد دفعهم الفدية، ومن لم يستطيع حُرر بعد أن علم أبناء المدينة المنورة القراءة والكتابة. كما تم الإفراج عن بعضهم دون فدية. 

هناك روایات في أخذ الفدية من أسرى غزوة بدر ومنها أن رسول الله ﷺ سأل أبا بَكْرٍ وَعُمَرَ: مَا تَرَوْنَ فِي هَؤُلَاءِ الْأُسَارَى؟ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَرَى أَنْ تَأْخُذَ مِنْهُمْ فِدْيَةً فَتَكُونَ لَنَا قُوَّةً عَلَى الْكُفَّارِ، فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُمْ لِلْإِسْلَامِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: مَا تَرَى يَا ابْنَ الْخَطَّابِ؟ فقال: أَرَى أَنْ تُمَكِّنَّا فَنَضْرِبَ أَعْنَاقَهُمْ، فَتُمَكِّنَ عَلِيًّا مِنْ عَقِيلٍ فَيَضْرِبَ عُنُقَهُ، وَتُمَكِّنِّي مِنْ فُلَانٍ، فَأَضْرِبَ عُنُقَهُ، فَهَوِيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَا قَالَ أَبُو بَكْرٍ. فَلَمَّا كَانَ مِن الْغَدِ جاء عمر فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ وَأَبُو بَكْرٍ قَاعِدَيْنِ يَبْكِيَانِ. فاستفسر عن السبب فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبْكِي لِلَّذِي عَرَضَ عَلَيَّ أَصْحَابُكَ مِنْ أَخْذِهِمْ الْفِدَاءَ، لَقَدْ عُرِضَ عَلَيَّ عَذَابُهُمْ أَدْنَى مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ، وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: ]مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ.. إِلَى قَوْلِهِ.. فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَالًا طَيِّبًا.

إنّ معظم أصحاب كتب التاريخ والسير والتفسير اعتبروا هذه الرواية صحيحة، وكأن الله تعالى سخط على قرار أخذ الفدية من أسرى بدر مستحسنا رأي عمر t.

يقول المصلح الموعود t مفنّدًا ذلك: الحق أنه كان عند العرب قبل الإسلام عادة إلقاء القبض على رجال العدو واستعبادهم دون قتال. وإن هذه الآية تلغي هذه العادة القبيحة، وتأمر صراحة ألا يؤسَر أحد من الأعداء إلا في حالة الحرب والقتال فقط، وإذا لم يكن هناك قتال فيجب ألا يؤخذ أحد منهم أسيرا. لقد فسر المفسرون هذه الآية تفسيرا خاطئا جدا حيث قالوا إن المسلمين لما أسروا في غزوة بدر بعض أهل مكة استشار فيهم النبي ﷺ صحابته، فرأى سيدنا عمر أنه يجب قتلهم، بينما رأى سيدنا أبو بكر إطلاق سراحهم بعد أخذ الفدية منهم. فاستحسن النبي ﷺ رأي أبي بكر. وقد قالوا هذا في تفسير قول الله تعالى ]مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ[، لقد قال المفسرون إن رأي أبي بكر كان مختلفا من رأي عمر، فاستحسن النبي ﷺ رأي أبي بكر، وخلّى سبيل الأسرى بعد أخذ الفدية منهم، فأنزل الله تعالى هذه الآية. فكأنهم يقولون إن الله تعالى لم يستحسن فعل النبي ﷺ حيث كان الواجب عليه أن يقتل الأسارى، لا أن يأخذ منهم الفدية. ولكن هذا التفسير باطل، فأولًا: لم يكن الله قد أنزل حتى ذلك الوقت أي حكم بعدم إطلاق سبيل الأسرى بعد أخذ الفدية منهم، لذا فلا سبيل للوم الرسول على أخذ الفدية منهم. وثانيا: كان الرسول ﷺ قد أطلق من قبل سراح أسيرين في مكان يسمى "نخلة"، ولكن الله تعالى لم يسخط على نبيه ﷺ بسبب ذلك. وثالثا: بعد آيتين فقط من هذه الآية قال الله تعالى للمسلمين ]فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَالًا طَيِّبًا[، فهل يخطر ببال أحد أن يسخط الله على نبيه ﷺ بسبب أخذه الفدية، ويعُدُّ أموال الغنيمة حلالا طيبا؟ لذا فتفسيرهم باطل، وإنما التفسير الصحيح هو أن الله تعالى قد بيَّن في هذه الآية مبدأً عاما هو ألا يُتّخذ الأسارى إلا في قتال رسمي وبعد توجيه الضربات للعدو وجعْله مغلوبا. 

وفي ختام الخطبة، أعلن أمير المؤمنين نصره الله أنه سيصلي الغائب على بعض المرحومين وذكر نبذة من حياتهم.